مواضيع

ألا يجدر بنا أن نصرخ وسط ظلمات الفتن؟

الفتنة كالظّلمة؛ إذا لم يتمّ التعامل بحكمة ودقّة، سيتمّ توجيه الضّربات للنّفس أو للأصدقاء. علينا أن نكون في غاية الدقّة. ما الذي نفعله وسط ظلمات الليل؟ ما الذي نفعله عندما نقرّر التمييز بين الصّديق والعدوّ، نصرخ، نعرّف أنفسنا: أنا قاسم، واسمي السرّي هو هذا. أنا حسين، واسمي السرّي هو هذا. لا تطلق عليّ النار وسط الظّلمات، لا تخطئ بيني وبين العدوّ. ألن نفعل ذلك؟ عندما نذهب لسقاية الأراضي في القرى، ألا نفعل ذلك؟ يا هذا، من أنت؟ سيردّ بأنّني فلان. لماذا يبادر ويسأل بأن من أنت؟ حسناً، عليه أن يحدّد من أمامه. ألا ينبغي لنا أن نصرخ وسط ظلمات الفتن ونصرّح بهويّتنا؟ ما هي مسؤوليّتنا عند وقوع الفتنة؟

واحدة من الأمور التي ينبغي القيام بها عند وقوع الفتنة؛ هي أن نشير جميعاً بإصبعنا إلى الفتنة. ولا يوجد أيّ نوع من أنواع المجاملة هنا. قد نكون حتّى الأمس وبسبب بعض المقتضيات، تبنّينا رأياً ورؤية مغايرة،؛ لكنّنا اليوم نصرخ بأن عليك أن تعلم يا فلان بأنّني حين أدليتُ بصوتي لصالح فلان، فإنّ موقفي وخطّي الأحمر كانت قضيّة ولاية الفقيه والجمهوريّة الإسلاميّة. على الجميع أن يصرّحوا بهذا الأمر دون أن يجاملوا أحد. يجب أن يصل هذا الصّراخ إلى أعماق القرى. هذه التصريحات، هي تماماً ككلمات السرّ وسط الليالي في الجبهات. الفتنة تقع عندما يحلّ الظلام، والعدوّ يهجم وسط الظلام؛ لماذا يهجم مع حلول الظلام؟ لكي يتعثّر التمييز بين العدوّ والصديق. لكي يزداد استهداف الأصدقاء والجبهة الذاتيّة، لكي تتهاوى أعمدة الجبهة الداخليّة.

ثانياً؛ على جميع الحريصين في النظام، والعقلاء، والمتديّنين أن يتحمّلوا أقصى الأعباء عند وقوع الفتن. قد نُضطرّ إلى أن نذهب إلى أحدهم ونترجّاه، أو أن نقبّل يد أحدهم أو نوضح الأمور لآخر، أن نحتسي الشاي معه ونتحدّث إليه. أن نخرجه من مسار العناد الذي يخطو فيه.

مسؤوليّتنا الثالثة هي أن نفكّك الصفوف التي تقف بوجه الثّورة. لقد دخل أعداء الثورة اليوم إلى هذه الخيمة. علينا أن نتعرّف عليهم عبر التمييز بين الصّديق والعدوّ؛ فإنّ التمييز بين الصّديق والعدوّ يكون بالتعرّف على هذه الأصوات وهذه التحرّكات. فلنلتفت إلى تصريحات وهواجس الإمام الخامنئي العزيز. عندما يتحدّث سماحته عن التركيز على أكبر قدر من الاستقطاب وأقلّ قدر من الطّرد، علينا أن نلتفت إلى ذلك. ثقوا وتيقّنوا بأنّ هذه الفتنة صعبة ومؤلمة كسائر الفتن. هل تذكرون بدايات الثورة الإسلاميّة؟ حادثة بني صدر، وحادثة المنافقين، حادثين الوطنيّين المذهبيّين، حادثة الحكومة المؤقّتة و… كلّ هذه الأمور كانت من الفتن؛ لكنّ الله عزّوجل جعل في كلّ هذه الفتن خيراً ورحمةً لهذه الثورة الإسلاميّة. وأنا على ثقة تامّة بأنّ الرّابح الأساسيّ في هذه الفتنة هو نظام الجمهورية الإسلاميّة والقيادة. الرّابح هو النّظام؛ لكنّنا نُختبر ونُمتحن. علينا أن نراقب أنفسنا ونعمل بتكليفنا، وأن لا ننتظر أيّ شيء وأيّ أحد. وعلى كلّ من يملك تأثيراً على الآخر، مهما بلغت نسبة ذلك التأثير، أن يستفيد من قدرته على التأثير بأسلوبه الخاصّ.[1]


  • [1] كلمة الحاج قاسم سليماني في حفل تكريم الشهيدين محمّدي بور.
المصدر
كتاب سيد شهداء محور المقاومة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟