دعائم الحكم الإسلامي ووظائف الحاكم والمحكومين
بعد أن قَبِل أمير المؤمنين بالحكم مجبورًا بصفته حاكمًا وليس إمامًا يعمل على تقديم نموذج للحكم الإسلامي وإنشاء دعائم الحكم الإسلامي وفق المبادئ والقيم الإسلامية التي سنشير إلى بعضها، والحديث عن سياسة أمير المؤمنين التي أعلنها، ولكن من الأمور الاساسية التي يبينها الأمير هي مسؤولية الدولة في توفير الحاجات الضرورية لكل فرد، وهي كما حددها الأمير كالمسكن والمركب والعمل، وفي الواقع نجد هذه الأمور حتى يومنا هذا تعد من الضروريات التي لا يمكن لأي إنسان أن يستغني عنها، وهذا يبين بوضوح أن الإسلام منهج حياة ودين الله الذي خلق الانسان وهو العارف باحتياجاته لذلك ستبقى هذه الامور ضرورية للإنسان في كل زمان ومكان، كما بيّن أمير المؤمنين حقوق وواجبات كلًا من الحاكم والمحكوم سواء في سيرته العملية أو في رسائله عند توصيلها إلى الولاة، فعلّمنا علي أن الحاكم الإسلامي يجب أن يكون مستوى معيشته من الناحية المادية كأقل وأفقر فرد في المجتمع الإسلامي حتى يعيش آلام الفقراء ويعرفها ويكون ماشيًا بالتخفيف عنهم ما يكون بدونه من صعوبات العيش، والحاكم الإسلامي كسائر الناس، ويمتثل أمام القضاة كما فعل الأمير نفسه، هنا أيضًا لابد من الإشارة، الأمير امتثل للقضاة بصفته حاكمًا وإلا فالإمام المعصوم من وظائفه فض النزاع في القضاء فضلًا عن أنه لا يخطئ، والهدف من ذلك إنصاف الجميع ولا يشعر الرعية أنه هنالك من يمكنه أن يسلبهم حقوقهم أو يعتدي عليهم من غير محاسبة وعقاب، ومنصب الحاكم تكليف وليس تشريفًا وفي المقابل على الرعية الامتثال لأمر الحاكم وأن يكونوا سندًا له، وأن يكونوا حاضرين متى ما احتاجهم الإسلام في الدفاع عنه والتضحية في سبيل الله وممارسة دورهم في النقد والتوجيه وإصلاح الحاكم إذا انحرف وعزله إذا تطلب الأمر، وهذه بعض من وظائف الحاكم والمحكومين، لذلك أمير المؤمنين وضع النظام الاقتصادي المتين الذي يحافظ على قوة الدولة الإسلامية ويراعي حقوق الجميع.
الخلاصة: أمير المؤمنين قدم أنموذجًا للحكومة الناجحة تساهم في ازدهار أي دولة وبإمكانهم لو عملوا بها بغض النظر عن ديانتهم لحققوا ما يريدونه، هذا والأمير حاكم فما بالك لو سمح له أن يحكم كإمام، صحيح أن الأمير استلم الحكم مجبورًا ولكن حوّله إلى فرصة عظيمة لصالح الإسلام والأمة، وهذه هي سيرة المعصومين جميعًا حيث كانوا يحوّلون الظروف التي كانت تفرض عليهم من قهر إلى فرص ينتصرون فيها للحق.