مواضيع

الابتعاد عن الاختلافات الذوقية

أنا أعتقد أن اتحاد التشكلات الجامعية الذي تم ذكرها أمرٌ جيد؛ لكن هذا لا يعني أن نلغي جميع التشكلات والمؤسسات بغية تأسيس مؤسسة واحدة؛ هذه ليست بتجربة جيدة، إذ بعد مدة يسيرة ستزداد المشاكل التي تحصل داخل المؤسسة حالها حال باقي المؤسسات الأخرى، والصحيح هو أن يتم التعاون بين هذه المؤسسات والتشكلات الطلابية، ويتقاربوا من بعض بالتفاهم واتخاذ الحق معياراً لهم، كما لا بُدّ أن تكون مخالفتهم مستندة إلى الاستدلال والمنطق.[1]

وهناك نقطة أخرى ضرورية، وهي أن لا تنظروا إلى الآخرين نظرة منافس، فقد يتواجد في مجموعة ترتبط ببعض المؤسسات الثورية حراكاً ثقافياً، ولكلٍ مميزاته، فلنتصاحب معهم ونأنس بهم.[2]

لأجل أن نقوّي بنياننا السياسي والاقتصادي والثقافي، فإن الشرط الأولي الأساسي هو خلق الوفاق ووحدة الكلمة، فعلى الجميع أن يسعوا لأجل تحقيق الوفاق، ولا يعني هذا أن تعلن التشكلات والفصائل المتنوعة حلّ نفسها وتفككها؛ بل إنّ معنى الوفاق هو أن نحسن الظن ببعضنا <رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ>[3]، نتحمل بعضنا ونعين بعضنا في سبيل ترسيم الأهداف الرفيعة والوصول إليها، إن وحدة الكلمة هي أن نتجنب المواقف التي تخلق التشنجات الأخلاقية والصراعات والإهانات وإيكال التهم إلى بعضنا البعض، هذا هو واجبنا وهذه هي وظيفتنا.[4]

إني أشجع الحركات الإيمانية والمتدينة لا سيما الشباب الذي يخوض المجالات السياسية والعلمية والاقتصادية بحوافز دينية، فالشباب الذي شعاره القيم الدينية مقدس ومحبوب.

في الواقع إني أحب جميع الشباب؛ ولكن الشباب الذين يهتمون بالقيم الدينية أعز إلى نفسي، لا كأولئك الذين يتظاهرون بتمسكهم بالقيم الدينية ويخلقون حالة من الفوضى في المجتمع.

لقد لفت انتباهي أمر في جامعات زنجان، حيث قيل لي أنه توجد مؤسسات وتشكيلات طلابية متنوعة لا يقابلون باق التشكلات بالمثل والسب، وهذا تصرف جميل جداً، وأوصيكم أن تكونوا كذلك.

فلتعمل كل من المؤسسات عملها؛ ولكن كونوا أصدقاء وإخوة ومتنافسين بمحبة؛ لأن التحدي العلمي والتسابق الفكري فرصة مهمة للتطور والتقدم.

إن المجاميع التي تضم في طياتها الأفكار السياسية والاجتماعية، فليجتمع أفرادها وليبينوا آراءهم بالفكر والمنطق، وعلى المجموعة الأخرى التي لم ترضَ بآراء هذه المجموعة أن يجتمع أفرادها في مكان آخر وليبينوا آراءهم بالفكر والمنطق أيضاً.[5]

وأوصيكم بتجنب الخلافات الشخصية والخلافات المزاجية، وابحثوا عن نقاط الاشتراك. إني أتعجب من الذين يسعون لإيجاد نقاط اشتراك بيننا وبين الذين يختلفون معنا اختلافاً جذرياً من حيث الإيديولوجيا المادية والإلحادية، ولا يسعون لإيجاد نقاط اشتراك بيننا وبين إخوتنا المسلمين.

ابحثوا عن وجه الاشتراك، فالمشتركات بيننا كثيرة. لعله هناك الكثير من الأفكار والنظريات والأذواق الموجودة بيننا بتعداد هذا الحضور؛ ولكن في النهاية هناك هدف واحد، طموح معين، وجه اشتراك واحد قد جمعنا هنا، ابحثوا عن هذا الوجه المشترك، وعززوه. هذا وعي رفيع المستوى، هذا وعي مطلوب اليوم، فإن المسلم المناضل الثوري لا بُدّ أن يتمتع بهذا الوعي.[6]


  • [1]– لقاء سماحته مع الطلاب المتميزين في الجامعات بتاريخ 7-9-1381هـ ش
  • [2]– لقاء سماحته مع مجتمع أطلس الإعلامي في سنة 1392هـ ش
  • [3]– الفتح: 29
  • [4]– بيانات سماحته في لقاء هيئة الرئاسة وممثلية أعضاء مجلس الشورى الإسلامي بتاريخ 7-3-1381هـ ش
  • [5]– بيانات سماحته في لقاء عدد من الأساتذة والطلاب الجامعيين من محافظة زنجان بتاريخ 22-7-1382هـ ش
  • [6]– بيانات سماحته في 16-3-1358هـ ش
المصدر
العمل المؤسساتي في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟