طائرة الاستطلاع، منطق الديمقراطيّة
من الجيّد أن تعلموا أنّ الجيش الأمريكيّ يستخدم في سبيل التصدّي للإرهاب ونشر الديمقراطيّة حول العالم أحدث الوسائل والتقنيّات، وهذا ما أدّى إلى أن تحقّق أمريكا نجاحات مذهلة في قيامها بهاتين المهمّتين. كانت طائرة الاستطلاع واحدة من هذه الوسائل. وقد صمّم صانعو طائرات الاستطلاع الأمريكيّة هذه الطائرات بحيث تتمكّن في وقت واحد من إنجاز عدّة مهام مختلفة، أي أنها في نفس الوقت الذي تكافح فيه الإرهاب، ترسّخ أيضاً الديمقراطيّة وحقوق الإنسان في مختلف النقاط المستهدفة. وكانت باكستان واحدة من المناطق التي تكفّلت فيها طائرات الاستطلاع الأمريكيّة بين العامين 2003 و2012 بنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان أكثر من 340 مرة وفي مختلف النقاط فيها عبر تقنيّة إطلاق الصواريخ الموجهة، وكانت ثمرة هذه الخطوة انتشار وارتفاع مستوى إيمان ورغبة الشعب الباكستاني بالولايات المتحدة وقيمها الليبراليّة – الديمقراطية.
رغم أنّ الحكومة الباكستانيّة ادّعت مقتل أكثر من 3500 شخص من المدنيّين جراء هذه العمليّات الديمقراطية. ونظراً لكون هذا المشروع مثمراً، صمّم الجيش الأمريكيّ على مواصلته بقوّة أكبر من السابق.[1]
ووفق التقرير الذي نشرته منظّمة العفو الدوليّة، قامت طائرات الاستطلاع الأمريكيّة خلال 14 شهر (من يونيو 2012 حتى أغسطس 2013) خلال أكثر من 45 مرحلة ببذر بذور الديمقراطيّة، الحريّة وحقوق الإنسان عبر إطلاق الصواريخ التي خرقت عقول وقلوب الشعب الباكستاني، وكانت نتيجة ذلك الأمر ترسيخ جذور قيم الحضارة الأمريكيّة في باكستان، إضافة إلى حصد أرواح المئات من المدنيّين. كانت طائرات الاستطلاع الأمريكيّة تتصرّف بذكاء، فهي بعد الهجوم على منطقة معيّنة، كانت تبتعد لتعود بعد تجمّع الناس والعناصر المُسعفة من أجل إنقاذ الضحايا وانتشالهم من تحت ردم ودمار الديمقراطيّة وحقوق الإنسان، فتستهدف مرّة أخرى المسعفين وسائر الناس بصواريخها الديمقراطية. كان الخلل الوحيد في هذا الأسلوب، الدقّة المنخفضة لطائرات الاستطلاع. فوفق تقرير كليّة الحقوق في جامعة نيويورك، كانت طائرات الاستطلاع تحقّق النجاح في 2% فقط من أهدافها، وفي سائر الحالات كانت الصواريخ الحاملة للديمقراطية وحقوق الإنسان تُوجّه إلى أماكن أخرى.[2]
ومن اللافت أنّ المسؤولين الباكستانيّين طالبوا في خطوة استبداديّة مناهضة للإنسانيّة بوقف هجمات طائرات الاستطلاع ضدّ بلدهم! لكن لحسن الحظ، لم يحظَ هذا المطلب باهتمام المسؤولين الأمريكيّين وما زالت طائرات الاستطلاع الأمريكيّة تواصل بكلّ جدّ مهماتها التاريخيّة والصانعة للتاريخ، وتحقّق نتائج مذهلة في نشر الحضارة الأمريكيّة الحديثة في باكستان.[3]
تكرّرت هذه القضيّة لاحقاً أيضاً في اليمن خلال الأعوام التي تلت عام 2012 وقد حلّقت طائرات الاستطلاع أيضاً في بعض الحالات فوق حفلات الأعراس الشعبيّة في بعض المناطق اليمنيّة وبادرت بعد تقديمها للتبريكات بنشر الديمقراطيّة وحقوق الإنسان بين الحضور.
وفق ما نشره تقرير مرصد حقوق الإنسان، استهدفت حقوق الإنسان الأمريكيّة في واحدة من هذه الأعراس 25 شخصاً من بينهم العروس، وقد فقد هؤلاء أرواحهم وجُرح بعضهم بسبب عدم تمتعهم بقابليّة التحمّل.[4] في تلك الفترة، وصفت منظّمة الأمم المتحدة نتيجة عدم قدرتها على تفهّم ما حصل، ما تقوم به طائرات الاستطلاع الأمريكيّة في مختلف المناطق حول العالم مثل باكستان، اليمن و… بعمليّات القتل المنظّمة والناقضة للقوانين الدوليّة، وهذا إنّما يدعو للاستنكار والاستغراب، فكيف يمكن لمنظّمة الأمم المتحدة أن لا تدرك أبعاد القديّة ولا تقف إجلالاً لما تبذله الولايات المتحدة الأمريكيّة – جيشاً وحكومة – من أجل ترويج القيم الحضاريّة الحديثة.[5]
- [1] خلّفت الهجمات الأمريكيّة على باكستان بواسطة طائرات الاستطلاع 4 قتلى، وكالة أنباء الجمهورية الإسلاميّة (إيرنا)، 26/12/2013 (http://www.irna.ir/fa/News/80967553)
- [2] هجمات طائرات الاستطلاع الأمريكيّة على شمال باكستان، وكالة تابناك الإخبارية، 22/3/2013 (http://www.tabnak.ir/fa/news/309964)
- [3] موافقة أمريكا المشروطة على وقف هجمات طائرات الاستطلاع على الأراضي الباكستانيّة، وكالة أنباء فارس، 5/2/2014 (http://www.farsnews.com/13921116001271)
- [4] تقرير مرصد حقوق الإنسان بشأن الطائرات الأمريكيّة من دون طيار، وكالة أنباء الطلاب الجامعيّين في إيران (إيسنا)، 23/2/2014 (http://www.isna.ir/fa/news/92120401647)
- [5] تقرير مرصد حقوق الإنسان بشأن الطائرات الأمريكيّة من دون طيار، وكالة أنباء الطلاب الجامعيّين في إيران (إيسنا)، 23/2/2014.
تعليق واحد