مواضيع

التفاوض يعني الضرر للشعب الإيراني


العنوان الثالث هو أنّ العلاقة والتفاوض مع أمريكا يحمل أضراراً للشعب الإيراني وللنهضة العالميّة للإسلام، و أوّل تلك الأضرار هو أنّ الأمريكيّين ما أن يدخلوا هذا الميدان سيحاولون الإيحاء إلى أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة قد تراجعت عن جميع ما كانت تصرّح به في زمن الإمام وفي فترة الحرب والدفاع المقدّس وفي أيام الثورة، وأوّل ما سيشيعونه في العالم هو أنّ الثورة الإسلاميّة قد اضمحلّت وانتهت، مثلما يهمسون بهذا الكلام حالياً مع أنّ شيئاً من هذا القبيل لم يحصل!

قرأت قبل بضعة أيام تصريحاً لرئيس دولة أفريقيّة مرسلاً بواسطة التلكس يقول فيه: إنّ إيران كانت تزعم مدّة من الزمن أنّها تعارض أمريكا، ولكنّها تمهّد حالياً لإقامة علاقات صداقة معها، وتمدّ لأمريكا يد الصداقة. ومع أنّ شيئاً لم يحصل حتى الآن إلّا أنّهم يتحدّثون بمثل هذا الكلام! وسيملؤون أجواء العالم بالدعايات والإشاعات ضد الشعب الإيراني وضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة بأنّها تراجعت عن مبادئ ثورتها، وسينتهكون حينذاك كرامة الثورة أمام العالم وأمام المستضعفين، ويثيرون الشكوك في القلوب. وهذا ما سينتهي إلى أفول نهضة العالم الإسلامي، وسيسلب الشعب الإيراني استقلاله.

كان هذا الشعب على مدى 150 سنة، أي منذ أواسط عهد ناصر الدين شاه القاجاري وحتى يوم الثورة خاضعاً لنير القوى الأجنبيّة، وإذا كان السلاطين ممّن سبق تلك الفترة مستبدّين وظلمة وملعونين، فهم كانوا على أدنى الاحتمالات قد صانوا كرامة هذا الشعب وهذا البلد، ولم يكونوا خاضعين للتسلّط الأجنبي ولكن منذ أواسط و أواخر عهد ناصر الدين شاه القاجاري بدأ تغلغل الأجانب وتدخّلهم في شؤون إيران وبقيت هذه الحالة تتفاقم حتى العهد البهلوي حيث وقعت إيران جملة واحدة في قبضة الأجانب.

جاء الإنجليز برضا خان إلى السلطة وبقي في قبضتهم إلى أن أزاحوه ونصّبوا محمد رضا بدلاً عنه، وبقي هو الآخر في قبضتهم، وبعد عدّة سنوات دخل الأمريكان إلى الساحة بما لديهم من أموال وإمكانيّات، وبقيت إيران ومصير الشعب الإيراني بيد الأجانب إلّا أنّ الشعب الإيراني استطاع أن يرد على ذلك الاستخفاف والإهانة بالثورة.

إنّ أحد أبعاد هذه الثورة أنّها كانت ضربة للخونة والمرتبطين بالأجنبي وللأجهزة العميلة للأعداء وللأجانب، وكانت الثورة في الواقع تعبيراً عن غضب الشعب الإيراني ضد النفوذ الأجنبي.

و الآن وبعد كلّ هذه الدماء التي أريقت في سبيل الاستقلال، يعود أدعياء ملكيّة هذا البلد أي الأمريكيّون الذين يدعون لأنفسهم ملكيّة هذا البلد، ويتدخّلون في شؤونه ويتغلغلون في مختلف أجهزته، ويبدأون بجمع أعداء الثورة، وما شابه ذلك! وهل سيسمح الشعب الإيراني بمثل هذا؟ وهل تنازل الشعب الإيراني عن ثورته وعن إمامه وعن عزّته واقتداره حتى يسمح للأمريكيّين بالعودة إلى هذا البلد مرّة أخرى؟

لقد قلنا مراراً وتكراراً أنّنا لا شأن لنا بالشعب الأمريكي، فهو أيضاً كسائر الشعوب له محاسنه ومساوئه وهذا شأن يتعلّق به، وقضيّتنا هي مع الحكومة والنظام الأمريكي الذي يناصب العداء للجمهوريّة الإسلاميّة والثورة والشعب الإيراني، وصرّحت مرّات عديدة وقلت أنّهم و إن لم يكونوا يرون من مصلحتهم المجاهرة بهذه الغاية، إلّا أنّ حقيقة الأمر هي هذه؛ إنّهم أعداء لاستقلالكم ولإسلامكم ولعزّتكم، وهم أعداء لصمودكم أمام أطماعهم ويسعون سعيهم ويكيدون كيدهم لمواجهتكم.

إلّا أنّ السنّة الإلهيّة تجري على خلاف مشيئتهم، السنة الإلهيّة تقضي ببقائكم وقوّتكم وانتصاركم، وسيكون النصر حليفكم إن شاء الله ونحن كما صرّح رئيس الجمهوريّة في تلك المقابلة، وكما أكّد المسؤولون الآخرون لا حاجة لنا بالعلاقة مع الأمريكيّين ولسنا بحاجة لإقامة علاقات مع أمريكا ولا للتفاوض معها وسيمضي الشعب الإيراني بإذن الله قدماً ـ رغم أنف الأعداء ـ ويطوي مدارج الرقي والتقدّم يوماً بعد آخر.

بسم الله الرحمن الرحيم

<إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ 1 وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا 2 فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا 3 )[1]

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


  • [1] سورة النصر



المصدر
كتاب التحليل السياسي في فكر الإمام الخامنئي كتاب التحليل السياسي في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟