مواضيع

المجاميع الجامعية عليها مراقبة نفوذ العدو

إنَّ على الشريحة الطلابية ممن لهم أساس إسلامي وعلمي عدم القيام بعمل داخل الجامعة بالشكل الذي يؤدَّي إلى التنافس، أو المعارضة المتلبّسة بلباس المنافسة، التي تقوم بإضعاف هذه الشريحة المؤمنة، فينبغي لهذه الشريحة المحافظة على بعضها البعض، وهذا لا يعني أن يكون الجميع على نفس الوتيرة، فليس من الممكن أو الواجب أن يكون الجميع على نفس الوتيرة، ويتمتعون بنفس الطِباع، إلّا أنَّه يجب تجنّب الخلافات وتضعيف بعضهم البعض الآخر.

من الممكن أنَّ هذا الكلام لم يكن واضحاً للمجتمع الجامعي، قبل عشرة أو خمس عشرة سنة، وكان من اللازم أن يُكرر عليهم، وكنَّا نكرره فعلاً، إلا أنَّكم اليوم تعلمون أنَّ العدو يقوم بصرف الأموال الطائلة الخاصة لحرف مسيرة التوجّهات الطلابية بالخصوص؛ لكي يتمكّن من اختراق المجتمع الجامعي والنفوذ إليه، وإعداد المتطوّعين الذين ينوبونه في العمل؛ من خلال التلبُّس بأقنعة متعددة.

إنَّ الأجهزة الجاسوسية الأمريكية والإسرائيلية اليوم، لم تتردد حتى عن القيام بتقديم المساعدات للتنظيمات الموجودة في الجامعات الإيرانية، والتي ترتبط ـ حسب الظاهر ـ بالحزب الشيوعي السابق، إنَّ مثل هذه التنظيمات موجودة في جامعاتكم بالفعل، وإنَّ المجاميع والفرق الطلابية التي تدعم هذه التنظيمات هم من أصحاب الأفكار الشيوعية الذين قدموا قبل عدَّة سنوات، وعُرضوا على شاشة التلفاز، حيث أعلنوا توبتهم وندمهم طالبين العفو من كبار مسؤولي البلد، ومع سقوط المعسكر الشيوعي بالكامل، وظهور خطأ أهدافه وأفكاره وفلسفته الواهية للجميع، وثبوت ذلك بالدليل، ولم يبقَ للتيار اليساري أي معنى، تراهم يتمسّكون بذلك الفكر، ويقومون بدعمه ورعايته؛ لأنَّهم بحاجة إليه؛ أي أنَّهم مستعدون من أجل التصدّي للتيار الجامعي الأصيل والصحيح المتمثّل بالتيار الإسلامي، المرتبط بالقيم المعنوية، والمعتز بانتسابه لإيران ـ أن يحرّكوا طلبة الجامعات، تحت أي عنوان، كعنوان الشيوعية، والتسلّط، وأسماء مختلفة أخرى. فعليكم توخّي الحذر من ذلك.

إنَّ مسؤوليتكم جسيمة، فعلاوة على متابعة دروسكم، عليكم أن تتعرّفوا على الأجواء السياسية، وينبغي أن يكون لكم دور في التأثير فيها، فضلاً عن تقوية استعداداتكم من الناحية الفكرية والروحية؛ وذلك من أجل مستقبل هذا البلد، الذي ستزداد مكانة نظامه الذي يعتمد على القيم المعنوية ـ أي النظام الإسلامي عشرة أضعاف ما هو عليه اليوم، عندما يقاس في المعادلات العالمية، اطمئنّوا من أنَّنا سنحقق ذلك في المستقبل، وستشهدون أنتم – أيها الشباب ـ ذلك اليوم – وبطبيعة الحال لا يمكن لأعمارنا بلوغه – لكنَّ أعماركم تسمح بذلك، وستشهدون ذلك اليوم، الذي تكون فيه مكانة وأهميّة الجمهورية الإسلامية في المعادلات العالمية ـ سواءً على الصعيد السياسي، أو العلمي، أو في مجال الكشف عن الأفكار البنَّاءة ـ أكثر بعشرة أضعاف مما هي عليه اليوم، وينبغي لكم أن تُعدّوا أنفسكم لذلك اليوم إن شاء الله تعالى.[1]

كلامي للطلبة: إنني أوصيهم بالاحتراس من العدو، ومعرفته على حقيقته، عليكم أن لا تغفلوا عن معرفة العدو، فالغرباء الذين يتلبّسون بلباس الأصدقاء يتسلّلون في كل مكان، عليكم بمعرفة هذه الأيدي الخفيّة؛ فما من أحد ينال الثناء على غفلته، ولا أحد يحظى بالمديح على إغماض عينيه، وإذا ما تلقّى الغافل من الأعداء ضربة فهو أوّل مسؤول ومذموم.

الطلبة الجامعيون يشكّلون شريحة فاخرة وثمينة، ولهذا اتّخذها العدو غرضاً له، وقد سعى الأعداء منذ سنوات لوضع الطلبة في موضع مجابهة النظام، إلاّ أنهم لم يفلحوا ولن يفلحوا في مسعاهم هذا، وإذا أرادت بعض العناصر المتسلّلة انتهاز الفرصة والاصطياد في الماء العكر، والتغلغل بين ثنايا الشرائح الطلابية وإطلاق بعض الكلمات والشعارات، عليها أن لا تتوهّم أننا سنخطئ، فنحن لن نخطئ؛ لأننا نعرف المقابل ونعرف من نخاطب، فطلبة الجامعة أبناؤنا وأبناء هذا الشعب؛ والعدو هو الذي يريد التستّر بستار الطلبة للتغلغل بين صفوفهم وارتكاب المفاسد باسمهم، وهذا ما يوجب على الطلبة أن يتحلّوا بالحذر واليقظة.[2]

أعزائي الشباب والطلاب، إن بذور الهيئة الإسلامية في جامعات البلاد تجذّرت وأثمرت في أكثر لحظات الثورة حساسية بحكمة هذا الإمام العظيم ورؤيته الثاقبة، وقد تم رَيّها لسنوات عديدة بتوصياته الحكيمة. اليوم وبعد مرور أكثر من عقدين، لا تزال أهمية هذه البذور الثورية والإسلامية والشعبية باقية. اليوم، كما في أيام تأسيس هذه الهيئات، تحتاج البيئة الجامعية إلى حاملي شعلة الإيمان والتقوى والوعي الذاتي في السياسة والنشاط وحماس الحلم الطلابي، ويمكن أن تكون الهيئات الإسلامية من بين المجموعات الأكثر نجاحاً لتحمّل هذه المسؤولية العظيمة.

 إن راية العدالة والحرية الإسلامية، التي يرفعها اليوم النظام المقدس للجمهورية الإسلامية أمام أعين العالم، يواجه أعداء حاقدين ومعاندين وطغاة دوليين منشغلين بمئات الأساليب والمؤامرات لصرف عيون وقلوب الشعوب الإسلامية عن هذه العزة والحرية.

يجب ألا يغفل طلابنا في جيلنا الشاب أبداً عن ساحة المواجهة وعدم الخضوع. إن يد العدو الخفية والجليّة تعتبر الجامعات من أولى أهداف المؤامرة، وهذا يدعو جميع المشفقين والمتعاطفين خاصة الطلاب الأعزاء، إلى أن يكونوا أكثر يقظة وحساسية. علامة الفتن الثقافية والسياسية بارزة أمام الجميع. يمكن للشباب المؤمن والواعي إخماد هذه الفتن في مهدها وإذا ما ارتفع غبار الفتنة احتواه وقهره والتغلب عليه.

وحذر الإمام العظيم الهيئات الإسلامية مراراً وتكراراً من نفوذ الأعداء. هذه النصائح والتوصيات الحكيمة باقية بقوة حتى يومنا هذا. يجب على أعضاء الهيئات الجمع بين النشاط السياسي وبناء الذات الروحي والمعنوي وبناء سد قوي ضد نفوذ الشيطان.

في هذه الحالة سيتعهد نقاء وإخلاص الشباب وقلب الطالب النقي الذي يحلم بالمثالية سيتحمل جميع المسؤوليات العظيمة في هذه الفترة.[3]

كونوا يقظين بأن لا يأسس العدو له مركزاً بين التجمعات الإسلامية، الذين لا يريدون أن تقوم الفعاليات الإسلامية في الجامعات، والذين لا يريدون الشباب أن يتمسكوا بالإسلام، لا يعرفون حقائق الثورة، ولم يعرفوا الشكل العظيم للثورة الإسلامية والنظام الإسلامي.

إحدى خدعهم هو النفوذ في المراكز الدينية والثورية، وخصوصاً في التجمعات الإسلامية الجامعية، لكن لديّ أملٌ كبير في الشباب وبدوافعهم، وبتصديكم الشجاع الذكي لهجمات العدو، وإن شاء الله سوف تسلكون الطريق بإيمانكم.[4]

وعي الشباب طريق لمقابلة نفوذ العدو

لحسن الحظ فإن ساحة العلم اليوم مفتوحة، وساحة الأنشطة التقنية مفتوحة، وعلى المسؤولين أن يفتحوا الساحات الاقتصادية ليدخل شباب هذا البلد مختلف الساحات بثقة بالنفس. إن هذا البلد بلدكم. جيلنا قام بما يستطيعه طوال الأعوام المتمادية. البلد اليوم بلد الشباب وملك الشباب. على الشباب أن يعدّوا أنفسهم ويكونوا جاهزين في القطاعات والميادين المختلفة. أيها الشباب جابهوا نفوذ الأعداء وتأثيراتهم الثقافية وأساليبهم المثبّطة التي يروّجونها في المجتمع. اعلموا أن الإسلام المنقذ المادي والمعنوي.[5]

عليكم أيها الشباب أن تبقوا يقظين دوماً. عمّقوا معارفكم الدينية والثورية ما استطعتم. كونوا كزبر الحديد – كما في بعض التعابير الحديثية والأدعية – صلبين نافذين قاطعين ذوي إرادة قوية.

إذا أردتم أن تحفظوا لأنفسكم هذه الهوية بصورة تامة، والذين سيلتحقون بكم من الأجيال التالية في المستقبل إن شاء الله سيعملون على استمرار حياة هذه الشجرة الطيبة وهذا التيار المقدس، فعليكم تمتين أركان المعارف الدينية في قلوبكم. في مضمار المسائل الدينية أوصي أن ينتهل الشباب من المعارف الراقية ومن أفضلها آثار الشهيد مطهري. الشعارات جيدة جداً، والتوجهات جيدة جداً. ينبغي تعميق هذه التوجهات والشعارات. اقرأوا كتب الشهيد مطهري أيها الشباب، ولا تغفلوا عن سير القادة وعن الإطلاع على حياة شهداء طريق الحق. القادة العسكريون بالدرجة الأولى، بيد أن هذا الأمر لا يقتصر عليهم. قرأت كتاباً عن مجموعة تمثل جزءاً من كتيبة تعبوية شاركت في إحدى هجمات الدفاع المقدس؛ تواجد أفراد مجموعة داخل ساحة المعركة؛ نشاطهم المؤثر جداً، وشوقهم، وإيمانهم، والضربة التي وجهوها للعدو، وبالتالي تلك الهالة من النور التي اكتسبوها في ساحات الوغى والمنعكسة في كلامهم، أو في وصاياهم بالنسبة لمن استشهد منهم. أنا انتفع من هذه الكتب كلما قرأتها. افتحوا باب هذه المنفعة على أنفسكم. أنتم الشباب آمال مستقبل البلاد، ومن هم الأكثر تحفزاً وإيماناً بين شباب البلاد يشكلون أكبر الآمال لها وللشعب، ولا شك أن منظومة التعبئة هي من هذا القبيل.[6]

راية الإسلام سوف تنقذ كل هذه المنطقة إن شاء الله. إننا نشاهد اليوم أن النهضة الإسلامية تتسع يوماً بعد يوم في هذه المنطقة الإسلامية العظيمة في الشرق الأوسط. العدو يمنى بالعزلة والتراجع باستمرار، والحركة الإسلامية تتقدم للأمام على الرغم من تحركات الأعداء الرامية إلى إخمادها.[7]

بيد أنه لا يعني أن الأعداء أقلعوا عن محاولات التغلغل والتآمر والاندساس. إنهم هناك يعملون ويسعون. يحاولون بمؤامراتهم وبثهم للخلافات واستخدام الأساليب الدنيئة أن يوجهوا ضربتهم متى ما استطاعوا ذلك. وهذا يتطلب اليقظة والاحتراس. هذه اليقظة والجاهزية التي أتحدث معكم عنها ليست جاهزية عسكرية فقط. بل هي الجاهزية الروحية أيضاً. قد لا يستطيع العدو فعل شيء من الناحية العسكرية ولا يخامره الأمل في ذلك، لكنه من الناحية الثقافية، ومن الناحية السياسية، والأمنية، ومن حيث إعداد الجواسيس والتغلغل إلى المعتقدات والإيمان الراسخ لدى الرجال والنساء المؤمنين في هذا البلد، قد يروم على هذه الصعد اصطناع وسائل معينة لبلوغ أهدافه السوداء، هذه الأمور تهدد أمننا، الأمن في البلاد وفي أية منطقة يمثّل أساس التقدم.[8]

لست أشك في أن المستقبل للإسلام، وفي دائرة الإسلام وسوف ترون أيها الشباب إن شاء الله اليوم الذي ترفرف فيه بتوفيق من الله راية الإسلام في كل هذه المناطق، وتشكل منظومة إسلامية متحدة مقتدرة عزيزة.[9]

التعبئة عامل مهم لمقابلة نفوذ العدو

في هذا الموقع من هو عامل الدفاع المستميت عن الثورة والإسلام؟ التعبئة (البسيج)، أي نفس قواعد المقاومة ونفس القوى الشابة والمتحمّسة. هؤلاء الشباب الذين لم يشهد تاريخنا منذ بداية الإسلام وحتى يومنا هذا مثيلاً لوفرة أعدادهم في أية حقبة زمنية. هؤلاء الشباب الذين هم في ريعان شبابهم ومفعمون بحيوية الشباب يتسارعون لأداء التكليف الشرعي وخدمة الناس والسعي والعمل الدؤوب لتحقيق أهداف وغايات الإسلام والدفاع عنها بدلاً من البحث عن الرفاهية مثل الشباب المتراخي والشباب العادي في جميع مناطق العالم.

هؤلاء هم الشباب الذين يأنسون بالقرآن الكريم ويجعلون آباءهم وأمهاتهم العجائز في دهشة وانبهار من صلاتهم وعبادتهم. في بيت كل شهيد زرناه سمعنا من معظم آبائهم وأمهاتهم هذه العبارة: «نحن كنا نتعلم الدين من هؤلاء الشباب!». نعم، هذا هو سر تميّز الثورة، وهكذا تميّز الإمام.

إن هذا الرجل العظيم أنجز عملاً كبيراً واستطاع أن يربّي شباب هذا المجتمع كالزهور طاهرة ونقيّة بعدما عمل فيه العدو بشكل مباشر وغير مباشر لمدة خمسين أو ستين سنة، ليدخله في مستنقع الفساد. قال الإمام: «إن هذا هو فتح الفتوح». نعم لقد كان فتح الفتوح الذي صرّح به الإمام هو بناء الشباب المؤمن والمخلص والسليم والصادق المتجاهلين لشهواتهم والسائرة قلوبهم إلى الله.

 متى كان لدينا عبر التاريخ شباب نجباء وصالحون في هذا البلد أو في البلدان الإسلامية الأخرى كما كان الحال في برهة الثورة؟ ألا يرى العدو ذلك؟ يريد العدو أن يأخذ هذه من الثورة. العدو يخطط لنشر الفساد بين شباب هذا البلد.

من الذي يجب أن يواجه نشر الفساد هذا؟ من الذي يجب أن يقف في وجه التخريب؟ من الذي يجب أن يقف ضد المؤامرات التي يقوم بها العدو مع وكلائه داخل البلاد وقد يجذب إليها بعض الناس السذج؟

التعبئة (البسيج) هذه القوة العظيمة لا تتألف من عدة آلاف من الأشخاص في كل مدينة، البسيج يعني كل القوات المؤمنة التي تحمل عنوان حزب الله في بلادنا، وكما قال الإمام: «قوات التعبئة البالغة عشرين مليون». والآن دعوا الأعداء يجلسون ويحللون ذلك، نعم، لم تستطع إيران حشد أكثر من مليون! إن كل القوى المؤمنة المنضوية تحت راية حزب الله في بلادنا تعتبر قوات تعبئة، فلتعمى أعين الأعداء![10]


[1]. بيانات سماحته أمام نخبة من متفوقي الجامعات بتاريخ 17-10-2006م

[2]. بيانات سماحته حول الأحداث في جامعة طهران بتاريخ 12-7-1999م

[3]. رسالة سماحته إلى الجلسة السنوية للهيئات الإسلامية الجامعية المستقلة بتاريخ 13-8-2002م

[4]. بيانات سماحته أمام الجامعيين بتاريخ 30-9-2000م

[5]. بيانات سماحته أمام ناس منطقة غرب گيلان بتاريخ 15-10-2011م

[6]. بيانات سماحته أمام التعبويون في محافظة فارس بتاريخ 3-5-2008م

[7]. بيانات سماحته أمام ناس منطقة غرب گيلان بتاريخ 15-10-2011م

[8]. بيانات سماحته أمام جمع من عشائر منطقة كردستان بتاريخ 14-5-2009م

[9]. بيانات سماحته أمام ناس منطقة غرب گيلان بتاريخ 15-10-2011م

[10]. بيانات سماحته أمام التعبويين في معسكر الإمام حسن المجتبى(ع) بتاريخ 26-11-1990م

المصدر
كتاب النفوذ في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟