الشّهيد حُجَجي وذاك القاتل الشّرّير، كلاهما من ثمار المسجد
نحن لدينا الكثير من الشّهداء حتّى إنّ بعضهم قد ذُبح، لكنّ الله أحياناً يصنع حادثاً من أجل إظهار عظمة موضوعٍ ما، وكان الشّهيد مُحسن حُجَجي[1] ليظهر عظمة مدافعي الحرم العظام. نرى وجهَين في مشهد أَسْر الشّهيد حججي: ذلك الوجه الّذي يريد الذّبح، والوجه الآخَر المُراد ذَبحُه، والاثنان من ثمار المسجد. كلُّ معاركنا في العالم هي لأجلِ مسجدٍ واحد هو المسجد الأقصى، ووحدتنا كلّها تتمحور حول مسجدٍ واحد وهو المسجد الحرام الّذي يُمكن أن يوحّد العالم الإسلامي.
لدينا ثلاثة أنواعٍ من المساجد في العالَم الإسلاميّ، ونحن نرى ثمار هذه الأنواع الثّلاثة الموجودةٌ أيضاً في بلدنا: مسجدٌ يصنع الوعي ويربّي، مسجدٌ آخر يبثّ روحاً من الإهمال ويُخفض الهمم والدّوافع في المجتمع حيث يقتصر عمل إمام الجماعة فيه على التّحدّث للمأمومين بما يُحبون وحسب، والنّوع الثّالث من المساجد هو بمثابة الآليّة التّي ركبها قادة التّكفيريّين فكانت نتيجتها ولادة تنظيم داعش وجبهة النّصرة.[2]
كان حسين بادبا[3] رفيقاً لي أثناء الحرب وقد أحببته كثيراً، وهو الآن من شهداء مفقودي الأثر. كنّا من المدينة نفسها، وقد توسّط عبر زوجته من أجل المجيء إلى هنا، وهذا مهمٌّ جدّاً أن تأتي امرأةٌ نيابةً عن زوجها فتتوسّل وتقول: «إقبَل أن يذهب زوجي إلى الجبهة وأن يصبح شهيداً».
هذا كلامٌ مهمٌّ جدّاً ويدلّ على أنّ الهدف ذو قيمةٍ عالية. لقد أحببته كثيراً. كانت واسطته في المرّة الأولى هي زوجته، وفي المرّة الثانية جاء بنفسه، ولم أسمح بذهابه مرّة أخرى، ثمّ عادت زوجته لتتوسّط له مرّةً أخرى فقد قال لها: «لديكِ سمعةٌ طيّبةٌ عند فلان، اذهبي إليه وتوسّطي لي عنده كي يسمح لي بالذّهاب». جاء إلى هنا واستشهد في العام الماضي خلال الأيّام الفاطميّة.[4]
استطاع الفريق الشّهيد حسين بادبا عبر إصراره أن يبلغ قافلة الشّهداء، وربمّا استطاع تجاوزها، وهو لم يتمكّن من ترجمة الكلام الغيبيّ[5] للشّهيد حسين يوسف اللّهي فيه والذي قاله في محضر الله إلى إرادةٍ إلهيّة فحسب، بل ربّما استطاع تجاوز الشّهيد يوسف اللّهي.[6]
قال الإمام الخامنئيّ خلال لقائه عائلة الشّهيد حججي: «شهداؤنا كلّهم مظلومون. فضلاً عن مُحسنكم، ثمّة شهداء آخرون استشهدوا على هذا النّحو نفسه، أي إنّ العدو فصل رؤوسهم عن أجسادهم، ودرجاتهم جميعاً عالية، وكلّهم أعزّاء عند الله تعالى. لقد أعزَّ الله تعالى هذا الشّاب بسبب خصوصيّاته وجعله ممثّلاً ومتحدّثاً بإسم كلّ هؤلاء الشّهداء».
وقد أصيب الشّهيد مرّاتٍ عديدةٍ أثناء معارك الدّفاع المقدس، وأخيراً، بعد فقدانه لإحدى عينيه، أصبح جريحَ الدّفاع المقدّس بنسبة جراحٍ بلغت 70 في المائة. ومع ذلك، لم يستسلم بعد الحرب، وكان في طليعة المقاتلين في المهمّات الجنوبيّة الشّرقيّة لفرقة ثار الله 41 ضدّ العناصر المناوئة للثّورة والمخربين في عام 1991.
مع بداية المعارك بين قوى المقاومة والتّكفيريّين في سوريا، غادر الحاج حسين أيضًا إلى الشام كقوّة استشاريّة تطّوّعيّة، لكنّه بسبب روحيّته العالية، لم ينأى بنفسه عن الصّراع وعاد إلى إيران مصابًا عدّة مرّات، لكنّ بعد كلّ مرّةٍ كان يعود إلى سوريا لإنهاء عمله غير المكتمل على الرّغم من أن جراحه لم تكن متماثلة للشفاء التامّ.
تجرّع حسين بادبا -الصّديق القديم للحاج قاسم سليماني- مع رفيقه في الجبهة هادي كجباف شربة الشّهادة بتاريخ 18 نيسان 2016 خلال المعارك في منطقة بصر الحرير بمحافظة درعا السّوريّة ولم يعد جسده الطّاهر إلى الجمهوريّة الإسلاميّة حتّى الآن.
نظرت إلى ساعتي، لقد مرّت 25 دقيقة.
تكمن أهمّية هذه المسألة في تعديل وقت عبور الغوّاصين إلى اروند بحيث لا يتقاطع مع زمن الجزر، لأنّ الماء حينها سيسحب كلّ الغوّاصين إلى البحر. من ناحيةٍ أخرى، كانت المياه تتحرّك في الاتّجاه المعاكس للنّهر من البحر في فترة المد، وحين تلتقي قوتي المد والجزر للنّهر يصبح الماء راكدًا، فيكون هذا هو الوقت المناسب للعبور من اروند.
أمّا موضوع تحديد ساعةٍ ركود الماء من اللّيل يحدث هذا ومدّته فقد كان شيئاً يجب احتسابه والتّنبّؤ به، وقد وجد الأخوة المعلومات الكافية لحلّ هذه المشكلة، فوضعوا علامةً على عامودٍ وثبتوه في الماء بجانب الشاطئ، وكان لهذا العامود ثلاثة حرّاس يسجّلون أحجامًا متعدّدةً في أوقاتٍ مختلفة.
كان حسين بادبا أحد هؤلاء الحرّاس، وكان قد روى بنفسه: «أعطونا دفتراً كنّا نسجّل بداخله التّاريخ والوقت والدّرجة الّتي نقرؤها على العامود كلّ 15 دقيقة. نحن الثّلاثة، كان هذا عملنا فقط على مدى شهرَين.
كنتُ مرهقاً جدّاً وغلبني النّعاس في تلك اللّيلة، وكان دوري في منتصف اللّيل، جاء الحارس الّذي سبقني وأيقظني قائلاً: إنهض يا حسين، حان دورك للحراسة.
قلتُ له وأنا في تلك الحالة: حسناً إذهب أنت ونَم، سأقوم حالاً.
ذهب الحارس إلى مكانه ونام معتقداً أنّني استيقظتُ وسأذهب إلى مكان الحراسة، لكنّه عندما نام، نمتُ أنا أيضاً. بعد لحظاتٍ قليلة، قفزتُ من مكاني دفعةً واحدة، نظرت إلى ساعتي، كانت قد مرّت 25 دقيقة. نهضت بسرعة، نظرتُ إلى رفاقي وكانوا جميعاً نائمين، كما كان حسين يوسف اللهي ومحمد رضا كاظمي في الأهواز، فقلتُ في نفسي: الحمد لله لم ينتبه أحدٌ لما حصل. لم تكن المسافة بعيدة بين خندقنا والعامود».
لن تصبح شهيداً يا حسين!
«ذهبتُ إلى مكاني بسرعة، أخذت الدّفتر وقمت بتدوين معلومات الـ 25 دقيقةً التي كنت نائماً فيها بناءً على معلومات الأيام السابقة الموجودة في ملاحظات الدّفتر. في اليوم التّالي، كنت داخل المخيّم عندما رأيت محمّد رضا كاظمي يدخل بالسّيارة وجاء مباشرة إليّ دون توقف، ثمّ نزل من السّيارة وناداني.
قال: حسين، تعال إلى هنا. تقدّمت نحوه.
قال بدون مقدّمات: لن تصبح شهيداً يا حسين!
انخطف لوني، وفهمتُ سبب كلامه هذا، لكن كان من المهمّ أن أعرف كيف علم بالأمر.
قلت: لماذا؟ ليس هناك شيئاً آخر تريد قوله؟
قال: هذا الّذي أقوله لك فقط.
قلت: حسناً أخبرني سبب ذلك.
قال: أنت تعلم.
قلت: لا أعلم، قل أنت.
قال: كنت حارس العامود في اللّيلة الماضية، صحيح؟
قلت: أجل.
قال: بقيتَ نائماً مدّة 25 دقيقة وكتبتَ الملاحظات على الدّفتر من عندك. يجب أن يكون لدى الشّخص الّذي يسعى للشّهادة الكثير من الشّهامة والشّجاعة، كان من الأفضل أن تترك مكان الـ25 دقيقة خالياً وتكتب: «كنتُ نائماً».
قلت: من قال هذا؟ ليس كذلك على الإطلاق.
قال: لا تقل المزيد، الآن أنت تكذب أيضاً، لذا كن على يقينٍ بأنّك لن تصبح شهيداً.»
محمد رضا، أخبر حسين أنه لن يستشهد
«ركب السّيّارة حزيناً وذهب إلى عمله. أصبحت تراودني الأفكار مع فعله هذا، كيف علم بما حصل؟! في تلك اللّيلة كان الجميع نائمين ولو لاحظني أحدهم لم يكن يستطع قول أيّ شيءٍ لمّحمد رضا كاظمي لأنّه كان في الأهواز وبمجرّد وصوله لم يتحدّث إلى أحدٍ وجاء إليّ مباشرةً.
والأهمّ من ذلك، كيف عرف بدقّةٍ أنّني كنتُ نائمًا لمدّة 25 دقيقة؟! بقي ذهني مشغولاً بهذه القضيّة لعدّة أيّام. كلّما فكّرت من أين علم بذلك لم أكن أصل إلى جواب. إلى أن ناديتُ ذات يوم محمّد رضا كاظمي وقلت له: تعال، أحتاجك لبضع دقائق.
قال: ما الخبر؟
قلت: أردت أن أتحدث عن ذلك اليوم.
قال: ماذا تريد أن تقول؟
قلت: إن أردتَ الحقيقة، لقد كنت مُحقّاً في ذلك اليوم، نعم بقيتُ نائمًا، لكن صدّقني إنّه لم يكن مقصوداً. أيقظني الحارس، لكنّني كنت مرهقاُ جدّاً، أنا نفسي لم أفهم كيف عدتُ للنّوم.
قال: قلتَ إنّك لم تبقَ نائماً في ذلك اليوم، هل أردت أن تزرع الشّكّ فيّ؟
قلت: أردت أن أخفيه في ذلك اليوم، لكن عندما رأيتك تتحدّث بثقة واطمئنانٍ أدركتُ أنَه هناك خطبٌ ما.
قال: حسناً ماذا تريد أن تقول الآن؟
قلت: لا شيء، فقط أريد أن أعرف كيف علمتَ بذلك؟
قال: لا تهتمّ بهذه الأشياء، اعلم فقط أنّك لن تستشهد.
قلت: بحقّك قل لي، صدّقني ذهني مشغولٌ بهذه القضيّة منذ عدّة أيّام.
قلت: لماذا تُقسم؟ لا يمكن أن أقول.
قال: حسناً الآن وقد أقسمت، أخبرني.
سكت قليلاً وقال بتردّد: حسنًا، الآن بعد كلّ هذا الإصرار، سأقول، لكن عليك أن تعدني بألّا تذهب وتخبر الجميع، على الأقل طالما أنّنا على قيد الحياة.
قلت: كما تريد.
قال: كنت أنا وحسين يوسف اللهي نائمين في خندقٍ داخل معسكر الشهيد كازروني في الأهواز. أيقظني حسين منتصف اللّيل وقال: محمد رضا، حسين الآن نائمٌ في الموقع وليس هناك من يقيس المدّ والجزر، قم الآن واذهب إليه!
بما أنّني كنتُ على يقينٍ من أنّ حسين لم يكن يكذب أو يتحدّث بشكلٍ عبَثيّ، فقد نهضت للمجيء إلى هنا. وعندما أردت الإنطلاق جاء مجدّداً وقال: قل لحسين أنّه لن يستشهد. هل فهمتَ الآن لماذا أتحدّث بكلّ هذا الثّقة؟
عندما سمعتُ اسم حسين يوسف اللهي، أصبحت مُكبّلاً. فقد كنتُ أعرفه جيّداً، وعندها أيقنتُ أنّني لن أصبح شهيداً.»
لا علاقة لقذائف الهاون هذه بي!
يتابع الشهيد السّيّد ابراهيم صدر زاده زميل الشهيد بادبا قصّة استشهاد الحاج حسين بادبا على النّحو التالي: «لقد غرق الحاج حسين في معاني <وَأُفَوِّضُ أَمْری إِلَی اللَّهِ>».
كان الأخوة يحذّرون الحاج حسين من الخطر عندما كان يقوم للصّلاة في ميدان الحرب، لكنّه كان يجيبهم: <أُفَوِّضُ أَمْری إِلَی اللَّهِ>.
كان الحاج حسين غارقاً في معنى <وأُفَوِّضُ أَمْری إِلَی اللَّهِ> وقد أوكل كلّ أعماله إلى الله عزّ وجلّ. عندما كنّا نسأله: «ألا تحبّ أن تستشهد؟»، كان يقول: <وَأُفَوِّضُ أَمْری إِلَی اللَّهِ>. كان الحاج حسين قد سلّم نفسه لله بالكامل.
كان لدى الحاج حسين شجاعةٌ عجيبة. أتذكّر عندما سقطت قذائف الهاون على الأرض بجانب الحاج حسين في إحدى العمليات، رميتُ حسين على الأرض معي حتّى لا تصيبه شظايا الهاون، لكنّ الحاج حسين قال: «لم فعلتَ هذا؟»، قلت: «أنّها قذائف هاون يا حاج!».
قال: «لاعلاقة لقذائف الهاون هذه بي، سأُصاب بها في الوقت المحدّد». ولا يزال كلام الحاج حسين في أذني.
أتذكّر بعد ذلك أنّني رأيتُ الحاج حسين يستغفر الله بشكلٍ مستمرّ.
سألته: ماذا حصل؟ لم كلّ هذا الاستغفار؟
قال: أنا هربتُ بسبب قذيفة هاونٍ واحدةٍ.
قلت: لا تقل تلك القذيفة الّتي رميتُك على الأرض بسببها؟!
قال: أجل، تلك هي.
كان الحاج حسين يقول: «كلّما أردت أن أذنب، كان الشّهداء يحمونني».
وكان الحاج حسين بادبا قد اختار لنفسه الشّهيد يوسف اللّهي -زميله في الحرب المفروضة والذي أعطى رسالةً للشّهيد محمد رضا كاظمي مفادها أنّ حسين لن يستشهد– وكان يتحدّث معه ويستشيره في كلّ أمور حياته. الحاج حسين يستأنس جدّاً بهذا الشّهيد وقد رفعه الله إلى قمّة العرفان.
أتذكّر حين استشهد علي رضا توسّلي (أبو حامد)، كان الحاج حسين جالساً وركبته على ركبة أبو حامد وسقطت قذيفة الهاون بجوار أبو حامد. في العادة، كان على قذيفة الهاون أن تفعل بحسين ما فعلته بأبي حامد.
قطعت تلك القذيفة رأس ويد أبو حامد، وأدّت إلى استشهاد الأخوة الّذين كانوا خلفه، لكن كان من الغريب أنّ حسين لم يصب بأذىً وتغبّرت ثيابه فقط!
فتح الحاج حسين عينيه وقال: ما زلتُ على قيد الحياة
أصيب الحاج حسين برصاصةٍ تحت قلبه خلال إحدى العمليّات، وفي ذلك اليوم نزف الحاج حسين دماءً كثيرة، وظنّ الأخوة أنّه على طريق الشّهادة وأصبحوا يلقّنونه الشّهادتين، فتح الحاج حسين عينيه فجأةً وقال: «ما زلتُ على قيد الحياة». كلّ هذه الأحداث جعلتني أؤمن بشكلٍ خاصٍّ بالحاج حسين بادبا.
قال الحاج قاسم: «يجب أن يَدعو شخصٌ واحدٌ»
ذهبت في عيد النّوروز برفقة الحاج حسين إلى الحاج قاسم سليماني، فقال الحاج قاسم لحسين: «أخشى أن تستشهد».
قال أحد مجاهدي الفرقة 41 ثار الله والّذي لم أكن أعرفه: «لن يستشهد الحاج حسين، هكذا قال الشّهيد يوسف اللهي».
قال الحاج قاسم: «كلا، لو دعا له الّذي يجب أن يدعو له، لأصبح شهيداً».
بمجرّد أن قال الحاج قاسم هذه الجملة، صار حسين بادبا كالخشبة وقال لي: «إبراهيم، ماذا قال الحاج قاسم؟»، فكرّرتُ له ما قال الحاج قاسم.
عندما عدنا إلى بيت الحاج حسين في تلك اللّيلة، عاد وسألني عمّا قاله الحاج قاسم فكرّرت له قوله مجدّداً، وبعد ذلك سألني الحاج حسين عن هذا الموضوع أربع أو خمس مرّات.
بعد مدّةٍ سألني الحاج حسين: «إبراهيم، هل يعلم الحاج قاسم بالغيب؟!». فقلت: «ماذا تقصد بهذا السّؤال؟».
قال الحاج حسين: «رأيتُ حلُماً لم أروِه لأحدٍ حتّى الآن»، سألته: «أيّ حلُم؟».
قال الحاج حسين: «منذ فترة، رأيتُ الشّهيد محمد رضا كاظمي في الحلُم وهو نفس الشّخص الّذي جاءني برسالة الشّهيد يوسف اللّهي وقال: إنّك لن تستشهد. طلبتُ من الشَهيد كاظمي في المنام أن يدعو لي كي يوصلني الله إليه وأنضمّ له، ولكنّ الشّهيد كاظمي لم يدعُ، فدعوتُ الله بنفسي وطلبت من الشّهيد كاظمي أن يقول (آمين) لكي يُلحقني الله بالشّهداء إلّا أنّه لم يقُل واكتفى بالنّظر إلى وجهي وابتسم.»
من أين علم الحاج قاسم بما قاله الشّهيد كاظمي؟
بعد هذا الحلُم، وقبل أقل من شهرٍ من استشهاده، قصد حسين بادبا -بحسب فيلمٍ عُرض في حفل تأبين هذا الشّهيد العظيم في كرمان- قبر الشّهيد محمد رضا كاظمي كما التقى بوالديه هناك.
طلب الحاج حسين هناك من والدة الشّهيد كاظمي أن تدعو لحسن عاقبته، فرفعت والدة الشّهيد كاظمي يديها إلى السماء، وطلبت من الله حسن العاقبة للحاج حسين ودَعَت له.
وهكذا كان أثر دعاء الشّهيد كاظمي على لسان والدته بحقّ الشّهيد بادبا ومغامرته الجميلة الّتي انطلقت في أوّل رجب شهر الرّحمة والمغفرة.
يقول حجّة الإسلام الشّيرازي عن الشّهيد حسين بادبا: «تمّ اختبار حسين لمدّة 30 عامًا لمعرفة مدى تمسّكه بمُثله العليا ورغبته، وهي الاستشهاد. في عام 2001 قرّر أداء فريضة الحجّ عن الشّهيد يوسف اللّهي من أجل تعميق هذه العلاقة، لكنّه أيضاً لم يرضَ بذلك».
بقي لمدّة عامٍ كاملٍ يتوسّل عند ضريح الشّهيد يوسف اللّهي كلّ يومٍ قبل أذان الصَبح، حتّى فُتِحت الطَريق أمامه وتوجّه إلى سوريا.
- [1] ولد محسن حُججي عام 1991 في مدينة نجف آباد الأصفهانيّة وكان واحداً من أبطال مدافعي الحرم واستشهد في سوريا. كان الشّهيد حججي أحد المجاهدين والعناصر النّاشطين في مؤسسة الشّهيد أحمد كاظمي، وقد أسرته مجموعةٌ إرهابيّةٌ من تنظيم داعش خلال عمليّةٍ بالقرب من الحدود السّوريّة العراقيّة، واستشهد بعد يومين على يد إرهابيّين تكفيريّين في سوريا. كان هذا المجاهد الثّقافيّ ناشطاً في ترويج الكتب وقام بأعمالٍ جهاديّةٍ في معسكرات البناء لخدمة المناطق المحرومة وكان من خدّام «سالكي طريق النّور» في مناطق عمليّات الدّفاع المقدس. بعد انضمامه للحرس الثّورة، عمل بعد الظّهر في محلٍّ لبَيع الكتب وكان ينفق عائداته في رّحلاته الجهاديّة إلى المناطق المحرومة للتّخفيف من حدّة الفقر. أُسرَ هذا الشّابّ الراشد على يد تنظيم داعش خلال فترة خدمته الثّانية في سوريا على الحدود العراقيّة في يوم الإثنين 7 آب 2017 واستشهد يوم الأربعاء 9 آب 2017 في منطقة التنف السورية.
- [2] خطاب الحاج قاسم سليماني في لقاء اليوم العالميّ للمسجد.
- [3] ولد حسين بادبا عام 1969 في عائلةٍ متديّنةٍ من مدينة رفسنجان التابعة لمحافظة كرمان. ذهب في سن الخامسة عشرة إلى ساحات القتال ضدّ القوات البعثية، وقضى 4 سنوات في الجبهة، وخلالها تمّ تحديده كمسؤول عن محورٍ، وفي بعض الأحيان شغل منصب قائد سريّة أو نائب قائد كتيبة.
- [4] خطاب الحاج قاسم في جمعٍ من مدافعي الحرم في سوريا.
- [5] كانت إحدى المسائل المهمّة المرتبطة لعمليّات «والفجر 8» هي مسألة المدّ والجزر البحريّ والّذي يؤثّر كذلك على نهر اروند، فقام الأخوة بوضع علامة على عامودٍ ووضعوه في الماء على الشّاطئ لقياس المدّ والجزر بدقّةٍ في مختلف الأوقات والأيّام، وكان للعامود حارسٌ مهمّته تسجيل حجم المدّ والجزر بالدّرجات.
- [6] خطاب الحاج قاسم في الذّكرى السنويّة الأولى لشهادة حسين بادبا.
تعليق واحد