مواضيع

مكانة القدس والمسجد الأقصى

قال الله تعالى : { بسم الله الرحمن الرحيم . سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير } . ( الإسراء / 1 )

أيها الأحبة الأعزاء : من خلال رحلة الإسراء المباركة العظيمة للرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى نتعرف على التالي:-

أولا: المكانة المرموقة العالية التي هي للمسجد الأقصى في الإسلام .

ثانيا: أن مكانة المسجد الأقصى ترتبط بصلته المادية والمعنوية بتاريخ الأنبياء ورسالتهم في الحياة .

ثالثا: أن رسالة الرسول الأعظم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هي امتداد لرسالات الأنبياء، وأن الأمة الإسلامية هي امتداد لأممهم، وأنها تتحمل مسؤولية الحفاظ على تراثهم ومواصلة طريقهم في الحياة .

رابعا: أن المسجد الحرام والمسجد الأقصى يرتبطان بمصير مشترك واحد .

والنتيجة التي أرغب الوصول إليها من هذه الفقرة : إن قضية المسجد الأقصى والقدس الشريف وفلسطين العزيزة ليست قضية حجارة وتراب، وأن المسألة فيها ليست عصبية وطنية أو قومية .. ولا غيرها، وإنما هي قضية واقعية عادلة، وان المسألة الجوهرية فيها إسلاميا تتعلق بحمل المسلمين للرسالة السماوية إلى الناس، وتتعلق بمكانتهم المعنوية ودورهم الإنساني والتاريخي في الحياة، وأن احتلال الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين العزيزة والقدس الشريف فيه اعتداء على المقدس الإسلامي، وفيه مساس بالمكانة المعنوية للمسلمين، وفيه استلاب وتعطيل للدور الرسالي للأمة الإسلامية في الحياة، وهذه مسائل جوهرية وكبيرة جدا .. وغير قابلة للتنازل أو المساومة .

ومن جهة ثانية : فإن سيطرة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين والقدس الشريف والمسجد الأقصى، فيه اعتداء على الحق القانوني والتاريخي للمسلمين والفلسطينيين فيها .

والخلاصة : أن الصراع الإسلامي الفلسطيني مع الكيان الصهيوني وقوى الاستكبار العالمي على فلسطين، هو صراع إسلامي حضاري ورسالي .. وحق وطني للفلسطينيين، والصراع يقوم على أساس الرفض المطلق لوجود الكيان الصهيوني غير الشرعي في أي جزء من أجزاء فلسطين المحتلة، ورفض لتدخلات الاستكبار العالمي غير المشروعة في البلاد الإسلامية .. بأي شكل من الأشكال، حيث لا يجوز شرعا للمسلمين السماح للأجانب بالتدخل في شؤون بلادهم . 

والمطلوب إسلاميا وفلسطينيا : أن تكون القضية الفلسطينية العادلة .. الشغل الشاغل لكافة المسلمين والفلسطينيين، فالتكليف الشرعي والإنساني والوطني يحتم عليهم السعي بكل وسيلة متاحة وممكنة : سياسية أو عسكرية أو ثقافية أو إعلامية .. أو غيرها، من أجل تحرير فلسطين المغتصبة من براثن الكيان الصهيوني الغاصب المجرم، ورفض التدخلات الأجنبية في فلسطين والبلدان الإسلامية، والسعي لاسترداد المكانة الدينية والتاريخية والدور الرسالي والإنساني للمسلمين في الحياة، وأن هذه الندوات والمحاضرات – أيها الأحبة – وكل المسيرات وأشكال الدعم المادي والمعنوي هي أجزاء من هذه المساعي المباركة للمشاركة في التكليف الشرعي والإنساني والوطني والقومي لتحرير فلسطين العزيزة .

أيها الأحبة الأعزاء : لقد مضت على قضية فلسطين ابتداء من عام ( 48 ) وحتى الآن .. مدة  56 عاما كانت مليئة بالبؤس والحزن والعذاب، تعرض فيها الشعب الفلسطيني المسلم المظلوم إلى اعتداءات شرسة ومذابح بشعة من قبل الكيان الصهيوني المجرم .. مثل مذبحة كفر كرم ودير ياسين، قتلوا فيها الأطفال والشيوخ والنساء بغير ذنب ولا جرم .. سوى أنهم من شعب عربي مسلم قرر الصهاينة المجرمون تشريده واحتلال أرضه بغير وجه حق، وهدموا البيوت والممتلكات، وخربوا الآثار الثقافية والحضارية، وهتكوا حرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية، ولم تتحرك غيرة الحكومات العربية، واكتفوا بالمعارك الكلامية العقيمة، وخاضوا بعض الحروب الانهزامية، وانتهى بهم المشوار للمساومات السياسية الهزيلة مع الكيان الصهيوني من أجل إرضاء أمريكا المجرمة .

وإذا جئنا نبحث عن نتائج المساومات أو ما يسمى بالمفاوضات مع الكيان الصهيوني .. نجد النتائج التالية :-

  • حصول الكيان الصهيوني على الشرعية والاعتراف الرسمي بوجوده من قبل الحكومات العربية وغيرها من حكومات العالم التي كانت متعاطفة مع الفلسطينيين والقضية الفلسطينية .
  • القبول بشرعية الاحتلال لأجزاء من فلسطين وغض النظر عن الحقوق الشرعية والتاريخية والوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني فيها .. وتراجع الجهاد والدفاع المشترك لتحرير أرض فلسطين العزيزة .
  • القبول باستمرار تشرد الملايين من أبناء شعب فلسطين المظلومين .. في داخل فلسطين وخارجها .
  • تمزق العرب والفلسطينيين وظهور بوادر الاقتتال الداخلي في كثير من الحالات والمواقف المفصلية التي تتعلق بالقضية الفلسطينية .
  • لم تحصل الحكومات العربية على أي مكسب سياسي أو غير سياسي من أمريكا والكيان الصهيوني سوى الذل والهوان .. ولن يكون لها سوى ذلك، لأن أمريكا والكيان الصهيوني يعلمان بأن الحكومات العربية ضعيفة في مواقفها ومعزولة عن شعوبها .. ولا تعبر عن إرادتهم، وأن الذي تستحقه ويبقيها على طريق الخنوع والعبودية لهما هو هذا الأسلوب الغليظ القاسي المذل والمهين، وسوف يبقى هو الأسلوب الناجع في التعامل معهم ما بقيت أمريكا الكيان الصهيوني على وجه الأرض . 

فهنيئا لهم بهذا القدر العالي جدا، والسمعة الطيبة جدا .. جدا، والنصيب الأوفر في الحياة الدنيا، وما ينتظرهم عند الله تعالى في الآخرة أشد وأعظم .

أيها الأحبة الأعزاء: لقد كشفت التجارب أن الحكومات العربية والمنظمات الفلسطينية، كلما أبدت لينا في مواجهة مخططات واعتداءات الكيان الصهيوني الخبيث .. وراعية الإرهاب الدولي : أمريكا المجرمة، كلما ازدادا .. عنفا وإجراما بحق الشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين أجمعين . 

وإن الحقيقة التاريخية المرة والمؤلمة .. تقول : إن تقاعس الحكومات العربية عن واجب المواجهة في بداية الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين العزيزة، هو الذي رسخ وجود الكيان الصهيوني الغاصب وكرس الاحتلال لفلسطين .. كأمر واقع، ولولا بركة وفضل الحركات الشعبية الثورية في فلسطين .. وخارجها، لأصبح حلم الصهاينة بدولة إسرائيل الكبرى : ( من الفرات إلى النيل ) حقيقة قائمة على أرض الواقع في عالمنا المعاصر .

ومن كل ذلك نخلص إلى النتائج التالية:- 

  • أن القضية الفلسطينية هي قضية شعب مظلوم شرد عن وطنه، وهي قضية حضارية وقضية رسالة سماوية يحملها المسلمون في الحياة .. ولن يتخلوا عنها ما بقيت الأرض والسماء .
  • أن سعي الشعب الفلسطيني المظلوم والأمة الإسلامية المباركة لرد العدوان واسترجاع فلسطين والمكانة الدينية والحضارية والدور الرسالي لهما .. هي قضية عادلة بالكامل .
  • أن المطلوب من الأمة الإسلامية كلها الوقوف إلى صف الشعب الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني وقوى الاستكبار العالمي المساندة له بالمطلق … في القضية الفلسطينية العادلة والمصيرية.
  • أن السبيل الوحيد لقمع أطماع الكيان الصهيوني .. والخلاص منه، وقمع التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية في البلاد الإسلامية، واسترداد الأمة الإسلامية لعزتها وكرامتها ومكانتها الدينية والتاريخية .. هي المقاومة بكل أشكالها : السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والإعلامية والجهاد الدؤوب ضد الكيان الصهيوني وقوى الاستكبار العالمي الداعمة بالمطلق لهذا الكيان الغاصب المجرم .. والتضحية بالنفس والنفيس في سبيل ذلك .
المصدر
كتاب القدس صرخة حق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى