مواضيع

وصية الحاج الشهيد إلى الشعب

من كتاب نشيد الشهادة للأستاذ محمد سرحان

نص الوصية

أيّها الشّعب الشّامخ والمشرّف الذي ترخص روحي وأرواح أمثالي آلاف المرّات لكم، كما أنّكم قدّمتم مئات آلاف الأرواح لأجل إيران والإسلام؛ فلتحافظوا على المبادئ. المبادئ تعني الوليّ الفقيه، خاصّة هذا الحكيم، المظلوم، الورع في الدّين، والفقه، والعرفان والمعرفة؛ فلتجعلوا الخامنئي العزيز عزيز أرواحكم، ولتنظروا إلى حرمته كحرمة المقدّسات.
أيها الإخوة والأخوات، أيها الآباء والأمهات، يا أعزائي!
الجمهوريّة الإسلاميّة تطوي اليوم أكثر مراحلها شموخًا. فلتعلموا أن نظرة العدوّ إليكم ليست مهمّة. أيّ نظرة كانت للعدوّ تجاه نبيّكم وكيف عامل [الأعداء] رسول الله وأبناءه، وأيّ تهمٍ وجّهوها إليه، وكيف عاملوا أبناءه الأزكياء؟ لا يؤدينّ ذمّ العدوّ وشماتته وضغوطاته إلى تفرقتكم.
اعلموا -وأنتم تعلمون- أنّ أهمّ إنجازٍ مميّز للإمام الخميني العزيز كان أنّه جعل في بادئ الأمر الإسلام ركيزة لإيران، ومن ثمّ جعل إيران في خدمة الإسلام. لو لم يكن الإسلام ولو لم تكن تلك الروح الإسلاميّة سائدة في هذا الشّعب، لنهش صدّام هذا البلد كذّئب مفترس؛ ولقامت أمريكا بالأمر نفسه ككلب مسعور، لكنّ ميزة الإمام الخميني أنه جعل الإسلام ركيزة ورصيدًا؛ وجعل عاشوراء ومحرّم، وصفر والأيام الفاطميّة سندًا لهذا الشّعب. لقد أشعل الثورات داخل هذه الثّورة. ولهذا جعل الآلاف من المضحّين في كلّ مرحلة من أنفسهم دروعًا تحميكم وتحمي الشعب الإيرانيّ وتراب الأراضي الإيرانيّة، والإسلام، وجعلوا أعتى القوى الماديّة ترضخ ذليلة أمامهم. أعزّائي، إياكم أن تختلفوا في المبادئ.
الشهداء محور عزّتنا وكرامتنا جميعًا؛ وهذا الأمر لا ينحصر بيومنا هذا فقط، بل إنّ هؤلاء اتّصلوا منذ الأزل ببحار الله جلّ وعلا الشاسعة. فلتنظروا إليهم بأعينكم وقلوبكم وألسنتكم بإكبار وإجلال كما هم حقًا. عرّفوا أبناءكم على أسمائهم وصورهم، وانظروا إلى أبناء الشهداء الذين هم أيتامكم جميعًا بعين الأدب والاحترام. فلتنظروا بعين الاحترام إلى زوجات الشهداء وآبائهم وأمّهاتهم، وكما تعاملون أبناءكم بالصّفح والتغاضي، عاملوا هؤلاء بعناية واهتمام خاصين في غياب آبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وأبنائهم.
عليكم باحترام قواتكم المسلّحة التي يقودها الوليّ الفقيه اليوم، وذلك من أجل الدفاع عن أنفسكم، ومذهبكم، وعن الإسلام والبلاد، وعلى القوات المسلّحة أن تدافع عن الشّعب والأعراض والأرض كدفاعها عن منازلها.

الولاية هي المبدأ

في نداءٍ وصرخةٍ مدوية تحمل في جنباتها العطف والحب والشفقة، يدعو الشهيد أبناء شعبه للمحافظة على مبادئ الثورة فهي أمانة في أعناقهم، والمقصود بالمبادئ على رأسها السيد الولي، فهو التجسيد الواقعي والعملي لكل المبادئ، فالحفاظ عليه حفاظ على الإسلام، هكذا عاش الشهيد وذاب في خط الإمام واستنشق عبيره، وتجده لا يكتفي بالتضحية من أجل حياته فقط، بل يوصي الآخرين بالحفاظ عليه، أي عشق هذا الذي يحمله الشهيد للولي الفقيه ولماذا؟

حرمته كحرمة المقدسات

يوجه الشهيد أبناء الشعب للالتفاف حول شخص الولي المتمثل بسماحة السيد القائد وجعله عزيز الأرواح الذي ترخص من أجله النفوس، واعتبار حرمته كحرمة المقدسات، فقد يتساءل أحدهم: لماذا هذا التقديس لشخصية السيد الولي؟ والجواب على ذلك بالتالي:
إن من أدرك حقيقة الولاية والانتماء للإسلام ووعي جوهره سيدرك أهمية وضرورة هذا المنصب الإلهي، وأن السائد هو التقصير في حق الولي وليس التقديس كما هو مدعى، وذلك ناتج عن قصور في فهم ووعاية قيمته، ودوره المهم في النظام الإسلامي، فهو في موقع المعصوم وقيادة الأمة، ولهُ ما للإمام المعصوم إلا ما خرج بدليل حسب ما دلّت عليه الأدلة النقلية والعقلية، ويعتبر السيد الولي الامتداد الطبيعي للولاية الإلهية عبر النبي(ص)، ثم الأئمة المعصومين(عليهم السلام)، ومن يلي أمر المسلمين في ظل غياب الإمام المعصوم هم النواب المشار إليهم بالصفات التي حددها المعصوم، فقول الإمام العسكري(ع): «فأما من كان من الفقهاء صائنًا لنفسه، حافظًا لدينه، مخالفًا على هواه، مطيعًا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه».
وفي التوقيع الشريف للمولى صاحب العصر والزمان(عج): «وأمّا الحوادثُ الواقعةُ فارجعُوا فيهَا إلى رُواةِ حديثِنَا، فإنّهُم حُجّتِي عليكُم وأنا حُجّةُ اللهِ».
فهذا المقام الشامخ لصاحب هذا المنصب يجب أن يكون محل تقديس، ليس للشخص في ذاته، وإنما القدسية للمهمة التي يتولاها وأي موقعٍ أقدس من أن يقوم مقام المعصوم، الشهيد الحاج وعى هذه الحقيقية فلا مناص من الارتباط بهذا الخط المقدس الذي يمثل خط الأنبياء والأوصياء.

المهمة الخطيرة

منذ تأسيسها ومن خلال دستورها تؤكد الجمهورية الإسلامية على هذه المضي في دورها الرئيس بالنهضة بالأمة وتمهيدها لدولة الإسلام العالمية على يد المولى صاحب العصر والزمان، وهذه المهمة المقدسة تضع مسؤوليات على القائمين عليها، وهنا يؤكد الشهيد على أنه لا يهمنا كثيرًا كيف ينظر الأعداء، لكن المهم ماذا نريد نحن كمؤمنين من هذه البلاد؟ وبعد أن جعل السيد الإمام دستوره الإسلام ركيزة لهذا البلد، فلا بد من جعلها في خدمة الإسلام دائمًا، وهذا أحد أسرار صمودها وبقائها، وما كان لله ينمو وما كان لغير الله يفنى.

الشهداء عز الأمة

يوصي الشهيد في وصيته أبناء الشعب للارتباط بنهج الشهداء الذي يعطي كل العزة والكرامة عبر تجربة عملية طويلة، وليس من دائرة الفلك النظري فقط، فهذا الشهيد ضمن كوكبة الشهداء الكبار الذين عرفوا هذه الحقيقة وجسدوها، ودعوا إليها، وقد قالها سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي: «المنهج الوحيد الذي أعاد للأمة كرامتها وعظمتنها هم هؤلاء الشهداء».
وهنا يدعو الشهيد الحاج في وصيته لأبناء الإسلام أن يجعلوا الشهداء في أعينهم وألسنتهم وقلوبهم، وأن يعرفوا هؤلاء الشهداء لأبنائهم لتكريس ثقافة الشهادة والمقاومة، ومن عناوين المودة للشهداء هو العناية بأبناء الشهداء ورعايتهم كرعاية الأبناء.
حصن الإسلام وحماة الثغور
لم ينسَ الشهيد العزيز تنبيه أبناء الشعب واحترام جنود الإسلام بقيادة السيد الولي وقواته هي خط الدفاع الأول عن ثغور المسلمين ودعمها واجب ديني لا يمكن تجاوزه، وفي المقابل كذلك المطلوب منها أن تكون دومًا راعية لمصالح الأمة وذائدة عنها، وعلى أفرادها أن يدافعوا عن حرمة الشعب ومصالحه كدفاعهم عن منازلهم وأعراضهم.

المصدر
كتاب نشيد الشهادة - شرح وصية الشهيد القائد قاسم سليماني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟