محورية التكليف وعدم الاعتناء بالمنصب والمقام
يجب علينا أن نجد أنفسنا في خدمة الناس في جميع المواقف وكل الأمكنة؛ عندما قرر مجيء الإمام (ق) إلى طهران كنا وجمع من الأخوة كالشهيد مطهري والشهيد بهشتي والشهيد باهنر وباقي الأخوة الأعزاء كالشيخ هاشمي والمرحوم رباني شيرازي والمرحوم رباني آملشي؛ نجتمع في جامعة طهران فنبحث مسألة مجيء الإمام، وبعض المسائل الأخرى، وكان الإمام (ق) سيصل إلى طهران بعد يوم أو يومين ونحن لم نقم بعد بتنظيم أمورنا، فعقدنا اجتماعاً لأجل هذا الأمر وقررنا أن نرتب الأمور حتى يصل الإمام (ق) فترجع جميع الأمور.
لم يتكلم أي منا بمسألة الدولة رغم أن البعض منا كان عضواً في مجلس قيادة الثورة، كنا نعمل سوياً ولم نكن نتطرق إلى مسألة الدولة.
اجتمعنا ووزعنا المسؤوليات وطلبت أن أكون أنا من يوزع الشاي، تعجب الجميع من هذا الأمر، فقلت لهم: ولما العجب، أعرف أنكم لن تعيّنوا أحداً لذلك، والأمور يجب أن تسير على ما يرام، لذلك لا مانع لدي أن أكون أنا من يقوم بهذا الأمر.
طبعاً كنت أعلم أنه لن يعيّني أحد لذلك، ولكني كنت على استعداد أنه إذا تطلب الأمر أن أكون أنا من يقدم الشاي، فلا مانع لدي.
هذه هي روحيتي، وهكذا كان اندفاعي، علينا أن لا نعير المناصب أي اهتمام إذ ليس الهدف هو تسلم المناصب، وإنما الهدف أن نقوم بمسؤولياتنا الملقاة على عاتقنا.
في الفترة التي كنت فيها رئيساً للجمهورية قبل وفاة الإمام (ق)، وكانت فترة رئاستي قد أوشكت على نهايتها، لم أصدر أي إشارة إلى أي منصب أو مسؤولية، وكان البعض يراجعونني دائماً ويقترحون عليّ بعض المسؤوليات، كنت أنظر إليهم بأنهم أفراد لا يمتلكون حس المسؤولية، وكنت أرفض كل ما يقترحونه عليّ وأقول لهم: إن عملي منوط بأمر الإمام، فلو كلفني بتولي أي منصب كان حتى لو كان منصباً عادياً جداً في أي مكان في الدولة فكلي سمع وطاعة وإن لم يكلفني بشيء فسأطلب منه أن يسمح لي بأن أتفرغ لإدارة الشؤون الثقافية.
يجب علينا أن نعد أنفسنا لكل الفترات القادمة، فنكون مستعدين ما دامت الثورة بحاجة إلينا، وإن أفضل السبل أن نشبّه أنفسنا كالسلم الذي يساعد الناس في الصعود، وما الضير في ذلك إذا كانت مصلحة النظام والبلاد تقتضي ذلك.
يجب علينا أيها الإخوة الأعزاء أن نقدم الخدمة للثورة أين ما كنا إذا تلمّسنا الحاجة في ذلك.[1]
ولو شبّهنا أنفسنا بالمجموعة العسكرية التي تواجه العدو نجد أن هناك من هو موكل بالتخطيط، وآخر بالتنفيذ، وآخر بنقل الجرحى، وآخر بنقل العتاد، وهكذا…
وليست كل مهمة من هذه بأقل من نظيرتها، إذ الكل لا بُدّ له أن ينجز ما عليه من واجبات حتى تنجح المهمة، فلو لم يقوموا بعملهم مجتمعين لما انتصرت الحرب.
ونحن في أي موقع كنا في نظام الجمهورية الإسلامية علينا أن نعتبر أن هذا الموقع هو ثقل العالم وأن نكون واعين إلى أن جميع الأعمال أصبحت متوجهة إلينا.[2]
وقد توجه کثيرون إليّ بالسؤال حول المناصب التي سوف أتسلمها بعد انتهاء فترة رئاسة الجمهورية، وبما أن ميولي كانت ميولاً ثقافية فكنت أتصور أنه بعد انتهاء فترة الرئاسة سأقوم بإدارة عملٍ ثقافي ما، فعندما سُئلت هذا السؤال قلت: إن لم يكلفني الإمام بأي شيء، سأقوم بتسلم رئاسة مكتب العقيدة السياسية في مدينة زابل، والله يعلم أني صادق القول والنية فيما أقول. فباعتقادي يجب علينا إنجاز الأعمال والمهام من هذا المنطلق؛ ففي هذه الحالة يبارك لنا الله في أعمالنا.[3]