قانون التجنيس في البحرين
يقول مراقبون إنّ مشكلة التجنيس السياسيّ في البحرين تعدّ من المشاكل المؤثرة في المجتمع، وواحدة من أهمّ الأسباب اندلاع الحراك الشعبيّ عام 2011، إلى جانب التهميش السياسيّ، والاضطهاد، والفساد، وحرمان الغالبية المطلقة من الشعب حقّها بالمشاركة الفعّالة في إدارة شؤون البلاد.
ويشكّل قانون التجنيس في البحرين الذي صدر عام 1963 م، إحدى أهمّ نقاط الخلاف التي شكّلت معارضة لسياسة النظام الحاكم التي يتّبعها داخل الدولة، مع الإشارة إلى أنّ قانون منح الجنسيّة للأجنبيّ يشترط تمتّعه ببعض المؤهّلات التي لا يمكن، بحسب القانون الذي صدّق عليه حاكم البحرين حينها عيسى بن سلمان آل خليفة وأقرّه، أن تمنح من دونها، وهي تتلخص في بعض النقاط:
• أن يكون طالب الجنسيّة قد أقام في البحرين مدّة خمس وعشرين سنة متتالية على الأقل، أو خمس عشرة سنة متتالية على الأقل إن كان عربيًّا، على أن تبدأ هذه المدّة بعد تاريخ العمل بهذا القانون.
• أن يكون حسن الأخلاق.
• أن يعرف اللغة العربيّة معرفة كافية.
• أن يكون لديه في البحرين عقار ثابت مسجّل باسمه.
ويؤكّد المتابعون لأوضاع البحرين أنّه على الرغم من أنّ السلطة الحاكمة فيها هي التي وضعت هذا القانون للعمل به، فإنّها هي نفسها من تخالفه؛ حينما تضرب بنوده الواحد تلو الآخر من خلال عمدها إلى سياسة التجنيس من دون احترام البند الأساسيّ المتعلّق بالإقامة لطالب الجنسيّة داخل البلاد سواء أكان عربيًّا أم غير ذلك، وهي بذلك تعطي الدليل الواضح على الأهداف المبيّتة لمثل هذا الأسلوب من تغيير في التركيبة الديموغرافيّة للسكّان، وتغيير الهويّة والثقافة لأبناء البلد الأصليّين، وأيضًا من أجل ضمان الحصول على الأغلبيّة في أيّ انتخابات تجريها السلطة.
أشار «عمر الشهابي» مدير مركز الخليج للدراسات السياسيّة، إلى أنّ اعتماد الملك حمد على المهاجرين، والمهاجرين السنّة بشكل خاص، دليل على حرص النظام على الحد من الانجرار الدينيّ والانجذاب السياسيّ لدى المسلمين الشيعة، والسيطرة عليه داخل المملكة. وأنّ أكثر ما يقلق الناشطين هو سياسة التجنيس التي يتّبعها الملك حمد، حيث إنّها تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافيّة والدينيّة والإثنيّة البحرانيّة بشكل مصطنع، من خلال الهجرة المنظّمة من أجل السيطرة على المعارضة. وفي العام 2006، كانت البحرين تجنّس عمدًا السنّة من باكستان، واليمن، والأردن، وسوريا لاستيعاب اختلال التوازن الطائفيّ الذي ضايق الأسرة الملكيّة في البحرين.
وأضاف الشهابي أنّ مجموعة الأزمات الدوليّة أكّدت أنّ السلطات الخليفية استخدمت إجراءات استثنائيّة لتسريع عمليّة التجنيس، وللتيقّن من أنّ هؤلاء المواطنين المجنّسين سينضمّون إلى الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة، وقد سبّب الوجود المكثف لأجانب في الجيش والشرطة غضبًا حادًّا لدى السكّان المحليّين الذين يعدّونهم «مرتزقة».
كما صدر في العام نفسه تقرير عرف في البحرين بـ»تقرير البندر«، نشره المستشار الحكوميّ السابق صلاح البندر، اتهم التقرير الحكومة بتنظيم مؤامرة تهدف إلى إقصاء الشيعة سياسيًّا، وإلى منهجة التمييز العنصريّ وإبادة طائفة بأكملها، وإثارة النعرات الطائفيّة، وتحجيم دور القوى المعارضة في المؤسّسة التشريعيّة، وإضعاف شوكتها في المجتمع المدنيّ والإعلام وإبعادها عن دوائر التأثير في مؤسّسات السلطة التنفيذيّة، والتغيير الديموغرافيّ للحصول على أكثريّة موالية للسلطة.
الأثر الاجتماعيّ للتجنيس السياسيّ
الكاتب في صحيفة (أخبار الخليج) المقرّبة من رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، محميد المحميد، كتب عن المشاكل التي يسبّبها الوافدون المجنّسون «في البحرين في كلّ مرّة نتابع ونقرأ ونشاهد حكايات عن حوادث اعتداء وعراك وهوشات بسبب وافدين عرب أو حديثي الجنسيّة من دول الشام أو جنوب شبه الجزيرة العربيّة، وتكون تفاصيل تلك الحوادث مروعة وغير مألوفة على الشارع البحرينيّ، لدرجة أنّ البعض يلوم الدولة على تجنيس مثل هذه الفئات، ويصبّ جام غضبه عليها، ناهيك عن موضوع الإسكان والخدمات العامة وغيرها».
وأضاف «إنّ الأمر الذي يجب أن نتوقّف عنده وأن نتدارس ظاهرته، هو زيادة حالة الاستياء من أهل البحرين المخلصين من فئات عربيّة تمّ منحها شرف الجنسيّة، وتمارس أفعالاً وتجاوزات واستفزازات وحالات عنف، بات من اللازم دراستها وفرض القانون الحازم معها ولو بسحب الجنسية وفق القانون، كي لا تتفشى الظاهرة في المستقبل وتهدّد المجتمع أكثر».
وشهد شاهد من أهل بيت الحكم، بأنّ المشروع الكارثيّ بالتجنيس السياسيّ تسبّب في تشطير المجتمع، وخلق حالة من عدم الاستقرار فيه، والأسوأ أنّه ولّد حالة هجينة مطواعة ومدجّنة، لطائفة ثالثة من المواطنين، في ظلّ تآكل حقوق المواطن وقضمها ونهشها، وهو الذي يعاني أنواعًا من الإذلال في مواطنيّته.