مواضيع

جمع وتوحيد الطاقات

تتجلى آثار العمل المؤسساتي في أنه يضمن لنا جمع أكبر عدد ممكن من أصحاب الطاقات والفكر، وهذا أشبه بجمع حبات السبحة في خيط واحد، وهو بحق من الألطاف والنعم الإلهية الكبيرة علينا.[1]

إن العمل المؤسساتي هو عمل جماعي ومنظم تغيب فيه خصوصية الفرد ضمن خصوصية الجمع، فلا يغدو الفرد متشخصاً كما أنه لا يكون غائباً، فشاكلة العمل المؤسساتي هو هذا الاضمحلال لأي تشخّص فردي في الوجود والجهود الجمعي.

وهذا النحو من العمل هو الذي تؤيده الفطرة السليمة وتستقيم عليه أمور البشر، لكننا خلال التجربة المريرة لكل فترة الاختناق التي عشناها خلال فترة حكومة رضا خان ومحمد رضا خان، فإن الحكومة الإيرانية خلال مدة الخمسين سنة وأيضاً قبل ذلك بـ (2500) عام كانت السلطة الحاكمة فيها سلطة يرأسها الفرد؛ وهذا ينسجم مع الواقع الذي يميل إليه الشرقيون «الانفراد».

إن التاريخ الشرقي منذ القدم هو تاريخ فردي، من الفن إلى الموسيقى، فالرياضة وغيرها؛ كلها أمور تتمحور حول الفرد، والنشاطات الجماعية لا تتواجد هنا، فنجد الفن الجماعي والموسيقى الجماعية في العالم الغربي، فالرياضة هنا هي مصارعة فقط، بينما هناك كرة اليد أو كرة القدم، فلم نكن لنجد في العصورالغابرة فرقة موسيقية شرقية كالأوركسترا تشتمل على أنواع الموسيقى وأصوات الجناجر، وإن وجد فهو نادر.

وعلى كل حال فإننا إذا طالعنا التاريخ نجد الشرقيين يميلون إلى التفرد والفردية، وقد تموضع الإسلام تماماً في النقطة المقابلة لهذا النوع من الفكر والعمل؛ فحث على التشارك والتعاون حتى في الأعمال العبادية كالصلاة.[2]

إن أول معاني العمل المؤسساتي الواحد هو أن يعمل أفراد مؤسسة ما بغية تحقيق هدف واحد مستعينين ببعضهم البعض ومتعاونين على التكاتف ضمن المؤسسة الواحدة، من هنا كانت الأخلاق المؤسساتية هي: الأخلاق الإسلامية المنظمة لطرق التعامل بين الجمع كأصحاب فكر واحد متناغم يزيل كل تصادم وعناد.[3]


  • [1]– لقاء سماحته مع جمع من أعضاء منتدى القلم الثقافي بتاريخ 8-11-1381هـ ش
  • [2]– تعتبر العبادة من أكثر الأمور الفردية التي تربط العبد بالله تعالى وهي تشمل التقديس والتضرع وقد حثنا الإسلام على إتيانها على النحو الجمعي كصلاة الجماعة، الحج و….، تاريخ 20-3-1395هـ ش
  • [3]– المصدر السابق
المصدر
العمل المؤسساتي في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟