مرحلة الطفولة
ولدت وترعرعت فاطمة في بيت الجهاد وأعظم ثورة ضد الجهل والظلم والفساد والطغيان في التاريخ البشري، فهي لم تكن يومًا بعيدة عن الأجواء الثورية والسياسية بل كانت في صلبها وعمقها، وهي ليست بنت من بنات ملوك الدنيا الفاسدين حتى تعيش حياة الترف والانحراف غير مكترثة بما يدور حولها، وإنما هي بنت أعظم قائد رسالي في الكون وقد كانت تؤدي دورها الرسالي منذ الطفولة وتقوم بواجباتها الثورية والجهادية، وينقل التاريخ أن فاطمة كانت تستقبل رسول الله (ص) عندما كان يرجع من دعوته للناس إلى الله وقد تعرض للأذى النفسي والجسدي بالإضافة إلى تعرضه للأذى المادي والمعنوي يوميًا على يد كبار قريش، وفي الحادثة المعروفة التي قام بها أهل الطائف برمي رسول الله بالحجارة حتى أصيب وسالت دماؤه الطاهرة المباركة بعدما دعاهم إلى الإسلام، كانت فاطمة دائمًا هي البلسم لجراحات رسول الله النفسية والجسدية، ولم يتجاوز عمرها المبارك حينها الخمسة أعوام، كانت باستقبالها لرسول الله تضع عنه كل الهموم وتخفف عنه وطأة الأذى المادي والمعنوي الذي تعرض له رسول الله، ولا يخفى عليك عزيزي بأن الثوار بحاجة إلى من يلجؤون إليه لتطييب خواطرهم وإعطائهم دفعة معنوية وتهيئة نفسياتهم لمواصلة طريق ذات الشوكة، وعلى من يقوم بهذا الدور أن يكون شخصية رسالية قيادية ثورية، وإلا لما استطاع أن يقوم بهذه المهمة الحساسة أساسًا، هذا الحديث لأي ثائر بشكل عام، وكيف إذا كان الحديث عن رسول الله أكمل الخلق، ذلك الركن الوثيق الذي تلجأ إليه الدنيا كلها والعالمين كلهم فما عظمة هذه الشخصية التي تلعب هذا الدور مع رسول الله وما هو مقامها المعنوي؟
أي شخصية ثورية قيادية هذه؟ إنها فاطمة أم أبيها، بعد أن تنتهي من القيام بدورها على الجانب النفسي تتفرغ للجانب المادي فتقوم بيديها الحانيتين بتضميد جروح رسول الله وهذا تكليف ثوري آخر، فالدور الذي تؤديه الممرضات خلف الميادين لتقديم العلاج للناس والثوار لإعادة تأهيلهم لمواصلة جهادهم لا يقل ثورية عن التواجد في الميادين، وبهذا كانت الزهراء الرسالية تؤدي دورها الجهادي منذ نعومة أظفارها مع أهم شخصية إنسانية وقائد الثورة الإسلامية وهو رسول الله وفي بعديه المادي والمعنوي في السنين الأولى من عمر الرسالة الإلهية.