مواضيع

النفوذ من خلال وضع مسؤولين لا يعتقدون بأهداف الإسلام

إنّ إحدى المؤامرات التي دأب عليها العدو خلال السنوات الأخيرة هو سعيه لدسّ العناصر التي لا تؤمن بالمبادئ الإسلامية بين صفوف كبار المسؤولين في البلاد؛ لغرض زعزعة حالة الانسجام بينهم، وهذا خطر فادح.[1]

إذا كان للعدو مخططه داخل البلاد، فماذا سيفعل؟ سيستخدم المندسين والمتغلغلين. وليس معنى المندس أنه قبض مالاً ليأتي ويندس في الجهاز الفلاني وهو يعلم أنه مندس ويعلم ما الذي يفعله، لا، المندسّ أحياناً مندسّ وهو نفسه لا يعلم! قال الإمام الخميني(رضوان الله تعالى عليه) أحياناً يُسمعُ كلام العدو من أفواه أناس محترمين عبر عدة وسائط. كان الإمام الخميني واعياً وكان صاحب تجربة. العدو يقول شيئاً ويريد شيئاً، وهو ينفذ مخططاته بعدة وسائل وأدوات، ويعمل ما من شأنه أن يسمع كلامه عبر عدة وسائط من لسان شخص محترم مقبول لم يقبض مالاً من العدو ولم يلتزم بشيء للعدو. أولم نر أمثال هؤلاء؟ أولم نجرب هذه الأشياء؟ في نفس مجلس الشورى الإسلامي هذا جاء نائب واتهم النظام بالكذب! وقال إننا نكذب على العالم منذ عشرة أعوام أو ثلاثة عشر عاماً، من منصة مجلس الشورى الإسلامي! من هذا المنبر العام! طيب، إنه يطلق كلام العدو، فالعدو كان يقول لنا إنكم تكذبون! وإذا بشخص منا يظهر ويقول إن النظام يكذب! أليس هذا متغلغلاً؟ وفي بعض الأحيان لا يعلم ولا يدري حتى هو نفسه بأنه متغلغل. كان لنا مجلس في فترة مفاوضات نووية حامية صعبة خلال فترة كان فيها رئيس جمهوريتنا الحالي المحترم رئيساً للمفاوضات النووية، وكانوا يتحملون المشاق والجهود ويتفاوضون ويتحدثون بصعوبة ويتجادلون مع الأطراف المقابلة وكانوا في الواقع يحاربون ويناضلون من أجل تكريس كلمة إيران وإعلائها، وإذا بهم هنا في المجلس يطرحون مشروعاً فورياً للغاية من أجل أن يكرسوا كلام الطرف المقابل! في ذلك الحين عتب رئيس الوفد المفاوض الذي هو رئيس جمهوريتنا الحالي المحترم وقال إننا نناضل هناك والسادة هنا يصوغون مشروعاً لصالح الأعداء. طيب، هذا تغلغل. وما هذا إذن؟ هل يجب أن يكون التغلغل علنياً صريحاً صادحاً، حتى يضطرب البعض بمجرد أن يقال تغلغل، ويقولون لماذا تقولون تغلغل تغلغل؟ نعم، ينبغي الحذر.[2]

النفوذ من خلال التفاوض مع أمريكا

هم -الأمريكيين- ينشدون شيئاً باسم التفاوض مع إيران، لكن المفاوضات ذريعة، المفاوضات وسيلة للنفوذ، المفاوضات وسيلة لفرض إرادات. لقد وافقنا على أن يتفاوضوا في الملف النووي فقط، ولأسباب معروفة ذكرناها مراراً، وقد تفاوضوا طبعاً. والحمد لله على أن مفاوضينا ظهروا على هذا الصعيد بشكل جيد، لكننا لم نسمح بالمفاوضات في مجالات أخرى، ولا نتفاوض مع أمريكا؛ إننا نتفاوض مع العالم كله، لكننا لا نتفاوض مع أمريكا. نحن من أهل التفاوض والتفاهم؛ التفاوض على مستوى الحكومات والتفاوض على مستوى الأقوام، والتفاوض على مستوى الأديان؛ نحن أهل تفاوض، ونتفاوض مع الجميع باستثناء أمريكا؛ وبالطبع لا نتفاوض مع الكيان الصهيوني أيضاً، فأصل وجود الكيان الصهيوني غير شرعي وحكومته زائفة.[3]

حين نقول لا نتفاوض مع أمريكا فليس معنى ذلك إننا نعارض أساس التفاوض، لا، بل نعارض التفاوض مع أمريكا. ولهذا سببه، ويمكن للإنسان الواعي الذكي أن يدرك ذلك ويفهم لماذا، وإلّا حين نتفاوض مع الآخرين فليسوا أصدقاءنا الوديين الصميميين -وبعضهم عدو وبعضهم غير مبالين، نتفاوض معهم ولا مشكلة لنا في ذلك- لكن تفاوض أمريكا مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية يعني النفوذ والتغلغل. هذا هو تعريفهم للمفاوضات، وهم يريدون فتح الطريق أمام فرض الأمور والإكراه. الغول الإعلامي الهائل في العالم اليوم بيد أمريكا، والتيار الصهيوني المعادي للإنسانية والمعادي للفضيلة بشدة اليوم متحالف مع أمريكا، وكلاهما في صفّ واحد وثياب واحدة وأيديهما متعاضدة. والتفاوض معهم يعني فتح الطريق ليستطيعوا التغلغل والنفوذ في البلاد على الصعد الاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية.

وفي هذه المفاوضات الخاصة بقضايا الطاقة النووية أين ما سنحت لهم الفرصة وفسح لهم المجال -وبالطبع فإن الطرف الإيراني والحمد لله كان يقظاً فطناً، لكنهم وجدوا بعض الفرص في بعض المواطن بالتالي- مارسوا النفوذ وقاموا بخطوة تضرّ المصالح الوطنية. هذا هو الممنوع. التفاوض مع أمريكا ممنوع بسبب أضراره الكثيرة وعدم وجود منفعة فيه. هذا يختلف عن التفاوض مع الحكومة الفلانية التي ليس لها مثل هذه الإمكانيات ولا مثل هذه الدوافع. هاتان الحالتان مختلفتان، لكن البعض لا يفهم.[4]

1-    طرح «الانتظار» من أجل الرجوع إلى ميكروب «الارتجاع»

لقد ذُكْرَت في القرآن الكريم حقيقة مُرّة وأشير إليها بتعابير متعدّدة، ولو أردنا أن نطلق عليها اسماً لأطلقنا عليها -من باب المثال- الردّة أو الارتداد.

وهذه الحقيقة -وللأسف- ترتبط بالمجتمعات والشعوب الّتي كانت تعيش حالات معنوية وإلهية أعني -شعوب العهد الإسلامي- ولا ترتبط بشعوب العصر الجاهلي، كما أن خطورة هذا المرض تمتد حتى تشمل الدول والشعوب الّتي خطت بحركة عظيمة خطوة إلى الأمام، وبتعبير اليوم قاموا بثورة، وقرّبوا أنفسهم إلى الله، وبتعبير آخر يخصّ الذين انعم الله عليهم.

إنّ هذه الجرثومة هي العدوّ الأكبر للثورة من الداخل، فهي تتسلّل إلى داخل المجتمعات الثوريّة ثمّ تنمو وتتكاثر فتعدي وتسري في هذه المجتمعات، بينما العدو الخارجي متربّص.

فمنذ اليوم الأوّل سعت أمريكا وكذا القطب الشرقي آنذاك وسائر الأعداء والرجعيين في المنطقة في قلع هذه الشجرة وهذه النبتة بالتدخّل العسكري، أو بتحريك الجيران، أو فرض الحصار الاقتصادي، أو سائر الوسائل، لكنهم كلّما سعوا كلّما تجذّرت واستحكمت هذه النبتة وأصبحت مصداقاً للآية الشريفة: <أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السّمَاءِ>[5].

ولا أودّ أن أقول إنّ الأعداء المسلّحين بالمال والقوّة قد انصرفوا اليوم عن توجيه الضربات لنا، بل أنّهم يوجّهون ضرباتهم، وترون أنّهم أصبحوا وقحين -وبالخصوص الأمريكان- إلى درجة بحيث يصرّحون بعدائهم ويقولون: إنّنا قلنا للدولة الفلانية أن تقطع علاقاتها أو تعاملها بتلك الصورة مع إيران.

وترون الصهاينة الّذين لا أصل لهم والمجهولي الهوية والنسب، الّذين لم يكونوا يجرأون يوماً ما على إظهار أنفسهم وكان جلّ سعيهم يصرف للدفاع عن أنفسهم، بلغوا من الوقاحة بحيث يتنقّلون هنا وهناك ليقولوا:

تعاملوا هكذا مع إيران! وذلك نتيجة سوء تصرّف بعض الزعماء العرب في المنطقة.

على أيّة حال، إنّ أهمّ مخطّط للعدوّ اليوم هو الانتظار، إنّهم ينتظرون ظهور أعراض هذه الجرثومة الّتي يعلم الجميع بوجودها ولا تخصّنا- في جسد النظام الإسلامي السليم والقوي، لذا يجب علينا الحذر.

إنّ الأعداء ينتظرون اليوم تنامي الفساد داخل البلاد وخلق الشكوك في أذهان الشباب وتغلُّب اللهو الفاسد والمانع للخير على الأهداف السامية، وإثارة النوازع الدنيويّة وحبّ الجاه والدعة، وظهور معالم البهرجة والترف بين العناصر الثوريّة، وكلّها وليدة تأثير جرثومة الردّة والارتداد.

ليس المقصود أن يُحرم النّاس أو الثوريون من زينة الدّنيا، فالنعم والبركات الإلهيّة للجميع، لكن الرغبة في الدّنيا والشهوات وحبّ المال واكتنازه وحبّ النفس أكثر من الله والدِّين والهدف والمجتمع والابتداء بالمفاسد الأخلاقيّة أعمّ من المالية والجنسيّة والإدارية، والصراع الداخلي وهذا من المفاسد الخطيرة للغاية، ثمّ الطموح في الجاه والمقام غير المشروع كالرائج في الغرب، كلّها من شأنها تدمير مباني الإسلام والثورة والحقيقة.

طبعاً، وسوف تقام بدل منها مباني جديدة لكنّها طاغوتيّة غير إلهيّة ومخالفة للإسلام وللقيم الّتي أريقت دماء شهدائنا من أجلها، وهذه من معالم الارتداد والردّة.

فإن رأيتم أنّ العدوّ يتابع بشدّة قضيّة الهجوم الثقافي أو الغارة الثقافيّة والمذبحة الثقافية الجماعيّة في هذا البلد، وإن ترون تركيز الإعلام المعادي على الجمهوريّة الإسلاميّة أكثر من أيّة دولة أخرى -لا أنّهم لا يعادون الآخرين، بل أنّ الإعلام المعادي المضاد للآخرين لا يساوي شيئاً فيما هو ضدّ الجمهوريّة-، وإن ترون أنّهم يحاولون باستمرار احتلال مواقع في أذهان الشعب وبالخصوص الشباب والمؤمنين، ذلك كي يصاب مجتمعنا الثوري بداء الردّة، طبعاً، إنّ العدوّ ليس شخصاً فحسب، بل هناك مؤسّسات أيضاً.

إنّ الأعداء يعلمون جيّداً أنّ كلّ إنسان معرّض للفساد غير أنّهم يجهلون استثناءاً واحداً وهو <إِلَّا الْمُتَّقُونَ>[6]، فلا يمكن إفساد المتّقين، إنّهم لا يفهمون معنى (التقوى)، نعم يمكن إفساد الناس، ويمكن عرض زينة الدّنيا من طرق غير مشروعة عليهم لجعل أفئدتهم بصورة بحيث يرغبون عن جميع القيم ويضحّون بها في سبيل المظاهر المادّية.

كلّ هذه الأمور يمكنها أن تتّفق مع غياب التقوى، فللتقوى تأثير في الدّنيا وفي الآخرة، وكما أنّ للتقوى تأثير في السياسة، كذا لها تأثير في حفظ النظام الإسلامي وفي الحرب، وقد أدركتم ولامستم بأنفسكم هذه الحقيقة.[7]

2-    استهداف القيادة

لقد جرّب العدو شتى الصيغ والأساليب في مواجهة هذه الثورة.

وأرادوا هذه المرّة -كما ظنوا- تجربة نمط ذي تأثير أشد، ولا شك في أنّ استهداف القيادة جاء بعد دراسات مستفيضة وبعد استطلاع شتى الأوضاع والظروف، وعبر استحصال الكثير من الأخبار -الصادقة والكاذبة طبعاً-.

أما السبب الذي جعلهم يتخذون القيادة هدفاً لهم، فيُعزى إلى أنّهم يعلمون أنّ البلد إذا كانت فيه قيادة مقتدرة ستؤول كل مؤامراتهم إلى الإحباط؛ وإلا فهم لا خصومة لهم مع شخص بعينه، والشخص أياً كان لا أهمية له عندهم.

الذين يتحدثون اليوم بهذه اللهجة العنيفة، ويكيلون التهم والافتراءات بهذا الأُسلوب الغادر، ألم يقفوا بالأمس في وجه الإمام؟! لقد اتخذوا بالأمس موقف الخصم مع الإمام وملأوا قلبه قيحاً، وهو ما ذكره الإمام في رسالته[8].

وهاهم اليوم يمارسون نفس العمل مع القيادة؛ لأنهم يعلمون أنّ القيادة في المجتمع الإسلامي، وفي إيران الإسلامية بيدها الحل والعقد.[9]

لقد التفت العدوّ إلى ما يقدر نفوذ القيادة على فعله في إيران الإسلاميّة وكيف أنّ علاقة المحبّة هذه بين الشعب والقيادة تشرّع المسارات وتحلّ العقد في مختلف الساحات. لاحظ العدوّ كيف يعبّئ نفوذ الإمام الخميني(رضوان الله تعالى عليه)الناس في كافّة الساحات مقابل العدوّ. كانت هذه النقطة التي ركّز عليها العدوّ. والتجربة التي اكتسبها العدوّ كانت هي أن عليه أن يشكّك في شخص إمام الأمّة(رضوان الله تعالى عليه) ومطلق القيادة الإسلاميّة -أي ما يُعرف في معارف الثورة الإسلاميّة والمعارف الإسلاميّة بـ«ولاية الفقيه»-. لذلك أغلب الحملات الإعلاميّة للعدوّ ضدّ الإمام الخميني. لكن بشكل موجّه، دقيق وطبعاً بلا فائدة! وأيادي العدوّ تروّج في أحاء العالم وداخل إيران اليوم ضدّ الإمام الخميني. لكن لا شأن لهم باسم الإمام؛ لأنهم يدركون عدم إمكانيّة الاقتراب من إسم الإمام الخمينيّ وتوجيه الإهانة له. لذلك هم يهاجمون نهج ومسار الإمام ويشكّكون بماضي الثورة الإسلاميّة. ما الذي تسعى إليه هذه الأقلام المأجورة والعميلة أو الغافلة -ليس الأمر خارجاً عن هذين الاحتمالين- التي تشكّك في بعض المقالات بالأعوام الأولى للثورة الإسلاميّة؟! من يواجه هؤلاء؟! الإمام الخمينيّ؟! ألم تساعد قيادة الإمام الخميني طوال عشر أعوام هذا الشعب لكي يتمكّن من قطع أصعب المسارات؟ من كان يقدر على صون بلدٍ مدمّر جعلته أيادي العدوّ والنظام البهلويّ الفاسد في الحضيض وشهد أيضاً حرباً مدمّرة وقاسية وأن يتقدّم به إلى الأمام؟ من كان ليقدر على القيام بأمرٍ كهذا؟ لقد كان ذلك إنجاز قيادة الإمام الخميني. وهم يعملون اليوم على التشكيك بقيادة الإمام والقيادة الإسلامية؛ يشكّكون بأصل مفهوم قيادة الفقيه وحاكميّة الخبراء في الدين.

ماذا تعني كلمة الفقيه؟ الفقيه هو من يعرف الدين ويعرف المسار الذي وضعه الدين أمام الناس لكي يتمكّنوا من الحصول على السعادة والحريّة والهناء في الدنيا والآخرة، ويضعه مقابل الناس. الفقيه يعني الحكم البشري الذي يحمل منطقاً عقلانيّاً واستدلالاً محكماً. لا يتمتّع بالقدرة على الحكم التي يملكها مثل هذا الإنسان أي حكم عسكريّ أو رأسمالي أو سياسيّ حزبي محترف. تشكّك المقالات الأجنبيّة ويشكّك إعلام وكالات الأنباء الأجنبيّة، والصحف، والإذاعات، والتلفزيونات والعملاء داخل البلد بهذا الأمر. طبعاً، بلدنا بلدٌ حرٌّ بفضل الله. نحن لن نسمح للعملاء بأن يزعزعوا بأعمالهم هذه الحريّة. البعض يكتبون بأسلوب يرومون من خلاله استفزازنا لكي نضع لهم حدّاً! لا؛ دعهم يكتبون! والبعض يحاولون شتمنا في كتاباتهم لكي نُستفزّ ونندفع لمحاربة تلك الصحف ويقولون بعدها في العالم: «أنظروا، لا تتمتّع الجمهورية الإسلاميّة بالحريّة!» لا؛ لن ننخدع. لقد كنا نملك حريّة الصحافة وسط الحرب بقدر غير مشهود في أيّ بلد يدّعي حريّة الصحافة. لاحظوا كميّة الصحف والمجلات التي تنتشر اليوم في إيران؟ في أيّ بلدٍ يملك إمكانيّات بلدنا ينتشر هذا القدر من الصحف والمجلات؟ وهم يكتبون ما يحلو لهم! ونفس هذه الأمور التي تحدّثت حولها موجودة في مقالات مجلّاتهم. طبعاً، غالباً ما يجهل الناس ما يكتبه هؤلاء! والسبب أنّ الناس لا يكترثون للعملاء ولا يضيعون أوقاتهم لقراءة مثل هذه المقالات. لكنّهم يكتبون ونحن نعلم ذلك. إذاً، عليكم أيّها الشعب العزيز أن تعلموا هدفهم من الكتابة. لقد تلقّى العدوّ في كلّ الأزمان ضربات قاسية من نفوذ الإمام الخميني وشخصيّته ونفوذ القيادة الدينيّة، من النقاط التي يسعى العدوّ للتصدي لها هي القيادة ونفوذها.[10]

3-    التحريف
تحريف شخصية الإمام الخميني

ما أقوله لكم اليوم سيكون تحت عنوان «تحريف شخصية الإمام الخميني»، فهل يمكن تحريف الشخصيات؟ عادة ما نستخدم عنوان التحريف ومصطلح التحريف لتحريف النصوص، فهل يمكن أيضاً تحريف الشخصيات؟ نعم، تحريف الشخصيات هو بأن تبقى الأركان الرئيسية لشخصية ذلك الإنسان الكبير إما مجهولة أو تفسر بشكل خاطئ، أو تفسر بطريقة منحرفة وسطحية؛ هذه الحالات كلها من سنخ تحريف الشخصيات. الشخصية التي تكون نموذجاً وإماماً وقائداً ستبقي سلوكياته وأقواله مناراً ونبراساً للأجيال التي تأتي من بعده، وإذا جرى تحريف هذه الشخصية فسيكون الضرر كبيراً. ينبغي ألا يجري الاهتمام بالإمام الخميني كمجرد شخصية تاريخية محترمة، وهذا ما يريده البعض، حيث يتصورون أن الإمام الخميني كان شخصية محترمة في تاريخ هذا البلد، عاش في زمن معين وكان ناشطاً ومفيداً ثم فارق الناس والحياة وانتهى زمانه، فنحترمه ونذكر اسمه بجلال، هذا ليس إلّا؛ البعض يريدون أن يعرفوا ويعرّفوا الإمام الخميني بهذه الطريقة ويتصوروه على هذا النحو؛ هذا خطأ.

إن الإمام الخميني هو التجسيد العيني لمسيرة عظيمة بدأها الشعب الإيراني فغيّر تاريخه، والإمام الخميني مؤسس مدرسة فكرية وسياسية واجتماعية. وقد تقبل الشعب الإيراني هذه المدرسة وهذا الدرب وهذه الخارطة وهو سائر الآن على هداها، ومواصلة هذا الدرب منوط بأن تعرف خارطة الطريق هذه معرفة صائبة، فمن دون أن نعرف الإمام الخميني معرفة صحيحة -بمعنى معرفة أصول الإمام الخميني ومبادئه- لن تُعرف خارطة الطريق هذه.

من البديهي أن نقاشنا حول الأسس الفكرية للإمام الخميني، وليس نقاشاً حول قرارات آنية تتعلق بزمان أو مكان معينين، إنما هو نقاش حول الشكل الأصلي لفكر إمامنا الخميني الكبير، ونروم أن نعرف هذا الشيء بشكل صحيح.

لقد كنا نحن الشعب الإيراني شعباً خاضعاً وغارقاً في اللاهدفية وانعدام الأمل، كنا شعباً تابعاً فرضوا عليه عن عمد أن يبقى متخلفاً، وكانوا يفرضون علينا أفكارهم وثقافتهم أيضاً، وينهبون مصادرنا الاقتصادية ويصبّون على بلادنا، إلى ذلك، سيولاً من وحول العادات القبيحة؛ كنا مثل هذا الشعب.

وبدّلنا الإمام الخميني إلى شعب متحفز مفعم بالأمل ونشيط متحرك وله أهداف كبرى. الشعب الإيراني اليوم شعب كثير الحراك والفاعلية ومتحفز ومتفائل وسائر نحو أهداف كبرى. طبعاً لا تزال تفصلنا عن أهدافنا مسافة كبيرة لكن المهم هو أننا سائرون والمهم هو وجود الطاقة والهمة للتقدم لدى شعبنا، والمهم أن شبابنا يؤمنون بقدرتهم على الوصول إلى هذه الأهداف، وأن بمستطاعهم تأمين العدالة الاجتماعية على نحو كامل، وبمقدورهم تحقيق التقدم والثراء لهذا البلد، وباستطاعتهم تبديلنا إلى بلد متقدم ذي قدرة متلائمة مع هويته التاريخية؛ هذا الأمل يتموج اليوم في بلادنا، وشبابنا يتحركون بهذا الاتجاه. لقد خرجنا من حالة الخدر والخمول والنعاس، وهذا ما قامت به نهضة إمامنا الخميني الجليل وما قام به هذا الرجل الكبير.

إذا شاء شعب إيران أن يصل إلى تلك الأهداف ويواصل هذا الدرب فيجب عليه معرفة طريق الإمام الخميني الجليل معرفة صحيحة ومعرفة أصوله ومبادئه معرفة صائبة، وألا يسمح بتحريف شخصية الإمام الخميني، فتحريف شخصية الإمام الخميني هو تحريف لدرب الإمام وتحريف للصراط المستقيم الذي يسير عليه شعب إيران. إذا أضعنا درب الإمام الخميني أو نسيناه أو لا سمح الله نبذناه عمداً فإن شعب إيران سيتلقى الصفعات. على الجميع أن يعلموا أن الهاضمة التي لا تشبع للاستكبار العالمي لا تقلع عن طمعها في بلادهم؛ بلد كبير وثري ويقع على تقاطع طرق عالمية حساسة هو بلد مهم جداً بالنسبة لجبابرة العالم المخادعين. إنهم لم يقلعوا عن أطماعهم وجشعهم، ولا يتراجعون إلا إذا توصلتم أنتم -الشعب الإيراني- إلى درجة من القوة والاقتدار والتقدم تقطع عليهم آمالهم. من هنا تنبع أهمية خطر تحريف الإمام الخميني، فإذا جرى تحريف شخصية الإمام الخميني وأسيئ تعريفها وتم تعريفها بشكل خاطئ فإن كل هذه الأخطار الكبرى ستحدق بالشعب الإيراني، وهنا ينبغي أن يكون خطر تحريف شخصية الإمام الخميني إنذاراً في أسماع وأعين مسؤولي البلاد ومفكري الثورة وتلامذة الإمام الخميني القدماء والمحبين لهذا الدرب وعموم الشباب والواعين والجامعيين والحوزويين. طيب، كانت هذه مقدمة ما أروم قوله.

لقد كانت هناك أعمال لتحريف شخصية الإمام الخميني حتى في زمن حياته، فمن ناحية كان هناك الأعداء الذين حاولوا منذ مطلع الثورة تصوير الإمام الخميني في إعلامهم العالمي باعتباره ثورياً متصلباً عنيفاً -من قبيل من نعرفهم في تاريخ الثورات الكبرى والمعروفة في العالم مثل الثورة الفرنسية والثورة الماركسية السوفيتية وبعض الثورات الأخرى- وإنساناً متشدداً خشناً عبوساً دائم العبوس ولا ينظر إلا لمواجهة العدو، وليس فيه أية عواطف أو مرونة؛ كانوا يصورون الإمام الخميني بهذا الشكل، وهذا خطأ. نعم، لقد كان الإمام الخميني قاطعاً لا يتزلزل وكان راسخاً في قراراته -كما سوف أذكر- لكنه كان إلى ذلك تجسيداً للعواطف واللطف والمحبة والمواساة والمحبة مقابل الله وعباد الله، وخصوصاً حيال الشرائح المظلومة والمستضعفة من المجتمع. كان هذا عملاً قام به العدو في الإعلام العالمي تجاه ثورتنا منذ بدايتها فيما يتعلق بشخصية الإمام الخميني.

وفي الداخل أيضاً حرّف البعض عن جهل والبعض الآخر عن علم شخصية الإمام الخميني، حتى في زمن حياته. كانوا ينسبون للإمام الخميني كل ما يرونه مقبولاً ويرتاحون له، في حين لم يكن لذلك الشيء صلة بالإمام الخميني. وتواصل هذا السياق بعد رحيل الإمام الخميني أيضاً إلى درجة أن الإمام الخميني طرح في بعض الآراء والتصريحات على أنه إنسان ليبرالي لا توجد أية قيود أو شروط في سلوكه على المستويات السياسية وحتى في المجالات الفكرية والثقافية، وهذا بدوره خطأ كبير وبخلاف الواقع. إذا أردنا العثور على شخصية الإمام الخميني بالمعنى الحقيقي للكلمة فلهذه العملية طريقها، وإذا سرنا في هذا الطريق -الذي سوف أذكره- فإن القضية ستكون محلولة، وإلّا يأتي اليوم أناس يطرحون الإمام الخميني طبقاً لميولهم وأذواقهم، وقد يأتي غداً أناس آخرون يطرحونه طبقاً لأذواق أخرى ووفقاً لأحداث أخرى تقع في العالم، ويرون من المصلحة أن يطرحوا الإمام الخميني بطريقة أخرى؛ هذا غير ممكن. شعبية الإمام الخميني بين الناس شيء باق دائم، وهذا ما لم يستطع العدو القضاء عليه، لذلك يعد تحريف شخصية الإمام الخميني الساكن في قلوب الكثير من الناس داخل إيران وخارجها خطراً كبيراً.[11]

تحريف حقائق الإسلام من خلال السعي لنسيان الثورة الإسلامية

إن شعب إيران يجب ألا يتوقع توقف أعمال الأعداء وفتنهم وخبثهم الرامي إلى القضاء على جماليات الثورة. العدو لن يقلع عن ممارساته إلى أن يحرّفوا الثورة أو ينسونها، ويفعلوا ما من شأنه أن ينسى الشعب تحركاته وسوابقه وأعماله الكبرى التي قام بها، ويصاب بالنسيان والغفلة. الشخص الذي لا يعرف ماضيه المجيد لا يستطيع صناعة أحداث مجيدة في المستقبل أيضاً. هذا ما يسعى الأعداء لفعله، إنهم يريدون تحريف حقائق الثورة ودفعها إلى مطاوي النسيان. ينفقون الأموال ويعملون.[12]

لقد كانت عملية تحريف الحقائق والتاريخ واحداً من أهم أهداف العدو، فإذا ما انبرى صوت أو قلم مأجور في داخل البلاد لتحريف حقائق الحرب والثورة والإسلام كنتم ترون صرخات التأييد له ترتفع من شتّى أنحاء العالم، وهكذا الحال في يومنا هذا؛ فإذا قيل أو كتب في الداخل ما من شأنه تحريف الإسلام وتاريخ الثورة ورموزها إرضاءً للاستكبار وأعداء الإسلام وأعداء هذا الشعب والبلد، ترون أصوات التشجيع تنطلق من أجهزة الدعاية الاستكبارية في شتّى أنحاء الدنيا؛ فبيان الحقائق موضوع في غاية الأهمية.

إنّ الناس أتباع أفكارهم ورؤاهم، ومن يفلح في تحريف الحقائق أمام الناس فهو في الحقيقة يكون قد جرّ عملهم وإرادتهم وسواعدهم نحو الانحراف، وذاك ما يطمح إليه العدو.[13]

منذ عدّة أعوام وهذه الرسائل المتعدّدة من الجبهة المقابلة التي أشرت إليها تدخل بشكل متواصل إلى عقول الناس وتوحي لهم بأنّ الثورة الإسلاميّة انتهت، وأن الثورة الإسلاميّة عديمة الجدوى وأنّ الثورة الإسلاميّة خاطئة! هم يحرّفون معنى الثورة الإسلاميّة ويقدّمونها على أنّها ثورة عمياء، وتحرّك عنيف وبلا هدف ويقولون أنّها كانت خاطئة، ولم تكن صحيحة وأنّ عصر الثورات قد انتهى![14]

4-    تحقين فكرة ضرورة التراجع أمام أمريكا

في هذه الفترة الزمنية، تقتضي سياسات الاستكبار وخصوصاً السياسات الأمريكية نشر فكر معين بين شعبنا، بين نخبة المجتمع أولاً، وبعد ذلك إشاعته تدريجياً بين الرأي العام، يريدون نشر وبث فكر خاص بين الرأي العام. السياسة التي يقصدونها هي أن يتظاهروا بأن الشعب الإيراني على مفترق طريقين ولا سبيل أمامه سوى اختيار أحد هذين الطريقين. والطريقان هما إما أن يتصالحوا مع أمريكا أو يبقوا دائماً تحت ضغوط أمريكا ويتحملوا المشكلات الناجمة عن هذه الضغوط. على الشعب الإيراني أن يختار أحد هذين الخيارين. هذا ما يريدونه. طبعاً التصالح مع أمريكا لا يعني التصالح مع أية دولة أخرى. لأن أمريكا لها ثروة وأجهزة إعلامية واسعة وأسلحة خطيرة وإمكانيات كبيرة فإن التكيف والتصالح مع الحكومة الأمريكية يعني القبول بما تفرضه هذه الحكومة. هذه هي طبيعة التوافق مع أمريكا. وهكذا هو الحال في كل مكان. البلدان الأخرى أيضاً التي تتفق مع أمريكا في خصوص أية قضية، معنى ذلك أن تتراجع عن مواقفها لصالح الطرف المقابل من دون أن يتراجع الطرف المقابل تراجعاً يذكر لصالحهم. في هذا الاتفاق النووي الأخير، مع أننا أيّدنا هذا الاتفاق وأعلنا أننا نؤيد القائمين عليه ونقبل بهم، لكن المسألة كانت على نفس المنوال هنا أيضاً. قال لي وزير خارجيتنا المحترم في بعض الحالات بأننا هنا مثلاً لم نستطيع مراعاة الخطوط الحمراء. وهذا هو معنى ذلك، أي عندما يكون الطرف المقابل حكومة مثل الحكومة الأمريكية لها وسائل إعلام وقدرات وإمكانيات وأموال ودبلوماسية ناشطة وعوامل متنوعة في أطراف العالم، فإن الدول والحكومات التي تضغط عليهم سيكونون في قبضتها وتحت تصرفها، والتصالح معها يعني غض النظر عن بعض الأمور التي يصرّ عليها المرء. هذا مفترق طريقين طبقاً لما تروم أمريكا نشره وبثه في أذهان شعبنا، مفترق طريقين لا مناص منه، وثنائية لا محيص منها: إمّا أن نتنازل أمام أمريكا وإراداتها في الكثير من الأمور والحالات، أو نتحمّل ضغوط أمريكا وتهديداتها والأضرار الناتجة عن مخالفة أمريكا. يريدون أن تصبح هذه الفكرة خطاباً بين نخب المجتمع وتنتقل تدريجياً إلى كل الشعب والرأي العام. يروّجون لهذه الفكرة داخل البلاد وخارجها وينشرونها بأشكال مختلفة وعبارات متنوعة في وسائل التواصل والإعلام العامة في العالم. يعيّنون أشخاصاً ليستطيعوا نشر هذه الفكرة بين أبناء شعبنا. طبعاً ثمة في الداخل كما قلنا أفراد يوافقون هذه الفكرة وقد قبلوها، ويسعون إقناع الآخرين بها.

دققوا جيداً لأستطيع أن أوضح. أبيّن كلام الطرف المقابل ثم أقول ما يقتضيه الحق والحقيقة. كلام الطرف المقابل يعني كلام الأجهزة الإعلامية والأجهزة الصانعة للأفكار والتيارات، والتي تقول إن لإيران إمكانيات اقتصادية كبيرة وقد كان الهدف من الاتفاق النووي أن يسطيع بلد إيران الاستفادة من هذه الإمكانيات والطاقات الكامنة، طيب، حصل هذا الاتفاق، لكن هذا الاتفاق لا يكفي وهناك قضايا أخرى يجب أن يتخذ فيها الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية والمسؤولون الإيرانيون القرار، ويعملوا. مثلاً، ثمة اليوم في منطقة غرب آسيا -أي نفس هذه المنطقة التي يسمّيها الغربيون الشرق الأوسط- فوضى واضطرابات كثيرة، طيّب، هذه مشكلة لكل المنطقة، وإذا كنتم تريدون أن يتخلص بلدكم من هذه المشكلة فيجب أن تحاولوا أن تخمد هذه الاضطرابات. ماذا نفعل؟ نتعاون مع أمريكا ونبادلها الأفكار ونتداول معها ونجتمع معها ونجلس ونتحاور ونختار نموذجاً طبقاً لرغبة الأمريكيين أو بما يتطابق والاتفاق مع الأمريكيين. هذه أيضاً مسألة أخرى.

أو: لدينا مشكلات أخرى وخلافات كثيرة مع أمريكا، ويجب أن نحل هذه الاختلافات وينبغي لهذه الاختلافات أن تنتهي. وفي حلّ هذه الاختلافات لنفترض أن الشعب الإيراني قد يضطر لغض النظر عن مبادئه وأصوله وخطوطه الحمراء، فليكن، أما الطرف المقابل فلا يتنازل عن أصوله وقيمه، ولكن إذا اقتضت الضرورة فيجب علينا نحن أن نتنازل لنعالج المشكلات، وليستطيع البلد في نهاية المطاف الاستفادة من إمكانياته ويتحول مثلاً إلى اقتصاد بارز. هذا هو كلامهم. وعلى ذلك تم الاتفاق في خصوص الملف النووي، وجعلنا اسم ذلك برجام، ويجب أن يكون هناك برجام آخر حول قضايا المنطقة، وبرجام آخر بخصوص دستور البلاد، وبرجام الثاني والثالث والرابع وإلى آخره حتى نستطيع العيش براحة. هذا منطق يحاولون نقله إلى نخبة المجتمع، ومن نخبة المجتمع إلى الرأي العام للمجتمع. ما معنى هذا الكلام؟ معناه أن تصرف الجمهورية الإسلامية الإيرانية النظر في أمور أساسية تلتزم بها بحكم الإسلام وبحكم ما يميز نظام الجمهورية الإسلامية، يجب أن تغض الطرف عن قضية فلسطين، وعن دعم المقاومة في المنطقة، وعن دعم المظلومين في المنطقة -مثل شعب فلسطين، وأهالي غزة، وشعب اليمن، وشعب البحرين- ولا تدعمهم ولا تسندهم سياسياً، وينبغي على نظام الجمهورية الإسلامية أن يعدّل ويغيّر من مطاليبه وإراداته ليقترب مما يريد الطرفُ المقابل أي أمريكا تحقيقه. معنى هذا الكلام هو كما أن بعض بلدان وحكومات المنطقة تصالحت اليوم مع الكيان الصهيوني على الرغم من حكم الإسلام وعلى الرغم من إرادة شعوبهم، وتركت قضية فلسطين لصالح قضايا أخرى، ينبغي للجمهورية الإسلامية أيضاً أن تعمل على هذا النحو. ومعناه كما أن بعض الحكومات العربية اليوم تمدّ يد الصداقة بكل وقاحة نحو العدو الصهيوني يجب على الجمهورية الإسلامية أيضاً أن تتصالح مع العدو الصهيوني.

وبالطبع فإن القضية لن تنتهي عند هذا الحد. معنى ما يطرح في ذلك التحليل السياسي للأعداء هو أن تصرف الجمهورية الإسلامية النظر عن أدواتها الدفاعية إذا رغبت أمريكا في ذلك. تلاحظون أية ضجّة يثيرونها في العالم حول قضية الصواريخ ولماذا تمتلك الجمهورية الإسلامية صواريخ، ولماذا تمتلك صواريخ بعيدة المدى، ولماذا تصيب صواريخ الجمهورية الإسلامية أهدافها بدقة، ولماذا تقومون باختبارات، ولماذا تقومون بتمارين عسكرية، ولماذا ولماذا ولماذا؟ أما الأمريكان فيطلقون مناورات بين الحين والآخر بالاشتراك مع أحد بلدان المنطقة في منطقة الخليج الفارسي التي تبعد آلاف الكيلومترات عن بلدهم -والحال أنهم ليست لهم أية مسؤولية هنا- بينما عندما تجري الجمهورية الإسلامية مناورات في دارها وفي بيئتها وفي حريمها الأمني فيرتفع الضجيج أنْ لماذا أجريتم مناورات، ولماذا عملتم وبادرتم، ولماذا قامت قواتكم البحرية والجوية بهذه الأعمال؟ معنى تحليل العدو هو أن نصرف النظر عن كل هذا. والقضية فوق حتى هذا المستوى. سوف يجرّون الموضوع تدريجياً إلى لماذا تشكلت قوات القدس أساساً؟ ولماذا تأسّس الحرس الثوري، ولماذا يجب أن تتطابق السياسات الداخلية للجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الإسلام بحسب دستور البلاد؟ سوف تصل الأمور إلى هذا الحد. عندما تتراجعون أمام العدو وأنتم قادرون على الصمود والوقوف -وسأتحدث عن هذا لاحقاً- سيتقدم العدو -فالعدو لا يتوقف- وتصل به الأمور رويداً رويداً إلى أن ما تقولونه من إن حكومة الجمهورية الإسلامية ومجلس الشورى الإسلامي والسلطة القضائية يجب أن تكون طبقاً لأحكام الإسلام والشريعة الإسلامية، هذا الكلام بخلاف الحرية، والليبرالية لا توافق هذا الشيء. تصل الأمور شيئاً فشيئاً إلى هذه الحدود. إذا تراجعنا فإن التراجع سوف يفضي إلى هذه المحطات بأنْ يقولوا ما هو دور مجلس صيانة الدستور في المجتمع، ولماذا ينبغي لمجلس صيانة الدستور أن يرفض القرارات بسبب معارضتها للشريعة؟ هنا الكلام. هذا هو الشيء الذي ذكرته مراراً وقلتُ إنه تغيير مضمون الجمهورية الإسلامية. قد يبقى شكل الجمهورية الإسلامية على حاله لكنه سيفرغ بالكامل من محتواه ومضمونه. هذا ما يريده العدو. طبقاً لهذا التحليل الذي يريده الأعداء والذي يشيعونه وينشرونه في أذهان النخبة وبين الرأي العام للشعب، إذا أرادت الجمهورية الإسلامية وشعب إيران التخلص من شرور أمريكا فيجب عليها التخلي عن مضمون الجمهورية الإسلامية، والتخلي عن الإسلام وعن المفاهيم الإسلامية وعن أمنها.[15]

5-    تجميل وجه أمريكا

من الأعمال التي قام بها الأمريكيون في السنوات الأخيرة حضّهم بعض الأفراد على تجميل وجه أمريكا وتزويقه، وأن يتظاهروا بأنه إذا كان الأمريكان في يوم من الأيام أعداء، فإنهم لم يعودوا يمارسون العداء الآن، هذا هو الهدف. الهدف أن يبقى وجه العدو خافياً عن شعب إيران ليغفل عن عدائه، ويستطيع هو ممارسة عدائه والطعن بالخنجر في الظهر، هذا هو الهدف. البعض طبعاً يقومون بهذه الممارسة بطريقة مغرضة، وهناك آخرون يقومون بها عن سذاجة. واقع الأمر هو أن أهداف أمريكا تجاه الجمهورية الإسلامية لم تتغير أبداً، لم تتغير على الإطلاق. اليوم أيضاً إذا استطاعوا تدمير الجمهورية الإسلامية لما ترددوا حتى للحظة واحدة، لكنهم لا يستطيعون، ولن يستطيعوا في المستقبل أيضاً إن شاء الله بهممكم أيها الشباب وبتقدمكم وباتساع وتعمق بصيرة الشعب الإيراني. وهم يبكون أيضاً! في هذه المفاوضات النووية شوهد أحد المأمورين الأمريكان يقول إنني كنتُ معارضاً للحرب منذ شبابي، وراح يبكي[16].

قد يقول البعض عن سذاجة: عجباً، حقاً إنهم أناس طيبون، ويستبشرون بتغير طباع الذئب! لكن نفس هذا الشخص الذي يكره الحرب إلى هذه الدرجة، والذي يغلبه البكاء لذكر الحرب فيذرف الدموع أمام الكاميرات، هو من أولئك الناس الذين عندما يتقطع مئات الأطفال في غزة أوصالاً أوصالاً، ولا يرحم الصهاينة النساء والأطفال والكبار والشيوخ والشباب، بل يعاملونهم بمنتهى القسوة والفضاعة، تراهم لا يبالون أبداً وحتى لا يعبسون! إذا كنتم تكرهون الحرب لهذه الدرجة قولوا كلمة واحدة لذاك الطرف السفاح الخبيث الذي يذبح الناس والأطفال هكذا، وقطبوا في وجهه، لا يقطبون في وجهه حتى، بل يشجعونه! في الوقت الذي كان الصهاينة يشنون هجماتهم تلك على غزة، وراحوا اليوم أيضاً يقتلون الناس في الضفة الغربية وغزة بشكل آخر، صرح الأمريكان -مسؤولوهم الكبار- بأنّ من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها. أي إن الشعب الفلسطيني ليس من حقه الدفاع، يدمرون مزارعهم ويقتلون شبابهم ويحرقون بيوتهم ويحرقون طفلاً له من العمر عدة شهور، ويحرقون أباه وأمه بالنار، ولا يحق للشعب الفلسطيني أن يردّ أيّ ردّ. واليوم أيضاً يشجعون الكيان الصهيوني ويساعدونه ويدعمونه. منذ شهور والشعب اليمن تتدمر مستشفياته وبيوته وبناه التحتية الحيوية تحت القصف، ويقتل البشر منه بالجملة بواسطة الطائرات المعتدية، لكن الأمريكان لا يقولون حتى كلمة واحدة، ولا يعبسون، بل يدعمون! هذه هي أمريكا، فهل يمكن والحال هذه أن يعدّ البكاء أمام الكاميرات عملاً صادقاً؟ هل يصدّق أحد هذا الشيء؟[17]

6-    تجميل وجه البهلوي المنحوس

من هم على علم واطلاع على عالم الكتب والصحافة والمقالات يجدون ما الذي يفعله الأعداء. إنهم يحاولون اليوم تجميل وجه العائلة البهلوية الخبيثة المشؤومة -ذلك النظام الفاسد العميل الخبيث الظالم الذي فرض التأخّر سنين طوالاً على بلدنا وعرّض شعبنا لتلك المشكلات الجسيمة- وتلطيفه، هذا ما تحاول الجبهة المقابلة للنظام الإسلامي القيام به. والذين يدعمونهم هم أنفسهم الذين يعارضون أساس الثورة، ويعارضون الشعب الذي قام بالثورة، ويعارضون وفاء هذا الشعب للثورة أشدّ المعارضة. لم ينجحوا لحد الآن، وقد كانوا عقدوا الآمال على أن يستطيعوا فرض الإعراض على جيل الثورة الثاني والثالث، لكنهم لم يستطيعوا. لم يستطيعوا جعل الجيل الثالث للثورة يعرض عنها، وقد عقدوا الآمال اليوم على الأجيال اللاحقة والشباب اللاحق لأنهم يعلمون أن الشعب هو الرصيد. هذه نوايا ومحفزات موجودة فيهم. طالما كنتم أنتم الشباب الصالحين والشعب المؤمن في الساحة وما دمتم متحفزين وعلى بصيرة وواعين بما تفعلونه، فسوف لن ينجحوا طبعاً، ماذا كان هذا النظام الذي اصطدم به الشعب؟ ومن كان؟ يحاولون بشكل من الأشكال تجميل وجه أخبث وأقبح وأبشع العناصر من الحكام الذين حكموا هذا الشعب خلال الفترات التاريخية المتأخّرة، حتى لا تتضح الحقيقة للشعب ولا يدرك ما الذي فعلوه بهذه الثورة.[18]

7-    طرح فصل الدين عن السياسة

دققوا في أن الأعداء يتابعون في مضمار الدين نقطتين أساسيتين لأنهم لاحظوا مدى تأثير هاتين النقطتين في حياة الناس. الأولى قضية «الإسلام من دون رجال الدين» فقد شاهدوا ما لرجال الدين من تأثير عميق في المجتمع الإيراني وعلى تحرك الجماهير. وقد كانوا طبعاً يطلقون مثل هذه الأراجيف قبل الثورة أيضاً. لكن تواجد رجال الدين في الثورة وريادتهم لصفوف الثورة أقصى هذا المعنى والمفهوم عن الساحة مؤقتاً، لكنهم بدأوا بأراجيفهم مرة أخرى. والنقطة الثانية هي «الإسلام من دون سياسة» أي فصل الدين عن السياسة. هاتان النقطتان من جملة الأمور التي يشيعونها اليوم بأشد الإصرار في صحافتهم وكتاباتهم ووسائلهم الأنترنتية. القضية مهمة بالنسبة لهم. دققوا في هذه الظاهرة. كل ما يشدد عليه العدو ويركز عليه في خارطة طريقه ومخططاته العامة يمكنه أن يوفر لنا نحن أيضاً مشروعاً عاماً وخارطة طريق.[19]

شهدنا فترة دعت فيه صحافتنا رسمياً وعلنياً لفصل الدين عن السياسة! بل شككوا في فكرة الوحدة بين الدين والسياسة وهي أساس الجمهورية الإسلامية وأساس التحرك العام للشعب. هل فوق هذا شيء؟![20]

إنّني عَزمت على المشاركة في أحد المؤتمرات العالمية، وأعددت كلمة كي أُلقيها في ذلك المؤتمر، فعرضتها عليه[21]، وهو ما كنت أفعله عادةً، فقرأها وأعادها ليّ بعد ثلاثة أيام، وقد ضَمّنَها بعض الأُمور، منها ضرورة التطرّق إلى عدم فصل الدين عن السياسة في ذلك المؤتمر.

وفي الوَهلة الأولى استولت عليّ الدهشة، إلا أنّني مع ذلك أعددت بعض الصَفحات حول هذا الموضوع وأضفتها إلى الكلمة.

وقد حضر ذلك المؤتمر حوالي مئة دولة، وحينما قرأت عليهم كلمتي، وجدت أنّ أهم ما حظي باهتمامهم وانتباههم هي هذه المسألة، في حين أنيّ إذ رأيت بقية المسائل قد تمّ اختيار ألفاظها وانتقاء معانيها تَصوّرت أنها هي التي ستنال إعجابهم، إلا أنّني أدركت فيما بعد أنّ ما أشار إليه الإمام كان هو الأهم.

إنّ الذي يرتقي المنابر العالمية المتقدّمة ويؤكد على عدم فصل الدين عن السياسة يكون قد أصاب قلب الهدف.

وهناك في الداخل من ينطق عن لسان الأعداء، وينطبق عليهم القول القائل: «وإن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس»[22] ويكتبون حول فصل الدين عن السياسة.

إنّ فصل الدين عن السياسة كان سائداً في بلادنا طوال قرون، إلا أنّ الإمام جاء وطوى صَفحة الماضي وصرّح بهذا الفكر في العالم.[23]

8-    تعريف الفكر الشيعي بالانحراف

تمّ تأسيس هذا النظام بالاستلهام من حركة الأئمّة ومع الاستفادة من محبّة أهل البيت(عليهم السلام) وحركة الإمام الحسين(ع)والذين كانوا وما زالوا موجودين، يعلمون ذلك ويرونه وقد رأوه سابقاً. لاحظوا منذ أن قامت هذه الثورة الإسلاميّة بهذا الشكل وأرسي هذا البناء العظيم والشاهق وفق تعاليم الإسلام الأصيل، كم تمّ تأليف الكتب والكتيبات والمواضيع ضد الشيعة وتمّ نشرها؛ لا تُعدّ ولا تُحصى. لقد كانوا يجلبون لي هذه الكتب. وأنا أطّلع عليها وأعلم ما تفعله الأيادي المجرمة والمذنبة من أجل أن تقدّم للناس والشباب فكر أهل البيت ومدرسة أهل البيت عليهم السلام كفكر منحرف عن الإسلام. ينسبون إليه أموراً عدّة: ينسبون الكذب، ينسبون الخلاف وينسبون تحريف القرآن إليه. لماذا يقومون بهذه الأعمال؟ لأنّ هذه الحركة، وهذا الفكر، وهذه الثورة، وهذا النظام العظيم، وهذه العزّة الإسلاميّة، وصمود هذا الشعب مقابل ميول الاستكبار وعلى رأسهم الشيطان الأكبر أمريكا، يستقطب الشباب والقلوب المفعمة بالحيويّة في العالم الإسلاميّ. هم يخشون هذا الأمر. وهذا أمرٌ جدّي.

الاستكبار يدرك اليوم أنّ قلوب الناس في العديد من البلدان الإسلاميّة تؤيّد الجمهوريّة الإسلاميّة؛ وهو يعلم أنّ العمق السياسيّ والاستراتيجي لنظام الجمهوريّة الإسلاميّة بات داخل البلدان الإسلاميّة؛ من شمال أفريقيا إلى شرق آسيا. لذلك هم يبادرون لتقديم الفكر الشيعي على أنّه فكرٌ منحرف، ويوجّهون إليه التُّهم، ويشوّهونه، وينسبون إليه الأباطيل، ويهاجمون الجمهورية الإسلاميّة ويُظلم الشيعة وسط هذه الهجمات.[24]

9-    قطع علاقة الشعب بالنظام

من جهة أخرى، يمهّدون في الداخل بواسطة إضعاف علاقة النظام بالشعب. سياستهم الأصليّة هي عبارة عن أن يتمكّنوا من إيجاد شرخ بين الجمهوريّة الإسلاميّة والشعب؛ ثمّ يحضّرون الرأي العام على المستوى الدولي. لماذا يحتاجون لهذا التمهيد؟ لأنّ أمريكا تدرك أنّ انتصارها على الجمهورية الإسلاميّة -رغم تفوّقها العسكري- مستحيل دون هذا التمهيد والتحضير؛ وهذه حقيقة. لا قدرة دائمة للتفوّق العسكري على حسم الأمور، وسوف أشرح ذلك أكثر إن شاء الله. أمريكا تحتاج إلى تمهيد داخلي حتى تتمكّن من فرض هيمنتها العسكريّة.

من الأمور التي يتابعها هؤلاء بقوّة، سلب الناس ثقتهم بفاعليّة النظام. وبعض التصريحات التي تسمعونها ليست بالصدفة. ليس صدفة أن يأتي البعض ويتناقشوا بشأن النظام الإسلاميّ ويطرحوا أزمة شرعيّة النظام. يضعون علامات استفهام على النظام الذي جاء بآراء وإرادات وجهاد الناس ومع كلّ هذه المشاعر والعواطف، وواجه كلّ هذه المشكلات وخرج منتصراً مرفوع الرأس أمام كلّ هذه العداوات -وقد تمّ ذلك كلّه بفضل دعم الناس- ثمّ يقولون: أزمة في الشرعيّة! هذه ليست صدفة. بعض الكلام الذي تلاحظون إطلاقه من خلف المنابر، كلّه يصبّ في اتجاه تقديم صورة سلبيّة عن النظام الإسلاميّ في أذهان الناس وهو من أجل سلب ثقتهم حتى تتحقّق غايتهم؛ أعني إيجاد شرخ بين الشعب والنظام.[25]

إنّ الإيحاء بعدم كفاءة النظام إنما يمسّ المسؤولين المتصدّين للعمل في السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، في القوات المسلحة والمؤسسات الثورية وكافة المؤسسات. فعلى المديرين الاستعداد والتأهّب لإدارة كفوءة والعمل من أجل الشعب. وإذا ما تحدثت عن الحركة من أجل النهوض لخدمة الشعب فإنما لهذا السبب، ومن أجله أدعو لأن تتنافسوا في خدمة الشعب، وأؤكد على مكافحة الفساد؛ لأن المدير إذا ما فسد -لا سمح الله- لم يعد بمقدوره خدمة الشعب، أو أن يكون ذا فائدة له. إذاً لابد من إثبات كفاءة النظام أولاً.

إنّ بلادنا تمتلك من الثروات والإمكانيات والأشخاص الجديرين ما فيه الكفاية، فليس وطننا فقيراً من حيث أهل الخدمة والكفاءة من الناس، بل نمتلك الكثير من الكفوئين، فهنالك من القائمين على الخدمة في أوساط المسؤولين الذين يقفون على رأس الأعمال أناس كفوئين وجديرين وصالحين، كما أنّ بين غيرهم ممن ليسوا بمسؤولين أناساً جديرين أيضاً.

فعليهم العمل وشحذ الهمم والسعي واعتبار تقديم الخدمة للشعب من الأمور التي تضمن الأمن العام للوطن، لذلك عليهم التنافس فيما بينهم لخدمة الشعب.[26]

10-           تدمير الثقة الوطنية بالنفس

أعزائي .. لقد تمّ تلقيننا نحن الشعب الإيراني طوال مائة عام بأنكم غير قادرين، ولا تستطيعون إدارة بلدكم، ولا تستطيعون صيانة عزتكم، ولا تستطيعون البناء والعمران، ولا تقدرون على السير في درب العلم، ولا تقدرون ولا تقدرون، ونحن صدّقنا ذلك وآمنا به.

من الأدوات المؤثرة للأعداء في الهيمنة على الشعوب هذا الإيحاء والتلقين بأنكم «لا تستطيعون ولا تقدرون»، حتى تصاب الشعوب باليأس وتقول لنفسنا إننا غير قادرين على فعل شيء. بهذه الخدعة تأخّر الشعب الإيراني لمائة عام في ساحات السياسة والعلم والاقتصاد وكل ميادين الحياة. وقد عكس الإمام الخميني الفكرة، وسلب القوى العظمى هذه الأداة من أدوات هيمنتها، وقال لشعب إيران «إنك قادر وتستطيع». لقد أعاد لنا شجاعتنا، وردّ إلينا تصميمنا وقاطعيتنا، وأعاد لنا ثقتنا بأنفسنا، فشعرنا نحن الشعب الإيراني بأننا قادرون، فتحركنا وبادرنا، وبهذا انتصر شعب إيران في كل الساحات -التي سأشير لها- طوال هذه الأعوام التي تربو على الثلاثين.[27]

11-           ترويج الفساد والفحشاء والمواد المخدّرة

الشباب في بلد ما إذا أرادوا التقدم به كما يفعل المحرك فهم بحاجة لأن يكونوا حيويّين متوثّبين سالمين أقوياء منشدّين إلی العمل والتقدم. ولأجل إماتة هذه الروح لدی ‌الشباب الإيراني يسعون لإشغالهم بمختلف مؤامراتهم من ترويج الفساد والفحشاء والمخدرات عبر عصابات موجّهة. وعلی الشاب الإيراني أن يتنبّه. إذا كان مسؤولو الجمهورية الإسلامية يكافحون المخدرات بشراسة فهذا جهاد كبير وتحرك عميق جداً في سبيل تقدم الشعب الإيراني. لا يريدون للشاب الإيراني أن يعمل بجد ونشاط في الورشة والمختبر والجامعة والمناخ العلمي وفي مراكز العمل والسعي الصناعي والزراعي. الشاب الذي يقع أسيراً للشهوات الجنسية أو المخدرات لا تبقی فيه طاقة للعمل، ولا للتفكير، ولا للإبداع، ولا يتحلی بالعزيمة والإرادة الراسخة الضرورية. المؤامرات المنظّمة لجرّ الشاب الإيراني نحو الشهوات والمخدرات والتسلية الجنسية مؤامرات خطيرة جداً في الوقت الراهن، وتقع مهمة مكافحتها بالدرجة الأولی‌ علی‌ عاتق كل أبناء الشعب لاسيما الشباب. علی الشباب أن يتحلّوا بالوعي. لقد علم العدو أن تقوی الشاب الإيراني وورعه وتدينه يساعده علی التقدم في الميادين المختلفة ويريدون زعزعة هذا الجانب. يحذر الإمام الشباب والجامعات والحوزات العلمية وكل شباب البلد ويدعوهم إلی اليقظة والحذر. خداع الشباب وتضعيفهم يعني الإبقاء علی‌ الشعب متخلفاً. علی الشعب كله الشعور بالمسؤولية وعلی المسؤولين العمل في هذا السبيل بجد ونشاط فهو جهاد كبير.[28]


  • [1] خطاب سماحته أمام أهالي أصفهان بتاريخ 30-10-2001م
  • [2] خطاب سماحته أمام أهالي نجف آباد 24-2-2016م
  • [3] خطاب سماحته أمام أقشار مختلفة من الشعب بتاريخ 9-9-2015م
  • [4] خطاب سماحته أمام قادة وأعضاء القوة البحرية للحرس الثوري بتاريخ 7-10-2015م
  • [5] إبراهيم: 24
  • [6] زخرف: 67
  • [7] خطاب سماحته أمام قادة وأعضاء الحرس الثوري بتاريخ 5-1-1995م
  • [8] رسالة الإمام الخميني إلى آية الله منتظري بتاريخ 26-3-1989م
  • [9] خطاب سماحته أمام قوات التعبئة بتاريخ 26-11-1997م
  • [10] خطاب سماحته أمام أقشار مختلفة من الشعب في النصف من شعبان بتاريخ 7-2-1993م
  • [11] خطاب سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-2015م
  • [12] خطاب سماحته أمام أهالي قم بتاريخ 7-1-2015م
  • [13] خطاب سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-2001م
  • [14] خطاب سماحته أمام مسؤولين مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بتاريخ 4-2-2003م
  • [15] خطاب سماجته بمناسبة بداية العام الهجري الشمسي بتاريخ 20-3-2016م
  • [16] وزير الخارجية الأمريكي
  • [17] خطاب سماحته أمام طلاب المدارس والجامعات بتاريخ 3-11-2015م
  • [18] خطاب سماحته أمام أهالي قم بتاريخ 7-1-2015م
  • [19] خطاب سماحته أمام أهالي قم بتاريخ 19-10-2010م
  • [20] خطاب سماحته أمام أساتذة وطلاب جامعة علم وصنعت بتاريخ 19-7-2008م
  • [21] الإمام الخميني
  • [22] بحار الأنوار، جزء 2، صفحة 94
  • [23] خطاب سماحته أمام القائمين على حفل ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 31-5-2005م
  • [24] خطاب سماحته أمام أعضاء المجمع العالمي لأهل البيت(عليهم السلام) بتاريخ 3-2-1998م
  • [25] خطاب سماحته أمام طلبة جامعة الشهيد بهشتي بتاريخ 12-5-2003م
  • [26] خطاب سماحته بمناسبة بدأ العام الهجري الشمسي بتاريخ 21-3-2003م
  • [27] خطاب سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-2013م
  • [28] خطاب سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 3-6-2008م
المصدر
كتاب الثورة الإسلامية في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟