مواضيع

لقب «آغا» في فرقة ثار الله

في فرقة ثار الله، كان هنا اثنان من الشباب، كان الجميع -دون استثناءٍ- يطلق عليهم لقب «آغا» أي السيّد؛ كان أحدهما حسين آغا يوسف إلهي والآخر علي آغا ماهاني[1].

كان الشهيد ماهاني من الشخصيات التي كُشف الحجاب عن عينيه، وقد شعرت بذلك. أي أن علاقته الروحية بالله كانت وثيقة جدًا لدرجة أن العديد من الحجب المادية والتي لم يستطع الآخرون رؤيتها قد كشفت من أمامه.[2]


  • على الرغم من عطشه الشديد، كان يعطى الماء للشباب المجروحين

ورافق هذا الشهيد عدد من الشهداء الآخرين في عملية بيت المقدس ومنهم مصطفى مندوزاده وأصيب في يده ورجله، كانت يده اليمنى ورجله قد أصيبت بكم هائل من الشظايا. كانت يده مشلولة تماما ومعلقة بجانبه وساقه نصف مشلولة. كان يُعرف باسم «علي آغا» في الحرب أصبح مسؤولاً عن الاتصالات في لواء ثار الله، حيث جمع العديد من الشباب من حوله مثل علي إبراهيمي، وعباس عرب نجاد، ومشهور إيرانمنش، وعباس إيرانمنش، وهمّت آبادي، الذين استشهدوا فيما بعد، كانت لديهم روح ومعنويات عجيبة، وقد أصبح الحاكم بين هؤلاء الشباب، حيث كان جميع أعضاء الاتصالات بالإضافة إلى كونهم من المصلين لصلاة الليل كانوا من متطوعين من الدرجة الأولى ومن متطوعي كتائب الخطوط الأمامية القوية. ولأن الشهيد علي ماهاني أصيب في يده وقدمه. منعته من الذهاب إلى مكان العمليات، خاصة عمليات رمضان، والفجر التمهيدية و«والفجر 1». وعندما كنت أرفض، لم يكن يصرّ، وكان يواصل مهمته بشكل مكثف، رغم أن حبه كان شيئًا آخر، فقد كان يصر ويبرّر في البداية.

خلال عملية «والفجر 3»، لم يسألني الشهيد ماهاني أي سؤالٍ، وفي مساء العملية كنا نستعد لعملية الليل. في مكان يسمى شيار غاوي، تمركزت القوات داخل شيار غاوي -كانوا داخل خندق من العدو بعيدين عن أنظاره- كانوا يستريحون. وكان المساء تقريبًا عندما كنت أفحص المكان، رأيت الشهيد ماهاني الذي على ظهره حقيبة ظهر لاسلكية وهو في كتيبة حميد شفيعي. انزعجت وتبدّل حالي وقلت: لماذا أتيت إلى هنا؟ ولم تكن هناك فرصة للقول إنه كان ينبغي أن يطلب مني الإذن وكان علي حاجبي في ذلك الوقت يعمل في مجال الاتصالات وكان مسؤولاً بشكل مباشر. قلت ربما كان قد حصل على إذنٍ منه وقلت الآن وقد جاء إلى مكان العملية ومعه حقيبة الظهر، لا فائدة من الإصرار على عودته ودخل علي آغا مكان العملية وكان معه شقيقه محمود وفي محور حقل ألغام أصيب علي آغا ومحمود وجرح نحو 50 أو 60 شاباً آخرين. ولم يكن إجلاء هؤلاء الشباب أمراً في منتهى السهولة، وذهب الشباب المسؤولون عن الإجلاء أولاً نحو علي آغا، لكنه لم يتراجع وأخبرهم أن يأخذوا الآخرين أولاً. لقد حاولوا أخذه مراراً وتكراراً، لكن كان يقول خذوا الشباب، حتى عاد العدو وسيطر على الممر، ولم يتبق سوى الشهيد علي ماهاني وشقيقه وبعض الشباب الآخرين. وكان علي ماهاني قد بقي في الطريق ولم يأت بسبب إيثاره وتضحيته، حتى الشباب الذين أصيبوا بجانبه عادوا وقالوا إن علي آغا رغم العطش الشديد -كما تعلمون فعملية «والفجر 3» نفذت في فصل الصيف الحار- أعطى الماء للشباب المصابين حيث قضى نحبه واستشهد بشفتين يابستين.

كان هو وأخوه العزيز آغا محمود من بين المفقودين حتى سنوات قليلة مضت، عندما شُيّع جسده الطاهر أخيرًا بعد 15 عامًا في روضة الشهداء. كان جوهر علي أغا ماهاني يرفض أن يكون في عمله ذرة رياءٍ وكان بعيدًا عن الرياء فعلاً، عندما كان يمشي وعوقا كان يتحرك بطريقةٍ لا يشعر فيها أحد بإصابته وجراحه وعجزه، لأن يده وقدمه كانت قد أصيبتا بسبب الحرب.

داخل خندق صفِّ تفسير القرآن كان يقرأ القرآن. كان جميع الشباب الذين كانوا داخل وحدة الاتصالات بلا استثناء لديهم لقاء أنس قرآني عجيب، وقد قام بعملٍ تنظيميٍ معنويٍ داخل الوحدة.

النقطة التي كانت في غاية الأهمية والغرابة هي أنه عندما انتهت عملية «والفجر 3» عدنا إلى دهلران، وكنا جميعاً قلقين ومتضايقين من استشهاد علي آغا، اتصلت بعلي حاجي وواجهته بسؤاله عن سبب السماح له بالدخول إلى العملية. أقسم لي وقال أنه لم يسمح له بذلك، بل جاء من تلقاء نفسه. عندما كان يتقدم بطلب الإجازة التي يريدها، كان متقيداً بشكل غريبٍ بالولاية وطاعة القائد، وكان مشهوراً بذلك، ومن المستحيل عليه أن يفعل ما هو في مصلحته المادية. وأصبح ت على يقينِ بأنه قال: «تأكّد، لقد حصلت على الإذن!» على كل حال، فقد حصل على إذن من أحدٍ ما، ولم يكن ممن يدخل العملية بدون إذن، فكيف للشهادة.

  • لو كان هناك بطيخة باردةُ، لكان ذلك رائعاً

كان الشهيد ماهاني من الشخصيات التي أزيل الحجاب عن عينيه، ولقد شعرت بذلك. أي أن علاقته الروحية بالله كانت وثيقة جدًا لدرجة أن العديد من الحجب المادية التي لم يستطع الآخرون رؤيتها قد أزيلت من أمامه. وقد رأيت بعض الحالات وكان الشباب الذين كانوا معه يروون بعضها. كانت هناك حالة بجوار نهر كارون، كان الشباب يغسلون بطانيات وحدة الاتصالات، وكان علي آغا جالسًا على شاطئ النهر، وكان علي حاجبي جالسًا بجانبه، قال علي أغا -ببنما الشباب مشغولون والطقس الحار- إنه لو كان هناك بطيخة باردةُ، لكان ذلك رائعاً. أقسم بالله أنه بقدر ما رفعت نظري عن علي آغا، كان الماء قد جلب بطيخةً كبيرةً، وربما لم يأكل أحد مثل هذه البطيخة برودةً وحلاوةً.

روى علي آغا أنه: بعد الصلاة خطر لي أنه لو كان هناك خاتم من العقيق، فسيكون ذلك جيدًا جدًا للاستجابة الدعاء، وقال: بمجرد أن انتهيت من الصلاة، تقدم يوسف شريف -أحد أصدقائي-، وقال: «لقد اشتريت هذا الخاتم من العقيق من مشهد من أجلك». فأخذت ذلك الخاتم ولبسته.

كان علي آغا يهتم بالسجود بوجهه وكل من رآه كان قد رأى سجداته، وقد كان مقيداً جدّاً بصلاة الليل. لم يستطع أحد إدراك عرفانه وعظمة روحه حتى يصادقه. لأنه كان يقوم بعمله بشكلٍ طبيعيٍ، وكانت إرادته عدم ظهوره جنازته وبقاءه مجهولاً. لقد كان حقاً لا يريد أن يأتي جسده؛ لأنه لم يرغب في المجيء وفي كل مرة أرادوا إجلاء الجرحى منعهم من إجلائه، واشتهر بإيثاره وتضحيته وكان يكره الرياء والكبر.

إذا كان هناك القليل من الروحانية الملموسة في وحدة الاتصالات كالشهيد إبراهيمي، الشهيد عباس عرب نجاد، الشهيد علي حاجبي الذي كان هو نفسه محبّاً حقيقيًا لله، فذلك لأنهم جميعهم تربوا على يد علي آغا. وإلى اليوم، مازالت رائحته العطرة تُشَم في فرقة ثار الله، وذكرى الشباب الذين أمضوا معه جانبًا من حياتهم ورأوه وشعروا به وكانوا من تلاميذه، حتى يومنا هذا ما زالت ذكراهم حاضرة وأفعاله معروفة لجميع أبناء وحدة الاتصالات، ولم تمحى صورة هذا الشهيد من أذهانهم أبداً.

  • [1] يصف الحاج قاسم سليماني السمات الشخصية لهذا الشهيد العارف: كان الشهيد علي مهاني أحد المقاتلين قبل الثورة وأحد المقاتلين المجهولين الذين لا ينتمون إلى أي حزبٍ أو جماعة، لقد أدرك جرائم نظام الشاه الظالم واعتقل أثناء الخدمة العسكرية لنظام الشاه وحُكم عليه بالسجن وأخيراً بالإعدام. النقطة المهمة والبارزة للشهيد مهاني هي روحانيته التي كانت مستمرة ومرتبطة به؛ لذلك، اًعتبر هذا الشهيد شخصيةً روحانيةً ومستعدة للشهادة في نظر وعقول شباب الحرب، ولا سيما شباب فرقة ثار الله.
  • [2] كلمات الحاج قاسم في وصف صفات الشهيد علي ماهاني.
المصدر
كتاب سيد شهداء محور المقاومة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟