مواضيع

مراقبة القوات المسلحة للنفوذ

القوّات المسلّحة بحسب كلام أمير المؤمنين(ع)، هم حصون هذه الأمة والبلاد. والحصن ينبغي أن يكون قائماً دوماً ولا يُخترق؛ لهذا يجب على القوّات المسلّحة أن تحافظ دوماً على ثباتها. ففي داخل الحصن تقع أحداثٌ وظروفٌ مختلفة؛ فالبعض نائمون وآخرون مستيقظون، البعض يتنازعون ومنهم من هو مشغولٌ بزفافه وآخر بعزائه؛ ولكن هذا الحصن ينبغي أن يبقى في جميع هذه الحالات منيعاً. فانظروا بهذه العين إلى القوّات المسلّحة. فيجب أن تبقى هذه المناعة دوماً. فلو وُجد هذا الاستحكام، وقام الحرّاس المتواجدون عليه بمهمّتهم وحافظوا على يقظتهم وحذرهم ورصدوا تحرّكات العدو ولم يغفلوا عن أية زاويةٍ فإن الأمن داخل الحصن سيبقى مستتباً؛ وفي ظل هذا الأمن يمكن للناس أن ينالوا دينهم ودنياهم. وهذا ما لا يمكن بدون هذا الأمن. فالحفاظ على منعة القوات المسلّحة هو أصلٌ دينيٌ لا يمكن الغض عنه. فعلى الجميع أن يكونوا منتبهين، القوات المسلّحة نفسها، الحكومات المتعاقبة وعلى الشعب أن يقدّم الدعم. فهذا الحصن ينبغي أن يكون منيعاً. ففي جميع الحالات ومهما حدث في داخله، فإنّ حصن القوّات المسلّحة ينبغي أن يبقى محفوظاً.

حسناً، إن هذا تشبيهٌ للمعقول بالمحسوس. فللحصن في كل مكان معنىً. فأنتم حصونٌ؛ الجيش حصنٌ من جهة، والحرس حصنٌ من جهة أخرى، وكذلك التعبئة، والقوى الأمنية، وحماية المخابرات؛ فعلى الجميع في تلك المسؤوليات المعيّنة لهم أن يلتفتوا إلى تلك الجهة المتعلّقة بهم في الحصن وإلى ضرورة الحفاظ عليها.[1]

يكون النفوذ في القوات المسلحة لكسر مقاومتهم؛ لأن الجهاد أحد أهم مسائل المجتمع الثوري الذي لا يستطيع أن يعيش من دون جهاد، أي يشنّون الحروب عليه لكي يُجبر على الدفاع عن نفسه ويدافع عن الشعوب المظلومة التي تعيش تحت السلطات الشيطانية القادرة ويهجم عليها، تلك نماذج من الجهاد الإسلامي الذي يحتوي على الجهاد الدفاعي والهجومي، فالجهاد أحد الأركان، فالنفوذ في المجاهدين في سبيل الله والسعي لشلّ حركتهم وتزلزل العقيدة الجهادية، كل هذه الأمور التي هي عبارة عن الفساد في المجتمع الإسلامي وداخل النظام الإسلامي، من يقوم بكل هذا؟ هل يستطيع العدو الدخول على شاكلة عداوته ويقوم بهذه الأمور؟ من الطبيعي لا، لذلك يصنع العدو الظاهر الملائم للنظام الإسلامي والباطن الأجنبي، أو إذا كانوا موجودين من الأصل، يقومون بالاستفادة منهم وهؤلاء هم تيار المنافقين المقابلين لتيار الإيمان والمعارضين لهم.

لكن من سيقول لهم الآن لا تقوموا بهذا الفساد؟ قلنا: من الممكن تنبيههم من داخل فريقهم، أن لا تعملوا هذه الشرور، لنفترض الآن بأنهم يرون المصلحة في العداء مع الثورة والنظام الإسلامي ويسعون لتشجيع الأعداء للهجوم، أو في أيام الحرب مثلاً: المجموعة التي ترى من اللازم إعطاء العدو المعلومات الداخلية من خلال أنواع وأقسام الحِيَل والطرق، أي كان هناك من كان يتواصل مع الخارج ويزودونهم بالأماكن المفيدة لهجوم العدو عليها، وإعطائهم الأخبار أول بأول، أو نفترض حينما كانوا يقصفون طهران ويصيبون أحد الأماكن التي لم يعرفوا عنها، كانت هذه المجموعة تقول بأن المكان الفلاني أصابه الصاروخ لكي يصحح العدو هدفه ويقوم باستهداف مكان أهم، لقد شاهدت ذلك بنفسي عندما كنت في الأهواز.

هذه حركة يقوم المنافق بها، والمنافق الآخر يقول للأول لماذا تقوم بهذا الفساد؟ لماذا تقوم بذلك لكي يقصفوا منطقتنا وبيوتنا؟ كلاهما منافق، لكن يختلفون حين العمل، لذلك ترون بأن القرآن يقول في مكان آخر: < تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى>[2] يرونكم قطعةً واحدة، لكن بين بعضهم البعض هناك اختلاف كبير. لنشاهد الآن من يعادي النظام الإسلامي، يقومون بأعمال أعم من العمل السياسي والثقافي والفني في بلدنا، في نظرةٍ إجمالية هم جبهة متحدة، لكن حينما تذهب لداخلهم، تشاهد أنواع الاعتراضات والاختلافات فيما بينهم، لذلك من الممكن بأن قول القرآن: <إِذَا قِيلَ لَهُمْ>[3]، أي هناك من يعترض من هو بينهم ويقول لماذا تقوم بذلك؟ لماذا تفجّر؟ أو من الممكن أن يعلم المؤمنين المعاصرين المنافقين بأنهم منافقون باطنياً، ويقولون لهم: لماذا تعملون هكذا؟ لماذا تفسدون؟ لذلك المنافق لا يستطيع أن يستر على نفسه بشكلٍ مطلق، ولا بدّ من الكشف عن نفسه، وإدعاؤه لم يصلح ذلك، أي إدعاؤه دائماً بأنه ليس بعدو وهو في طور إصلاح نفسه، أما ما يتغيّر وهو ليس بقادر أن يسيطر على ذلك، هو سلوكه وكلامه وتوجهاته، لذلك تستطيع الكشف عن المنافق الساتر لنفسه بعد فترة وجيزة جداً من خلال سلوكه وقراراته وكلامه الخارج من لسانه بغير إرادته، وبعض الأعمال التي يقوم بها.[4]

ولكن كما ذكرنا لا ينبغي أن نسمح باختراق هذا الحصن. أجل إن هذا الشعب صامدٌ وثابتٌ داخله، ولكن الحصن – أي القوّات المسلّحة – يجب حفظ منعته.. أولاً، على القوّات المسلّحة أن تأخذ هذا التهديد على محمل الجدّ؛ لقد ذكرت هذا مراراً. فأنتم في تحليلاتكم لا ينبغي أن تعملوا وفق التحليلات السياسية. فالمحلل السياسي يقول مثلاً: إن احتمال حصول هجوم للعدو ضعيف؛ احتمالٌ يبلغ 20 أو 30%؛ أما أنتم فعليكم أن تقولوا: إن هذا الاحتمال 100%. وعليكم أن تحققوا هذه الجهوزية لأنفسكم على الأساس المذكور في جميع القطاعات. فعليكم أن تبقوا على يقظةٍ دائمة.[5]


[1]. بيانات سماحته أمام رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة وجمعاً من كبار القادة العسكريين بتاريخ 11-4-2010م

[2]. الحشر: 14

[3]. البقرة: 11

[4]. بيانات سماحته في الجلسة الرابعة العشر لتفسير سورة البقرة بتاريخ 27-11-1991م

[5]. بيانات سماحته أمام رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة وجمعاً من كبار القادة العسكريين بتاريخ 11-4-2010م

المصدر
كتاب النفوذ في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟