مواضيع

تأثر السحرة بكلام موسى (ع) وتدخل فرعون

وقد ترك كلام موسى الكليم (عليه السلام) المتين والمحكم البنيان والمنطق، والصادر عن قلبه الطاهر وصفاء سريرته، والمنعم بالصدق والمحبة والإخلاص إلى الناس والحرص الكامل على هدايتهم ومصالحهم تأثيراً بالغاً في معسكر فرعون لا سيما السحرة، وظهر ذلك فيهم بوضوح لا تخطئه أعين الحاضرين؛ لأن ما صدر عن القلب المخلص يصل إلى القلب السوي ويترك تأثيره البالغ فيه حتى وإن كان الكلام بسيطاً، فكيف إذا كان بليغاً ومحكماً ككلام موسى الكليم (عليه السلام) ولأنهم رأوا الهيئة المرعبة البسيطة على موسى الكليم وهارون (عليه السلام) ورأوا مع ذلك القوة والثبات الكامل لديهما في المشهد العظيم وأمام جبروت فرعون وكبريائه وطغيانه، ولأنهم أدركوا أن اللغة والمنطق اللذين يستخدمانهما جديدان ومختلفان كلياً عما ألفوه، وأنهما ليسا بلغة ومنطق ساحر أو مجنون أو سفيه أو طالب حكم وسلطان وثروة وجاه ونحو ذلك، مما يؤثر بحق على كونهما نبيين إلهيين، ويثبت طهارة سريرتهما وحسن نواياهما وصدق دعوتهما وينفي عنهما كل ما نسب إليهما من وهم وأباطيل، فكانت النتيجة: <فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ>[1].

أي: ظهر الاختلاف بين السحرة بشأن موسى الكليم (عليه السلام): هل هو على الحق أم لا؟ وارتبكوا أو ترددوا في المواجهة معه وتخاصموا وتنازعوا: هل يمضون في تحديه، أم ينسحبون ويتركون ساحة المبارزة؟ وقد تحدثوا بذلك سراً بينهم بعيداً عن فرعون وملئه، وعن موسى وهارون (عليه السلام) كذلك، لكي لا يظهر اختلافهم أمام موسى الكليم (عليه السلام) وأمام فرعون وأمام الجماهير المحتشدة، ولكي يعطوا أنفسهم فرصة التفكير والمراجعة ويتدبروا الأمر بينهم ويحسنوا التصرف ويتخذوا الموقف السليم الذي يفرضه عليهم الضمير والعقل والمنطق والمسؤولية التاريخية الإنسانية والقومية والوطنية، وما فيه مصلحتهم الحقيقية ومصلحة قومهم في الدارين الدنيا والآخرة.

بعد روية وبعيداً عن الارتجال والاستعجال، فقد أدركوا بوضوح تام: أنهم أمام موقف تاريخي مصيري حاسم وبشكل استثنائي مختلف عن كل المواقف التي وقفوها بشأن الحياة العامة في الماضي، وأن حدود موقفهم ونتائجه وحدود أشخاصهم وزمانهم، لتشمل الأمة بكافة طبقاتها وانتماءاتها، ولتشمل التاريخ بعدهم بأسره، بل تمتد آثاره لتشمل المصير فيما بعد الموت والانتقال من هذه الحياة الفانية إلى الحياة الآخرة الباقية، وقيل: إنهم عزموا على اتباع موسى الكليم (عليه السلام) إن هو تغلب عليهم؛ لأنه سيثبت بذلك أنه ليس بساحر مثلهم؛ لأنهم يعلمون بأن لا أحد يتفوق عليهم في فنون السحر والمعرفة بأسراره، وهو واحد وهم خلق كثير من السحرة الماهرين، ولا يمكن لساحر واحد مهما كان علمه وفنه ومهارته وقدرته في السحر، أن يتغلب على هذا الخلق الكثير والعدد الضخم المتناصرين من السحرة المهرة، فضلاً عن أن موسى الكليم (عليه السلام) لم يكن معروفاً في أهل هذا الفن، ولم يتلق العلم والخبرة والتدريب على يد واحد منهم أو من أساتذتهم المعروفين بقدم السبق في فن السحر وعلومه وأسراره، وعليه: فإن كان ساحراً فسيتغلبون عليه حتماً، وإن كان نبياً ومدعوماً من الله (عز وجل) والسماء كما يدعي، فسوف يهزمهم وينتصر عليهم ويظهر بذلك الحق وينكشف؛ لأنه لا قدرة لأحد بأن يتغلب على السماء وعلى القدرة المطلقة، ويكون الإيمان به بعد ذلك منطقياً وعن حجة ظاهرة واضحة، ولا شك: فإن هذا التدبير موافق للحكمة والمنطق والسياسة أيضاً.

ولما رأى فرعون وكبار معاونيه اختلاف السحرة وترددهم، وما في ذلك من خزيهم وخذلانهم وفقدان دولتهم وضياع مجدهم وعزهم، تدخلوا واجتهدوا لرفع الاختلاف والتردد الحاصل بين السحرة ولتثبيتهم وتقوية عزيمتهم على المواجهة والإصرار على تحقيق النصر والغلبة على موسى الكليم وهارون (عليهما السلام) وقد عدلوا بكل دهاء ومكر عن مناقشة السحرة فكرياً فيما سمعوه من موسى الكليم (عليه السلام) من حكمة وعقائد وأفكار ومبادئ وأصول أخلاقية ومواعظ ونصح وتحذير، وعمدوا إلى أمور عملية وركزوا عليها، بحيث يستثيرون فيهم العواطف والمشاعر الوطنية والقومية وتعصبهم للتراث ولأمجاد الآباء والأجداد، ويخوفونهم بالفناء والضياع والحرمان، فقالوا لهم: <إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ>[2] أي: لا تنخدعوا بما سمعتم من موسى وهارون (عليه السلام) فقد سمعنا منهما مثلما سمعتم، ورأينا ما عندهم، وقد ظهر لنا وتبين أنهما ليسا بنبيين كما يزعمان، ولا يمتلكان أي إسناد غيبي غير محدود، فما عندهما هو مجرد سحر وتمويه كالذي هو عندكم، وأنتم كبار هذا الفن ورواده وأساتذته، وقوتكم وقدراتكم فيه أكبر بكثير منهما، ونحن نقف إلى صفكم، والجماهير محتشدة لتأييدكم ومناصرتكم، فلا تخافوا مواجهتهما.

ومن جهة ثانية: نحن خبيرون بألاعيب السياسة والسياسيين وطلاب السلطة والمتنافسين عليها، ونحن نعتقد بأن موسى وهارون (عليه السلام) ساحران بارعان جداً في فن السحر وفي التمثيل والسياسة، وقد تسترا بالدين لتنفيذ مؤامرة سياسية خبيثة وخطيرة جداً ضد النظام والدولة ومصالح الشعب، فهما يريدان إسقاط النظام الملكي الفرعوني، والسيطرة على الحكم والثروة ومقدرات الدولة، ويستأثرون بها مع بني إسرائيل، ويذيقون الأقباط الإقصاء والحرمان، ويعملان على أن تكون لهما حالة رمزية عظيمة ومقدسة بين الناس، تحت عنوان النبوة والسفارة عما يزعمان أنه رب العالمين، ولتكون لهما بذلك الشهرة والصيت والمجد والفخر والرئاسة عليكم وعلى الأمة بأسرها، وتكون أزمة السحر وفنه بيدهما دونكم، ليتغلبا عليكم بالحيلة والمكر والخديعة ويقوما بإقصائكم عن الفن أو تهميشه في الشأن والحياة العامة، فلا يبقى لكم سبيل إلى الرزق والدين والدولة، فتضيع بذلك منزلتكم عند الناس وسلطتكم عليهم، بينما هما في الحقيقة من طبقة مسحوقة أسفل منكم، ولكم المكانة والمنزلة الرفيعة عليهما، وأنتم أصحاب الفخر والمجد بما لديكم من العلم والخبرة بفنون السحر وتقنياته وبما لكم من دور فعال ومهام عظيمة في المجتمع والحياة العامة.

ثم إن موسى وهارون (عليه السلام) لن يكتفيا بذلك، بل يريدان أن يخرجا الأقباط جميعاً من أرضهم وديارهم ووطنهم العزيز جداً على قلوبهم؛ لأنهم ولدوا وتربوا وترعرعوا فيه وأكلوا من خيره، وهو مصدر عزهم وفخرهم ومجدهم في الحياة وبين الشعوب والأمم، وسوف يؤول وجودهم إلى الفناء، ومجدهم وعزهم إلى الضياع، وينتهي أمرهم إلى الخيبة والحرمان والشقاء في الحياة، وهذه نتائج لا يمكن القبول بها والتسليم لأمرها، فقد عمل فرعون وكبار معاونيه على تحريك الميل الطبيعي إلى الأرض والوطن لدى السحرة، وأثاروا فيهم المشاعر الوطنية والقومية من أجل تثبيتهم وتعزيز موقفهم في مواجهة موسى الكليم وهارون (عليهما السلام) وتحريضهم ضدهما وتحفيزهم على الاجتهاد والإصرار على محاربتهما وتحقيق النصر والغلبة عليهما بكل حيلة أو وسيلة.

ثم لجأ فرعون وكبار معاونيه إلى تحريك الميل الطبيعي لدى السحرة إلى التراث الموروث الحاكم فيهم قروناً من الزمن، وقد توارثوه جيلاً بعد جيل، وإلى تقدير أمجاد الآباء والأجداد التي يقدمونها لسائر أبناء الشعب ويطربون كثيراً لسماعها ويتغنون بها، فقالوا لهم محذرين ومخوفين: <وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ>[3] أي: لن تقف أهداف موسى وهارون (عليه السلام) عند حدود الأهداف السياسية المذكورة ونحوها، بل ستتعداها إلى تحقيق أهداف ثقافية ودينية واجتماعية وحضارية، فهما يسعيان إلى القضاء على مقدساتكم، وإلى تغيير دينكم ودين آبائكم وأجدادكم الذي افتخروا به، وعاشوا وماتوا عليه، ويجب عليكم أن تفخروا به، وتعيشوا وتموتوا عليه كما فعل آباؤكم وأجدادكم؛ لأنه الأفضل بين الأديان على وجه الأرض، لا أن تسمحوا بضياعه وجعله أضحوكة بين الناس ومحلاً لسخريتهم.

كما أن موسى وهارون (عليه السلام) يسعيان للقضاء على حضارتكم الفرعونية العريقة الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، وقد بناها آباؤكم وأجدادكم وبذلوا أرواحهم ودماءهم لقرون عديدة في سبيل بنائها وتشييدها، فالواجب عليكم أن تكافحوا وتناضلوا وتضحوا من أجل بقائها واستمرار وجودها، وتعملوا على تنميتها وتطويرها، لا أن تتنكروا لها وتفرطوا فيها وتسلموها وقت الوثبة وكأنها لا تعنيكم بشيء، فيذهب بذلك تاريخكم العريق ومجدكم العظيم وعزكم وكبرياؤكم، وتنتهي سنتكم وفلسفتكم في الحياة وكأنها لم تكن في يوم من الأيام، وهي أرقى السنن والفلسفات التي عرفتها الأمم في تاريخها الطويل.

ومن المعروف أن عامة الناس يقدمون كثيراً حضارتهم وتاريخهم وتراثهم والعبادات والتقاليد والسنن القومية التي ورثوها من آبائهم وأجدادهم وتربوا ونشأوا عليها جيلاً بعد جيل لقرون عديدة ولفترة طويلة من الزمن، لا لأنها حق في نفسها، وقد قام عليها الدليل والبرهان الصحيحان، بل لأنهم ألفوها وأنسوا بها وأصبحت جزء من شخصيتهم وكيانهم المعنوي في الحياة ومنها يستمدون قوتهم وشوكتهم، وعليها يقوم مجدهم وكبرياؤهم، وهي عنوانهم في الحياة بين الشعوب والأمم.

وعليه: فقد وضع فرعون وكبار معاونيه الدين والحضارة والتاريخ والأمة بيد السحرة، وبينوا لهم بأن ذلك سيتحدد بنتائج المبارزة التاريخية العظيمة بينهم وبين موسى الكليم وأخيه ووزيره هارون (عليهما السلام) وبطبيعة الحال فهي مسؤولية عظيمة بدون شك، ولا يمكن لأي عاقل مخلص لدينه وحضارته ووطنه وشعبه أن يفرط أو يقبل التفريط في شيء من ذلك، والمطلوب من أجل مقدساتكم: الدين والتراث والحضارة والتاريخ والوطن والأمة، عليكم أن تتركوا الخوف والشك والتردد والاختلاف والتنازع، فلا تجعلوا لها طريقاً تصل منه إلى نفوسكم، واحكموا أمركم بينكم وأتقنوه، وخططوا جيداً للمعركة التاريخية العظيمة الفاصلة والحاسمة في تاريخكم، وشدوا عزمكم ولا تهنوا وأظهروا كل ما لديكم من فنون السحر ومهارته، وكل ما لديكم من المكر والدهاء ولا تدّخروا شيئاً من ذلك، وكونوا يداً واحدة وصفاً متراصاً، وأقبلوا على المعركة إقبالة واحدة، بعزم وثبات وقوة إرادة وتصميم، وواجهوا موسى وهارون (عليه السلام) متحدين مجتمعين عليهما، متساعدين متناصرين متوافقين غير مختلفين فيهما وفي أمرهما، فإن ذلك؛ أنظم لأمركم، وأشد لهيبتكم وأظهر لقوتكم في قلوب الرائين، وأمكن لعلمكم، وأمضى لسعيكم، وهو السبيل الوحيد لفوزكم على موسى وهارون (عليه السلام) في هذا اليوم العظيم المشهود، ولتكون لنا ولكم ولقومنا الغلبة والرفعة والمكانة العالية عليهما وعلى قومهما إلى أبد الآبدين، واعلموا أن هذا اليوم هو يوم عظيم وفاصل في تاريخ بلدنا وحضارتنا وديننا، ولن يكون ما بعده كما قبله، وأن المستقبل: السيطرة على الحكم والثروة ومقدرات الدولة والشعب، وتحكيم الإرادة والثقافة والدين والفوز بالمطلوب، سيكون من نصيب من يحظى بالغلبة والانتصار على الطرف الآخر: نحن وأنتم والأقباط، أو موسى وهارون (عليه السلام) وبنو إسرائيل، فلن تقوم لنا أو لكم أو للأقباط قائمة إن تراجعتم أو هزمتم.

فقد خوّفهم بالفناء والتهميش والطرد من ديارهم ووطنهم وضياع مجدهم إن غُلبوا، وقد وعدهم بالأجر العظيم وتعديل الميزان الطبقي وإعطائهم المكانة والمنزلة الرفيعة وتنزيلهم من العرش الملكي إن غَلبوا.

ثم لماذا الاختلاف والتنازع ورمي الأوراق قبل أن تبدأ المبارزة وتظهر النتائج، فعليكم بالاجتهاد في الأمر وبذل الوسع والطاقة والتعاون والتعاضد والتناصر بينكم من أجل الفوز والغلبة وتحقق النصر، وخوض المعركة وانتظار النتائج وتقييمها والحكم عليها، وهذا كله كلام وتدبير سياسي محكم، يكشف عن دهاء وفطنة بدون شك أو ريب.

وبذلك فقد جمع فرعون بين التضليل والترغيب والترهيب في تثبيت السحرة وتحريضهم ضد موسى الكليم (عليه السلام) وتوحيد صفوفهم وتحفيزهم لمحاربته بكل وسيلة، وأتى بكل سبب ووسيلة متاحة وبكل خبث ومكيدة سيواجه بها الحق ويطفئ نوره، وهو عين الأسلوب والمنطق الذي تلجأ إليه الأنظمة الدكتاتورية المستبدة في التحريض ضد المعارضين ومواجهتهم، إذ تتهمهم بالعمل على قلب النظام السياسي بالقوة والأساليب غير المشروعة، والتآمر للإضرار بالمصالح الشعبية والوطنية والقومية، والخروج على العادات والتقاليد والتراث، واعتبار المألوف والتراث والنظام الرسمي هو العقل والرشاد والصواب، والخروج عليها جنون وسفاهة وخطأ فادح، وهو ما حمل كبراء الأمم وسادتها ومترفيها على وصف الأنبياء الكرام (عليه السلام) وهم سادة العقلاء وكبارهم، ووصف المصلحين الراشدين وأتباعهم بالمجانين والسفهاء، لا لشيء إلا لأنهم خالفوا المألوف والتراث الموروث والنظام الرسمي وطالبوا بتغييره أو إصلاحه، وهذا الوصف منهم للأنبياء الكرام وقادة الإصلاح، هو في الحقيقة والواقع عين السفاهة والحماقة، وأساس التخلف والتحجر في المجتمعات والأمم في منطق العقلاء والحكماء.

وعلى كل حال: فقد قرر السحرة المضي قدماً في التحدي والاشتراك في المبارزة، وفي ذلك حكمة ربانية ومصلحة عظيمة للرسالة والناس، حيث أن حدوث المبارزة سمح لظهور الحقيقة وانكشافها بشكل تام وواضح أمام أعين الجماهير، وأقام الحجة على الناس جميعاً ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة، كما حمل السحرة على الإيمان بالتوحيد والنبوة والقيامة، والتصديق برسالة موسى الكليم وهارون (عليهما السلام) الدينية والفكرية والسياسية والاجتماعية في الحياة، وكفروا بألوهية فرعون وربوبيته الوهمية الزائفة ونظامه الملكي الفاسد، وأعلنوا عصيانهم له وتحديه وتمردهم عليه، وما كان ذلك ليحدث وتحصل آثارها ونتائجها العظيمة لو أن السحرة انسحبوا من المبارزة وتركوا الساحة ولم يمضوا قدماً في التحدي.


المصادر والمراجع

  • [1]. طه: 62
  • [2]. طه: 63
  • [3]. نفس المصدر
المصدر
كتاب اللامنطق في الفكر والسلوك - الجزء الثاني | أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟