مواضيع

الرسول مثال الإنسانية الكاملة

لقد تحلّى الرسول الأعظم الأكرم (ص) بجميع صفات الكمال الإنساني الممكنة، وكانت مثال الإنسانية الكاملة ونموذجها الأتم والأكمل، وكانت صفات الكمال والخصال الحميدة ظاهرة منه وراسخة ثابتة لديه، وملازمة له لا تفارقه ولا تنفك عنه، وكان في الذروة العليا وأقصى ما يمكن أن يصل إليه الإنسان من الكمال في جميعها، فقد جمع كل الكمالات والصفات الحسنة الجميلة التي كانت متفرقة في جميع الأنبياء الكرام (عليهم السلام) قبله، وقد تفوّق على كل واحد منهم فيما تفوّق هو فيه على غيره، فلم يكن أحد منهم مثله أو نظيراً له في أية صفة من صفات الكمال، ولم يتيسر لأحد منهم ما تيسر له من الكمالات والخلق العظيم، ومن المستحيل أن يأتي بعده مَن يتفوّق عليه أو يكون أفضل منه، فهو أفضل الأولين والآخرين.

وقيل: إنّ لفظ (على)، في قوله تعالى: <وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ>[1] يدلُّ على الاستعلاء المجازي، مما يفيد التمكن والاستيلاء على جميع صفات الكمال والخلق العظيم، وأنه بالنسبة إليها كالأمير إلى المأمور، وكالمولى بالنسبة إلى العبد.

وقيل بحق: ما وصف الله (عز وجل) أحداً من أنبيائه ورسله الكرام (عليهم السلام) بهذا الوصف <وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ>[2] قبله، يقول الفخر الرازي: «إنّ الله تعالى وصف ما يرجع إلى قوته النظرية (يعني النبي محمد (ص)) بأنه عظيم، فقال: <وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا>[3] ووصف مايرجع إلى قوته العملية بأنه عظيم، فقال: <وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ>[4]، فلم يبق للإنسان بعد هاتين القوتين شيء، فدلّ مجموع هاتين الآيتين على أنّ روحه فيما بين الأرواح البشرية كانت عظيمة عالية الدرجة، كأنها لقوتها وشدة كمالها كانت من جنس أرواح الملائكة»[5].

وبهذا الكمال الإنساني النموذج المنقطع النظير كان خاتم النبيين (عليهم السلام) وصاحب أفضل وأكمل رسالة وشريعة، وصاحب الكتاب السماوي الكامل الذي فيه تبيان كل شيء، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل العزيز الحكيم، فبين كمال الإنسان والخلق العظيم، وبين خاتمية النبوة والرسالة، وكمال الرسالة والشريعة والكتاب، صلة وثيقة لا تنفك ولا تنقطع.


  •  القلم: 4-[1]
  •  نفس المصدر-[2]
  •  النساء: 113-[3]
  •  القلم: 4-[4]
  •  التفسير الكبير، جزء 10، صفحة 602-[5]
المصدر
رسول الرحمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟