فاطمة تسجل موقفًا من نقل البخاري
ينقل البخاري أن الأول والثاني أرادوا زيارة الزهراء في مرضها ولكن الزهراء لم تأذن لهما فذهبا إلى أمير المؤمنين وطلبا منه التوسط لهما، وبعد أن تحدث علي مع فاطمة أذنت لهما كرامة لأمير المؤمنين، وعندما دخلا الدار على فاطمة ألقيا السلام والزهراء لم ترد عليهما، وأدارت بظهرها للسماء ثم قالت مخاطبة لهما: ألم تسمعا قول رسول الله (ص): فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله؟ قالا: بلى. فقالت: ألم تسمعا قول رسول الله فاطمة يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها؟ قالا: بلى. فقالت الزهراء: إني غاضبة عليكما إلى يوم القيامة.[1]
مرة أخرى فاطمة تعلمنا دروسًا إلهية، والدرس هنا ينبغي للمؤمن أن يؤدي تكليفه الشرعي في كل الأحوال وبغض النظر عن النتيجة، بحسب الرواية فاطمة كانت في دارها مع علي والأول والثاني، إذًا لم تكن هناك أطراف أخرى في هذه الحادثة، السياسيون ومنطقهم المادي يقولون لا داعي لتسجيل موقف في مثل هذه الظروف إذ الهدف ليس هو تسجيل موقف من أجل الموقف، إنما النتيجة التي استحقها هذا الموقف وهذا خلاف إلى المنطق الإلهي وسيرة المعصوم، فالمؤمن عليه أن يقوم بأداء تكليفه من غير انتظار النتيجة، وهذا هو نهج السيد الإمام الخميني العظيم الذي على أثره قام بثورته المباركة التي غيرّت مجرى الأحداث والتاريخ والزهراء من هذا الموقف الشرعي الحكيم حققت الأمور التالية:
- قامت بتكليفها الشرعي بحثًا عن رضا الله تعالى وليس عن فائدة متوقعة، فالموقف كان يتطلب استنكار في رأس وجه مغتصبيها الخلافة وهي فعلت ذلك وبشجاعة وبقوة الموقف.
- بالمواقف السابقة الزهراء أتمت الحجة على القوم، أما في هذا الموقف فقد أتم الحجة على الشخصيات المعنية مباشرة.
- من الناحية السياسية، انقلبت الطاولة عليهم حيث أرادوا من زيارتهم هذه لإيحاء أن المياه رجعت لمجاريها وهما يحتفظان بعلاقة جيدة مع بنت رسول الله ويكنّون لها الاحترام، ولكن الزهراء فوتت عليها الفرصة بتأكيدها أنها غاضبة عليهما وغير راضية عنهما وستخرج من الدنيا على هذا الحال.
- من الناحية الشرعية، أظهرت الزهراء بعد أن أخذت منهما تصديقهما على كلامهما أن رضاها وغضبها من رضا وغضب الله تعالى وأنهم أصحاب باطل لا شرعية لهم وعملهم هذا موجب لسخط الله تعالى.
وبيّنت مصيرهما للجميع بعد أن قالت غاضبة عليهما إلى يوم القيامة، وهكذا عندما يقوم الإنسان بأداء تكليفه الشرعي لله تعالى فالله يجعل فيه خيرًا كثيرًا.
- [1] انظر: صحيح البخاري، جزء 5، صفحة 82