مواضيع

التصدي لتطور البلد عن طريق النفوذ

لماذا نقف أمام المتسلطين ونقاومهم؟ لماذا لن نستسلم لهم؟ جواب هذا السؤال بسيط، الجواب هو لو استطاع الاستكبار أن يتسلط على شعبٍ ما وينفذ فيه، سوف تزول مصالح هذا الشعب، المصالح المادية والاقتصادية، الاحتياجات المعنوية واعتلاء الثقافة سوف تزول ويكون الوضع كما كان قبل الثورة الإسلامية، لذلك على الشعب الإيراني أن يقاوم ويستقيم أمام الاستكبار لكي يضمن مستقبله وسعادته ويسير بقدرته نحو الكمال والسعادة.[1]

میثاق الأفق العشریني الذي یعدّ میثاقاً أساسيّاً فوقیاً ومصدراً هاماً، والذي وضعناه بشكلٍ يضمن بلوغ البلد المرتبة الأولی في القطاعات الهامّة والحيويّة، يجب علينا بلوغ هذه المرتبة. وبالتأكيد فإنّ الآخرين لا يتوقّفون عن سعيهم بانتظارنا كي نجتازهم ونكون الأوائل، فهم يبذلون جهودهم في هذا المضمار أيضاً، حيث نلاحظ النشاطات الاقتصاديّة الحثيثة لبعض البلدان التي هي ضمن نطاق تنافسنا علی المرتبة الأولی. ونحن طبعاً لا نتّبع بعض الأساليب التي تتّبعها هذه البلدان، وسوف لا نتّبعها أبداً؛ لأنّنا نتصرّف بأُسلوبٍ أنقى وأشرف وأنبل، لكننا نؤمن بقدرتنا على بلوغ المرتبة الأُولى عبر هذا الأُسلوب إذا ما زدنا من سرعتنا بانتظامٍ، وهذا الأمر بحاجةٍ إلى جهادٍ، إذ علينا العجلة مع التدبير لبلوغ هذه المرتبة. وسعينا لبلوغ هذه المرتبة ليس نزوةً، بل إنّ مصير الأُمَم مرتبطٌ اليوم بهذا الشيء، فإذا أخفق بلدٌ في أن یتطور ویؤمّن نفسه اقتصاديّاً وعلميّاً ومن حيث البُنی التحتيّة للتقدم، سوف يكون شرعةً لكلّ واردٍ. نحن لا نُريد أن نُصبح فريسةً للآخرين. طوال مائتي عامٍ وبلدنا عرضة للنهب والعدوان. عجز السلطة الملكيّة الهزيلة الفاسدة التي لم يكن هدفها سوى الأطماع الدنيويّة، والحراك والحیویة لدی الطرف المقابل هي العوامل التي أدت إلی هذا العدوان. فی سنة 1800م دخل البریطانیون لأول مرة إلی الأجهزة والمؤسسات السیاسیة لبلادنا وراحوا یتدخلون ویتنفذون ویستقطبون هذا الطرف وذاك الطرف، وفعلت الشيء نفسه في نفس الفترة أو في فترة قریبة من ذلك بلدان أوربیة أخری خلال تلك المدة. ففي عام 1800م عندما دخل بلادنا أوّل سفيرٍ بريطانيٍّ قادماً من الهند التي كانت تحت نير الاستعمار البريطانيّ، كانت مدينة بوشهر أوّل موطأ قدمٍ له بعد أن رست سفينته فيها، ومن هناك بدأ بدفع الرشاوى وشراء الضمائر، وبالفعل فقد نجح في ذلك. فجميع مسؤولي البلاد آنذاك من أُمراء وشخصيّاتٍ رنّانةٍ قد انحنوا خاضعين لهدايا هذا السفير! ومنذ تلك الآونة بدأ الأعداء بنهب بلدنا؛ لأنّه كان هشّاً ولا وجود للحسّ الوطنيّ فيه آنذاك، الأمر الذي سمح لهم بالتغلغل فيه وبسط نفوذهم عليه؛ ونحن لا نُريد استمرار هذا الأمر طبعاً. فثورتنا هي سدٌّ منيعٌ بوجه هؤلاء الأعداء، وهدفنا هو ترسيخ دعائمه أكثر فأكثر.

ونحن لا نسمح لهم بالتدخّل في قضايانا الاقتصاديّة والثقافيّة والسياسيّة أو التحكّم في مصيرنا ومقدّراتنا مهما حصل، وهذا الأمر يتطلّب رصّ الصفوف في داخل البلاد، وأحد أهمّ دعائم هذا التراصّ هو (الاقتصاد)، فهذا هو قصدنا من السعي لنيل المرتبة الأُولى، وليس ذلك من باب النزوة؛ كلا، الأمر ليس كذلك، بل إنّ مصير أُمّتنا مرتبطٌ به. لذا فإنّ الجهد المتواصل والمؤثّر والذي يتمّ بذكاءٍ وإخلاصٍ من خلال تسخير جميع طاقات البلد، له تأثيرٌ في هذا المجال.[2]


[1]. بيانات سماحته أمام جمع من منطقة آراك بتاريخ 14-11-2000م

[2]. بيانات سماحته أمام الناشطين الاقتصاديين بتاريخ 17-8-2011م

المصدر
كتاب النفوذ في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟