المؤسسات والأشخاص القدوة
عندما ندرس سيرة رسول الله (ص) نسمع الكثير عن زهده وورعه، فكان ملبسه عادياً جداً، ولم يرفض طعاماً أبداً مهما كان نوعه، ولم يكن متطلباً قطّ، وهذه الأخلاق لا مثيل لها في كل تاريخ البشرية، وكان في عشرته عنواناً للكمال والطهارة والنظافة الظاهرية والباطنية، يقول عبدالله بن عمر: «ما رأيت أحداً أجود ولا أنجد ولا أشجع ولا أوضأ من رسول الله»[1] فقد كان (ص) معاشراً للناس وفي نفس الوقت كان في أعلى درجات المادية والمعنوية، معاشرة الناس معاشرة إنسانية، معاشرة حسنة كأنه أحد منهم من غير تكبر ولا غرور مع ما له (ص) من هيبة إلهية، فلا يعرف نور مقابل نوره، وكان يلاطف الناس بأخلاقه الحسنة، فلا يعرف بين الناس إذا خالطهم من شدة تواضعه، إنه النبي الأمين والقائد العظيم، وقد كانت إدارته الاجتماعية والعسكرية في أعلى مراتبها، ومع ذلك لم يغفل عن أصحابه.
في الواقع كان المجتمع آنذاك مجتمعاً صغيراً، فلم تكن غير المدينة وأطرافها ومن ثم مكة وبعض المدن الأخرى، ولكنه (ص) كان يهتم لشؤون رعاياه حيث النظم يتجلى في جميع خطواته. فلقد أسس لنظام الإدارة والمحاسبة والمؤسسات في ذلك المجتمع البدوي. هذه هي سيرة النبي (ص) التي يجب أن تكون قدوة لنا نحن أصحاب المناصب والمسؤولون في الدولة؛ قدوة يحتذى بها. [2]