مواضيع

مواجهة الفساد

أعتبر أن للفساد دوراً في تدمير كافة الإنجازات البشرية بشكلٍ كبيرٍ وملحوظ، فكلما كان هناك فوضى أو خلل في موضع أو مؤسسة، كلما كان الفساد فيها مستشرياً، وقد تعود الفوضى في بعض الأحيان إلى سوء الإدارة كذلك، غير أن للفساد دوراً لا يمكن غض الطرف عنه فيما يخص هذه المسألة، ومن ثم يجب محاربة الفساد بكافة أشكاله.[1]

لا تغضوا الطرف عن الفساد في مختلف تنظيمات البلدية، سواء كان في داخلها أم في خارجها، سواء اتخذ منها وسيلة أم تغلل إلى دهاليزها، لا بل إن أيّ قصور في مكافحته يؤدي إلى استشراسه، وبالتالي الإعاقة عن تحقيق الأهداف، رغم أنّ هذا ليس بالأمر السهل، وأعترف بصعوبة هذا الأمر؛ لأن في البلدية من الثروة ومن الإمكانيات الشيء الكثير، وفيها يواجه أناساً قد لا يأبهون بالإسراف في نيل مقاصدهم، ولهذا السبب أؤكد على أن تكون مثل هذه الأماكن تحت إشرافكم الدقيق والمستمر.

وفي تلك المواضع لا بُدّ من التسلح بتقوى الله جل وعلا؛ لأن التقوى درع لو تلبّسه الإنسان، لحماه من أسهم الآثام والذنوب السامة والحادة، فالتقوى حصن الإنسان المنيع، وهذا هو السبب أن الله قد أمرنا بالتقوى مراراً، فأكثر الانحرافات والأخطاء لا تنبثق عن الفكر والمعتقد، ولا عن الإيديولوجيا والمذهب، وإنما عن هوى النفس ومطالبها. فيحدث أن تزل قدم الإنسان في موضع ما ويرتكب خطأ أو جريمة، ولكنه ليس هناك من يقف في وجهه ويردعه عن خطيئته، فيستمر فيها ويأتي لها بالذرائع الباطلة، فيصنع منها إيديولوجياً فكرياً قد تجره إلى المزيد من الأخطاء، وهذا أمر قد لاحظناه عند كثيرين، حيث قد اتخذوا بل اصطنعوا إيديولوجية فكرية يختفوا وراءها ويبرروا بها أخطاءهم، ومن ثم يجب أن نقف في وجه أخطائنا وأخطاء الآخرين، كلما ظهر خطأ يجب إيقافه قبل أن يكبر ويستفحل، والأفضل من ذلك كله نحول دون ظهور الأخطاء، وذلك بتعزيز روح التقوى فينا إن شاء الله.[2]

وكل من أراد محاربة الفساد وقف بوجهه الأعداء! فما أن يشرع الإنسان بمحاربة الفساد تصطّف بوجهه جنود الانحراف والرشوة، فهم ينكثون ولا يبالون! ولا تعتقدوا أنّ النكث هو شهر السيف أمام الآخرين، بل هناك ما هو أخطر من ذلك بكثير، هناك الفتنة وهناك التهمة ونشر الأكاذيب ضد الناس، والمستغرب أن هؤلاء الأعداء قد يدافعون عن خزعبلاتهم تلك بالعمل الثقافي الدؤوب ويرمون التهم ضد من يخالفهم، من هنا كان لا بدّ من محاربة هؤلاء المفسدين بصدق وإخلاص.[3]

إن النظام الإسلامي يحارب الفساد بكل أشكاله ويمنع أن يستشري في طبقات المجتمع ومؤسساته، بل يعتبره بمثابة محاربة الاعتقادات والآراء الفاسدة، فالنظام الإسلامي يواجه بشدة الأعمال غير الصائبة وغير الأخلاقية وترسيخ الفساد.

يجب على جميع المسؤولين في الحكومة وعلى جميع المدراء والجهات المعنية أن يجعلوا المراقبة ومحاربة الفساد نصب أعينهم ويحولوا بينه وبين أن يتسلل إلى النظام والمجتمع، كما يجب أن ينتبهوا إلى أن الفاسد لا يعلن عن نفسه، فصاحب الفساد المالي والفساد الإداري والمقررات غير المشروعة على مختلف الأصعدة والمجالات، لا يقول عن نفسه إني فاسد أبداً، بل على العكس تماماً، فيدخل الساحة بداية بذرائع متعددة لينشر فساده، والإنسان بطبيعته عرضة للخطأ والوسوسة الفكرية والعملية، ولذلك يجب أن نكون حذرين تمام الحذر.[4]


  • [1]– كلمة سماحته في جمع من المواطنين في محافظة كيلان في ستاد الشهيد عضدي في مدينة رشت بتاريخ 11-2-1380هـ ش
  • [2]– كلمة سماحته في لقاء أعضاء مجلس المدينة ورئيس البلدية بطهران في عام 1382هـ ش
  • [3]– كلمة سماحته في خطبة له في يوم الجمعة بطهران بتاريخ 28-2-1380هـ ش
  • [4]– كلمة سماحته في مراسم تنصيب رئيس الجمهورية هاشمي رفسنجاني في دروته الثانية بتاريخ 12-5-1372هـ ش
المصدر
العمل المؤسساتي في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟