مواضيع

فزت ورب الكعبة

لماذا فاز أمير المؤمنين؟ باستشهاده في محراب العبادة؟ بلا شك إن الشهادة بالمحراب فوز وأمر عظيم ولكن ليس هذا هو فوز الأمير علي (ع) العاشق، فاز بوصال المعشوق وهل الذي يردد في سجوده كل ليلة: «إِلهِي فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلَىٰ فِرَاقِكَ»، وقد انتهى زمان الفراق وحان وقت الوصال، الروح الوالهة العاشقة لعلي قد ذابت في المعشوق، امتنى علي وتجلى العلي، هذا هو مقام الفوز الذي لا يعرفه إلا عاشق كعلي، علي يوصي بقاتله: بينما كان أمير المؤمنين في فراش موته جيء بقاتله اللعين ابن ملجم وكان خائفا مضطربا نظر إليه مظهر الرحمة الإلهية على الأرض علي بن أبي طالب ثم التفت إلى الإمام الحسن وقال له: «ارفق يا ولدي بأسيرك وارحمه وأحسن إليه وأشفق عليه، ألا ترى إلى عينيه قد طارتا في أمّ رأسه، وقلبه يرجف خوفًا ورعبًا وفزعًا»[1]« تعاملوا معه برأفة ورحمة وهذا لا يعني أن المعاملة كانت معه سيئة وإنما حالته هذه كانت لعلمه بعظم جريمته، وأمير المؤمنين بالرغم من أنه قاتله رأف بحاله وأراد تسكين روعه ثم أكد أمير المؤمنين على الإمام الحسن أن تكون ظروف السجن ملائمة لكافة حقوقه وتوفر له احتياجاته الأساسية ويعامل معاملة حسنة، وأخيرا أوصى أمير المؤمنين الإمام الحسن وقال: «فإن أنامتّ فاقتص منه بأن تقتله وتضربه ضربة واحدة، ولا تمثل بالرجل فإني سمعت جدك رسول الله (ص) يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور»[2].

أين الغرب الذي تبجح عن حديثه بحقوق الإنسان ويتهم الإسلام زورًا بالقسوة والغلظة من هذه الإنسانية التي ليس لها نظير، وعلي بفراش موته يوصي بقاتله على جميع الجوانب النفسية والمعنوية والمادية وحفاظًا على كرامته يأمر بتوفير كافة حقوقه واحتياجاته إليه، وأخيرًا من الناحية المادية يوجه بعدم التعرض إليه وإلى بدنه لا قبل ولا بعد إجراء الحكم عليه، كم أنت عظيم يا علي وما هي هذه الرحمة الواسعة، إنها الرحمة الإلهية، وعلي هذه الرحمة على الأرض وسعت رحمته حتى قاتله سلام الله عليك يا أبا الحسن.


  • [1] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، جزء 42، صفحة 287
  • [2] جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، جزء 26، صفحة 230

المصدر
كتاب مرج البحرين يلتقيان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟