التجنيس والتوطين السياسي
جدول المحتويات
- المجنسون في البحرين: ذراع الموت.. وسرطان الخليفيين
- دفاع عن المجنسين
- الترحيل القسري.. المرحلة الثالثة من حرب “الإبادة” ضد السكان الأصليين
- آل خليفة ولعبة تنويع التّجنيس: قبل أن يقع الفأس على الرّأس
- المجرم الوقِح
- ندوة التّجنيس: إهمال الجريمة
- التجنيس القطري: لعبة الخلاف الخليجي
- لا يمكن أن تبقى هوية البحرين في ظل هذا المخطط الإبادي
- إسقاط الجنسية عن المواطنين الأصلاء وترحيلهم
- التجنيس السياسي في القانون الدولي يرقى لمستوى الإبادة
- أعداد المجنسين سياسيا
- التجنيس السياسيّ.. «إبادة جماعيّة» بالقانون!! (موقع المنامة بوست، 2017م، بتصرّف)
- قانون التجنيس في البحرين
- الأثر الاجتماعيّ للتجنيس السياسيّ
- الأثر الأمنيّ للتجنيس السياسيّ
- الأثر الاقتصاديّ للتجنيس السياسيّ
- إلحاق الضرر بدول الجوار
- الانتخابات والتجنيس السياسيّ
- التجنيس السياسيّ وإسقاط الجنسيّة
- التجنيس.. والإبادة الجماعيّة
- حقائق 3 أمام الغرب
- الخليفيون والمشروع الطائفي والتجنيس
في وقت مبكّر من العام ٢٠٠٣م، التأمت اجتماعات متفرّقة من نشطاء وقيادات معارضة في البحرين، للبحث في الملف الذي بدأ يظهر آنذاك باسم “التجنيس السياسي“، أو “العشوائي“. بعد أشهر قليلة، استطاع الأستاذ حسن مشيمع، والدكتور عبد الجليل السنكيس (المحكومان بالسجن المؤبد اليوم)، وبرفقة نشطاء آخرين، تأسيسَ لجنة خاصة بمتابعة ملف التجنيس داخل جمعية (الوفاق) المغلقة، يخرجا منها فيما بعد احتجاجاً على خيارها في التعاطي مع النظام الخليفي وقرارها المشاركة في الانتخابات البرلمانية.
استطاعت اللجنة المذكورة أن تُنجز رؤية محدّدة في مقاربة الملف الذي لم يكن يحظى بالانتباه العام في ذلك الوقت، بما في ذلك النخب السياسية التي كانت مشغولة بتفاصيل الخلاف السياسيّ ومحاولات الدخول في“قلعة“ آل خليفة والصراع من داخلها. اللجنة استفادت على نحو مركّز من الفهم العميق الذي قدّمه الدكتور سعيد الشهابي حول موضوع التجنيس. وقد كان يذهب الأخير إلى أن مشروع التجنيس هو المشروع “الحقيقي“ الذي يقف وراءه مشروع حمد عيسى الخليفة الذي جاء به تحت ستار “الإصلاح“. وعلى التوالي؛ سجّل الشهابي قراءات وتوصيفات حدّدت المشروع باعتباره “إبادة ثقافية“ منظّمة، وأنه ينطوي على محاولة متدرِّجة ومدروسة لإفراغ الأغلبية التي يمثلها السكان الأصليون، وبالتالي تخريب التركيبة السكانية للبلاد، وهو المدخل الذي يريد الخليفيون من خلاله – ومع الرهان على الوقت – إحداث تغييرات جذرية في مستقبل البلاد، بما في ذلك هويتها الدينية والمخرجات السياسيّة التي يمكن أن تفرزها أي عملية انتخابية أو استفتاء محتمل في المستقبل على تقرير المصير واختيار النظام الحاكم.
شقّت الجهود المبذولة طريقها بإتقان وتوسّع لافت، واستطاعت أن تنقل الملف إلى الوعي الشعبي والسياسي، وشكّلت ندوة التجنيس في يوليو ٢٠١٣م؛ منعطفا مهما في هذا السياق، حيث حضر الندوة عشرات الآلاف من المواطنين، وعُرض فيلم مسجّل (https://www.youtube.com/watch?v=5L9ggF6NWK0) أثناء الندوة كشفَ حجم “الأخطبوط“ الذي يفرش أذرعه على هوية البحرين وتركيبتها الديموغرافية، وهي أذرع أوضح الفيلم الوثائقي – في تنبيه مبكّر – بأنها تتحرّك – بنحو أخطر – من السعودية من خلال عملية تجنيس الآلاف من قبيلة الدواسر، ولأغراض لها أبعاد طائفية في الدرجة الأولى.
أخذ ملف التجنيس بعد ذلك حضورا ملحوظا في المشهد السياسي، وتكررت الفعاليات والاحتجاجات على هذه السياسة الخطيرة، واستمر هذا الحضور الفاعل بدفع من الرؤية التي قادتها لجنة التجنيس داخل جمعية الوفاق، والتي طرحت العديد من الرؤى والمقترحات لإدارة الملف شعبيا وقانونيا وسياسيا، إلا بعض هذه المقترحات لم يتم الأخذ بها داخل الجمعية في ذلك الوقت، لاسيما وجهة النظر التي كانت تدفع باتجاه أن تضع الحاكم حمد عيسى داخل دائرة الاتهام في هذا الملف، حيث إن الحجة الحكومية الرائجة في ذلك الوقت تقول بأن عمليات التجنيس المعمول بها تتم بناءا على استئناءات خاصة من حمد نفسه.
المجنسون في البحرين: ذراع الموت.. وسرطان الخليفيين
لأسباب كثيرة، تراجع الإمساك بملف التجنيس، واستغل الخليفيون فترة “العراك” على التفاصيل السياسية، للمضي في مشروع التجنيس، إلى أن اكتملت العديد من محاور هذا المشروع، وخاصة في شقّه الأساسي المتمثل في استيراد واستلحقاق الأجانب وزرعهم داخل البلاد بأعداد كبيرة، وتحويلهم إلى “طائفة” ثالثة تنازع الهوية الأصيلة التي تشكلها البحرين بسكانها الأصليين من السنة والشيعة. ومع اكتمال هذا المشروع، وفي شقه المذكور، بدأ الخليفيون – وخاصة في نهاية العام ٢٠١١م وبعد اندلاع ثورة ١٤ فبراير – في الاتجاه نحو المحاور الأخرى من المشروع، والتي تتمثل في:
- كسر معادلة الأغلبية غير الموالية لآل خليفة، وإعلان الحرب الصريحة على مكونات الهوية الدينية للبحرين، وذلك من خلال استهداف الشعائر الدينية، وكسر كل “الخطوط الحمراء”، بما في ذلك اعتقال العلماء وتعذيبهم، وإغلاق المؤسسات الدينية المستقلة، وهو المحور الذي أخذه مداه الأخطر مع المساس بآية الله الشيخ عيسى قاسم، وإسقاط الجنسية عنه ، والتهديد المتواصل باعتقاله أو نفيه خارج البلاد، قبل أن تنتكس صحته بفعل الحصار العسكري الذي فُرض عليه في منزله ببلدة الدراز ويُنقل بعدها في يوليو 2018م إلى لندن لاستكمال العلاج.
- الإنقاص الفعلي في أعداد السكان الأصليين، وبموازاة الزيادة في أعداد المجنسين. ومارس الخليفيون عملية الإنقاص بوسائل مباشرة ومنها: إسقاط الجنسية والترحيل القسري من البلاد، التسبّب في هجرة المواطنين والنشطاء وتهديدهم بالاعتقال والتعذيب في حال العودة، القتل الفعلي للمواطنين داخل السجون وخارجها من خلال استعمال أسلحة القتل والحرمان من العلاج وغير ذلك، زرع السموم القاتلة داخل الأحياء السكنية للمناطق الشيعية والتسبب في الأمراض القاتلة والخطيرة والتي يحذر خبراء من آثارها الخطيرة مستقبلا على الأجيال المقبلة وتوراث الأمراض المزمنة.
- الالتحقاق بآل سعود، بما يمثلونه من تاريخ دموي، وعقيدة تقوم على الاجتثاث المذهبي، وشكل دخول القوات السعودية للبحرين في مارس ٢٠١١م البوابة التي عبر منها مخطط تثبيت مشروع الخليفيين في إلحاق البحرين بالسعوديين، والذي يُراد العمل عليه حتى اليوم، تارة من خلال مشروع “الاتحاد الخليجي” (السعودي في الحقيقة)، وتارة أخرى من خلال فتح كل إمدادات الدعم والحماية والسيادة للسعوديين على البحرين وشعبها.
بلغت آثار التجنيس ومخاطره أقصى مدى اليوم. وحينما تحدثت لولوة الخليفة في ٢٣ مارس ٢٠١٧م عن هذا الخطر ووصْفها للتجنيس بأنه “عار”؛ لم يكن ذلك ضمن الإيقاع الذي يريده الخليفيون. لقد كان تغريدا خارج السرب، ومن المؤكد بأنه جرى إسكاتها سريعاً. إلا أن المهم في ذلك، أن هذا “الصوت غير المتوقع” كان دليلا بيّناً على تعاظم خطر المجنسين داخل المجتمع البحراني، السني والشيعي على حدّ سواء، وأن الجميع بات “يكتوي بجراحه، ويتألم من آثاره المدمّرة”.
سرّب ذلك، من جديد، الحديثَ عن “السرطان” الذي يقتل البحرانيين “بهدوء”. وبدأ المواطنون والناشطون مجددا بالحديث علنا عن “المعاناة” من المجنسين، بما في ذلك منطقة الرفاع التي بات المجنسون يسيطرون على عقاراتها، ويشكون هويتها الغالبة، الأمر الذي دفع بعض المواطنين لعرض منازلهم هناك للبيع بعد أن توسّعت المشاكلُ الاجتماعية والأخلاقية التي يقف وراءها مجنسون. وعلى هذا النحو، ارتفعت الأصوات الداعية إلى التصدي لهذه “المشكلة” المتفاقمة، وعادت إلى الواجهة قصصُ الاعتداءات، وامتصاصُ الخيرات، والسلوكياتُ الغريبة التي ارتبطت بتمدُّد المجنسين داخل المجتمع البحراني.
دفاع عن المجنسين
سرعان ما أوعز الخليفيون لمواليهم من أجل إلجام هذه الأصوات بعد أن تنامت بين أوساط المواطنين السنة على وجه الخصوص، وقد تولّى موالون من غير أصول بحرانية هذه المهمة، كما فعل النائب الخليفي عبد الحليم مراد، حيث دافع في جلسة داخل البرلمان الخليفي بتاريخ ٢٨ مارس ٢٠١٧م؛ عن المجنسين، ودعا إلى عدم التمييز بينهم وبين المواطنين الأصليين، وخاصة في ملف الخدمات العامة. وقد تحرّك مراد – المجنّس الذي دعم المقاتلين في سوريا بالمال والتحريض على القتال والتقى المسلحين هناك – (تحرّك) انطلاقاً من الحسّ العام الذي يُدير سلوك المجنسين في البحرين، وهو التأليب على المواطنين الأصليين في البحرين وتقديم المجنسين باعتبارهم البديل الذي يوفّي لآل خليفة دور الحماية والطاعة العمياء، وذلك حينما أشار مراد – في الجلسة المذكورة – إلى الأحداث التي جرت في بداية العام ٢٠١١م، والإضراب الذي عمّ المؤسسات التعليمية آنذاك، حيث ذكّرَ بالمجنسين الذين “تطوعوا” لملأ الفراغ داخل المدارس. مع الإشارة إلى أن هؤلاء المجنسين لم يتطوعوا بالفعل، وقد طالبوا بمبالغ لقاء ذلك، فضلا عن كونهم لم يمارسوا دورا تربويا داخل المدارس، حيث إن عددا كبيرا منهم كان من الأميين أو غير المؤهلين تربويا، كما أنهم تولّوا القيام بمهام أمنية وكتابة التقارير المخابرانية ضد المعلمين والطلبة المضربين أو الذين يشاركون في الاعتصامات.
دفاع عبدالحليم مراد عن المجنسين هو اختصار ترميزي لطبيعة الخطر الذي يواجه البحرين. فالتجنيس المعمول به هنا ليس احتواءاً لأعداد من الأجانب داخل مجتمع البحرين، بل هو احتواء تدميري وتقليصي لمجتمع البحرين لصالح المجموعات البشرية المستوردة من الخارج، وهي مجموعات مُختارَة بناءاً على “مواصفات” محدّدة، وبما ينطبق على “القنبلة الموقوتة” التي تحمل في أحشائها الدمار الشامل، والنوعي. هي قنبلة تشبه أحشاء عبد الحليم مراد: ولاء نفعي لآل خليفة، عقل تكفيري قريب من الإرهابيين، دفاع عن المجنسين ضد المواطنين الأصليين وتقديمهم عليهم والاستعداد لأداء دور “العاهرة” إذا اقتضى الأمر ذلك. وللتذكير، ففي ندوة التجنيس المُشار إليها في أول التقرير، شبّه الشيخ علي سلمان سياسة التجنيس في البحرين بجلب العاهرات إلى البلاد.
الترحيل القسري.. المرحلة الثالثة من حرب “الإبادة” ضد السكان الأصليين
الترحيل من البلاد كان واحدا من الوسائل “التقليدية” التي اعتادها الخليفيون في مواجهة المطالب الشعبية عبر المراحل السابقة، وكان الاستهداف موجّها إلى الشخصيات والرموز التي يرى النظام بأنّ إبعادها من البلاد سيُتيح له السيطرة على الأوضاع، وإضعاف المطالبات بالحقوق.
على مدى العقود الماضية، رأى النظام “بأمّ عينه” بأن هذه السياسة لم تؤتِ أكلها.
في التاريخ الحديث، كان نفي الشيخ علي سلمان والسيد حيدر الستري والشيخ حمزة الديري، الإجراءَ “القمعي” الأبرز الذي أظهر فيه آل خليفة بأنهم “غير مبالين” بأحد، وأن حربهم على “السكان الأصليين” كان جزءاً من المؤامرة “الأصيلة” في إدارة وجودهم “الاحتلالي” في البحرين. ترحيل العلماء الثلاثة في العام 1995م لم ينجح في إجهاض انتفاضة التسعينات، التي استمرّت على عنفوانها حتى نجاحها الملموس في تكريس “الوجه القبيح” للنظام خلال عقد التسعينات، لتُتوّج برضوح الخليفيين للمطالب المرفوعة آنذاك، وإنْ على تحت ستار “المراوغة” و”الخديعة”، وعلى النحو الذي تبيّن بعد الانقلاب على التعهدات والنكث بالعهود في 2002م.
تبدّت هذه السياسة بوجهها الكامل، وبتخطيط مختلف بعد ثورة 14 فبراير. كان قرار حمد عيسى الخليفة هو الدخول في موجة جديدة من مؤامرة “اقتلاع” السكان الأصليين، وهذه المرحلة بدأت من خلال لعبة “القانون” مع العام 2012، حيث دشّن حمد المرحلة “الثالثة” من حرب “الإبادة” ضد السكان، والتي تمثلت في إسقاط الجنسية البحرانية، والتمهيد لذلك بتسفير المواطنين قسراً من البلاد. وسبق ذلك مرحلتان، الأولى وصلت أوجهها في نهاية 2004م من خلال عمليات التجنيس الممنهج للمرتزقة والأجانب الموالين للنظام سياسياً وأمنياً ومذهبياً، فيما تمثلت المرحلة الثانية في إقامة “حاجز طائفي سميك” ضدّ السكان الأصليين الشيعة في البلاد، و”تشويه” صورتهم عبر اتهامهم بعدم الانتماء للوطن، والولاء للخارج. وتحركت المرحلة الثانية منذ العام 2011، وحتى اليوم.
على امتداد هذه المراحل الثلاث، وبينها، اشتغل آل خليفة على إنزال “َضربات” وجوديّة بحقّ السكان، وهي ضربات لم تقتصر على الجانب الثقافي والديني (هدم المساجد، اعتقال العلماء وتعذيبهم، منع المؤسسات والشعائر الدينية)، وإنما طالت أيضاً “حق الحياة” بمعناها الحقيقي، وذلك عبر إطلاق يد قوات المرتزقة لقتل البحرانيين في الشوارع وداخل السجون، وبوسائل متنوعة، بعضها مباشر وبعضها من خلال أدوات “القتل البطيء”، سواء بالاحتجاز في سجون سيئة، أو منع العلاج، أو من خلال التعذيب النفسي والجسدي.
بموازاة “استهداف حقّ الحياة”، يستهدف آل خليفة “حقّ الحياة” بمعناه الرمزي، والمتمثل في حمْل الجنسية، وقطْع الانتماء بالوطن، وتكثيف الحملات الدعائية ضدّ المعتقد الديني ورموزه، بما في ذلك “إطالة” اليد ضد علماء الدين، والمؤسسات الدينية وشعائر المعتقد. والهدف، هو “الإيغال” في إنزال العقاب الجماعي، واستنزاف الوجود الأصلي في البلاد، وإجباره إما على الاستسلام، أو الخروج من البلاد، قسرا – كما حصل مع الشيخ حسين النجاتي، الشيخ محمد خوجسته، حسين خير الله، وحسين غلام.. وآخرين – أو عبر تهيئة الأجواء المسمومة التي تفرض على المواطنين – بحسب المخطط الخليفي – الاضطرار لمغادرة البلاد، إما عبر “هجرات جماعية”، أو الخروج والهروب الفردي المتكرّر للمواطنين.
ورغم أنّ هذا المخطط ينطوي على “انتهاكات وجرائم فظيعة”، ومخالفات صريحة للقوانين الدولية، إلا أنّ ذلك لم يمنع الخليفيين من المضي فيه، وهو أمر يثير “صدمة ملموسة” في أوساط النشطاء والحقوقيين الدوليين، وخاصة مع الصمت “المريب” و”المشين” للدول الغربية الحليفة لآل خليفة، وخاصة بريطانيا والولايات المتحدة.
ولكن، لم يكن لآل خليفة المضي في هذا المخطط، وعبر مراحلة المكشوفة والخفية، لولا الغطاء الكامل والمفتوح الذي يقدّمه آل سعود والداعمون الخليجيون. ولذلك، كان من المفهوم أن تنفيذ خطوات هذا المخطط أخذت وتيرة متلازمة مع تصاعد المخططات السعوديّة الفوضوية والتدميريّة، سواء في الداخل أو في الخارج.
شعبياً، لا رايات بيضاء تُرْفع فوق الهواء. وهو ما يعني أن المواطنين يُدركون – جوهرياً – بأنهم أمام معركة “وجودية” كاملة المقاييس والأهداف، وهي معركة مفتوحة على كلّ الاحتمالات والتهديدات، وأنّ الخيار الوحيد إزاءها لا يمكن إلا أن يكون “الإصرار” و”الصمود” وابتكار كل الوسائل في “المقاومة المدنية” والتي عادةً ما يقوم بها السكان الذين يكونون معرّضين لخطر الاقتلاع والتسفير ومحو الوجود.
آل خليفة ولعبة تنويع التّجنيس: قبل أن يقع الفأس على الرّأس
في أغسطس 2014م؛ أثار اتّهام الحكومة الخليفيّة لدولة قطر بأنّها تُهدِّد أمنها القومي بسبب “إغوائها” بحرانيين بالجنسيّة القطريّة، (أثار) العديد من التّساؤلات وعلامات التّعجب في الدّاخل والخارج.
محلّيّاً، جاء هذا الاتهام (على لسان وكيل وزارة الدّاخليّة الخليفيّة لشؤون الجنسيّة) استكمالاً لكلامٍ سابق أعلنه وزير الخارجيّة الخليفيّ في يوليو 2014م خلال حوارٍ مع قناة روتانا خليجيّة، واستنكر فيه الوزير إقدام قطر على تجنيس “فئة” من البحرانيين (في إشارة إلى مواطنين سنّة).
المجرم الوقِح
في السّياق الدّاخليّ، أقدم الخليفيّون على إسقاط الجنسيّة عن المواطنين بشكل متتالٍ، وتكررت تهديدات بترحيل عدد من المواطنين الذين سُلبت جنسيّاتهم، واستدعت السلطات عددا منهم خلال فترات سابقة لتعديل وضعهم القانوني في البلاد. ويتصل كلّ ذلك بالمشروع “التدميري” الذي كُشِف عنه قبل سنوات من خلال تقرير “البندر” الشّهير، والذي يضعُ مخطّطاً لاستهداف الوجود الأصلي للمواطنين، عبر التّلاعب بالتركيبة السّكانيّة، باستخدام التجنيس، وتطويق المواطنين الأصليين بالقتل الممنهج، والترويع النّاعم، والتهجير القسري.
ندوة التّجنيس: إهمال الجريمة
في ظلّ هذه “الجريمة” الواسعة للنّظام الخليفي؛ فإن التصريحات الرسمية تؤكّد أنّ الإجرام الذي يُمارسه النّظام منسوجٌ بقدر واسع من “الوقاحة” والاستخفاف بالمواطنين، وهو ما يجعل معارضين يُحذّرون من عدم التّعاطي الجدّي (من جديد) مع هذه الجريمة، خشية أن تتحوّل إلى فعل “مُعتاد” و”يومي” و”أمر واقع”، تماماً كما تمّ “التّساهل” في محطّات تاريخيّة سابقة مع قضايا وموضوعات، سرعان ما استحالت إلى “وقائع صُلبة” غير مُتاح مناهضتها بسهولة، إمّا لفقدان الوعي بها، أو لعدم توافر الإجماع الوطني عليها.
يُشار في هذا الجانب إلى قضيّة “الدستور” و”الميثاق”، و”القوانين المجحفة”، و”اعتقال العلماء وتعذيبهم”، وانتهاك حرمة “المواكب والمساجد والنساء” بالضرب والهدم والاعتداء. كان التّعاطي الفاتر و”الحزبي”، والتردّد في إعلان المواقف الحاسمة في لحظتها؛ سبباً في توسّع كلّ الانتهاكات وتوسّعها في المحتوى والعدد.
يقول أحد النّاشطين بأنّ “ملف التّجنيس” ذاته كان أحد الملفّات التي لم تنل المعالجة الإستراتيجيّة والجادة في حينه. يشير المصدر إلى أنّ هذا الملف تكوّن لدى مجموعة من الشّخصيّات، كان على رأسها الأستاذ حسن مشيمع والدكتور عبدالجليل السنكيس، وناشطين آخرين، حيث تم تشكيل لجنة التّجنيس في جمعيّة “الوفاق” في أوائل العام ٢٠٠٣م، وإعداد خريطة عمل تشمل وثائق فلميّة وبحثيّة في هذا الموضوع، إضافة إلى رؤية “اصطلاحيّة” تتعاطى مع عمليّة التّجنيس بوصفها “هولوكست” حقيقياً، وكان يُفترض العمل على توسيع حركة الاحتجاج الشّعبي لهذا الملفّ لتأخذ مدى أوسع من “ندوة التّجنيس” الشّهيرة (١٦ يوليو ٢٠٠٣).
لأسباب لها علاقة بعدم استيعاب خطورة “المشروع التّخريبي”، كما وصفه سعيد الشّهابي مبكِّراً، إضافة إلى الانكباب على موضوعات أخرى، والرّغبة في تحاشي “الإزعاج المُوسَّع” للنّظام؛ فقدَ ملفّ التّجنيس حضوره المركزي، رغم أنّه كان من الممكن أن يُمثّل – ولا يزال – رأس الحربة في مقاومة كلّ المشروع الخليفي، كما أنّ تأسيس معارضةٍ داخليّة على قاعدة هذا الملف؛ كفيلٌ باختصار الطّريق، وتوحيد بقية الملفّات التي كان يُفترض أن تكون فروعاً منه، وليس العكس.
لا يتردّد أحد العاملين في هذا الملفّ في القوْل بأنّ كلّ التّمادي الذي اقترفه النّظام على صعيد محاربة الوجود الأصليّ للمواطنين، هو ناتجٌ عن التلكؤ والتّساهل والتردّد و”التخوّف” من مواصلة النّضال في ملفّ التّجنيس، فضلاً عن الإنكفاء عن توسيع مداه، لاسيما بعد الضّغوط والتّهديدات التي أطلقها في تلك الفترة النّظام في هذا الشأن، وباستخدام آليّة القمع “بالقانون”، كما حصلَ مثلاً مع حظر تداول “تقرير البندر” من خلال قرار صادر عن “النيابة العامة”، وهو الإجراء الذي تسالمت عليه المعارضة وقتها بناءاً على الإستراتيجيّة المعمول بها تحت “احترام القانون” والالتزام به، ولو كان ظالماً وغير نزيه.
في النّتيجة، فإنّ النّظام انتقل من مرحلة التّجنيس العددي (حتّى نهاية ٢٠١٠م)، إلى مرحلة أكثر خطورة، وهي مرحلة التّجنيس “النّوعي”، وهي المرحلة التي تزامنت مع مرحلة البدء في “اقتلاع” المواطنين، وبوسائل تُشبه تلك التي استخدمتها في القرنين الماضيين القبيلة الخليفيّة وبقية القبائل الغازية حينما اعتمدت إستراتيجيّة “القتل والمجازر” في ترويع المواطنين ودفعهم للهروب خارج البلاد في غابر التّاريخ. وهنا يُسارِع مطّلعون إلى تقديم نصيحتهم بعدم أخذ مثل هذا “الكلام” على سبيل التوهّمات أو التّكهنات، أو بوصفه محض تحليلاتٍ منزوعة من الواقع.
التجنيس القطري: لعبة الخلاف الخليجي
على المستوى الخارجي، فإنّ الاتهامات الخليفيّة، المتكررة، ضدّ قطر ليست سوى “عمليّة وظيفيّة” لها أكثر من غاية ورسالة، وغير مستبعَد أن يكون السّعوديّون وراءها. وهي تتصل، بلا شك بالأزمة الخليجية التي تفجّرت في يونيو 2017م، وخرجت عن السيطرة خلافاً لكلّ محاولات التهدئة وزيارات الاحتواء. ويؤكد مراقبون أن قرار التّصعيد هو صناعة سعوديّة بامتياز، تأسيساً وتأزيمياً، وإنما من خلال استخدامات إماراتيّة وخليفيّة على وجه خاص.
السّعوديّة تحملُ ثأراً غير محدود ضدّ قطر، يتّصل الأمر بما يُقال عن التآمر القطري القديم ضدّ آل سعود (بحسب التّسريبات الصّوتيّة التي جمعت وزير خارجيّة قطر السّابق مع معمّر القذافي) وملفّات الانقلاب، والحدود، ومزاحمة مشروع الهيمنة السّعودي، والاشتباك على مناطق النّفوذ الخارجيّة، وغير ذلك. إلا أنّ حكّام آل سعود – وعلى غير عادتهم – فضّلوا استخدام آل نهيان وآل خليفة في التّصعيد ضدّ آل ثاني، رعايةً للسّيّد الأمريكي الذي لجأ علنيّاً حتّى الآن إلى عدم التّدخّل في تفاصيل الخلاف الخليجي، ولأسباب لها علاقة بطريقة الأمريكيين الجديدة في إدارة “خلافات العبيد الأشقياء”.
من خلال الإمارات، فُتحت أكثر من جبهة دعائيّة ضد قطر، وتمّ الاستفادة من كلّ أخطاء الدّوحة لتوسيع هذه الدّعاية، أو اختراع أخطاء معيّنة وتضخيمها (من قبيل، الإعلان عن اكتشاف خليّة تجسّس قطريّة في الإمارات، كما أعلنت الأخيرة في يوليو 2014م، والذي نفته قطر).
أمّا البحرين، فإنها تبدو من وجهة النّظر السّعوديّة أكثر أفضليّة لتضمين التّصعيد ضدّ قطر المحتويات الأسرع تفجّراً، وبما يفتح الباب واسعاً لاختلاق الذّريعة الأنسب للانتقال إلى مرحلة “القرار” في معالجة الخلاف مع الدّوحة.
لم يكن صدفةً أن يكون موضوع “التّجنيس” أحد مفاتيح التفجير الخليفي/السّعودي ضدّ قطر. الموضوع يتّصل بأزمة فاحشة في دول الخليج، والتي تتشابك بتعقيدات التوازُع القبائلي، وأزمات الانتماء الوطني في هذه المنطقة الرّخوة من حيث التأسيس المديني وفقدان العقد الاجتماعيّ الضّامن لحقّ المواطنة. هذه الهشاشة المركّبة هي أرضيّة قابلة لأنْ تُشْعِل أيّ نار موقدة، وإحراق الجميع بها. وفي ظل اكتظاظ الاختناق الذي يُحيط الخليفيّين بفعل استمرار الثّورة، فإنّهم لا يجدون غضاضة في تحوّلهم إلى أداة تفجير سعوديّة في وجه القطريين، ظنّاً من آل خليفة بأنّهم سيربحون من وراء ذلك تشتيت الانتباه عن الثّورة التي تُحاصرهم، وعلى طريقة القبائل في توزيع ثأر الدّماء على أكثر من فخْذ وقبيلة.
النّتائج تظلّ غير مضمونة، إلا أنّ “الوقاحة الخليفيّة” في تنويع لعبة التّجنيس تظلّ هي الموضوع الأخطر الذي يحتاج إلى تداركٍ، وبأسرع وقتٍ ممكن، وقبل أن يقع الفأس على الرأس.
- المصدر موقع “البحرين اليوم”
افتضاح المفضوح
مع الإيحاء الرسمي بتجريم الحديث عن “التجنيس”، وفق بيان وزارة الداخلية الصادر في ٢١ يوليو ٢٠١٨م؛ فإنّ مخاطر جريمة التجنيس تكاد تكون مكتملة، حيث يمثل التجنيس والتوطين السياسي أحد الأدوات التي تستخدمها القوى المستبدة والاستكبارية والدكتاتورية في سياق الحرب على الشعوب، وتصفيتها أو استبدالها عرقيا، وتغيير هوية الشعب وإبادته ثقافيا.
ننقل في هذا القسم بعض الكتابات والتقارير المنشورة حول التجنيس السياسي في البحرين ودوره في الإبادة الثقافية ضد شعب البحرين الأصيل. كما نعيد نشرَ بعض التصريحات وتقارير خبرية منوّعة صدرت في سنواتٍ مختلفة لتقديم إضاءةٍ بانورامية حول هذا الملفز
التجنيس السياسي وإسقاط الجنسية في البحرين (مسعود جهرمي، 2017، بتصرّف)
في شهر سبتمبر 2006 صدر تقرير خاص اشتهر “بتقرير البندر” نسبة الى كاتبه الدكتور صلاح البندر، الذي كان مستشار وزير شؤون مجلس الوزراء، ونظراً لمحتوى التقرير تم ترحيل الكاتب الى المملكة المتحدة حيث يحمل الجنسية البريطانية. كشف هذا التقرير عن أكبر فضيحة رسمية في التمييز العرقي والمذهبي تجاه الديموغرافية الدينية من «الشيعة» التي كانت تتجاوز نسبتها 75% ونزلت الى 60%، وفق تقرير «لجنة الحريات الدينية الأميركية» سنة 2015.
مضت أكثر من عشر سنوات على تقرير البندر الذي أوضح كيف تُدار عملية التمييز من أطراف تتصل مباشرة بالديوان الملكي. ومن أبرز ملامح التمييز؛ مشروع التجنيس السياسي الذي تمكنت السلطة به من منح 120 ألف أجنبي الجنسية البحرانية (كاملة الصلاحيات والخدمات المجانية) بما يخالف القانون الوطني والدولي، ما يعني تغيير التركيبة الديموغرافية بما يفوق 20% من نسبة السكان الأصليين.
لا يمكن أن تبقى هوية البحرين في ظل هذا المخطط الإبادي
هذا النوع من التجنيس الخارج عن إطار القانون؛ إذا استمر بنفس الوتيرة وبنفس الأعداد في الأعوام القادمة فإن البحرانيين الأصليين سيصبحون أقلية، وهو ما يعتبر تهديدا للهوية البحرانية، وقد يُعبَّر عنها بالإبادة الجماعية للسكان الأصليين من السنة والشيعة. ويقيناً بعد العام 2040 لا يمكن أن تبقى هوية البحرين عربية إسلامية في ظل هذا المخطط الابادي!
إن معارضتنا للتجنيس السياسي الراهن تنبع من خطورة هذه السياسة على حاضر ومستقبل أبناء الوطن جميعهم، وأولوية توفير الخدمات الإسكانية والوظائف للمجنسين الجدد على حساب آلاف من الأسر البحرانية التي تنتظر أكثر من عشر سنوات للحصول على سكن لائق، وآلاف من أبناء الوطن يطالبون بالتوظيف والترقية في وزارات الدولة وبالأخص وزارة الدفاع والداخلية والحرس الوطني، بجانب مخاطر اجتماعية واقتصادية وسياسية وسوف تتراكم على مدى السنوات القادمة، الأمر الذي سيؤثر على أية إستراتيجية لتنمية إنسانية مستدامة ولإنجاح الرؤية الاقتصادية للبحرين 2030م.
إن مؤشرات أولية كثيرة تكشف بأن المتجنسين الجدد قد بدأوا في تشكيل تقاليدهم وقيمهم وثقافتهم ومهنهم وأماكن ترفيههم وتجمعاتهم السكنية الخاصة بهم، وكأنها ظواهر لبروز طائفة جديدة في البلاد تميز نفسها عن باقي شرائح مجتمعنا، وتقوم الحكومة بتمييزها عن أبناء البلاد في إعطائهم الأولوية في الإسكان والوظائف.
إسقاط الجنسية عن المواطنين الأصلاء وترحيلهم
وأما جريمة إسقاط الجنسية البحرانية عن المواطنين الاصليين؛ فهي أصبحت وسيلة ضغط وسلاح يُستخدم من قبل السلطة كعقاب ضد المعارضين السياسيين؛ بل أكثر من ذلك فهي أداة لإرعاب العامة وإرغامهم على المشاركة في مشاريع الملك الاستبدادية، وضد كل محب لهذا الوطن يطالب بإحقاق مطالب الشعب. هذه الجريمة مخالفة لكل الأعراف والقوانين، وانتهاك صارخ لحقوق الانسان، حيث إن منْ تم إسقاط الجنسية عنهم لا يحملون سوى الجنسية البحرانية وباتوا عديمي الجنسية، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي.
خلال السنوات الأخيرة، أسقطت السلطة (الخليفية) الجنسيةَ عن مئات من المواطنين لأسباب سياسية. جميع هذه الحالات أجريت بصورةٍ تعسفية ووفقاً لإجراءاتٍ غير قانونية، إما عن طريق إصدار مرسوم ملكي بطلب من وزير الداخلية – دون أي قضية او محاكمة – أو عن طريق أحكام قضائية من خلال محاكمات غير عادلة في قضايا سياسية وتهم كيدية. الحكومة في البحرين لا تكتفي بإسقاط الجنسية عن المواطنين فقط، بل تحرمهم من جميع حقوقهم الاجتماعية والمعيشية، وتصرُّ على تطبيق قانون الإقامة الخاصة بالأجانب عليهم، ويترتب عليهم الإبعاد من الوطن وحرمانهم من العيش الكريم في وطنهم.
من عجائب الدهر، أن ملك البحرين – وتاريخ عائلته في البحرين – لا يتعدى سوى 200 سنة! وهو يصدر مرسوم بإسقاط جنسية أعلى مرجعية دينية في البحرين “سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم” وهو من جذور هذا الوطن العزيز، وأحد المشاركين في كتابة دستور البحرين من خلال المجلس الوطني عام 1971م!
الجدير بالذكر أن كل المعطيات المعلوماتية، والقرارات السياسية، وطريقة إدارة الدولة، وتجربة المعارضة طوال السنوات الماضية؛ تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أبداً، أن ملك البحرين هو المتهم الأول في صناعة التمييز ضد «الشيعة»، وبأنه على إطلاع مباشر، بل مسؤول أيضاً عما يدور من مخططات تقسيم البلاد علي يد خلية التأزيم، التي ستترك آثارها الخطيرة في مستقبل البحرين.
لقد تطوّر التجنيس من كونه مشروعا إستيراتيجيا للدولة للاستفراد بالقرار السياسي، ليتحول إلى أداة فعالة في خطف حق المواطنة من البحرانيين بعد 2011 في كل المجالات التالية: القضاء، والاقتصاد، والتوظيف، والتعليم الحكومي، والقطاع الطبي، والحريات الأساسية (منها الحقوق المدنية والسياسية)، وسياسة العقاب الجماعي ضد القرى والمناطق الشيعية، وحل «المجلس الإسلامي العلمائي»، والاعتقال والفصل من الأعمال، والقتل خارج إطار القانون للمواطنين على خلفيات مذهبية.
يتعرض الشعب الى أبشع أنواع الاضطهاد والإبادة الطائفية، بينما تكتفي المنظمات الحقوقية العالمية والأمم المتحدة بالإدانة اللفظية، حيث تبرهن على أنها أدوات في أيدي الدول الاستعمارية لتأمين مصالحها، كما كانت بالأمس تنهب أموال الشعوب من خلال الاستعمار ودعم الأنظمة الاستبداية.
التجنيس السياسي في القانون الدولي يرقى لمستوى الإبادة
إن الاتفاقية الدولية لمنع إبادة الأجناس البشرية والمعاقبة عليها لعام 1946 تتضمن قوانين تجرّم التجنيس السياسي الذي يتسبب في الإضرار بمصالح وحقوق السكان الأصليين، وذلك ينطبق مع واقع الحال في البحرين، كما أن الإبادة في الأدبيات والتعريفات الحقوقية لا يقتصر معناها على القتل الجماعي، بل تشمل التدمير المتعمّد للجماعات القومية أو العرقية أو الدينية أو الإثنية، ومحق الجذور الثقافية والاجتماعية والتراثية لهذه المكونات.
وفي مجال القانون الدولي يمكن إدانة السلطة الخليفية في المحاكم الدولية كون التجنيس الطائفي مخالفاً للإتفاقية الدولية لمكافحة جريمة «الابارتايد» الصادرة في العام 1973، وخاصة المواد 1 و 2 و 3.
أعداد المجنسين سياسيا
في جلسة برلمانية استثنائية في السادس والعشرين من مايو 2004، قال رئيس مجلس النواب السابق خليفة الظهراني بعد رفع الجلسة إثر مشاحنات وملاسنات مع النائب الشيخ عبدالله العالي، بشأن «التجنيس»: «كفانا ما سمعناه أمس من حديث يسيء إلى كل من حصل على الجنسية البحرينية، علينا مسئوليات كثيرة. هناك ما يزيد على 120 ألفاً تجنّسوا في العقود الأخيرة ويجب أن نصهرهم في المجتمع لصالح وطننا وأبنائنا… أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..”!!
الظهراني المعروف بقربه الشديد من دوائر صنع القرار؛ كشف في لحظة ربما «انفعالية»، عن تجنيس البحرين 120 ألفاً، وكان هذا الحديث في العام 2004، والذي كان يبلغ فيه تعداد السكان من البحرانيين 464 ألفاً و808 نسمات (بحسب الإحصاءات الرسمية). وبحسبة بسيطة، نجد أن الرقم الذي فجّره الظهراني في ذلك الوقت بشأن التجنيس سيمثل نحو 25 في المئة من إجمالي شعب البحرين، وهو رقم «مهول جداً» يكشف حجم المأساة الحقيقية لواقع التجنيس في البحرين (هاني الفردان، 2014).
وفي سياق مشابه؛ صرّح القائم بأعمال السفير السوداني في البحرين محمد المعتز جعفر بتاريخ 21 نوفمبر 2017 بأن عدد الجالية السودانية يبلغ حوالي 7 آلاف سوداني معظمهم يحملون الجنسية البحرانية. وأضاف في تغطية لتلفزيون النيل الأزرق السواني من المنامة، أن السودانيين ينتشرون في مختلف المؤسسات الحكومية إلى جانب القطاع الخاص في البحرين. (قناة النيل الأزرق، 2017).
التجنيس السياسيّ.. «إبادة جماعيّة» بالقانون!! (موقع المنامة بوست، 2017م، بتصرّف)
خرج البحرانيّون قبل أكثر من ستّ سنوات مطالبين بالحريّة، في تظاهرات عُدّت الأكبر بين تظاهرات الدول التي شهدت ما سمي الربيع العربيّ، نسبة إلى عدد السكّان فيها، وتمكّن الشعب حينها من هزّ أركان النظام الخليفي، عبر الجموع الغفيرة التي فاقت تصوّره، معلنة عن بدء مرحلة جديدة من المواجهة في وجه التسلط والظلم.
وهنا كان لا بدّ للنظام من أن يواجه الحراك المحقّ بمختلف الأشكال وكلّ الوسائل والطرق الممكنة، فكان القمع والاضطهاد والوحشيّة العناوين الأساسيّة لأساليب الردّ التي اعتمدها النظام.
وأمام المدّ الجماهيري الحاشد، الذي عدّه المتابعون لتسلسل الأحداث في البحرين، مشهدًا أرعب النظام، وتيقّن معه أنّه أمام غالبيّة شعبيّة رافضة له لا يمكن نكرانها، وأمام أعداد من المواطنين لا يمكن له المجيء بنصفها، بل ربما لا يمكنه أن يأتي حتى بربعها، برزت أمامه مشكلة كبيرة تتمثّل في أغلبيّة شعبيّة ساحقة تطالب بإسقاط حكم عائليّ يقول عنه البحرانيّون أنّه مستبدّ، ولا يملك أيّ شرعيّة شعبيّة، ولا يمكن له الركون إلى الشارع في ظلّ عدم وجود الحاضنة الكافية التي تستطيع أن تحميه وتعينه على البقاء. وهنا كانت العودة إلى الحلول الأكثر تأثيراً في مواجهة هذه الأكثرية، فكان الاستمرار بوتيرة أعلى هذه المرّة، في عمليات التجنيس السياسيّ، إحدى أبرز أدوات المواجهة، دون إغفال الأساليب القمعيّة، والقتل، والاعتقالات لإخماد الثورة والقضاء عليها.
التجنيس السياسيّ كان أحد أبرز الأساليب التي اتّبعها النظام في سبيل تغيير الواقع الديموغرافيّ، وتبديل الطبيعة السكّانيّة لأهل البحرين، وجعل الأغلبيّة الشعبيّة أقليّة، والإتيان بمرتزقة من بلدان مختلفة لتعديل موازين القوى؛ ليصبح للنظام أرضيّة يمكن له أن يستند إليها من حماية، خصوصًا إذا كان هذا التجنيس مرتبطًا بحصول هؤلاء المجنسين على مواقع لهم داخل القوى الأمنيّة المختلفة.
قانون التجنيس في البحرين
يقول مراقبون إنّ مشكلة التجنيس السياسيّ في البحرين تعدّ من المشاكل المؤثرة في المجتمع، وواحدة من أهمّ الأسباب اندلاع الحراك الشعبيّ عام 2011، إلى جانب التهميش السياسيّ، والاضطهاد، والفساد، وحرمان الغالبية المطلقة من الشعب حقّها بالمشاركة الفعّالة في إدارة شؤون البلاد.
ويشكّل قانون التجنيس في البحرين الذي صدر عام 1963 م، إحدى أهمّ نقاط الخلاف التي شكّلت معارضة لسياسة النظام الحاكم التي يتّبعها داخل الدولة، مع الإشارة إلى أنّ قانون منح الجنسيّة للأجنبيّ يشترط تمتّعه ببعض المؤهّلات التي لا يمكن، بحسب القانون الذي صدّق عليه حاكم البحرين حينها عيسى بن سلمان آل خليفة وأقرّه، أن تمنح من دونها، وهي تتلخص في بعض النقاط:
• أن يكون طالب الجنسيّة قد أقام في البحرين مدّة خمس وعشرين سنة متتالية على الأقل، أو خمس عشرة سنة متتالية على الأقل إن كان عربيًّا، على أن تبدأ هذه المدّة بعد تاريخ العمل بهذا القانون.
• أن يكون حسن الأخلاق.
• أن يعرف اللغة العربيّة معرفة كافية.
• أن يكون لديه في البحرين عقار ثابت مسجّل باسمه.
ويؤكّد المتابعون لأوضاع البحرين أنّه على الرغم من أنّ السلطة الحاكمة فيها هي التي وضعت هذا القانون للعمل به، فإنّها هي نفسها من تخالفه؛ حينما تضرب بنوده الواحد تلو الآخر من خلال عمدها إلى سياسة التجنيس من دون احترام البند الأساسيّ المتعلّق بالإقامة لطالب الجنسيّة داخل البلاد سواء أكان عربيًّا أم غير ذلك، وهي بذلك تعطي الدليل الواضح على الأهداف المبيّتة لمثل هذا الأسلوب من تغيير في التركيبة الديموغرافيّة للسكّان، وتغيير الهويّة والثقافة لأبناء البلد الأصليّين، وأيضًا من أجل ضمان الحصول على الأغلبيّة في أيّ انتخابات تجريها السلطة.
أشار «عمر الشهابي» مدير مركز الخليج للدراسات السياسيّة، إلى أنّ اعتماد الملك حمد على المهاجرين، والمهاجرين السنّة بشكل خاص، دليل على حرص النظام على الحد من الانجرار الدينيّ والانجذاب السياسيّ لدى المسلمين الشيعة، والسيطرة عليه داخل المملكة. وأنّ أكثر ما يقلق الناشطين هو سياسة التجنيس التي يتّبعها الملك حمد، حيث إنّها تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافيّة والدينيّة والإثنيّة البحرانيّة بشكل مصطنع، من خلال الهجرة المنظّمة من أجل السيطرة على المعارضة. وفي العام 2006، كانت البحرين تجنّس عمدًا السنّة من باكستان، واليمن، والأردن، وسوريا لاستيعاب اختلال التوازن الطائفيّ الذي ضايق الأسرة الملكيّة في البحرين.
وأضاف الشهابي أنّ مجموعة الأزمات الدوليّة أكّدت أنّ السلطات الخليفية استخدمت إجراءات استثنائيّة لتسريع عمليّة التجنيس، وللتيقّن من أنّ هؤلاء المواطنين المجنّسين سينضمّون إلى الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة، وقد سبّب الوجود المكثف لأجانب في الجيش والشرطة غضبًا حادًّا لدى السكّان المحليّين الذين يعدّونهم «مرتزقة».
كما صدر في العام نفسه تقرير عرف في البحرين بـ»تقرير البندر«، نشره المستشار الحكوميّ السابق صلاح البندر، اتهم التقرير الحكومة بتنظيم مؤامرة تهدف إلى إقصاء الشيعة سياسيًّا، وإلى منهجة التمييز العنصريّ وإبادة طائفة بأكملها، وإثارة النعرات الطائفيّة، وتحجيم دور القوى المعارضة في المؤسّسة التشريعيّة، وإضعاف شوكتها في المجتمع المدنيّ والإعلام وإبعادها عن دوائر التأثير في مؤسّسات السلطة التنفيذيّة، والتغيير الديموغرافيّ للحصول على أكثريّة موالية للسلطة.
الأثر الاجتماعيّ للتجنيس السياسيّ
الكاتب في صحيفة (أخبار الخليج) المقرّبة من رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، محميد المحميد، كتب عن المشاكل التي يسبّبها الوافدون المجنّسون «في البحرين في كلّ مرّة نتابع ونقرأ ونشاهد حكايات عن حوادث اعتداء وعراك وهوشات بسبب وافدين عرب أو حديثي الجنسيّة من دول الشام أو جنوب شبه الجزيرة العربيّة، وتكون تفاصيل تلك الحوادث مروعة وغير مألوفة على الشارع البحرينيّ، لدرجة أنّ البعض يلوم الدولة على تجنيس مثل هذه الفئات، ويصبّ جام غضبه عليها، ناهيك عن موضوع الإسكان والخدمات العامة وغيرها».
وأضاف «إنّ الأمر الذي يجب أن نتوقّف عنده وأن نتدارس ظاهرته، هو زيادة حالة الاستياء من أهل البحرين المخلصين من فئات عربيّة تمّ منحها شرف الجنسيّة، وتمارس أفعالاً وتجاوزات واستفزازات وحالات عنف، بات من اللازم دراستها وفرض القانون الحازم معها ولو بسحب الجنسية وفق القانون، كي لا تتفشى الظاهرة في المستقبل وتهدّد المجتمع أكثر».
وشهد شاهد من أهل بيت الحكم، بأنّ المشروع الكارثيّ بالتجنيس السياسيّ تسبّب في تشطير المجتمع، وخلق حالة من عدم الاستقرار فيه، والأسوأ أنّه ولّد حالة هجينة مطواعة ومدجّنة، لطائفة ثالثة من المواطنين، في ظلّ تآكل حقوق المواطن وقضمها ونهشها، وهو الذي يعاني أنواعًا من الإذلال في مواطنيّته.
الأثر الأمنيّ للتجنيس السياسيّ
تحوّل التجنيس السياسيّ في البحرين من كونه مشروعًا إلى واقع سياسيّ أسس لتهديد السلم الأهليّ وزعزعة الاستقرار في البلاد، حيث تعمد السلطات الخليفية إلى توقيع اتفاقيّات أمنيّة مع بعض الدول المجاورة لها؛ لاستيفاد مجموعات من مواطنيها مقابل تجنيسهم، ودمجهم في أجهزة الأمن والوظائف السياديّة، وهو ما يضمن من هؤلاء الموظفين الولاء المطلق للنظام، وتنفيذ الأوامر بالتعذيب والإرهاب مقابل امتيازات ماليّة ضخمة، وتمتّعهم بالمواطنة الكاملة.
في إحدى الندوات حول التجنيس السياسيّ في البحرين والأثر الأمنيّ في البلاد، ذكر أمين عام جمعيّة الوفاق الشيخ علي سلمان (المعتقل) «أنّ منطقة عسكر كانت من المناطق الآمنة التي ينعم أهلها بالأمن، ولم تكن بحاجة إلى توفير قوّات الأمن لها، حيث إنّ أهلها الطيّبين المشتغلين في البحر غالبيّتهم عاشوا وترعرعوا على قيم إسلاميّة أصيلة، متحابين في ما بينهم إلى أن وقعت جريمة التجنيس السياسيّ وسُكّن المجنّسون في هذه المنطقة، فانقلبت من منطقة آمنة إلى منطقة معدومة الأمن بسبب هؤلاء المجنّسين فأصبح أبناء هذه المنطقة الأصليون لا يأمنون على أموالهم وأعراضهم بسبب هؤلاء المجنسين حتى أصبحت هذه المنطقة لا تستطيع أن تخرج فيها امرأة بعد الساعة السابعة بسبب تسكع هؤلاء المجنسين في الشوارع».
لذا، فإنّ الواقع يقول بأنّ من استقدم عمدًا إلى البحرين، ومنح الجنسيّة لأداء أدوار تتنافى مع القانون والأخلاقيّات، لن يتحول إلى مواطن صالح يدافع عن متطلّبات المواطنة الحقّة، والدلائل واضحة في الممارسات التي قام بها هؤلاء المجنّسون بحقّ أبناء الشعب في غياهب المعتقلات وغرف التحقيق، وكيف كانوا يمعنون في التعذيب والانتهاكات أثناء مداهمة بيوت المواطنين وقمع المسيرات السلميّة.
الأثر الاقتصاديّ للتجنيس السياسيّ
هناك عدم تنوع في موارد الميزانية العامة للدولة، حتى أصبحت الدولة تستجدي من دول الجوار لتحديث البنية التحتية، من إنشاء طرق وجسور وأنفاق وإنشاء الخدمات الأسكانية وتطوير الخدمات الصحية والخدمات التعليمية، وكل هذه الخدمات باتت تتأثر سلباً جراء التجنيس السياسي، وذهاب النظام في الخيار الأمني، حتى أصبحت ميزانية الأمن تستهلك الجزء الأكبر من الميزانية العامة. فعملية التجنيس تستنزف من المال العام الكثير بما انعكس سلباً على الأداء وتطور البحرين على مستوى التعليم والصحة وغيرها مما دفعها لإستجاء دول الجوار من أجل سد النواقص.
كما تعاني البحرين من كثافة سكانية عالية وأرض محدودة وموارد محدودة، يجعل من موضوع التجنيس السياسي خيار كارثي على اقتصاد البلد، ويؤثر على مستوى ونوع الخدمات.
الفريق المتابع لملف التجنيس بجمعيّة الوفاق (المغلقة) أكّد أنّ كلفة التجنيس السياسي الكارثيّ في البحرين تزيد على 20% من ميزانيّة البحرين وأنّ إلغاء هذا المشروع غير الوطنيّ ومعالجة كلّ تداعياته يشكّلان حلًّا أوليًّا لتجاوز الفشل الاقتصاديّ وأزماته، وإبعاد البحرين عن شبح الإفلاس والتدهور المعيشيّ الذي تنذر به سياسات السلطة.
فتكلفة التجنيس وتبعاته الماليّة الاقتصاديّة والمعيشيّة التي تقدّر بمئات الملايين سنويًّا، يمكن أن تتحوّل لصالح الوطن وأهله بدلًا من زيادة الأعباء والضغوط والتهديدات له ولمعيشته، وأخطار الأوضاع الاقتصاديّة التي تمرّ بها البحرين والمنطقة؛ جرّاء غياب الرؤية السليمة لدى الحكومة وانعدام الشفافية، هي أخطار تتضاعف بوجود التجنيس السياسيّ الذي يأكل خيرات البحرين، ويزيد من تعقيدات واقعها الاقتصاديّ والأمنيّ والاجتماعيّ.
وأشارت تقارير عديدة إلى أنّ أهمّ الآثار التي ترتّبت على عمليّات التجنيس السياسيّ، هي انتشار البطالة بين صفوف أبناء المجتمع، وإقصاء أبناء البحرين الأصليّين ولا سيّما الشيعة منهم بالتحديد من التوظيف الحكوميّ، وخاصة سلكي الجيش والشرطة، إضافة إلى التأثير الواضح في الخدمات وإضعافها بشكل خطر، وخاصة في قطاعات الصحة والإسكان والتعليم.
وأدّت عمليّات التجنيس التي تكلّف ميزانيّة الدولة أموالًا طائلة، إلى انخفاض في دخل الفرد البحرانيّ بسبب الضغط الهائل، واستقدام الأعداد المتزايدة من الغرباء المجنّسين وإعطائهم كلّ الحوافز والامتيازات لقاء ولائهم للنظام.
إلحاق الضرر بدول الجوار
صرّح وزير الداخلية الخليفي راشد بن عبدالله آل خليفة بتاريخ 10 يناير 2018 إن وزير الداخلية السعودي عبدالعزيز بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود بحث معه موضوع منافسة عدد ممن يحملون جوازات بحرينية لأصحاب الأعمال بالمملكة العربية السعودية، مستغلين في ذلك التسهيلات التي تقدم لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، مما أدى إلى إلحاق الضرر بمصالح المواطنين السعوديين. وكان مواطنون في بلاد الحرمين قد أشاروا إلى أن الأشخاص الذين تجنسهم البحرين يستفيدون من الجنسية الخليجية في مزاحمة السعوديين في سوق العمل، وعبروا عن غضبهم من التجنيس السياسي في البحرين؛ مشيرين إلى أن المجنسين في البحرين يستفيدون من معاملتهم كخليجيين في سوق العمل السعودية، وتحت وسم #البحرين_تجنس_على_حساب_بطالتنا انتقد مغردون في بلاد الحرمين السياسة الخليفية في منح الجنسية للأجانب داعين سلطات بلادهم إلى فرض قيود على البحرانيين.
الانتخابات والتجنيس السياسيّ
حاول النظام الخليفي من خلال عمليّات التجنيس المتزايدة والعشوائيّة أن يجلب شعبًا بديلًا مواليًا له بديلًا عن الشعب الأصيل، وعمل على تغيير التركيبة الديموغرافيّة للسكّان، وزيادة عدد المقترعين لصالح لوائحه والتأثير في نتائج الانتخابات، وإعطاء صورة أنّ نسبة الاقتراع تتزايد وأنّ الانتخابات في البحرين ديمقراطيّة وتشهد نسب إقبال واسعة، لإيهام العالم أنّ الأكثريّة في البحرين هي معه، وتقف إلى جانبه وأن الأصوات المقاطعة للانتخابات والمعارضة له ليست سوى أقليّة لا يعتدّ بها.
الكاتب في صحيفة «الرأي اليوم» خالد الجيوسي كتب أنّ النظام البحرينيّ حاول جاهدًا إظهار نزاهة انتخاباته والإقبال الكثيف على صناديقه، وبرّر قلّة أعداد الناخبين في بعض الدوائر بعدم شعورهم بالأمان خوفًا من هجمات محتملة مفتعلة، وانتقالهم لغيرها الآمن، في المقابل أظهرت بعض الفيديوهات والصور المتداولة مشاركة المقيمين من حاملي الجنسيّة الهنديّة والباكستانيّة في الاقتراع البحرينيّ، الذي يذكّرنا بأقاويل تؤكّد تعمّد النظام الخليفي منح جنسيّته للمقيمين الأجانب من باب زيادة الكثافة السكانيّة المؤيدة له أو المستفيدة منه، فتلتف حوله وتدعم ركائز حكمه ووجوده، ما دفع ببعض المعارضين إلى السخرية وتوجيه شكرهم ومباركتهم إلى الدول المشاركة باقتراع انتخابات بلادهم. وأضاف أنّه كان على الحكومة الخليفية حتى وإن خالفت نيّاتها أن تكون أكثر وعيًا وصراحة وشفافية، فيما يتعلّق بمسير الانتخابات وضعف الإقبال عليها، فذلك الواقع الضعيف يكسبها مصداقيّة أكثر من إنكاره والعمل على تلميعه وإثرائه بالمبالغات العدديّة المشهديّة التصويريّة الهزيلة.
ومن خلال هذه المعطيات، يتبين أنّ مشروع التجنيس قائم على هزّ المجتمع السياسيّ البحرانيّ وتفكيكه على المدى المستقبليّ، وأنّه ينبني على استقدام كتل بشريّة تحمي احتكاريّة السلطة وتشتّت اتجاهات الفعل الشعبيّ المعارض.
مشاهد المجنّسين المتوافدين إلى صناديق الاقتراع استفزّت كلّ المتابعين في البحرين وخارجها، ووصف النائب السابق في البرلمان اللبنانيّ ناصر قنديل عمليّات التجنيس بأنّها «أسرلة» تشبيهًا بما ارتكبه العدوّ الإسرائيليّ من استقدام اليهود إلى فلسطين المحتلّة، ليحلّوا محلّ سكّانها الأصليّين، ورأى أنّ السلطات الخليفية تكرّر تطبيق النموذج البريطانيّ الذي طبّق في دولة جنوب أفريقيا ذات الغالبيّة السمراء، وذلك باستجلاب البيض إلى هذا البلد ليصبحوا الأكثريّة، من أجل صناديق الاقتراع، وأنّ ما يجري في البحرين هو استعمار استيطانيّ وفق معايير الأمم المتحدة.
البحرين شهدت خمس انتخابات تشريعيّة ( 2002، 2006، 2010، تكميليّة 2011، وأخيرًا 2014)، كان في جلّها وجود لأعداد من المجنّسين، ولكن في انتخابات 2014 كان الأمر واضحًا جدًّا، بل لعبت الحكومة على المكشوف بورقة المجنّسين حديثًا ودون مواربة، ودافعت وبقوّة عن حقّ كلّ مجنّس حتى لو كان حديثًا في المشاركة بالانتخابات ووفقًا للقانون كما تقول.
التجنيس السياسيّ وإسقاط الجنسيّة
بموازاة عملها الحثيث على سياسة التجنيس السياسيّ بهدف التغيير الديموغرافيّ وتبديل الأكثريّة الشعبيّة بأقليّة، ولتغيير الواقع السياسيّ في البلاد، عمدت السلطات الخليفية إلى اعتماد سياسة لا تقلّ خطرًا عن التجنيس، وهي إسقاط الجنسيّة عن المعارضين والنشطاء، وحتى عن بعض رجال السياسة والنوّاب السابقين، في خطوة تعدّ شديدة الخطورة وتسهم بشكل أكبر في عمليّة تبديل الشعب من معارض إلى موال، وهذا ما عدّته كلّ المواثيق والعهود الدوليّة عملًا يمسّ بالحريّة الشخصيّة للفرد.
فإسقاط الجنسيّة عن المواطنين يعدّ خرقًا واضحًا لقواعد القانون الدوليّ، وانتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان الأساسيّة. وتنصّ المادة الثانية من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان على أنّ لكلّ فرد حقّ التمتّع بالحقوق كافة والحريّات الواردة في هذا الإعلان، من دون أيّ تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسيّ وغير السياسيّ، أو الأصل الوطنيّ أو الاجتماعيّ أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر، ولا يجوز التمييز على أساس الوضع السياسيّ أو القانونيّ أو الدوليّ للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص.
وتقول المادة 15 من الإعلان أنّ لكلّ فرد حقّ التمتّع بجنسيّة ما، ولا يجوز حرمان شخص جنسيّته تعسّفًا أو إنكار حقّه في تغييرها.
وعلى الرغم من هذا، فقد استخدم النظام الخليفي إسقاط الجنسيّة لمعاقبة المعارضين ومنهم علماء الدين الشيعة، لوقوفهم مع المطالب الإصلاحيّة التي طالب بها المواطنون في حراكهم الشعبيّ الذي انطلق في فبراير 2011، ووصلت أعداد المسقطة جنسيّاتهم منذ هذا الوقت إلى المئات، لتشمل أيضًا ومن دون أيّ رادع الرمز الشيعيّ الأبرز آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم.
التجنيس.. والإبادة الجماعيّة
يعني مصطلح «الجينوسايد»، القتل الجماعيّ أو الإبادة الجماعيّة لشعب أو أقليّة أو طائفة ما، وقلعها من جذورها من مختلف النواحي، كما أنّها تعني القتل والتطهير العرقيّ والفناء الجماعيّ. وهو أيضًا التدمير المتعمّد للجماعات القوميّة أو العرقيّة أو الدينيّة أو الإثنيّة. وارتكاب هذه الأفعال يقع من خلال صور متعدّدة سواء أكانت الجريمة بصورة مباشرة أم عبر التحريض عليها أم بالتآمر على ارتكابها، وسواء أكان ذلك أثناء الحرب أم السلم. وقد نصّت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعيّة الصادرة عام 1946 على أنّ الإبادة تتحقّق بحدوث هذه الأفعال:
• قتل أعضاء من الجماعة.
• إلحاق أذى جسديّ أو روحيّ خطير بأعضاء من الجماعة.
• إخضاع الجماعة عمدًا لظروف معيشيّة يراد بها تدميرها الماديّ كليًّا أو جزئيًّا.
• فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
• نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
وإذا أردنا أن نغوص قليلًا في بنود هذه الاتفاقيّة، ولمقارنتها مع الواقع الحاصل في البحرين، فسنجد أنّ النظام الخليفي، وعبر سنوات طويلة، وبالتحديد منذ انطلاق الحراك الثوريّ عام 2011، عمد إلى قتل الكثير من المواطنين المعارضين الذين عبّروا عن مواقفهم الرافضة سياسته، ولجأ إلى إلحاق الأذى الجسديّ والمعنويّ الخطير بالآلاف من المواطنين، ومارس سياسة القمع والاضطهاد بحقّ الغالبيّة العظمى من الشعب البحرانيّ، وفي هذا تجسيد واضح لبنود الاتفاقيّة التي تشرح معيار الإبادة الجماعيّة وتحدّده.
وكذلك استخدم النظام كلّ الوسائل الاستبداديّة من أجل إخضاع الشعب، مضيّقًا عليه في كلّ المجالات سواء الأمنيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة وحتى السياسيّة، ومن خلال فرض القيود الخانقة وطرد الموظفين من أعمالهم وحرمانهم الوظائف الأساسيّة في الدولة، ولا سيّما في الجيش والشرطة، وكذلك سياسة الاعتقال والتعذيب الوحشيّ والمداهمات الدائمة، ما أخضع البحرينيّين لظروف معيشيّة متعمدة، الهدف منها التدمير عبر الزمن وعدم السماح لهم بالتطوّر أو النمو أو حتى العيش في ظروف طبيعيّة تؤمن لهم استمراريّة البقاء.
وكان السلاح الاقتصاديّ من الأساليب الأساسيّة التي اتبعها النظام في التضييق على الشعب وخنقه، مانحًا كلّ الامتيازات للموالين له مع حرمان الأغلبيّة أيًّا منها. وفي الحالة الطبيعيّة، يكون التضييق الاقتصاديّ على شعب ما، بحد ذاته وسيلة من أجل تشجيع الأسر على عدم الإنجاب تحت ضغط الوضع الاقتصاديّ السيّئ، وبالتأكيد لا يمكن تبرئة النظام من مثل هذه الأعمال، نظرًا إلى التاريخ الأسود له في مختلف مجالات انتهاك حقوق الإنسان.
وكان المساعد السياسيّ لأمين عام جمعية الوفاق (المغلقة) خليل المرزوق قد قال إنّه في الأعراف الدوليّة، عندما يكون التجنيس بهذه الوتيرة، فإنّ الحديث يدور عن إبادة جماعيّة للسكّان الأصليّين، ولا نقول بأنّ السكّان الأصليّين فقط شيعة، إنّما شيعة وسنّة. ومخطئ من يعتقد، بعنوان طائفيّ، بأنّ التجنيس يفيد طائفته فهو يحول البحرين من دولة مواطنة إلى دولة طائفيّة، ومن يعتقد بأن التجنيس يضيف له في الحسابات السياسيّة فهو واهم ومخطئ؛ لأنّ الحسابات السياسيّة تقول إنّ التحوّلات السياسيّة والإقليميّة تقول بأن هؤلاء سينافسون البحرانيّين، وسيكون لهذا تداعيات بصورة أكبر في المستقبل، إذًا لا العمليّة السياسيّة ستكون مفيدة ولا عمليّة التجنيس نفسها.
تصريحات وتقارير خبرية منوعة (المصدر: موقع “البحرين اليوم”)
- الشيخ علي سلمان: التجنيس يهدف للتغيير السكاني
قال أمين عام جمعية الوفاق المعتقل الشيخ علي سلمان، بأن عملية “توزيع الجنسية” الجارية في البحرين تتم خارج إطار “النص القانوني”، وأن منْ يتم منحهم الجنسية “بطريقة استثنائية” يبغ بالمئات والآلاف.
وأكّد الشيخ علي سلمان في خطبة الصلاة اليوم الجمعة، 22 أغسطس 2014، بأنّ التجنيس الجاري “يهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية في البحرين، ويهدف إلى مغالبة السكان الأصليين والعمل على استمرار قهرهم وإضعافهم”.
وأشار إلى أن النسبة الأكبر من المجنسين “يعملون في الأجهزة الأمنية”، وأن وظيفتهم هي “ممارسة القمع تجاه المواطنين”.
وأوضح أن عملية التجنيس لا تُدار في إدارة الهجرة والجوازات، وإنما “في مكان آخر أوصى به تقرير البندر”، في إشارة إلى الديوان الملكي. واستنكر الشيخ علي سلمان استقواء النظام بالمجنيس في قمع المواطنين، وقال بأنه لا يوجد بلد آخر يفعل ذلك غير “الكيان الصهيوني”.
ومن جانب آخر، استهجن الشيخ علي سلمان إقدام النظام على سلب الجنسية من مواطنين تعود جذورهم “لأكثر من 4000 سنة”، وقبل أن تتعاقب على البلاد الأنظمة المختلفة.
ورأى أمين عام الوفاق بأن التجنيس السياسي الذي يُمارسه النظام يحمل رسالتين، فالنظام يريد إبلاغ المواطنين، سنة وشيعة، بأنه لا يثق بهم، وأن النظام يريد استبدال شعب بآخر.
- تقرير للوكالة الألمانية: البحرين أكثر الدول العربية مشاركةً بالمجنسين في أولمبياد ريو
أفاد تقرير لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.) بأن الفريق الخليفي الرسمي في أولمبياد ريو 2016؛ كان من “أكثر الدول العربية المشاركة ضمّا للاعبين مجنسين، وهم 6 عدائيين إثيوبيين، و5 كينيين، و3 من أصل نيجيري ومغربي”. وقد حصلت البحرين على ميداليتين واحده ذهبية والثانية فضية، وكلتاهما لعدائتين كينيتي الأصل.
وقد جدد مدونون وناشطون بحرانيون الاثنين، 22 أغسطس 2016، التعبير عن استيائهم من السياسة الخليفية في التجنيس الرياضي وذلك بعد نشر فيديو لإحدى المشاركات الكينيات باسم البحرين وهي تُستقبل بحفاوة في مطار كينيا.
وأشار التقرير الألماني إلى غياب التخطيط في البلدان العربية في المسابقات الرياضية، مستدلا على ذلك بلجوء بعضها “وخاصة من دول الخليج إلى سياسية التجنيس، والحصول على أبطال جاهزين مقابل المال”.
وقال الدكتور حسن مصطفى، رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد، في تصريحات خاصة إلى وكالة الأنباء الألمانية؛ إنه يرى أن المشكلة لدى الرياضة العربية ليست مالية “لأن الدول العربية في مجملها لا تعاني من مشاكل مالية، فيما تعانيها بلدان أخرى تغلبت على هذه المشكلة وحصدت رصيدا أفضل من الميداليات. وأوضح: “المنطقة العربية لديها كم كبير من المواهب الرياضية والإمكانيات كما سنحت لها الفرصة لاستقدام المدربين والخبرات الأجنبية من كل أنحاء العالم. ولهذا، أرى أن مشكلتنا الأساسية تتعلق بالتخطيط والالتزام بتنفيذ هذه الخطط والتعاون سويا لتبادل الخبرات والإمكانيات”.
وإضافة للنظام الخليفي في البحرين، فقد لجأت قطر أيضا لسياسة التجنيس الرياضي، وقد أُطلق على بعثة قطر في هذه الأولمبياد “منتخب العالم” لما تضمنه من كوكبة من اللاعبين المجنسين، حيث تضم البعثة 38 رياضيا يشاركون في 10 ألعاب، أولها ألعاب القوى والتي يشارك فيها 9 رياضيين.
وقال التقرير “أن هؤلاء اللاعبين لم يحققوا إنجازات تذكر، وصرحت قطر بأنها تنوي سحب الجنسية من اللاعبين الذي فشلوا في الحصول على ميداليات وإعادتهم إلى بلادهم مرة أخرى. فيما كانت ميدالية قطر الوحيدة في أولمبياد ريو وهي ميدالية فضية من إحراز معتز برشم وهو لاعب سوداني الأصل”.
- ابنة نواز شريف.. تنشر صورة لباكستانيين في البحرين يقبلون صورة شريف وخلفهم علم البحرين
نشرت ابنة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف صورا على حسابها في موقع “تويتر” تُظهر عددا من الباكستانيين المتواجدين في البحرين وهو يحملون صورة لشريف وخلفهم علم البحرين، ما أثار استياء نشطاء بحرانيين ذكروا بمشكلة “التجنيس في البلاد وازدواجية الولاء الوطني للمجنسين”.
وقالت مريم نواز شريف، التي تُعرّف نفسها بأنها ناشطة سياسية وتعمل في الجامعة، بأن “باكستانيين مغتربين في البحرين يرفعون صور شريف، ويرسلون حبهم له”، من غير أن تكشف عن طبيعة عملهم، أو ما إذا كانوا مجنسين أم لا.
وقد كشفت أرقام سابقة نشرتها الصحافة المحلية في البحرين بأن هناك ما يزيد على ١٠٠ آلف باكستاني في البحرين، وأغلبهم يعملون في الأجهزة الأمنية والعسكرية ويشاركون في قمع التظاهرات الشعبية وتعذيب السجناء البحرانيين، في حين كشف السفير الباكستاني في تصريحات سابقة بأن أكثر من ٣٠ ألف باكستاني تم تجنيسهم في البحرين، ودعاهم في ديسمبر من العام ٢٠١٤م إلى الإسراع في تسليم جنسياتهم إلى السفارة لأنّ إسلام آباد لا تسمح بازدواجية الجنسية، كما كشف السفير بأن هناك قرابة ٥٠٠٠ باكستاني ينتظر دوره للحصول على الجنسية في البحرين.
وتقيم باكستان علاقات أمنية وتجارية وثيقة مع النظام الخليفي، واعتاد الخليفيون، وبينهم الحاكم الخليفي حمد عيسى الخليفة، على زيارة إسلام آباد والتوقيع معها على معاهدات متبادلة، تشمل ملفات عسكرية وأمنية، إضافة إلى موضوعات لها صلة بالجانب الخدماتي الذي يخص الباكستانيين المقيمين في البحرين والمجنسين منهم على وجه الخصوص.
ووردت العديد من أسماء المرتزقة الباكستانيين في إفادات السجناء البحرانيين الذين تعرضوا لانتهاكات واسعة داخل السجن على أيدي هؤلاء المرتزقة، وذكرت تقارير بأنهم في الغالب يأتون من مناطق معروفة بتشددها الطائفي وتنتمي إلى جماعات تكفيرية موالية لآل سعود والمذهب الوهابي الذي يقول باحثون بأنه يمثل “حاضنة أيديولوجية لعقيدة داعش”.
- الباحثة “جيون شو”: آل خليفة قوة استعمارية استيطانية مشابهة للصهيونية
عرضت الباحثة “جيون شو” وجهة نظرها حول الصراع القائم في البحرين بين الشعب ونظام عائلة آل خليفة الحاكم.
وقالت شو لدى إلقائها لكلمة في مؤتمر نصرة الشعب البحراني بشهر فبراير 2017 ” إن التوترات السياسية والإجتماعية في البحرين ليست طائفية بين الغالبية الشيعية وبين عائلة آل خليفة السنية ولكنها بين عائلة محتلة وبين أهل البلد الاصليين”.
وأشارت في هذا الصدد إلى سياسات الإستعمار الإستيطاني التي قامت عليها اسرائيل والمشابهة لسياسات آل خليفة في حكم البحرين.
وأوضحت أن سياسات الإستعمار الإستيطاني تقوم على أساس قيام مجموعة بالتحرك من أجل احتلال الأرض وبناء مجتمعها الخاص بها مثل ما حصل في البحرين عندما احتل آل خليفة البلاد قبل قرنين من الزمن، وكما حصل عندما قدم اليهود الى فلسطين.
وبيّنت أن هذه المجاميع التي تسعى للإحتلال والسيطرة “تصدم بعقبة اهل البلد الأصليين وحينها تلجأ إلى تصفيتهم جسديا ورمزيا وذلك عبر قتلهم وتهجيرهم وكذلك عبر إزالة تراثهم الثقافي من مساجد وغيرها”، لكنها أوضحت بأن ذلك “غير ممكن إذ من المستحيل القضاء على شعب”، واستطردت ” وحينها تأتي تلك المجاميع بمرتزقة لها من الخارج يضحون من أجلها ويقمعون أهل البلد”.
الباحثة أشارت إلى أن الخطوة الأخرى لتعزيز القدرة تتمثل بسياسات التغيير الديمغرافي وعبر استيراد أفراد من مجتمعات تجمعها بها قواسم مشتركة كان تكون قبلية او قومية أو طائفية. وهو ما يحصل في البحرين عبر عمليات التجنيس التي أحدثت تغييرا ديمغرافيا “ملموسا” منذ العام 2000.
وحذّرت الباحثة من مخاطر التجنيس على مستقبل البحرين.
وأوضحت بأن مثل هذه القوى الإستيطانية لا تسمح للسكان الأصليين بحمل السلاح لأنها تخشى الإنتقام في أي لحظة.
وأخيرا أكّدت الباحثة على أنها لمست تشابها بين مطالب الفلسطيين في الأراضي المحتلة التي زارتها وبين مطالب الشعب البحراني التي لمستها خلال زيارتها للبحرين.
- حركة أحرار البحرين: تحالف الخليفيين مع “داعش” تهديد للوجود السني في البحرين
قالت حركة أحرار البحرين الإسلامية في بيان بتاريخ 22 أغسطس 2014 بأن دخول “تحالف السعودية وإسرائيل وبعض الدول الغربية لتحويل تنظيم القاعدة إلى الطائفية” أدى إلى أن يزيدها “عنفا ودموية وسادية”، وقالت الحركة في بيان اليوم الجمعة، 22 أغسطس، بأنّ الغربيين ودول النفط الخليجية ساهموا في “تغذية الإرهاب الطائفي، ظناً (…) أن هذا المنحى سيجعلها أقل استهدافا للمصالح الغربية والأنظمة الاستبدادية”، وأكدت الحركة فشل هذه السياسة.
وقالت الحركة في بيانها بأن الجهات الغربية معنية بإعادة النظر في 3 أمور جوهرية، وهي الحرب ضد الإرهاب التي شنها الغربيون ضد القاعدة بعد أحداث 11 سبتمبر، وسياسة تحويل مسار القاعدة باتجاه الطائفية وما نتج عن ذلك من دماء غزيرة، والسياسة الغربية تجاه أنظمة الاستبداد في الخليج.
حقائق 3 أمام الغرب
وأشار البيان إلى أن هناك حقائق أضحى على الغرب أن يعيها، وتتعلق بالمشروع الطائفي الذي استنفذ أغراضه، وانقضاض أنظمة الاستبداد على حلم الديمقراطية الذي نادت به الثورات العربية وتحول هذه الثورات إلى فوضى وحرف مسار الإصلاح الديمقراطي، وكذلك حقيقة أنّ الوعي الجماهيري بدأ يبلور فهما جديدا لحفظ الثورة من التحريف والطأفنة.
الخليفيون والمشروع الطائفي والتجنيس
وفي سياق آخر، أضاف البيان بأنّ “السعودية دخلت على خط القاعدة” بغرض إشعال المشروع الطائفي، مؤكدا أن النظام الخليفي استحسن هذه الفكر، وارتبط بالمشروع الطائفي منذ البدء. ونقل البيان أن وزير ديوان (الملك) حمد عيسى الخليفة معروف بطائفيته منذ 20 عاما، “وكتب قصائده التي يمكن اعتبارها بلغة اليوم ترويجا للإرهاب وتهديدا به”، وقال بيان الحركة بأنه منذ تعيين هذا الوزير “دخلت البحرين مرحلة طائفية غير مسبوقة”، وذلك بهدف “تفكيك الوحدة الوطنية”.
واعتبرت الحركة أن التجنيس السياسي تجسيد لمشروع آل خليفة في “استقدام شعب أجنبي ليحل محل السكان الأصليين، الشيعة والسنة”. ويسلط البيان على مرحلة ما بعد انطلاق الثورة البحرانية، حيث استقدم الخليفيون “قوات الاحتلال السعودية أولا، ثم تحالفوا مع أشد الاتجاهات السنية تطرفا”، وهو ما هيأ الأرضية لارتفاع رايات “داعش” في البلاد، في محاولة لاستدراج المواطنين السنة “لمشروع طائفي متطرف لا يفيدهم في شيء”.
وقال البيان بأنّ الترويج لتنظيم داعش يعني استبدال للمجموعات الإسلامية التي استعان بها النظام الخليفي سابقا، وما يفترض على رموز التيار الديني السني في البحرين، بحسب البيان، الوعي بأن تحالف الحاكم الخليفي مع التيار الداعشي هو “تهديد خطير” لوجودهم، ما يدعوهم لتقوية العلاقات مع بقية المواطنين، والانعزال عن النظام الخليفي، وتأمّلت الحركة أن تكون ذكرى الاستقلال وحلّ المجلس الوطني في 25 أغسطس “فرصة لعلماء المواطنين السنة ومفكريهم لإعادة النظر في الوضع البحراني، والانحياز للثورة التي بقيت وحدها، من بين الثورات العربية، نقية صافية متواصلة وصادقة مع نفسها وجماهيرها”.
- نبيل رجب: الإنجاب ضروري للحفاظ على نسيج البلاد
أعرب نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان عن تأييده للدعوة التي أطلقها الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق والتي دعا عبرها البحرانيين الى زيادة الإنجاب لمواجهة مشروع آل خليفة لتغيير التركيبة الديمغرافية للبلاد، عبر عمليات التجنيس السياسي لعشرات الآلاف من الأجانب من آسيويين وغيرهم.
وقال رجب في تغريدة له على حسابه في تويتر إن “دعوة الإنجاب التي أطلقها الشيخ على سلمان ستكون شاذة لو كانت الأوضاع طبيعية، لكن نكبة التجنيس جعلت منها ضرورية للحفاظ على نسيج البلاد وكيانه”. ويذكر أن سلطات آل خليفة وضعت مخططا لتحويل البحرانيين إلى أقلية في بلادهم، وهو المخطط الذي كشف عنه صلاح البندر مستشار الديوان الملكي السابق في تقريره الشهير.
وكان الشيخ علي سلمان حذر من مخاطر التجنيس على هوية البلاد ونسيجها الإجتماعي داعيا إلى إحباط مخططات السلطة في هذا الصدد وذلك عبر زيادة الإنجاب، وهي الدعوة التي لاقت ردود فعل متفاوتة بين المواطنين البحرايين. فالبعض اعتبرها دعوة غير واقعية بسبب الظروف المعيشية السيئة التي يمر بها المواطنون بسبب استئثار عائلة آل خليفة والمجنسين بموارد البلاد وإمكانياتها ومع تفاقم أزمة السكن في البلاد. فيما اعتبر البعض الآخر أن هذه الدعوة تشجع على تعدد الزوجات.
- صلاح البندر: لا حلول سياسية في البحرين و”ولي العهد” سيحول البحرانيين إلى أقلية بحلول 2030
قال الدكتور صلاح البندر خلال كلمة ألقاها بتاريخ 22 فبراير 2014 في العاصمة البريطانية لندن بحضور حشد من الجالية البحرانية؛ أن كل من يراهن على إصلاح النظام الحاكم في البحرين “يعيش في وهم”، مؤكدا أن سلمان حمد الخليفة ولي عهد حاكم البحرين هو المؤسس لمشروع أسماه بـ”مخطط البحرين الهيكلي”. وبحسب البندر، فإن هذا المخطط “السيادي” يهدف إلى تقليص نسبة البحرانيين إلى 30% بحلول عام 2030.
وأشار البندر بأن انعكاس الوضع الاقليمي على الأزمة في البحرين هو مجرد “وهم”، مشددا على عدم امكانية الوصول إلى حل سياسي عن طريق “الحوار”، وأن كل ما هو مطروح اليوم هو عملية “خداع سياسي”، معللا ذلك بأن مرحلة “التخطيط” قد تمت وأن المشروع دخل مرحلة التنفيذ.
وأبدى البندر أسفه العميق لعدم إعطاء المعارضة السياسية في البحرين الأهمية الكافية لملف التجنيس، معربا تمنيه أن يكون هذا الملف هو البند الأول في “وثيقة المنامة” التي حددت سقف مطالب المعارضة السياسية، مستدركا “مع احترامي للجمعيات ووثيقة المنامة إلا أن بنودها ستبقى في الادمغة ولن ينفذ النظام حرف منها. أطلبوا ما شئتم وسيفعل حمد ما يشاء”.
وكشف البندر أنه قام بتسليم التقرير الى أحد الصحفيين، الذي قام بدوره بتسليمه إلى القيادات السياسية في المعارضة، مشيرا إلى أن المعارضة تكتمت على التقرير لمدة شهر كامل بسبب انشغالها بالحملات الانتخابية في ذلك الوقت، فتم تسليم التقرير للحقوقي نبيل رجب، الذي قام بنشره في غضون 24 ساعة.
واقترح الدكتور صلاح تشكيل لجنة دولية خاصة للنظر في هذه قضية التجنيس، لافتا إلى أن هناك ديناميكية واضحة لإخفاء مظاهر التشيع في البحرين. كما فنّد مزاعم وجود ما يعرف بـ”جناح الحمائم” و “جناح الصقور”، مؤكدا أن رموز النظام يلعبون أدوارا مختلفة ولكنها متكاملة. وأشار إلى علاقته الشخصية بولي عهد النظام حين كان يقدم الماجستير في جامعة (كيمبرج) بالقول “أعرفه شخصيا، والحديث عن جناحه المعتدل وهم”.
البندر أكد أنه تم بالفعل تجنيس (٣٦٠ ألف) شخص من أصل (٩٣ ألف) أسرة، قوام كل أسرة من (٣ الي ٧ افراد)، موضحا أنه حسب المخطط الهيكلي سيكون سكان البحرين (٢ مليون) ونسبة الشيعة لن تتجاوز (٣٠٪) بحلول عام٢٠٣٠.
وكشف البندر خلال كلمته التي استغرقت أكثر من ساعة عن المخطط “الهيكلي لمستقبل البحرين” والذي وصفه بـالمخطط “السيادي” الذي لا يعرفه إلا الديوان الملكي، مؤكدا أن هذا المخطط سيحول مناطق البحرين المختلفة إلى “مستوطنات”.
كما كشف أن ولي عهد حاكم البحرين سلمان حمد الخليفة والذي تراهن عليه القوى السياسية في التوصل إلى حل “للأزمة” هو الذي يشرف على هذا المخطط شخصيا، وأن الشركة التي أعدت المخطط هي نفسها الشركة الصهيونية التي قامت بناء مطار “بن غوريون” في “تل أبيب” وشاركت في هندسة المستوطنات في الضفة الغربية.
واقترح الدكتور البندر إنشاء لجنة للتعرف على هذا “المخطط الهيكلي السري السيادي” وأن يضاف هذا الطلب إلى وثيقة المنامة، معللا ذلك بوجود مجلدات ضخمة موجود في الديوان الملكي تحوي تفاصيل “مؤامرة كبرى على شعب البحرين الاصلي” وأن “آل خليفة سيحولون البحرين الى مستوطنات مثل تلك التي أنشأتها (إسرائيل) في الضفة”.
ودعا البندر المعارضة البحرانية الى التظاهر أمام بلدية لندن، وحث المعارضة على الاستعداد لتنظيم برامج وفعاليات في التاسع من أغسطس القادم، الذي يصادف اليوم العالمي للسكان الأصليين، وطرح ملف التجنيس بقوة في هذا اليوم. وقال أن هذا اليوم مناسب لأن يتحد شعب البحرين سنة وشيعة كسكان أصليين لمناهضة التجنيس.
وفي سؤال وجه له لو أنه كان قياديا في المعارضة البحرانية ماذا كان سيفعل، أجاب البندر بأنه “سيحمل الكلاشنكوف”.