مواضيع

إيجاد الاختلاف الشعبي من طرق النفوذ

لقد تقاربت القلوب والفئات في مطلع انتصار الثورة بفضل الصرخة الإصلاحية للإمام والحركة الإصلاحية للثورة، ولم يعد هنالك وجود لتلك الثغرات التي كانت تفصل فئات الشعب سنوات مديدة قبل الثورة، إذ كانت هنالك فجوات تاريخية بين المعمم (عالم الدين) والجامعي، والعسكري والمدني، والمثقف وجموع الكسبة والتجار، وقد جرى التركيز عليها لسنوات طوال، ولكن تمّ ترميم هذه الفجوات بعد انتصار الثورة فكان أن زالت أو تقلّصت، لكنهم عاودوا الآن إثارتها من جديد، فَهُم يعملون على تكريس الهوّة الدينية وتحريض الفئات؛ للتظاهر بمعاداة بعضها البعض؛ لغرض خلق هذه الهوّة، إذ إنّ الثغرات التي تحصل في البناء الجماهيري المستحكم من شأنها تمهيد الطريق أمام العدو الذي يتسنّى له الاندساس داخل المجتمع وداخل البلد من خلال هذه الاختلافات وتمرير سياساته، فعلى الجميع التزام الحذر.[1]

العدو الیوم منزعج غاضب بسبب أحداث شمال أفریقیا وبسبب التقدم العلمي لإیران – وهم طبعاً یقولون التقدم النووي، لكنهم یكذبون فمشكلتهم الأساسیة هي التقدم العلمي الذي تحققونه – وبسبب التأثیر الذي یتركه الشعب الإیراني على سائر الشعوب، وبسبب الصحوة الإسلامیة التی ظهرت. العدو یشعر بالهزیمة والاندحار والإخفاق، لذا فهو منزعج. طبعاً الموقف والظاهر الذي یتخذه الساسة الأمریكان هو ظاهر الإنسان المنتصر، لیقولوا: نعم، فعلنا كذا وكذا، لكنهم یعلمون ویعلم الآخرون وتعلم الأوساط السیاسیة والإعلامیة فی العالم ما حقیقة القضیة. یعلمون أن الحكومة الأمریكیة قد هُزمت في هذه المعركة وفي هذا الكفاح الكبیر والأحداث. لذا فهم منزعجون.

و هم یسعون لفعل شيء. من أفعالهم وممارساتهم المهمة أن یبثوا الاختلافات بیننا بشكل خبیث وزاحف غیر محسوس. هذه من ممارساتهم الدارجة التي كانوا یمارسونها منذ القدم. وبالطبع فإن المتبحّر والخبیر الكامل في هذه العملیة هم البریطانیون الخبثاء. هم الأكثر خبرة من سواهم في بث الاختلافات، والأمریكان یتتلمذون علی أیدیهم ویتعلمون منهم! بث الاختلافات عن طریق الاندساس والعمل كما تعمل الفئران السارقة والأرضة المتغلغلة المندسّة الزاحفة. هذه من أعمالهم الدارجة. یجب أن نكون حذرین متفطنین، ونخفض الاختلافات إلی أدنی المستویات.

طبعاً الاختلافات في وجهات النظر كثیرة، ولا إشكال فیها أبداً، شخصان مسؤولان وصدیقان وبینهما اختلاف في وجهات النظر، وقد كان هذا سائداً دوماً، لكن اختلاف وجهات النظر یجب أن لا یؤدّي إلی اختلاف فی العمل وحالات التعامل المتنوّعة والاختلافات العلنیة والإمساك بتلابیب البعض وتصیّد العثرات مقابل أنظار الناس؛ لأن تلك الاختلافات لیست لها مثل هذه الأهمیة. مرة تكون الأمور والأشیاء مهمة فیجب أن یطلع الناس، لكن هذه الاختلافات التی یراها المرء بین هؤلاء السادة لیست بالأمور ذات الأهمیة الكبیرة حتی نضخّمها بالادعاءات المختلفة ونعرضها أمام أنظار الناس ونضفي علیها أهمیة كبیرة، إنها غیر مهمة. یجب عدم الإعلان عن الاختلافات وجرّها إلی أوساط الشعب والجماهیر. ینبغي عدم تحریض مشاعر الجماهیر باتجاه الاختلاف. من الیوم إلی یوم الانتخابات، كل من یستخدم مشاعر الجماهیر لإیجاد الاختلافات یكون قد خان البلاد بالتأكید.[2]

من الأمور التي يركز عليها الاستكبار العالمي اليوم وجود الخلافات داخل البلاد. على البعض أن يجيبوا أمام الله على ما فعلوه حين فعلوا أشياء يفهم منها العدو وجود التفرقة داخل البلاد فتزداد جرأته. القضية هي أن نعرف العدو.. ونفهم أحابيله.. وندرك ما نقوله وكيف يمكن للعدو أن يستفيد من كل كلمة نقولها فتزداد جرأته ويتشجّع وترتفع معنوياته ويفتح الطرق لتدخله ونفوذه. هذه أمور يجب التنبه لها.[3]

حيث يحلم العدو دائماً بإيجاد الاختلافات والتمزّق في صفوف الشعب؛ من أجل أن ينفذ من خلال ذلك، والعدو يعوّل على خططه في هذا المضمار بشكل دقيق.

إنّ الحفاظ على الوحدة، ينبغي أن يعبر حدود الشعار والهتاف إلى عمل أكثر جدوى، ولذا ينبغي أن نفطن إلى ذلك، علينا جميعاً أن نفطن لمن يحاول بث الشائعات ضد شخص ما أو مسؤول معيّن، وأن لا نتخذ موقفاً من شأنه المساعدة على تمزيق وحدة الصف؛ إنّ معيارنا في كل الأحوال هو النتائج التي تنجم عن مواقفنا وأحاديثنا.

إنّ الحفاظ على الوحدة هو الأساس الذي تتوقف عليه شرعية المواقف سلباً أو إيجاباً؛ لأن الوحدة هي الواجب الشرعي الأوّل.[4]

كانت هذه الوحدة التي تحلّى بها الشعب الإيراني هي التي أوصلت الكلمة الأخيرة إلى أسماع العدو وجعلته ييأس من التغلغل في صفوف الشعب الإيراني. ينبغي الحفاظ على هذه الوحدة.[5] لحسن الحظ فإن مسؤولي البلاد مجدّون مثابرون مخلصون، ویریدون العمل للبلاد. طبعاً قد تصدر بعض حالات الغفلة، لكن النوایا منصبّة علی العمل إن شاء الله. نتمنی أن یثیب الله تعالی الجمیع علی هذه النوایا الحسنة، ویوفق الشعب الإیراني فی كل الساحات والمیادین، وسوف یوفقه قطعاً إن شاء الله.[6]


[1]. بيانات سماحته في صلاة الجمعة بتاريخ 22-11-2002م

[2]. بيانات سماحته أمام طلبة الجامعات بتاريخ 31-10-2012م

[3]. بيانات سماحته في عيد الغدير بتاريخ 6-12-2009م

[4]. بيانات سماحته حين بيعة أئمة الجمعة وأهالي كردستان معه بتاريخ 4-7-1989م

[5]. بيانات سماحته أمام أهالي بيجار بتاريخ 18-5-2009م

[6]. بيانات سماحته أمام طلبة الجامعات بتاريخ 31-10-2012م

المصدر
كتاب النفوذ في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟