مواضيع

العدو في طور النفوذ

ثمة نقطة في بالي حول هذا الملف النووي وانتهاء القضية النووية، وهي من مواطن القلق والهمّ عندي، بأن نتنبه إلى الأهداف التي تدور في أذهان الأعداء العلنيين للجمهورية الإسلامية، والأعمال التي يريدون القيام بها. أكيد أن عداء أعداء الجمهورية الإسلامية لم يتبدد ولم يقل منذ بدايات الثورة إلى الآن. نعم، في بعض المواطن يجري احتواء العداء والممارسات العدائية – هذا مما لا شك فيه – لكن هذا لا يعني أن العداء قد انخفض مستواه. نعتقد أن عداء الكيان الصهيوني الغاصب الزائف أو حكومة الولايات المتحدة الأمريكية لنا لم يقل أبداً منذ بدايته وإلى الآن. طبعاً كل واحد لسبب، الكيان الصهيوني يعادينا لسبب، والأمريكان يعادوننا لسبب آخر، ولكنهما سيئون معنا بنفس الدرجة ويعادوننا بنفس المستوى ولم ينخفض مستوى العداء هذا. إنهم يقومون بنفس الأعمال التي كانوا يقومون بها في اليوم الأول للثورة، لكن أعمالهم هذه تطورت، وتطورت أساليب عملهم. في زمن ما كان يعادون ويوجهون الضربات بشكل معين، والآن يفعلون ذلك بأساليب ووسائل أخرى. ينبغي أن لا يغيب هذا عن أنظارنا. ليتفطن كل المسؤولين على تنوعهم – والأمر لا يختص بوزارة الخارجية والدكتور السيد ظريف فقط، بل يشمل كل الأجهزة على تنوعها، الأجهزة الاقتصادية والأجهزة الثقافية – إلى هذا الشيء، وأن نحذر من العمل واللعب داخل مخطط الأعداء، ولا تكون قراراتنا التي نتخذها، سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد الاقتصادي أو في مجال التجارة أو على المستوى الثقافي، مما يساعد الأعداء في تحقيق أهدافهم من الرزمة التي يقررونها.

يمكننا معرفة مقاصدهم من كلامهم وكتاباتهم وتصريحاتهم المختلفة. بمعنى أنني حين أتحدث عن العداء لستُ أخبر عن غيب، ولا هي مشاهدة منام، ولا أخيلة وأوهام، لا، إنه واقع أمام أعيننا. قد تكون تصريحاتهم بشكل آخر لكن الوقائع الخارجية – الأشياء المحسوسة والملموسة – تدل على هذا العداء وعلى مؤشرات العداء، ولكن بأساليب خاصة. ويبقى ما علينا فعله مقابل هذا العداء بحثاً آخر، ولكن يجب أن لا ننسى العداء، هذا ما أروم قوله. حين لا تنسون أن هناك جبهة أمامكم، وأنهم يترصدونكم في خنادقهم ويعدون أسلحتهم، عندئذ ستعملون حسب ما يقتضيه الموقف، تنظرون تارة فتجدون أنه من اللازم أن تطلقوا النار، أو من اللازم أن تلتزموا الصمت، أو من اللازم أن تتخندقوا داخل خنادقكم، أو من اللازم أن تخرجوا من الخنادق، هذه أمور لاحقة بعدية، المهم هو أن لا ننسى وجود جبهة مقابلنا، جبهة أعداء يريدون بنا العداوة والسوء. وطبعاً، نحن لا نخاطب بهذا المسؤولين الحكوميين فقط، بل كل أبناء الشعب، وخصوصاً العناصر الثورية المخلصة والمستعدين لخدمة الثورة، أن يتنبهوا لذلك، لكن مسؤولية رجال الحكومة على هذا الصعيد أكبر بطبيعة الحال من باقي الأوفياء للثورة.

برأيي أن الشيء الذي ينبغي القيام به على وجه السرعة هو أن تكون هناك صراحة في اتخاذ المواقف الثورية، بمعنى أن لا نجامل. أن نطرح المواقف الثورية ومرتكزات الإمام الخميني الجليل بصراحة ومن دون خجل أو مجاملة أو خوف، ونعلم أنه ﴿وَللهِ‌ جُنودُ السَّمواتِ والأرضِ وكانَ اللهُ عَزيزًا حَكيمًا>[1]. كل إمكانيات العالم وسننه هي جنود لله ويمكن الاستعانة بها وتجنيدها بالتوكل على الله والسير في سبيل الله.

ينبغي أيضاً أن نكون واعين نبهين، وقد قلتُ قبل أيام في كلمتي إنهم يرومون النفوذ والتغلغل، وقد يكون هذا التغلغل من مواطن مختلفة، فكونوا حذرين. تصل أنباء للمرء حيناً أن المؤسسة الفلانية مثلاً تدير جانباً من منظومتنا الثقافية – رياض الأطفال مثلاً – بشكل معين، هذا ما يدركه المرء، ثم حين يقترب يلاحظ أنه عمل خطير وكبير، لكن المرء لم يكن فطناً له، هذا تغلغل، وهو ممكن في مجالات مختلفة كالمجال الاقتصادي والزيارات والوفود وفي جميع الأجهزة والمؤسسات. قضية الصراحة هي إحدى النقاط.[2]

البعض يخجلون من العدو، والبعض يلاحظونه ويهتمون له، والحال أنه ينبغي ملاحظة الشعب والله، وليس ملاحظة العدو، العدو عدو، كلما لاحظته وتراجعتَ إلى الوراء، تقدم هو إلى الأمام. إذا لم يكن ساتركم أمام العدو قوياً منيعاً نفذ العدو إليكم، هذا ما يريده الأعداء. هذا أحد المعايير. على الشعب التنبه لهذا المعيار أينما كانوا من البلاد.[3]


[1]. الفتح: 4

[2]. بيانات سماحته أمام رئيس الجمهورية وهيئة الوزراء بتاريخ 26-8-2015م

[3]. بيانات سماحته أمام جمع غفير من شرائح الشعب المختلفة بمناسبة ولادة الرسول الأكرم(ص) بتاريخ 12-3-2008م

المصدر
كتاب النفوذ في فكر الإمام الخامنئي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟