مواضيع
المضامين العامة للآيات الكريمة
وتتضمن الآيات الكريمة المباركة النقاط الأساسية التالية:
- التأكيد على الهدفية في خلق العالم والإنسان وجميع ما في العالم من الموجودات والكائنات، الجمادات والنباتات والحيوانات، أي: خلقوا لهدف عظيم وغاية راجحة متلبسين بالحق والحكمة، لا أثر فيها للباطل والعبثية واللغو، وفي ذلك دليل على وحدانية الله سبحانه وتعالى، وعظيم وكمال قدرته، وسعة رحمته وعلمه المحيط، وحكمته وحسن تدبيره وكمالاته لما فيه من الجلال والإبداع والإحكام وعجائب الصنع، فلا يقدر عليه غيره.
- إن الله سبحانه وتعالى منزّه عن العبثية واللغو الباطل؛ لأنها نقيض الحكمة البالغة والكمالات الإلهية، فصدورها عن الله مستحيل عقلاً؛ ولأن لله (عز وجل) الملك المطلق ويحكم بما يشاء، فلا يحكم إلا بالحق؛ لأنه حق بالذات (حق مطلق)، ومن كانت هذه صفته، فإنه لا يعبث في فعله ولا يلهو ولا يلعب؛ لأنّ الحق بما هو حق لا يصدر عنه إلّا حق. ولأنه لا ربّ معه، فَيُبْطِل حكمه، فله السلطة والسيطرة المطلقة على العالم بأسره، ويمسك تماماً بأزمّة الأمور فيه، فلا سبيل إلى الفساد والعبث إليه.
- إن الهدفية في خلق العالم والإنسان وسائر الموجودات والكائنات تقتضي حتمية البعث والحساب والجزاء الموافق على الأعمال، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، أي يثيب المحسن ويعاقب المسيء، لا أن يحيوا ويأكلوا ويشربوا ويتمتعوا بلذات الحياة الدنيا كالأنعام ثم يموتون وينتهي كل شيء من غير غاية باقية وراء خلقهم وإسكانهم دار الحياة الدنيا، فيمضي المحسن بإحسانه دون ثواب ويمضي المسيء بإساءته دون عقاب. وذلك لأنّ الإنسان لديه القابلية للخلود بروحه، وأن فساده بالموت يتنافى مع كرامته ومع العدالة والحكمة الإلهية؛ ولأنّ ترك الجزاء على الأعمال يترتب عليه التشجيع على المعصية ومخالفة القانون والجريمة والفساد، وهو عين العبثية واللغو والباطل، ونقيض الحكمة والرحمة الإلهية، وعليه: فبمنطق الهدفية والحق في الخلق، وبمقتضى الحكمة والعدالة والرحمة الإلهية؛ يجب ضرورة وتعييناً حصول البعث والحساب والجزاء على الأعمال.
أضف إلى ذلك: أن ممارسة الإنسان الفطرية للحياة، مثل: التنظيم والتشريع والجزاء وتحمّل المسؤوليات العامّة والخاصة، يدل على أنّ الاعتقاد بالهدفية من خواص الفطرة الإنسانية، ولا تتمُّ هذه الحالة ولا تستقيم إلّا بالاعتقاد بأنّ وراء الحياة الدنيا حياة أخرى للحساب والجزاء، وإلّا كانت الحياة هادفة في عالم لا هدف له ولا فائدة فيه، وقد وجد محض الصدفة وبلا قصد!!
- أنّ الاعتقاد بعبثية الخلق وأنه وجد صدفة بلا حكمة ولا فائدة ولا قصد ونحو ذلك من الهنات والترهات والشنئات التي تحيل بين الإنسان وبين العدالة وتحمل المسؤولية بصدق وإخلاص، وتخلق الأرضية إلى الظلم والاستبداد والفساد في الأرض والصراعات والحروب الظالمة الدامية من أجل السيطرة والثروة والتفوق ونحو ذلك من الأوهام الشيطانية، وتحويل الدنيا إلى دار مظلمة رهيبة موحشة، إذن فذلك الاعتقاد: ما هو في الحقيقة والواقع إلا الوهم والظن الباطل الذي يعتقدهُ الكافرون بالتوحيد والمعاد والنبوة بدون دليل أو برهان صحيح؛ لأنّ لا شيء في العالم إلا وهو ينطق ويدلُّ عليه، ولو كانت في العالم شائبة من العبث والباطل لفسد ولما ثبت واستمر صامداً على نظامه المحكم طوال الدهر المديد.