الانتصار للمبادئ
يتضح من سيرة أمير المؤمنين (ع) طريقة تعامله مع أعدائه، أن عليًا دائمًا ينتصر للمبادئ مهما كلف الأمر وليس من أخلاق علي البراغماتية التي يتغنى بها البعض ويعتبرها من الحكمة والعقلنة والذكاء السياسي فعلي لم يكن ليتنازل ولو عن جزء من المبادئ لتحقيق المكاسب المادية على المبادئ الإسلامية في حربه مع العساكر الثلاث واستشهد في هذا الطريق حتى قالوا عدلُ عليِّ قتلُهْ.
وهنا أمران مهمان يذكرها السيد القائد روحي فداه[1]:
- لو لم يكن أمير المؤمنين (ع) مريدًا للعدالة، وعوضًا عن ذلك تعامل مع العساكر الثلاث بلين بعيدًا عن الإصرار على المبادئ مع مراعاة الشخصيات الوجيهة المعروفة وتقديمهم للمصالح العامة للمسلمين كما فعل من سبقوه لكان أفضل خليفة نجاحًا على المستوى المادي ومن غير معارض ومنافس.
ولكن هيهات فعلي هو ميزان الحق والباطل والفرقان بينهما، وهو القائل: «وَاللَّهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي وَلَكِنَّهُ يَغْدِرُ وَيَفْجُرُ»[2]، فليس علي ممن لا يجيد الأساليب القذرة وإنما هو أجل شأنًا من ذلك، وأخلاقه الإسلامية تمنعه من التساهل والانحدار، لذلك التزم بأخلاقه الإلهية حتى لو تعرضت مصالحه للضرر، فعلي لا يؤمن أن الغاية تبرر الوسيلة، هذه أخلاق علي في قبال الأعداء، ولكن للأسف في مجتمعنا الذي من المفترض أنه من شيعة أمير المؤمنين لكنه يتعرض لبعضه البعض ولشخصيات ضحت في سبيل الإسلام ولهذا الوطن الحبيب بالغيبة والنميمة والبهتان والكذب، وكل ما يمكن أن يوظفه في هذا الخصوص وباسم الإسلام والدين لمجرد اختلاف في الرأي والمنهج الثوري والسياسي فأين نحن من أخلاق أمير المؤمنين.
- أثبت أمير المؤمنين أن المفاهيم الإسلامية بمبادئها وأصولها قابلة للتطبيق سواء في فرض الإسلام عندما كان المجتمع الإسلامي صغيرًا أو بعد نمو المجتمع الإسلامي وظهور الوجاهات، كان بالإمكان إجراء العدالة ومحاربة الفساد والمفسدين وتطبيق المبادئ الإسلامية في كل زمان ومكان وبكامل حذافيره وهي سبب سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
وللأسف نجد في زماننا هذا أن الناس تلجأ للكذب والغش والتزوير وكل الأخلاقيات المنحطة التي حرّمها الله من غير ورع وتقوى بحجة أنه لا يمكن أن نعيش في زماننا هذا من غير اللجوء إلى هذه الأساليب، سبحان الله منذ متى كانت معصية الله تعالى سبب سعادة الإنسان وتجلب الرزق! والله تعالى يقول: <وَمَن یَتَّقِ اللهَ یَجعَل لَه مَخرَجاً 2 وَیَرزُقهُ مِن حَیثُ لا یَحتَسِب>[3].