مدخل تاريخي للقضية الفلسطينية
أيها الأحبة الأعزاء : فلسطين بلد عربي مسلم فتحها المسلمون في معركة اليرموك، وأصبحت جزءا من العالم الإسلامي على عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب في عام : 636 م . وقد اغتصبها الصهاينة بالقوة والحديد والنار، بعد أن قتلوا مئات الآلاف من أهل فلسطين، وشردوا آخرين، وأذلوا الباقين، ولا زالوا يمارسون القتل والإذلال والتدمير اليومي للبنية التحتية وفرض الحصار الشامل على الفلسطينيين . وقد نشأ باحتلال الصهاينة لفلسطين العزيزة تكليف شرعي في رقاب كافة المسلمين من مشارق الأرض إلى مغاربها ومن شمالها إلى جنوبها بتحرير فلسطين، ولا يجوز لهم ـ بحسب أقوال الفقهاء ـ التنازل عن شبر واحد منها للصهاينة أو لغيرهم من المحتلين .
أيها الأحبة الأعزاء : لقد بدأت القضية الفلسطينية كقضية على الساحة الدولية مع ما عرف بوعد بلفور، نسبة إلى وزير الخارجية البريطاني آنذاك جيمس آرثر بلفور، الذي ينتمي إلى التيار المحافظ المعروف بالمسيحية الصهيونية، في رسالـة بعـث بهـا إلى اللورد روتشيلد ( المليونير الصهيوني المعروف ) بتاريخ : ( 2 / نوفمبر ـ تشرين الثاني / 1917م ) أعلن فيها عن تعاطف بريطانيا مع الأماني الصهيونية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين .. وهذا نص الرسالة : ” عزيزي اللورد روتشيلد . يسعدني كثيرا أن أنهي إليكم نيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالي : تعاطفا مع أماني اليهود الصهاينة التي قدموها ووافق عليها مجلس الوزراء، إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل أفضل مساعيها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يسمح بأي إجراء يلحق الضرر بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الجماعات غير اليهودية القائمة في فلسطين، ولا بالحقوق أو بالمركز السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى “.
وبعد هذا الوعد الغادر بدأ الصهاينة يتدفقون على فلسطين العزيزة جماعات .. جماعات، وتركز نشاطهم على شراء الأراضي وبناء المستعمرات . وكانت بريطانيا قد دخلت إلى فلسطين وسيطرت عليها على إثر انتصار الحلفـاء في الحرب العالمية الأولى على دول المحور في ( أكتوبر ـ تشرين الأول / 1917م ) ثم خضعت فلسطين رسميا للانتداب البريطاني في عام 1920م .
وقد سعت بريطانيا منذ البداية لتنفيذ وعد بلفور المشؤوم، وتحويله إلى واقع على الأرض، مما أدى إلى مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين من جهة، والصهاينة والبريطانيين من جهة ثانية .. وفي ظل ذلك وبمؤامرة دولية خبيثة : أصدرت الأمم المتحدة بتاريخ : ( 29 / نوفمبر ـ تشرين الثاني / 1947م ) قرارا بتقسيم فلسطين بين العرب والصهاينة رفضه العرب .
وبتاريخ : ( 14 / مايو ـ آيار / 1948م ) أعلنت بريطانيا إنهاء الانتداب وبدأ الجلاء عن فلسطين، بعد أن أنهت مهمتها القذرة في إعداد وإنشاء الكيان الصهيوني الغاصب وتسليحه، فأعلن الصهاينة في نفس الوقت قيام دولة الشر والعدوان المسماة : إسرائيل، بالتنسيق الكامل مع بريطانيا . فنشبت الحرب بين الدول العربية المجاورة لفلسطين مع القوات الصهيونية . وبسبب المؤامرات الدولية، وتفرق العرب وسوء إدارتهم للحرب وتخاذل بعضهم وخيانة البعض الآخر، انتصر الصهاينة وسيطروا على القسم الأكبر من أرض فلسطين العزيزة، وقتلوا مئات الآلاف من الفلسطينيين، وشردوا آخرين، وأذلوا الباقين .. فيما عرف بنكبـة : 1948م .
ثم في حرب ( 5 / يوليو ـ حزيران / 1967م ) سيطر الصهاينة على ما تبقى من أرض فلسطين : الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى هضبة الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء المصرية . ثم نشبت حرب أكتوبر ( 6 / أكتوبر ـ تشرين الأول / 1973م ) وفيها عبر الجيش المصري قناة السويس واسترد جزءا من جزيرة سيناء، واقتحم الجيش السوري هضبة الجولان وأوقع خسائر فادحة بالصهاينة . إلا أن سوء الإدارة السياسة وفساد الأنظمة العربية، والرعب الذي كان يملأ قلوب الساسة العرب، والرغبة الكامنة لديهم في الصلح مع الكيان الصهيوني، قد حول النصر إلى هزيمة سياسية نكراء، انتهت بتوقيع اتفاقية كامد ديفيد المشؤومة في عام : 1979م خرجت مصر بموجبها من ساحة الصراع العربي الصهيوني .. وبعد الاتفاقية المشؤومة : أقر الكنيست الصهيوني مشروع قانون بإخضاع القدس الشرقية للسيادة الصهيونية، واعتبار القدس الموحدة عاصمة أبدية للكيان الصهيوني، وضم الجولان للكيان الصهيوني .