مواضيع

هذا الموضوع أزعج الشّهيد باكري

كان الشّهيد مهدي باكري سلمان الحرب. لا يوجد شخصية مماثلة وأكثر شمولية في تاريخ الدّفاع المقدّس أكثر من مهدي باكري وأخيه حميد. كان هذان الأَخَوان مميّزَيْن في الشّجاعة والإيثار والتّضحية بالنّفس. بطبيعة الحال، فقد كان خرّازي وهمّت كذلك أيضاً.

إذا أردنا وصف شخصيّة باكري، فعلينا الالتفات إلى نقاطه الثّلاث وهي «الإدارة والأخلاق والتّضحية». كان حميد بالنّسبة لمهدي، كالعبّاس بالنّسبة للإمام الحسين  (ع)، فلم يناديه بـ«أخي» أبداً، إنّما كان يقول له «السّيّد مهدي». كان حميد نفسه قائداً شاملاً، إلّا إنّه كان يتصرّف بطريقةٍ لا يُشعر بها أحدٌ أنّ شقيق مهدي هو قائد. على أيّة حال، فقد استشهدت هاتان الأسطورتان مظلومتَين ولم يتمّ العثور على جسديّ الشّهيدين العظيمَين حتّى الآن.

بالتّأكيد لم يكن من الممكن أن يسود مثل هذا الجوّ الرّوحيّ في فترة الدّفاع المقدّس ويجعله مخلّدًا بدون أن تمر خلاله شخصيّاتٍ كالشّهيد باكري. كانت أساطير الدّفاع المقدّس هذه معروفةً بشكلٍ عامٍّ وخاصٍّ، وكلّ عمل كان يقوم به هؤلاء القادة كانت تتبعه جميع الفرق، أكثر من رجوعها إلى مرجع التقليد حتّى.

عندما استشهد حميد في الجانب الجنوبيّ من جزيرة مجنون وبقي جثمانه في قناة المياه، لم نرَ على مهدي أيّ علامةٍ على الحزن والتّغيّر. كنّا نمزح ونضحك في تلك الأجواء عندما أعلن الشّهيد كاظمي نبأ استشهاد حميد، وقد أغضب هذا الموضوع مهدي لأنّه لم يكن يريد نشر الخبر! لم يسمح أبداً بنقل جثمان أخيه إلى الخطوط الخلفيّة، لأنّه كان يعتقد أنّنا إذا أحضرنا جثامين الشّهداء الآخرين، فسنحضر جثمان حميد أيضاً.

كانت لي حادثةٌ أخرى مع الشّهيد مهدي باكري. في جزءٍ من نهر دجلة، كان هناك منعطفٌ يشبه حدوة الحصان التي تُحدث منعطفاً خاصّاً في المياه، وعندما حان وقت التّراجع خلال عمليّات «بدر»، ذهبت إلى مياه دجلة لإعادة الكتيبة الّتي كانت تحت إمرتي. في تلك الأثناء، سألني الأخ حسين آقايي: «هل لديك سهم؟»، فقلت: «كلّا، معي بندقيّة». قال: «تعال، إنّهم يحضرون مهدي على متن قارب، ولكن سقطت حينها قذائف هاون وسط نهر دجلة، وبقي جثمان مهدي ضيفاً على نهر دجلة إلى الأبد».[1]


  • [1] خطاب الحاج قاسم في حفل إحياء ذكرى شهداء فرقة عاشوراء 31.
المصدر
كتاب سيد شهداء محور المقاومة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟