عدم الوعي في الانتخابات عامل لنفوذ العدو
في بعض أنحاء بلادنا تعيش قوميات مشخصة، وهذه القوميات أيضاً تشارك في مراسم الثاني والعشرين من بهمن، ومراسم يوم القدس، ومختلف المراسم التي تجسد الثورة، كما يشارك فيها باقي أبناء البلاد. لدينا منطقة تتكلم الكردية، ومنطقة تتكلم البلوشية، ومنطقة تتكلم العربية، ومنطقة تتكلم التركية. أحياناً تكون تحركات هؤلاء لصالح الثورة ولصالح نظام الجمهورية الإسلامية أبرز وأهم من المناطق الأخرى، هذا بدوره واقع شاهدناه. هذه هي الوحدة الإسلامية وقد جرّب شعب إيران هذا الشيء.
نمرّ بهذه التجربة منذ خمسة أو ستة وثلاثين عاماً، وهي أنه يجب وجود الاتحاد والوفاق بين أبناء الشعب. وقد حققنا بفضل هذا الاتحاد والوفاق نجاحات كبيرة. هذا شيء لم تعرفه بلدان أخرى ولا تزال لا تعرفه. يدخلون في صراعات بعضهم ضد بعض في داخل بلدانهم نتيجة اختلاف صغير – اختلاف طائفي أو قومي أو حتى حزبي – ويحاربون بعضهم بعضاً كالأعداء. الله تعالى سيسلب نعمته من هؤلاء طبعاً. ﴿أًلَم تَرَ إلى الَّذينَ بَدَّلوا نِعمَتَ اللهِ كفرًا وأًحَلّوا قَومَهُم دارَ البَوارِ 28 جَهَنَّمَ يصلَونَها وبِئسَ القَرارُ>[1]. عندما لا نعرف نعمة الله التي تفضل بها علينا وأنعم بها علينا ولا نشكرها، وعندما نكفر هذه النعمة، فإن الله تعالى سيغيّر سلوكه مع هذا الشعب. ﴿لَم يك مُغَيرًا نِعمَةً أَنعَمَها على قَومٍ حتى يغَيروا ما بِأَنفُسِهِم>[2]. طالما سرنا أنا وأنتم في الطريق المستقيم وفي الجادة القويمة وطابقنا أنفسنا مع الإرادة الإلهية – في حدود الإمكان، أما على النحو الكامل فنحن أصغر من ذلك بكثير – فإن الله تعالى سيبقي نعمته علينا، ولكن حينما نخرّب أنفسنا بأنفسنا، ونثير الاختلافات والنزاعات بأنفسنا، ونتآمر بعضنا ضد بعض، ويمسك بعضنا بتلابيب بعض، فإن الله سيرفع نعمته، فالله لا تربطه رابطة قرابة بأحد؛ ﴿ذلِك بِأَنَّ اللهَ لَم يك مُغَيرًا نِعمَةً أَنعَمَها على قَومٍ حتى يغَيروا ما بِأَنفُسِهِم>[3]. النعمة التي يعطيها الله لكم لن يأخذها منكم ما لم تخرّبوا أنتم بأنفسكم أرضية تلك النعمة، إذا هدمتم أرضية النعمة ستسلب النعمة منكم. هذه تجربة الشعب الإيراني الذي استطاع حفظ النعمة الإلهية لنفسه. يمكن نقل هذه التجارب.
البلدان الإسلامية تواجه اليوم مؤامرة، هل ندرك هذا أم لا؟ ثمة اليوم مؤامرة لا ضد الشيعة ولا ضد إيران ولا ضد المذهب الفلاني المعين، بل ضد الإسلام؛ لأن القرآن للإسلام كله، والقطب والمركز الذي يهتف عالياً: ﴿لَن يَجْعَلَ اللهُ لِلكافِرينَ عَلى المُؤمنينَ سَبيلاً>[4] ليس التشيع بل القرآن والإسلام، لذلك يعارضون الإسلام. إنهم يعارضون أي قطب وأية حنجرة توقظ الناس والشعوب. يعارضون أية يد تشتبك مع الاستكبار، وتلك اليد هي يد الإسلام، وتلك الحنجرة هي حنجرة الإسلام، لذلك يعارضون الإسلام.
وأساليب التعاطي والعداء مع الإسلام متنوعة؛ هناك صنوف وأنواع. يجتمعون ويفكّرون ويجدون السبل للنفوذ والتغلغل من أجل توجيه الضربات والأضرار. في السنين الأولى لانتصار الثورة الإسلامية اطلعنا على أن الكيان الصهيوني عيّن جماعة وأعطاها المال لتفكر بشأن الإسلام والتشيع وتدرس وتطالع. طيّب، لماذا هذه الدراسة والمطالعة؟ إنها من أجل أن ينظروا كيف يمكن إحباط هذا العامل العظيم وهذه الصحوة واليقظة الإسلامية. وكيف يمكن الإضرار بالشعوب المسلمة التي صحت وأدركت أنها قوية وقادرة على العمل. اجتمعوا وأنفقوا الأموال. هذا الذي ذكرناهُ كان إحدى الحالات، وهناك العشرات من المراكز – نعلم ببعضها ونخمّن البعض الآخر – في أوروبا وأمريكا وفي الكيان الصهيوني، وفي بعض البلدان التابعة والخاضعة لأوامرهم، من أجل أن يروا ما هي السبل. وأنتم ترون بث الخلافات وإيجاد العنف والإساءة لسمعة الإسلام وتجزئة البلدان الإسلامية، والإيقاع بين الشعوب المسلمة، والإيقاع بين المسلمين، مما جعلوه ضمن مهماتهم الضرورية. في يوم من الأيام قد تكون وسيلة ذلك بلاك ووتر[5] الأمريكية مثلاً، والوسيلة في يوم آخر داعش العراقية أو السورية أو ما إلى ذلك. يبحثون ويجدون وسيلة لخلق الخلافات والنزاعات.
هذه تجاربنا، وهي أمور أدركها وعلمها الشعب الإيراني عن كثب. حين نشدد كل هذا التشديد على قضية الاتحاد بين المذاهب الإسلامية، وبين الشيعة والسنة، وبين الشعوب الإسلامية، فليس هذا مجرد ألفاظ، إنما عرفنا الألم والداء، وعرفنا العلاج، وقلوبنا تتحرق للأمة الإسلامية، لذلك نتابع هذه الأمور. هذا شيء معروف واضح للشعب الإيراني لكنه غير واضح بالنسبة للكثير من الشعوب. والحج فرصة لنقل هذه التجارب وتداولها. طبعاً لهذه العملية معارضوها. الذين يرومون بقاء هذه الخلافات والنزاعات لا يريدون حصول هذه التبادلات والاتصالات ونقل التجارب. بالتالي يجب العثور على سبيل.[6]
[1]. إبراهيم: 28-29
[2]. الأنفال: 53
[3]. نفس المصدر
[4]. النساء: 141
[5]. من أكبر الشركات العسكرية الخصوصية التي تنفذ الكثير من المهمات الحساسة للبنتاغون والـ C.I.A
[6]. بيانات سماحته أمام مسؤولين الحج بتاريخ 22-8-2016م
تعليق واحد