مواضيع

من هم المستهدفون؟

من هم المستهدفون بالنفوذ؟ إنهم النخبة غالباً والأشخاص المؤثرون وأصحاب القرار أو صناع القرار، هؤلاء هم المستهدفون بالنفوذ. هؤلاء هم الذين تجري المحاولات للنفوذ إليهم والتأثير فيهم. إذن، النفوذ خطر، وهو خطر كبير.[1]

أحد هدفي هذا التغلغل هو المسؤولون، والهدف الثاني هو الشعب. لماذا يستهدفون المسؤولين بتغلغلهم هذا؟ ما الغاية من ذلك؟ الغاية هي أن يغيّروا حسابات المسؤولين، بمعنى أن يصل مسؤولو الجمهورية الإسلامية إلى نتيجة فحواها أن يشعروا في ضوء التكاليف والمنافع أن عليهم القيام بالخطوة الفلانية وعدم القيام بالخطوة الفلانية. التغلغل هو من أجل أن يستنتج المسؤولون هنا أن عليهم قطع العلاقة الفلانية وإيجاد العلاقة الفلانية. التغلغل من أجل تغيير هذه الحسابات في أذهان المسؤولين والمديرين. وعندئذ إذا كانت النتيجة أن تقع أفكار المسؤولين وإراداتهم في يد العدو فلن يعود ضرورياً أن يتدخل العدو مباشرة، لا، سيتخذ مسؤول البلاد نفس القرار الذي يريده العدو. عندما تتغيّر حساباتي سأتخذ قراراً يريده هو، وسأقوم له مجاناً بالعمل الذي يريده، وأحياناً من دون أن أشعر أنا – أي في الغالب بدون أن أشعر – سأقوم بذلك العمل. إذن، يحاولون تغيير حسابات المسؤولين. وبالتالي فالمسؤولون هم المستهدف الأول.

والمستهدف الثاني هو الشعب. معتقدات الشعب يجب أن تتغير، الاعتقاد بالإسلام، والاعتقاد بالثورة، والإيمان بالإسلام السياسي، والاعتقاد بأن الإسلام له واجبات عامة ما عدا واجباته الشخصية، وفيه حكم وفيه بناء مجتمع وفيه بناء حضارة، يريدون تغيير هذه المعتقدات وإحلال عدم الإيمان بها محلها. يريدون إزالة هذه الأشياء من أذهان الشعب والإتيان بعكسها في محلها.

يرومون تغيير الإيمان بالاستقلال. وبالطبع هناك بعض الأشخاص يتصرفون بطريقة ساذجة، نشاهد في بعض الصحف أحياناً، يعتبرون استقلال البلاد أمراً قديماً وبالياً بصراحة. ويقولون: إن استقلال البلدان لم يعد أمراً مهماً في الزمن الحاضر. ما معنى هذا؟ معناه أن هناك في الخارطة الجغرافية للعالم قوّة هي التي تتخذ القرارات والكل يعملون بهذه القرارات – مثل الحرارة المركزية – ينتج مكان ما شيئاً ما ويستهلك الباقون ذلك الشيء. يروّجون لهذا الشيء ويشيعونه. هذا هو معنى النفوذ. هذه عملية تحصل وفي طور التنفيذ.

من الأمور التي يستهدفها التغلغل في أذهان الشعب هو أن ينسى الناس خيانات الغرب. أيها السادة، لقد تضررنا من الغرب. في الإعلام العالمي يشددون على السؤال لماذا يعارض البعض في الجمهورية الإسلامية – وأحياناً يذكرون اسمي على وجه الخصوص – الغرب، ولماذا يعارضون أمريكا؟ يجب أن لا ننسى ما الذي فعله الغرب بنا. إنني لا انحاز لقطع العلاقات مع الغرب – وسوف أتحدث عن هذا الجانب أيضاً – والكل يعلم بهذا. لقد كنتُ رئيساً للجمهورية لمدة ثمانية أعوام، وقد جالستُ هذه البلدان وهؤلاء الرؤساء وتحاورت وتحدثت معهم. ونفس الحالة قائمة الآن أيضاً، الآن أيضاً من جملة برامج ضيوف السيد رئيس الجمهورية اللقاء معي، ولا نتسابب أو نتشاتم في أحاديثنا، بل نتحاور ونتفاهم. إننا لا نعارض التواصل والعلاقة مع الغرب، لكن المسألة هي أن نعلم مع من نتعامل ونعلم من هو الجانب الآخر أمامنا.

الغرب والبلدان الغربية بدأت نشاطاتها ضد بلادنا منذ أواسط العهد القاجاري. ضعف الملوك القاجاريين أدى إلى أن يكسب الغربيون الامتيازات دائماً ويمارسوا الضغط دائماً ويضيقوا دائرة حياتنا ومعيشتنا باستمرار ويوقفوا تقدمنا. بعد ذلك توصلوا إلى نتيجة أن عليهم تنصيب شخص منهم وقد نصّبوه، فقد كان رضا خان رجلهم ومنهم. والبعض راح يمسّ ويشكك حتى في هذه المسألة ويقول ليس الإنجليز هم الذين جاءوا برضا خان. هؤلاء ينكرون أمراً بهذا الوضوح إلى درجة أنهم هم أنفسهم يعترفون به ويكررونه، فالبريطانيون أنفسهم يقولونه، ومسؤولو الحكم الطاغوتي أنفسهم يكررونه. واقع الأمر هو أنهم جاءوا برضا خان، وبعد ذلك شعروا أنه قد لا يدور في قبضتهم بالشكل الذي يريدونه، فأزالوه وجاءوا بابنه. وبعد ذلك عندما انطلقت من داخل البلاد حركة باسم النهضة الوطنية قمعوها وخلقوا الثامن والعشرين من مرداد (19 آب 1953م). وبعد الثامن والعشرين من مرداد أوجدوا جهاز السافاك الجهنمي. هذا ما فعله الغربيون، هذا ما فعله هؤلاء البريطانيون، ومن بعد البريطانيين جاء الدور للأمريكيين. دمّروا زراعة البلد، وأوقفوا التقدم العلمي للبلاد، وسرقوا الأدمغة الناشطة وأخذوها أو أوقفوها، وجرّوا الطبقة الشابة إلى الفساد واللاأبالية والإدمان وشرب الخمر وما إلى ذلك، هذه أعمال قام بها الغرب في بلادنا. لا نقول إننا لم نكن مقصّرين، لكن إدارة الأمور وتدبيرها كانت في أيديهم وهم من قام بهذا. تقصيرنا هو أننا لم ننهض لعلاج الأمور ولم نعمل على المقاومة. واليوم أيضاً إذا لم نقاوم ستعود الأمور إلى ما كانت عليه، وسيعود الوضع إلى سابق حاله.[2]


[1]. بيانات سماحته في لقائه قادة أفواج التعبويين على أعتاب يوم تعبئة المستضعفين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتاريخ 25-11-2015م

[2]. لقاء سماحته مع أعضاء مجلس خبراء القيادة بتاريخ 10-3-2016م

المصدر
كتاب النفوذ في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟