مواضيع

أنا الذي أهنت الدنيا

ذكر في نهج البلاغة بينما كان أمير المؤمنين (ع) راكبًا على حماره ورجله في جانب واحد قال: «أنا الذي أهنت الدنيا»[1]، هذه الدنيا التي نلهث وراءها كانت تلهث وراء أمير المؤمنين (ع)، وكان الأمير يدير ظهره لها وخاطبها ذات مرة: «يا دنيا غري غيري»[2]، فليس علي بن أبي طالب الذي يغتر بالدنيا وزخارفها وهو الذي في موارد عديدة كان يبين نظرته للدنيا وقيمتها عنده فتارة يقول عنها: لا تساوي عندي «عفطة عنز»[3] وأخرى «كورقة في فم جرادة»[4]، نعم أمير المؤمنين أذل الدنيا وأهانها حتى لو كان للدنيا لسان لنطقت وقالت: كفاني إهانة يا بن أبي طالب، من الذي بإمكانه أن يحتقر الدنيا ويهينها هكذا غير علي (ع)، العبارة تقول: «أنا الذي» أي أن هذا الأمر خاص بأمير المؤمنين، لذلك يقول لنا الأمير في مورد آخر بعد أن يقف معيشته في الدنيا: «ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد»[5] فليس بمقدور أحد أن يعيش كأمير المؤمنين حتى يتمكن من تحقير الدنيا وإهانتها ولكنه علي بن أبي طالب الذي أهان الدنيا ولكن تكلفينا كما حدده الأمير في هذا الطريق هو العمل بجد واجتهاد وبورع وتقوى على خطى الأمير ونهجه واقتداء بصيرته.


  • [1] موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ، محمد الريشهري، جزء 9، صفحة 183
  • [2] الغدير، الشيخ الأميني، جزء 2، صفحة 319
  • [3] ميزان الحكمة، محمد الريشهري، جزء 2، صفحة 899
  • [4] نفس المصدر
  • [5] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، جزء 40، صفحة 340

المصدر
كتاب مرج البحرين يلتقيان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟