مواضيع

لقد دفنّا هذا الشّاب في كربلاء، لا في النّجف

عندما سقط صدّام جاء إليّ أحد الإخوة العراقيّين ويُدعى المهندس أبو رياض. قال بأنّنا لدينا جارٌ كان يصرّ دائماً على اللقاء بي. وكنت أظنّ بأنّه يرغب في التواصل معي لأنّني من الجهاديّين، فلم أعطه مجالاً كبيراً. ثمّ لاحظت أنّه يصرّ كثيراً، فقلت له تعال، وجاء. قال لم يكن لديّ شغلٌ خاصّ معك؛ لكن ولأنّك على ارتباط بالإيرانيّين، وقعت لعائلتنا حادثة معيّنة ووددتُ أن أطلعك عليها. إذا كنت تعرف أحداً في إيران، أخبره بهذه الحادثة. ثمّ نقل قصّة مفادها: كان لدينا أخٌ يقاتل في جيش صدّام، وقد أخبرونا أنّ شقيقكم قُتل في عمليّة الفاو -أي «والفجر 8»-، حينها كان حزب البعث يأتي ويأخذ العوائل لكي تتعرّف على الجثمان ثمّ يدفنوه. أخذونا لكي نتعرّف على الجثمان، رأينا أنّ الجثمان ليس جثمان شقيقنا ولا يشبهه أبداً؛ لكنّ القلادة كانت قلادة أحد أشقّائنا! قلنا أن هذا ليس جثمان أخينا، فعاملونا بعنف، وخفنا. قالوا أليست هذه قلادة شقيقكم؟ قلنا: بلى! قالوا: ماذا عن ثيابه؟ قلنا: بلى! قالوا إذاً هو شقيقكم.

ثمّ اتّضح فيما بعد أنّ شقيقنا أُسر، وتمّ تحريره بعد عدّة أعوام وعاد إلى العراق. بعد مدّة نقلنا ما حدث لأخينا وقلنا له بأنّ حادثة كهذه وقعت.

نقل لنا شقيقنا قصّة تهزّ الأبدان، قال: عندما وقعتُ في الأسر جاء إليّ شابٌ إيراني، تحدّث إليّ بلغة عربيّة مكسّرة. قال أن خذ هذه الثياب العسكريّة وأعطني ثيابك وقلادتك! استغربت وتسائلتُ، ما الذي يريده هذا الشابّ الإيراني من ثيابي وقلادتي؟! قال: أنا أعلم بأنّني سوف أستشهد في هذه العمليّة، وأرغب في أن أدفن في كربلاء؛ لكنّني محرومٌ من ذلك لأنّني إيراني. إذا كانت هذه القلادة على رقبتي وكنت مرتدياً ثيابك، سيدفنوني في كربلاء لأنّك شيعيّ وعراقيّ. عادةً ما يدفنون الشيعة في النجف ووادي السلام، لا في كربلاء. قال بأنّه أخذ مني هذه القلادة وبدّل ثيابه بثيابي. وللصدفة، قمنا نحن بدفن هذا الشاب في كربلاء، ولم ندفنه في النجف؛ لأنّه لم يكن شقيقنا ولم نكن نعرفه، أخذنا الجثمان إلى كربلاء ودفنّاه هناك.[1]


  • [1] كلام الحاج قاسم سليماني في أسبوع التعبئة.
المصدر
كتاب سيد شهداء محور المقاومة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟