إذا شممتم رائحة الشهادة من أحدهم، أيقنوا أنّه سيُستشهد
لا شكّ في أنّ هذا الحضور يضمّ فئتين؛ فئة خائفة بشدّة وأخرى شائقة بشدّة. الفئة الخائفة من أمثالي، تخشى على عاقبتها؛ والفئة الشائقة، تنتهج مسار الشوق الذي اتبعه الشهداء وهي تشبه إلى حدٍّ كبير تلك الحمامات الصغيرة التي تنهل المعرفة من الشهداء وتجعل منها ذخراً لها. ما شاهدناه -ليس تحت عنوان فهم الإسلام؛ بل تحت عنوان ما جرّبناه ورأيناه لدى شهدائنا- يتلخّص في هذه النقطة المهمّة بأنّه ما لم يكن الإنسان شهيداً، فإنّه لن يُستشهد. شرط الشهادة هو أن تكون شهيداً. إذا رأيتم اليوم أحدهم ممّن تفوح رائحة الشهادة من كلامه، سلوكه وأخلاقه، فلتتيقنوا أنّه سيُستشهد. كانت هذه الخصوصيّة بارزة لدى جميع شهدائنا؛ لقد كانوا شهداء قبل أن يُستشهدوا. لا يستطيع الإنسان أن يصبح عالماً قبل أن ينهل العلم. شرط أن تصبح عالماً هو انتهالك العلم؛ لكن الأمر ليس كذلك فيما يخصّ الشهادة؛ شرط الاستشهاد هو أن تكون شهيداً قبل الشهادة.
هذه هي المكانة العظيمة والسامية التي قال حولها الإمام الخمينيّ (ق) ما يلي:
نحن عاجزون أمام منزلتهم، يكفي أنّهم «عندَ ربّهم يُرزقون». وفي خطاب آخر قال سماحته:
الشهيد وبسبب اجتيازه أنانيّته ونفسه وتضحيته بنفسه وإفناءه للأنا، بسبب هذا الذّوبان، يخرق تلك الحجب المظلمة والنورانيّة ويصل إلى مكانة «عند ربّهم يُرزقون»، إلى مكانة ضيافة الله ولقاء الله.[1]
- [1] كلمة الحاج قاسم سليماني في مؤتمر تكريم شهداء محافظة جيلان.