مواجهة النفاق
رسول الله (ص) واجه الكفر وحارب على التنزيل، أما أمير المؤمنين واجه الكفر وحارب على التأويل، الكافر مكشوف ولا يختلف أحد من المسلمين على مواجهة الكفر والقضاء عليه، بل هنالك تسابق من أجل ذلك والقرآن عند نزوله على النبي (ص) بيّن من هو النبي المقصود ومن هم الكفار، أما المنافق فمتستر بنفاقه فدائمًا ما يحدث خلاف المجتمع في ترشيح المنافق ومن ثم في مواجهته، والقرآن بعد النبي يدخل مرحلة التأويل فينفتح باب الاجتهاد فيظهر الكثير ممن يدعون ويرون في أنفسهم الأهلية لتأويل الآيات القرآنية لأنهم من الصحابة، وهناك من يستغل الوضع لتأويل الآيات القرآنية وفقًا لأهوائه ومصالحه الشخصية.
أما الكافر قد وضع نفسه في مواجهة مباشرة مع المسلمين وتكليف المسلم في هذه الحالة معروف، أما الذي يقوم بتحريف القرآن فهو منافق وهو أخطر من الكافر بكثير؛ لأن المنافق لا يحارب نزول القرآن وإنما يوظف القرآن في تحقيق أهدافه، فيسدد ضربة للإسلام باسم القرآن، المنافق يعيش بين المسلمين ومطلع على تفاصيل المجتمع الإسلامي ويعرف نقاط الضعف عند المسلمين لذلك ضرباته موجعة ومخيفة ولقد رأينا في زماننا هذا الجرائم التي ارتكبها المنافقون في الجمهورية الإسلامية بعد انتصار الثورة.
بناءً على ما تقدم وضع علي (ع) كان أصعب بكثير من وضع رسول الله (ص)، فعلي واجه الكفر بلباس الإسلام وحارب شخصيات لها تاريخها وحضورها في المجتمع الإسلامي، فواجه العساكر الثلاث التي ذكرناها وكلها كانت ترفع شعارات إسلامية برّاقة وتحتمي خلف علاقتها برسول الله (ص) وتاريخها، والتكليف المناسب بحاجة إلى وعي كبير، عادةً ما يملكه الخواص وليس عامة المجتمع، لذلك أمير المؤمنين كان يؤكد دائمًا أن القضية ليست قضية شخصية وليست صراع على منصب وكرسي وإنما هو صراع حق وباطل وإجراء لحكم الله تعالى ولكن تمكّن النفاق في الأخير وراح علي ضحية للجهل والنفاق.