مواضيع

ما هو هدف الثورة؟


سجّلت عدة نقاط في هذا الخصوص، النقطة الأولى تتمثّل بالسؤال: ما هو هدف الثورة؟ لقد كان هدف الثورة بناء إيران بهذه المواصفات: مستقلّة، حرّة، تتمتّع بالثروة والأمن، متديّنة وتتحلّى بالمعنويّة والأخلاق، متقدّمة في سباق المجتمع البشري الكبير في العلم وسائر المجالات، وقد قام بين أبناء البشر منذ البداية والأزل سباق في المكتسبات الإنسانيّة في العلم وسائر الأمور والقضايا وتتمتّع بالحريّة بكلّ معاني الحريّة. ليست الحريّة الحريّة الاجتماعيّة فقط، مع أنّ الحريّة الاجتماعيّة من مصاديق الحريّة المهمّة فالمقصود هو الحريّة الاجتماعيّة، والحريّة بمعنى تحرّر البلد واستقلاله وعدم خضوعه للأجانب وتسلّطهم – وقد يكون البلد مستقلاً في ظاهره أحياناً لكنّه خاضع للنفوذ – والحريّة المعنويّة المتمثّلة بفلاح الإنسان وتساميه الأخلاقي وعروجه المعنوي الذي يعد هدفه الأعلى، كلّ الأمور والأعمال مقدّمة لتكامل الإنسان وعروجه، هذا ما ينبغي أن يفصح عن نفسه في المجتمع الإسلامي. إيران بهذه الخصائص هي التي أرادتها الثورة، اسألوا: من أي أبعاد الثورة تُستنتج هذه الخصائص؟ أين دوّنت؟ وأقول لكم في كلمة «الإسلاميّة»، الإسلام هو أساساً هذه الأشياء، من تصوّر عن الإسلام غير ذلك فإنّه لم يعرف الإسلام، من يظنّ أنّ الإسلام يُعنى بالجوانب المعنويّة فقط، وبتصوّرات خاصّة للجوانب المعنويّة – العبادة والصيام والزهد والذكر وما إلى ذلك – ولا يهتم لدنيا الإنسان ولذائذه ومطالباته فإنّه لم يعرف الإسلام بنحو صحيح، ليس الإسلام كذلك؛ كلّ تلك الأمور التي ذكرناها سواء أمور المجتمع الدنيويّة كالعدالة والأمن والرفاه والثروة والحريّة والاستقلال أو أمور الآخرة كالفلاح والتقوى والورع والتسامي الأخلاقي والتكامل المعنوي للإنسان تندرج كلّها في كلمة «الإسلاميّة». تقول لنا الآية القرآنيّة: <وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ>[1]. إذا وُجد الإيمان والتقوى جرت على الإنسان بركات السماء والأرض؛ بركات السماء هي الفتوحات المعنويّة والرحمة الإلهيّة والقرب إلى الله واستغفار ملائكة السماء وحملة العرش لعباد الله على الأرض، وبركات الأرض هي كلّ ما يرتبط بحياة الإنسان على الأرض؛ أي الحريّة والرفاه والاستقلال والأمن وسعة الرزق وسلامة البدن وما إلى ذلك، إذا كان الإيمان والتقوى موجوداً عند البشر تنزل تلك البركات وهذه البركات على الإنسان، هذا هو الإسلام. إذن، حينما نقول الثورة الإسلاميّة فمعناه هو ما ذكرناه، هذا هو الشيء الذي كانت عليه الثورة، أردنا أن نبني إيران بهذه المواصفات ولهذه الفكرة تتمّة هي أنّ القضيّة لا تختصّ بإيران؛ إيران مطلوبة كنموذج للمجتمعات الإسلاميّة بالدرجة الأولى وكافّة المجتمعات الإنسانيّة بالدرجة الثانية، أردنا نحن بناء هذا المجتمع بهذه الخصائص – نحن معناها الشعب الإيراني، وثورة إيران، والثوريّون الإيرانيّون، وليس المراد أنا وعدّة أشخاص آخرين  – ووضعه أمام كلّ أبناء البشر والأمّة الإسلاميّة والقول لهم: هذا هو الشيء الذي يطمح إليه الإسلام ويقدر عليه الناس في هذا الزمن، لا يتصوّر البعض أنّ هذا شيء منشود لكنّه غير ميسور، يقال إنّ بعض ذوي النوايا الحسنة كانوا خلال فترة كفاح النهضة الإسلاميّة يقولون: لِمَ كلّ هذه الجهود التي لا طائل من ورائها! نعم، كلامكم صحيح لكنّه غير ممكن، وأرادت الثورة أن تثبّت للجميع أينما كانوا من العالم الإسلامي أنّ هذا النموذج ممكن التحقيق، وهذا هو المثال، كان هذا هدف الثورة، كان هذا الهدف مطروحاً منذ البداية وأقول لكم أنّه لا يزال قائماً اليوم أيضاً، وسيبقى في المستقبل؛ إنّه هدف ثابت، هذه هي النقطة الأولى من حديثنا.


  • [1] الأعراف: 96



المصدر
كتاب التحليل السياسي في فكر الإمام الخامنئي كتاب التحليل السياسي في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟