المجنسون في البحرين: ذراع الموت.. وسرطان الخليفيين

لأسباب كثيرة، تراجع الإمساك بملف التجنيس، واستغل الخليفيون فترة “العراك” على التفاصيل السياسية، للمضي في مشروع التجنيس، إلى أن اكتملت العديد من محاور هذا المشروع، وخاصة في شقّه الأساسي المتمثل في استيراد واستلحقاق الأجانب وزرعهم داخل البلاد بأعداد كبيرة، وتحويلهم إلى “طائفة” ثالثة تنازع الهوية الأصيلة التي تشكلها البحرين بسكانها الأصليين من السنة والشيعة. ومع اكتمال هذا المشروع، وفي شقه المذكور، بدأ الخليفيون – وخاصة في نهاية العام ٢٠١١م وبعد اندلاع ثورة ١٤ فبراير – في الاتجاه نحو المحاور الأخرى من المشروع، والتي تتمثل في:
- كسر معادلة الأغلبية غير الموالية لآل خليفة، وإعلان الحرب الصريحة على مكونات الهوية الدينية للبحرين، وذلك من خلال استهداف الشعائر الدينية، وكسر كل “الخطوط الحمراء”، بما في ذلك اعتقال العلماء وتعذيبهم، وإغلاق المؤسسات الدينية المستقلة، وهو المحور الذي أخذه مداه الأخطر مع المساس بآية الله الشيخ عيسى قاسم، وإسقاط الجنسية عنه ، والتهديد المتواصل باعتقاله أو نفيه خارج البلاد، قبل أن تنتكس صحته بفعل الحصار العسكري الذي فُرض عليه في منزله ببلدة الدراز ويُنقل بعدها في يوليو 2018م إلى لندن لاستكمال العلاج.
- الإنقاص الفعلي في أعداد السكان الأصليين، وبموازاة الزيادة في أعداد المجنسين. ومارس الخليفيون عملية الإنقاص بوسائل مباشرة ومنها: إسقاط الجنسية والترحيل القسري من البلاد، التسبّب في هجرة المواطنين والنشطاء وتهديدهم بالاعتقال والتعذيب في حال العودة، القتل الفعلي للمواطنين داخل السجون وخارجها من خلال استعمال أسلحة القتل والحرمان من العلاج وغير ذلك، زرع السموم القاتلة داخل الأحياء السكنية للمناطق الشيعية والتسبب في الأمراض القاتلة والخطيرة والتي يحذر خبراء من آثارها الخطيرة مستقبلا على الأجيال المقبلة وتوراث الأمراض المزمنة.
- الالتحقاق بآل سعود، بما يمثلونه من تاريخ دموي، وعقيدة تقوم على الاجتثاث المذهبي، وشكل دخول القوات السعودية للبحرين في مارس ٢٠١١م البوابة التي عبر منها مخطط تثبيت مشروع الخليفيين في إلحاق البحرين بالسعوديين، والذي يُراد العمل عليه حتى اليوم، تارة من خلال مشروع “الاتحاد الخليجي” (السعودي في الحقيقة)، وتارة أخرى من خلال فتح كل إمدادات الدعم والحماية والسيادة للسعوديين على البحرين وشعبها.
بلغت آثار التجنيس ومخاطره أقصى مدى اليوم. وحينما تحدثت لولوة الخليفة في ٢٣ مارس ٢٠١٧م عن هذا الخطر ووصْفها للتجنيس بأنه “عار”؛ لم يكن ذلك ضمن الإيقاع الذي يريده الخليفيون. لقد كان تغريدا خارج السرب، ومن المؤكد بأنه جرى إسكاتها سريعاً. إلا أن المهم في ذلك، أن هذا “الصوت غير المتوقع” كان دليلا بيّناً على تعاظم خطر المجنسين داخل المجتمع البحراني، السني والشيعي على حدّ سواء، وأن الجميع بات “يكتوي بجراحه، ويتألم من آثاره المدمّرة”.
سرّب ذلك، من جديد، الحديثَ عن “السرطان” الذي يقتل البحرانيين “بهدوء”. وبدأ المواطنون والناشطون مجددا بالحديث علنا عن “المعاناة” من المجنسين، بما في ذلك منطقة الرفاع التي بات المجنسون يسيطرون على عقاراتها، ويشكون هويتها الغالبة، الأمر الذي دفع بعض المواطنين لعرض منازلهم هناك للبيع بعد أن توسّعت المشاكلُ الاجتماعية والأخلاقية التي يقف وراءها مجنسون. وعلى هذا النحو، ارتفعت الأصوات الداعية إلى التصدي لهذه “المشكلة” المتفاقمة، وعادت إلى الواجهة قصصُ الاعتداءات، وامتصاصُ الخيرات، والسلوكياتُ الغريبة التي ارتبطت بتمدُّد المجنسين داخل المجتمع البحراني.