مواضيع

تعريف الثورة بالعالمية

الأمر الآخر من الأمور البارزة في نهج الإمام كون هذه النهضة نهضة عالمية. فالإمام كان يعتبر النهضة نهضة عالمية ويعد الثورة لجميع الشعوب الإسلامية، بل وغير الإسلامية. ولم يكن الإمام يأنف من ذكر هذا الأمر. وهذا لا يعد تدخلاً في شؤون البلدان الأخرى، حيث إننا لا نقوم بذلك. وهذا لا يعني تصدير الثورة على الطريقة الاستعمارية الماضية، التي لا نقوم بها، ولسنا من أهلها؛ بل يعني أنه ينبغي أن تفوح الرائحة الطيبة لهذه الظاهرة الرحمانية في كل العالم، فلتعرف الشعوب ما هو دورها، وتكتشف الشعوب الإسلامية هويتها وموقعيتها. وكنموذج لهذه الرؤية العالمية موقف الإمام حول القضية الفلسطينية. فالإمام قال بصراحة إن إسرائيل غدة سرطانية. حسناً، ماذا نفعل مع الغدة السرطانية؟ أيوجد علاج لها غير القطع؟ إن الإمام لم يجامل أحداً.

هكذا كان منطق الإمام. ولم يكن كلامه للشعار. بل هو أمر منطقي. إنّ فلسطين دولة تاريخية. وعلى امتداد التاريخ كانت هناك دولة تسمى فلسطين.

هناك بعض الدول المقتدرة وعلى رأسها بريطانيا، بعد ذلك التحقت بها أمريكا، ثم تبعتهما الدول الغربية، إنهم جاءوا ليقولوا بأن دولة فلسطين وشعب فلسطين يجب أن يُشطبا لكي توجد بدلاً عنها دولةً باسم إسرائيل وشعباً مختلقاً باسم شعب إسرائيل. هذا كلامٌ؛ وفي قباله كلام الإمام؛ الذي يقول: كلا، ينبغي حذف هذا الكيان المختلق والمفروض؛ فلابد أن يحل مكانه الشعب الأصلي والدولة الأصلية والكيان الجغرافي الأصلي. فأي كلام من هذين هو المنطقي؟ هل هو الكلام الذي يعتمد على الحراب والقمع ويريد أن يحذف نظاماً سياسياً وكياناً جغرافياً تاريخياً يمتد عمره لآلاف السنين من الساحة الجغرافية بشكل تام؟ أهو منطقيٌ؟ أم ذلك الذي يقول كلا، إن هذا الكيان الجغرافي الأصلي يجب أن يبقى ويجب أن يزول الكيان المختلق والمفروض بالقوة من الوجود؟ هذا ما كان يقوله الإمام. وأقرب كلام للمنطق مما يمكن قوله بشأن إسرائيل الغاصبة وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، هو ما قاله الإمام؛ وقد صرّح به. والآن إذا نوه أحدٌ بهذا الكلام ولو بإشارة، تأتي جماعة مدعية بإتباعها لنهج الإمام فتقول: لماذا قيل هذا الكلام؟! حسناً، إن هذا هو كلام الإمام، وهذا هو منطق الإمام، وهو المنطق الصحيح، فجميع مسلمي العالم وكل أحرار العالم وكذلك الشعوب غير المحايدة ينبغي أن تتقبل هذا الكلام. هذا هو الصحيح وهذا هو موقف الإمام الراحل.[1]


[1] خطاب سماحته في ذكرى رحيل الإمام الخميني بتاريخ 4-6-2010م

المصدر
كتاب الثورة الإسلامية في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟