إعلان النبي عن خليفته
العجب كل العجب لمن يقول أن النبي (ص) رحل من الدنيا من غير أن يعيّن خليفته، والحال لو نظرنا إلى الأمر من المنظور الديني، أن جميع الانبياء كان لهم أوصياء، ومن منظور السياسة جميع الرؤساء لهم أولياء العهد، ومنطقيًا وعقلانيًا لا يمكن لإنسان عادي أن يترك أهله وماله من غير ولي، فكيف يترك النبي الإسلام من غير راعٍ؟ وهذا فضلًا عن عشرات الآيات والأحاديث التي تحدثت عن خلافة علي (ع) للنبي، وما حادثة الغدير إلا محل التنصيب الرسمي وإتمام الحجة، وإلا فأول قرار رسمي صدر في الإسلام من نبيه وقائده الأول هو الإعلان عن خلافة أمير المؤمنين (ع) للنبي وذلك في حادثة الدار عندما نزل قوله تعالى: <وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ>[1] فجمع النبي أربعين شخص من كبار بني هاشم وكان أصغرهم عليًا (ع) حيث يبلغ من العمر حينها ثلاثة عشر عام، وأخبرهم بأنه نبي مرسل من الله، وقال لهم: فأيكم يبايعني على أنه أخي ووارثي ووصيي؟ فتكرر الأمر ثلاث مرات وفي كل مرة يبايعه أمير المؤمنين فقال له النبي (ص): فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي[2].
وهذه الرواية متفق عليها بين الفريقين، وهذا الأمر يتفق مع العقل والحكمة وهو أخطر وأهم قرار وأول أمر يتم مناقشته في أي مجموعة جديدة. إذًا أهم وأخطر قرار في الإسلام هو أول قرار اتخذه النبي (ص)، وهو الإعلان عن خليفته وهو المتمثل في أمير المؤمنين علي (ع)، مع الإشارة أن من دون كل موقف من علي (ع) لم يكن الإسلام كما سنبيّن بعد قليل، فما بالك وهي مجتمعة، أي في مجموعها، فليس من المبالغة أو من باب العاطفة عندما نقول: «لو لا علي لما قام الإسلام».