مواضيع

سبيل النجاة من العوائق


إنّ سبيل الحل الموجود على أساس هذه المقدّمات يجب أن تجدوه أنتم، أنتم من يجب أن يصل إلى النتيجة وما أستطيع أن أقوله لكم كتوجيه واستراتيجيّة عامّة هو السعي والجدّ الشبابي الدؤوب، أنتم الذين في الجامعات نشاطكم نشاط جامعي، ويجب عليكم أن تدرسوا وتبحثوا وتفكّروا في طرح النظريّات، الاستلهام غير المشروط للنموذج من التنظيرات الغربيّة ونزعة الترجمة حالة مغلوطة وخطيرة، نحن بحاجة للتنظير في مضمار العلوم الإنسانيّة، العديد من الأحداث في العالم حتى على الصعد الاقتصاديّة والسياسيّة وسواها تابعة لآراء المفكّرين في مجال العلوم الإنسانيّة؛ علم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة هذه هي العلوم التي ترسم المؤشّرات العامة، يجب أن تكون لنا نظريّاتنا ومشاريعنا الخاصة في هذه المجالات؛ علينا أن نبذل جهودنا؛ على الطالب الجامعي أن يبذل جهوده؛ على الطالب الجامعي والمناخ الجامعي أن تكون له نظرته العامة لأهداف الثورة واحذروا من أن يستطيع العدو توظيف البيئة الجامعيّة وطلبتها وأساتذتها، هذا هو الشيء الذي أؤكّد عليه، تلاحظون أنّ حدثاً صغيراً قد يقع؛ في جامعتكم هذه قد يكون للبعض اعتراضهم وعتابهم بخصوص قضيّة معيّنة وإذا بهم يفسّرونها ويحلّلونها في العالم لا بالاتّجاه الذي قصده الطالب الجامعي حينما بادر وتحرّك بل بالاتّجاه المعاكس تماماً، أي أنّهم عن هذا الطريق يشكّكون في السيادة والنظام والإسلام، ينبغي التحلّي باليقظة وهذه اليقظة ضروريّة أكثر من أي وقت مضى في البيئة الجامعيّة.

القضيّة الأخرى التي ينبغي طرحها على الشباب هي قضيّة التديّن، أيّها الشباب الأعزّاء إنّ التديّن ومراعاة القيم الدينيّة في حدود السعة والإمكان، هي مصدر نزول التوجّه الإلهي والنجاح الإنساني والتقدّم؛ لا تستهينوا بهذا البعد، أريد أن أقول أنّكم إذا حللتم المعادلة الرياضيّة الفلانيّة أو العنصر الكيميائي الفلاني أو أنجزتم الاختراع الفلاني أو الاكتشاف الفلاني وكان توجّهكم نحو الله فإنّ الله حينها سيمدّكم ويعينكم؛ فالأمور كلّها بيد الله، ربّما سبق أن ذكرت أنّه حينما بدأ شبابنا متابعة قضيّة الخلايا الجذعيّة واكتشافها، رحم الله المرحوم المهندس كاظمي رئيس مؤسّسة رويان، جاء مع فريقه وقدّم لي تقريراً، قال: اتّصلت هاتفياً لأرى أين وصلوا في العمل -لأنهم قالوا بالأمس مثلاً إنّهم سينتهون غداً- ورفعت زوجته الشابة السماعة فقالت له: إنّه -أي المهندس المكلّف بمتابعة القضيّة- خرّ ساجداً وهو يبكي لأنّه استطاع التوصّل لهذا الاكتشاف. استطاع التوصّل إلى النقطة الأخيرة فهوى ساجداً باكياً، حينما كان المرحوم المهندس كاظمي يروي هذه الحادثة اختنق بعبرته وبكى وبكى معه ذلك الشاب الذي كان في الاجتماع؛ انخرطوا في البكاء، ينبغي عدم الاستهانة بدور الروح المعنويّة.

بالتوجّه إلى الله والتقرّب منه والتوسّل بالذات الإلهيّة المقدّسة والعناية الإلهيّة يمكن النهوض بالكثير من الأعمال الصعبة. أنتم شباب وتختلفون عنّا، أقولها لكم: إنّكم من هذه الناحية متقدّمون علينا كثيراً، قلوبكم طاهرة نيّرة حرّة نقيّة كمرآة صافية تعكس النور بسرعة؛ لم تتلوّثوا؛ فاعرفوا قدر هذا، لتكن لكم علاقتكم وارتباطكم بالله؛ بالصلاة والنوافل وتلاوة القرآن والدعاء والصحيفة السجاديّة؛ الصحيفة السجاديّة هذه زاخرة بالمعارف الدينيّة؛ بهذا سوف تعزّزون بنيتكم الدينيّة والثوريّة، إذا كانت البنية الدينيّة لشبابنا متينة فإنّ الكثيرين ممّن يعملون في مدينتكم شيراز هذه ومحافظة فارس وكلّ البلاد -وأنا على اطّلاع بالأخبار هنا- لحرف الأذهان نحو اتّجاهات مختلفة، إذا لاحظوا القوة والثبات من شبابنا فإنّهم سوف ينصرفون وينسحبون، في مدينتكم وفي الأماكن الأخرى ولا أريد التفصيل في القضيّة الآن ولعلّكم تعرفون الأمور جيّداً، تنشط تيّارات عرفانية ماديّة عبثيّة بلا محتوى وأديان منسوخة ومنظّمات تتسمى بالدين لكن باطنها سياسي، تنشط وتتجاذب لتأخذ من المنظومة الإسلاميّة الهائلة كلّ ما تستطيع، إذا كانت البنية الفكريّة والعقائديّة لشبابنا متينة فسيفهم أولئك أنّه لا طائل من محاولة كسب هؤلاء الشباب، تمتين البنية العقائديّة يتأتّى بهذا التوجه إلى الله والتضرّع والتوسّل إلى الخالق وأدعيّة الصحيفة السجاديّة؛ ليست هذه الأدعية مجرّد تكرار: يارب يارب بل هي طافحة بالمعارف الإسلاميّة التي تعمّق عقيدة الإنسان، وكذا هو الحال بالنسبة لتلاوة القرآن وأداء الصلاة. على كلّ حال هذه هي وصيّتي لكم أيّها الشباب.

وحافظوا على اتّحادكم، على مستوى الشعب الإيراني أيضاً يُعدّ حفظ الاتّحاد وسيلة رئيسيّة، وكذا الحال على مستوى شريحة الطلبة الجامعيّين في مختلف أنحاء البلاد؛ وعلى مستوى الطلبة الجامعيّين في مدينة أو محافظة معيّنة، لا تسمحوا لتباين الأذواق أن يجعلكم تصطفون ضدّ بعضكم. ذات يوم اقتضت مصالح البعض أن يجعلوا الجامعات مسرحاً لألاعيبهم السياسيّة واشتباكاتهم ونزاعاتهم السياسيّة وهذه الحالات اليوم أقلّ والحمد لله، لا تسمحوا أن تتحوّل التنظيمات الطلابيّة ومكوّنات النهضة الطلابيّة إلى أعداء، المنافسة شيء جيد وليكن التنافس إيجابيّاً بنّاءً.

قال أحد الإخوة نحن على استعداد إذا منحونا مركز أبحاث أو سمحوا لنا بتأسيس مركز أبحاث أن نمارس نشاطنا في المجال الفلاني (الطاقة الشمسيّة مثلاً أو أي مجال آخر) وتستطيع جماعة طلابيّة أخرى أن تقول أيضاً أنّها على استعداد لتنافس علمي إيجابي مع الجماعة الأولى، هذا هو التنافس الإيجابي؛ إنّه سباق ركض: <سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ>[1] السباق في أمور الخير، السباق في الإنتاج، في التعلّم، وتحقيق تلك المعلومات في الخارج، والمساعدة على تحسين ظروف الناس المعيشيّة، هذا السباق جيّد جداً، التنافس جيّد جداً ولكن لا للشجار والعراك خصوصاً على الأشياء الصغيرة؛ الأشياء الصغيرة التافهة جداً، هذا ما لا نرضاه للبيئة الجامعيّة ولا لكلّ البلاد ولا لأجواء علماء الدين ولا لأي من الأجواء والمناخات.

إذن، العلم هو أحد هذه المحاور الرئيسيّة، والاتّحاد أيضاً من المحاور الرئيسيّة، والتديّن من المحاور الرئيسيّة، واقتصاد البلد أحد المحاور الرئيسيّة. إذا عملنا بهذه المحاور وتابعناها خلال دورة زمنيّة معيّنة تحت شعار الإبداع الذي سيفضي حتماً إلى الازدهار، فإنّ بوسع هذه المحاور وخلال هذه الدورة الزمنيّة أن تفرض الهزيمة على العدو، طبعاً النشاط والسعي والعمل الاقتصادي لابد أن يخضع لمعيار العدالة، إذ من دون العدالة سيفضي أي نشاط اقتصادي إلى الضرر، وليس معنى العدالة أن لا نستثمر أو لا نسمح للمستثمر أن يستثمر، هذه تصوّرات خاطئة يحملها أولئك الذين اعتبروا أنفسهم يومها أنصاراً للعدالة. لا، إيجاد المشاغل والمهن عمل خيري وعبادة وإنجازات كبرى يجب أن تتم، القضيّة هي الإدارة الصحيحة لهذه العمليّة، على مدراء البلاد والحكومة سواء في مجال التشريع أو التنفيذ أو القضاء أن يديروا العمليّة بحيث لا يحصل اعتداء على الحقوق ولا يعتدي أحد على آخر، وسوف تتقدّم هذه القافلة بكل مكوناتها إلى الأمام إن شاء الله.

اللهم اجعل ما قلناه وسمعناه لأجلك وفي سبيلك .. اللهم وفّقنا لما يوجب رضاك عنّا .. اللهم اجعل بلدنا متقدّماً شامخاً أكثر يوماً بعد يوم .. اللهم وفّق هؤلاء الشباب الأعزّاء الطاهرين لبناء مستقبل البلاد بالشكل المنشود .. اللهم احفظ هؤلاء الشباب لهذا البلد والشعب .. اللهم أرض عنّا القلب المقدّس لإمامنا المهدي.


  • [1] الحديد: 21



المصدر
كتاب التحليل السياسي في فكر الإمام الخامنئي كتاب التحليل السياسي في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟