مواضيع

الحكم في الأمة بما أنزل الله

أن يلتزم الحكام المسلمون بأن يحكموا بما أنزل الله (ج)، وبتطبيق الشريعة الإلهية المقدسة في جميع شؤون الحياة الخاصة والعامة، قول الله تعالى: <وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ>[1]، وقول الله تعالى: <وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ>[2]، وقول الله تعالى: <وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ>[3]، ووجه الجمع بين الآيات الثلاث: أنّ من لم يحكم بما أنزل الله (ج) معتقداً عدم وجوب الحكم بما أنزل فهو كافر، ومن لم يحكم بما أنزل مخالفة مع اعتقاده بوجوب الحكم بما أنزل الله (ج) فهو فاسق، وأنّ كل من لم يحكم بما أنزل الله من الكافرين والفاسقين فإنه يترتب على حكمه الظلم والفساد.

كما يجب على الحكام المسلمين أن يحكموا بالعدل والقسط بين الناس، وأن يصونوا الحقوق والحريات الخاصة والعامة وفق الضوابط والمعايير والأحكام الشرعية، ويصونوا الحرمات والمقدسات ويحذروا من الاعتداء على حقوق الآخرين ومن انتهاك الحرمات والمقدسات لما يترتب على ذلك من الأضرار والمفاسد والاضطراب الأمني والسياسي، وتعطيل التنمية الفكرية والروحية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ونحوها، ويجب أن يتحلّوا بالحرص الشديد على سلامة شعوبهم ومصالحهم، وبالمحبة لهم والرحمة والرأفة والشفقة عليهم؛ لأنها العلاقة الصحيحة الوحيدة التي تربط الراعي بالرعية والحاكم بالمحكوم، ويجب تجنّب الظلم والفساد بجميع أشكاله في الإدارة والسياسة، وتجنّب الدكتاتورية والاستبداد والحرص على المشاركة الشعبية الفعلية في التدبير وصناعة القرار؛ لأنّ الدكتاتورية والاستبداد بالرأي والظلم والتمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات مخالف للروح الإنسانية ولكرامة الإنسان، فلا يفعلها ولا يقبلها من يشعر بإنسانيته وكرامته ولا تليق أبداً بأي مجتمع إنساني على الإطلاق، ووجودها يدل على ضعف الشعور والوعي بالحالة الإنسانية، وانتهاك تلقائي لإنسانية الإنسان وكرامته وحقوقه الطبيعية، وهي مخالفة لروح الدين الإسلامي الحنيف وجوهره، ولا تنسجم مع مفاهيمه التأسيسیة ومقاصده وغاياته، ووجودها يوجب غضب الرب سبحانه وتعالى وسخطه وعذابه ونقمته، وتؤدي حتماً إلى الاضطراب الأمني والسياسي والتخلف الحضاري وتعطيل حركة التنمية والتقدم، وإلى الضعف والوهم وفقدان الهوية والتبعية للأجنبي، وتخلق البيئة المناسبة والتربة الخصبة لظهور العنف والتطرف بجميع صوره الفكري والديني والسياسي وغيره، وكلها جرائم كبيرة بشعة بحق الإنسانية والدين الحنيف والأمة الإسلامية وشعوبها وتاريخها وحضارتها ومصيرها ومستقبلها، لا يقدم عليها من يمتلك مقدار ذرة من التعقل والحكمة والرشد والضمير.


  •  المائدة: 44-[1]
  •  المائدة: 47-[2]
  •  المائدة: 45-[3]
المصدر
رسول الرحمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟