مواضيع

مقابلة بني إسرائيل النعم بالجحود

لم يعرف بنوا إسرائيل قدر تلك النعم التي أنعم الله تبارك وتعالى بها عليهم، وقابلوها بالجحود والنكران، ولم يؤدوا حقها بالنسبة للمنعم بها عليهم وما أوجبه عليهم فيها إلى الناس، فقد اختلفوا في الدين الإلهي الحق الموجب لاجتماعهم عليه وتوحد صفوفهم والإئتلاف بينهم، ووظفوا النعمة في الضلال والإضلال ونشر الفساد في الأرض، وخالفوا الرسل والأولياء الصالحين (عليهم السلام) بعد العلم بما هو الحق والصواب وقيام الدليل عليه وعلى لزوم التمسك به والثبات واتحاد الكلمة وتوحيد الصفوف عليه، حيث بيّن لهم جميع ذلك ووضعت لهم الضوابط والثوابت والمبادئ بما لا يجعل مكاناً للشك أو اللبس أو الغموض.

وقرأوا ذلك كله في الكتاب «التوراة»، فكان منهم من آمن وصدق وأطاع، وكان منهم من كفر وكذب وعصى، واختلفوا في الدين وانقسموا وتشعبوا إلى شعب وأحزاب وطوائف ومذاهب كثيرة متناحرة، بعدما كانوا على طريقة واحدة غير مختلفين في الدين، كما اختلفوا في السياسة والتدبير إلى جماعات متنافرة متناحرة ترفض التنسيق والتكامل بينها، وبغى بعضهم على بعض، وحصل بينهم من الاختلاف والصراع والتنافر والتباغض والحسد الشيء الكثير، مما يفرق شملهم ويشتت أمرهم ويحل رابطتهم ونظامهم ويضعف أمرهم وعزمهم ويفت من عضدهم ويكسر شوكتهم ويذهب بقوتهم وهيبتهم، فيفوتهم بذلك من مصالحهم ما يفوت، ويتسلط عليهم عدوهم ويتمكن منهم، ويموت من دينهم الحق ما يموت، قول الله تعالى: <ثُم أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ>[1] فكان اختلافهم في الدين والسياسة بغياً وعدواناً ولم يكن اختلاف حق ولمصلحة ولم يكن لعذر، مثل: عدم العلم أو الجهل أو لوجود غموض أو شبهة أو لعدم وضوح الدليل أو لاختلاف موضوعي في التشخيص أو نحو ذلك، بل كان عن علم ويقين وإصرار، وقد لعب فيه علماؤهم وساستهم دوراً كبيراً.

أي: أنهم وقعوا في نفس الرذائل والمآثم والمعاصي والذنوب والأعمال السيئة المذمومة والجرائم الشنيعة والجنايات الفظيعة التي كان عليها فرعون الطاغية وحزبه المجرمين، والدوافع هي نفسها الدوافع الحسد لأولياء الله الصالحين، وطلب الرئاسة والزعامة، والتعلق بحطام الدنيا الفانية وعالم المادة والملذات الحسية، والنسيان لله ذي الجلال والإكرام والآخرة، والابتعاد عن القيم السماوية والإنسانية العليا والمبادئ السامية، والتكالب على السلطة والثروة والجاه والمناصب والصلاحيات والامتيازات ونحوها، وضعف المنطق ومخالفة العقل والفطرة والطبع السليم والدين الحنيف، فصارت لكثير منهم أهواء شيطانية وشهوات حيوانية وأغراض تخالف الحق والعدل والفضيلة والعقل والمنطق والدين الحنيف والمصالح العامة للدين والأمة.

واستخدموا جميع الأساليب والوسائل المتاحة المشروعة وغير المشروعة في الصراع، وإدارة الاختلاف بينهم في سبيل الفوز بالمراد والغلبة على الطرف الآخر في الصراع البيني، على قاعدة: «الغاية تبرر الوسيلة» وزخرفت الضلالات بآيات الكتاب المبين والأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة والأحاديث الموضوعة، كما يزخرف النحاس المموه بالذهب والفضة، وجيشوا الجيوش واستخدموا كافة وسائل الإعلام وحركوا الغوغاء ووظفوا الانتهازيين والنفعين الفاسدين المارقين من الدين حتى التبس الحق بالباطل، وظهرت الاختلافات الكثيرة في الدين والدنيا في العقيدة والشريعة والسياسة والمعايش وتشعبت وترسخت، وظهرت العصبيات وتجذرت، وافترقت الكلمة واختلفت الصفوف ونشبت الحروب والصراعات وسفكت الدماء وانتهكت الحرمات والمقدسات والحقوق ونشبت القوى الأجنبية الاستكبارية مخالبها في الأمة وفقدت الأمة استقلالها وخسرت ثرواتها ومقدراتها ونحو ذلك.

الجدير بالذكر: إن الوحدة الدينية السياسية والاستقامة على الدين الحق والصراط المستقيم والنهج القويم في الحياة، لا يمكن أن يحصل بدون الإجماع على مرجعية دينية وروحية وسياسية واحدة، هو إمام الهدى والحق والعدل الذي يتمتع بالعلم الكامل بالدين وبالتقوى والشجاعة وبالمعرفة بأوضاع زمانه «الكفاءة الموضوعية» ونحو ذلك من الصفات التي يجب أن تتمتع بها القيادة الرشيدة الدينية الكفؤة؛ لأن الاختلاف يحصل في حال عدم الاتفاق على المرجعية الواحدة المؤهلة «إمام الهدى» في فهم الكتاب والسنة وتطبيقها، والكل يزعم بأن له الدليل فيما يقول من الكتاب والسنة.

كما يفسح عدم الاتفاق على مرجعية إمام الهدى المجال للمنافقين والانتهازيين والنفعيين وأصحاب النفوس المريضة وعبدة الدنيا والمادة والباحثين عن السلطة والثروة والجاه والزعامة والامتيازات ونحوها؛ للتنافس على الوصول إلى السلطة، ثم فرض الحكم الأمر الواقع على الناس والانحراف بالناس وبالواقع عن الشريعة الإلهية المقدسة كما يثبت ذلك وتحكم به التجربة التاريخية الطويلة والمعاصرة.

والحقيقة أن ذلك الاختلاف في الدين والسياسة لن يبقَ ولن يمر بدون حساب وجزاء، قول الله تعالى: <فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرةٍ شَرا يَرَه>[2]، فالسنة الإلهية التي جرت على فرعون الطاغية وحزبه المجرمين، سوف تجري على بني إسرائيل كما جرت على سائر الأمم قبلهم وستجري على جميع الأمم بعدهما، قول الله تعالى: <سُنةَ اللهِ فِي الذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنةِ اللهِ تَبْدِيلًا>[3]، فسوف يكون بنو إسرائيل عرضة للبلاء الشديد، ومنه عودة سلطة الطواغيت وحكومات الفراعنة والمستبدين، ونفوذ المترفين الفاسدين والانتهازيين الأنانيين الساقطين عليهم من جديد، وسيذيقهم الله (عز وجل) بسوء أعمالهم واختيارهم مرارة الذل والهون والظلم والاستضعاف في الدنيا، ثم يحاسبهم في الآخرة على أفكارهم المنحرفة وعقائدهم الباطلة وأخلاقهم القبيحة وخصالهم المذمومة وأعمالهم الطالحة السيئة وميلهم عن الحق وأهله إلى الباطل وأهله، ومخالفة أئمة الهدى واتباع أئمة الضلال ونحو ذلك.

ويفصل بين أهل الحق وبين أهل الباطل منهم فيما اختلفوا فيه بحكمه العدل الناشئ عن علم تام بحقائق الأعمال وظواهرها، وبالنيات وما تخفي الصدور، وتعلن بقدرته المطلقة الشاملة، فيثيب المحق ويعاقب المبطل، ويميز بينهما بالإنجاء للمحق والإهلاك للمبطل، حيث لا مكان في ذلك اليوم إلى الكذب والافتراء والتبريرات الوهمية الباطلة والرياء والسمعة ونحو ذلك، ولا شيء في ذلك اليوم سوى الحق الحقيق والعدل الصريح المطلق، حيث يظهران للجميع في أبهى وأجمل وأحسن وأكمل صورة، ظهوراً جلياً واضحاً للعيان لا تشوبه شائبة ولا يدخله شك أو لبس أو غموض أو نحو ذلك، قول الله تعالى: <لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ>[4] أي: لقد كنت أيها الإنسان في غفلة عن هذا الذي تراه وتشاهده اليوم بأم عينك وعن هذا المصير الأسود وكنت تكذب به وتاركاً للعمل بمقتضاه مع أنه كان في الدنيا نصب عينك لا يغيب، وقد ذُكرت به مراراً وتكراراً وحُذرت منه، لكن تعلقك بنعم الدنيا والمادة والمصالح والمقاصد والأغراض الباطلة أذهلك عنه وصرفك وأغفلك، فكشفنا عن قلبك حجاب غفلتك الذي كان منك في عالم الدنيا، وأصبحت أمام عملك ومصيرك وجهاً لوجه، فبصيرتك وعين قلبك اليوم حادة قوية نافذة لا يحجبها شيء؛ لزوال الغواشي والحجب والموانع، فأنت تبصر اليوم ما لم تكن تبصره وما كنت غافلاً عنه من الحق ومن أنواع العذاب والنكال مع وجوده في عالم الدنيا، وتعترف وتقر اليوم بما أنكرته من الحق وتنكر ما كنت تقره وتوقن به من الباطل، ولكن في وقت لا يمكن فيه التدارك، فالحجة قائمة عليك في الدارين الدنيا والآخرة.

وعليه: فقد خسر هؤلاء المبطلون الضالون العاصون الدين والدنيا والآخرة، وفي الآية موضوع البحث: <فَمَا اخْتَلَفُوا إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِن رَبكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ>[5] تهديد ووعيد من الاختلاف في الدين ومخالفة أئمة الحق، وأنه يجب على المؤمنين التفكر بجدية وعمق في وسائل الخلاص من الضلال بهدف النجاة من المؤاخذة في يوم القيامة.

لأن هذه السنة الإلهية الحكيمة المحكمة جارية وباقية في جميع الأمم إلى يوم القيامة، فهي جارية في أمة الإسلام، أمة محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو خاتم الأنبياء الكرام والمرسلين العظام (عليهم السلام) وسيدهم، إذ أن الشيطان الرجيم (عليه اللعنة) إذا عجز عن إخراج الإنسان من الدين الحق كلياً، سعى في تضليله وإثارة الوساوس والشبهات في نفسه، وإثارة الأطماع الشيطانية والأغراض الباطلة والعصبيات الجاهلية، والعداوة والبغضاء والتشاحن والحسد؛ ليصرفه عن الصراط المستقيم والنهج القويم، فيحصل بذلك الاختلاف بين اتباع الدين الإلهي الحق، ويحصل التنازع والصراع بينهم، فيكفر بعضهم بعضاً، ويبغي بعضهم على بعض، ويقتل بعضهم بعضاً، وينتهك بعضهم حقوق بعض وحرماته ومقدساته ظلماً وعدواناً، تحت تأثير الأهواء الشيطانية والوساوس والأغراض الدنيوية الدنيئة، ثم تلبيسها لباس الدين والشريعة لتبريرها ونحو ذلك من الرذائل والضلالات، فسيئول أمرهم إلى الشتات، وجمعهم إلى الفرقة، وتذهب ريحهم وقوتهم وهيبتهم وتضيع وسطيتهم واعتدالهم، ويصيبهم التحلل والانحطاط والتخلف، ويفقدوا قدرتهم على الإبداع والمنافسة، ويفتقدوا مكانتهم بين الأمم، ويتسلط عليهم الأعداء ويفقدوا استقلالهم وتضيع ثرواتهم ومقدراتهم، وتفوت من مصالحهم الدينية والدنيوية الكثير، ونحو ذلك مما تقر به عيون اللعين إبليس الرجيم وحزبه المجرمين من الجن والإنس، يقول آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: «فإن الله قد نصر المسلمين بفضله مرات كثيرة، وقهر أعدائهم الأقوياء بصورة إعجازية، ونصر بفضله ورحمته هذه الأمة المستضعفة على أولئك المتجبرين، إلا أنهم وللأسف الشديد، بدل أن يجعلوا هذا النصر وسيلة لنشر دين الإسلام في جميع أرجاء العالم، فإنهم قد اتخذوه ذريعة للتفرقة وإيجاد النفاق والاختلاف بحيث عرضوا كل انتصاراتهم للخطر!! اللهم نجنا من كفران النعمة هذه»[6].

ونفس القول يمكن أن يقال بشأن الثروات الطائلة التي أنعم الله تبارك وتعالى بها على المسلمين فضيعوها ووضعوها في الضلال والإضلال والتفرقة والحروب والإفساد في الأرض، فبدلاً من أن تكون نعمة وسبباً لنشر الهدى وتعزيز الوحدة والاستقلال والرقي والازدهار، جعلوها نقمة وسبباً لنشر الضلال وتعزيز الفرقة والتبعية للأجنبي والتخلف والانحلال والانحطاط فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!

وإنه من العجب العجاب الذي لا يخضع لعقل أو منطق ولا يوافق الدين والشريعة والفطرة والطبع السليم، أن يحدث كل ذلك الاختلاف والانقسام والتناحر مع كل ذلك البيان الواضح وقيام الدليل الصريح القاطع في الكتاب، ومع أن سلامة المصير وحسن العاقبة وحفظ المصالح لا تتأتى إلا مع الاستقامة على الدين الإلهي الحق والاجتماع عليه والمحافظة على وحدة الصف والكلمة واجتماع الشمل واتباع أهل الحق وأئمة الهدى، وفي الحديث النبوي الشريف: «ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها»[7].

سبق القول بأن الله (عز وجل) تكفل ببعث الأنبياء (عليهم السلام) لهداية البشرية وإرشادهم لما فيه خيرهم وصلاحهم ومصلحتهم وسعادتهم الحقيقية الكاملة في الدارين الدنيا والآخرة، وضمن بأن لا تبقى الأرض بغير حجة، وتكفل بإقامة الدليل القاطع على صدق النبوة والرسالة والإمامة لكل عاقل منصف يطلب الحقيقة كما هي ويبحث عنها ويسلم إليها إذا عرفها ويعمل بمقتضاها.

كما تكفل ببقاء الرسالة وديمومتها في دورتها الرسالية وجعلها في متناول الناس، فإذا عجزت الأسباب الطبيعية عن تحقيق ذلك، تدخلت العناية الإلهية لتحقيقه بالأسباب الغيبية، ومن الأسباب الطبيعية: الدعوة إلى الله ذي الجلال والإكرام وإلى الدين الإلهي الحنيف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله (عز وجل) والمقاومة وعدم الخضوع لإرادة الطواغيت والفراعنة والحكام المستبدين والمترفين المستغلين والانتهازيين والنفعيين والأنانيين الفاسدين، في هذا السبيل قد يستشهد خلق كثير من الأنبياء الكرام والأوصياء المطهرين والأولياء الصالحين (عليهم السلام) ومن المؤمنين المجاهدين، أو يتعرضون إلى الأذى الشديد من المجرمين الأشرار، مثل: السجن والتعذيب والتنكيل والحرمان والتشريد والنفي ونحو ذلك، ويعد ذلك من أسباب رفع المقام والمنزلة عند الله ذي الجلال والإكرام والفوز بالرضوان الإلهي والنعيم الأبدي الخالد في الدرجات العالية في جنة الفردوس في الآخرة، وليس ذلك لتقصير منهم أو معصية، وإنما هو من سنن التدبير الإلهي المحكم الحكيم للمسيرة التاريخية التكاملية للإنسان، وفي الحديث الشريف عن حمران بن أعين، قال: «قلت لأبي جعفر «الإمام الباقر» (عليه السلام): أرأيت ما كان من أمر قيام علي ابن أبي طالب والحسن والحسين (عليهم السلام) وخروجهم وقيامهم بدين الله عز ذكره وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا حمران!! إن الله تبارك قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار ثم أجراه، فبتقدم علم إليهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قام عليٌ والحسن والحسين (عليهم السلام) وبعلم صمت من صمت منا، ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل من أمر الله (عز وجل) وإظهار الطواغيت عليهم سألوا الله (عز وجل) أن يدفع عنهم ذلك وألحوا عليه في طلب إزالة ملك الطواغيت وذهاب ملكهم إذاً لأجابهم ودفع عنهم ثم كان انقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد، وما كان في ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها، ولكن لمنازل وكرامة من الله أراد أن يبلغها فلا تذهب بك المذاهب فيهم»[8].

ولكن ينبغي التنبيه إلى أن التقصير في الواجبات وارتكاب المعاصي يجر حتماً إلى البلاء الإلهي؛ ليكون ذلك سبباً للتنبيه من الغفلة واللجوء إلى التوبة والعودة المحمودة إلى الله ذي الجلال والإكرام، فينبغي على المؤمنين الأعزاء التمييز بين الحالتين:

أ.   الحالة التي يجاهد فيها المؤمنون الصالحون ويتعرضون إلى الأذى الشديد من الطواغيت الضالين والفراعنة المتجبرين والحكام المستبدين الظلمة والمترفين المستغلين وأتباعهم من الانتهازيين والنفعيين والجهلة؛ ليكون ذلك سبباً لصلاح أحوال الناس، قول الله تعالى: <وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ الناسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض وَلَٰكِن اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ>[9] وسبيلاً لكمالهم الإنساني المعرفي والتربوي، وارتفاع مقامهم ومنزلتهم ومكانتهم عند الله ذي الجلال والإكرام وقربهم منه والزلفة لديه والفوز بالرضوان الإلهي والنعيم المقيم في أعلى الدرجات في الجنة.

ب. الحالة التي يقصر فيها الناس وعامة المؤمنين بواجباتهم الدينية ويعصوا ربهم فيما يأمرهم به وينهاهم عنه، بما في ذلك الإخلال بالإخلاص في نية العمل والجهاد، فيبتليهم الله  (جل جلاله) ببعض البلاء من أجل تنبيههم من غفلتهم ولجوئهم إلى التوبة وعودتهم إلى الله ذي الجلال والإكرام، ومن ذلك تسليط حكام الجور والفراعنة عليهم وإصابتهم بالأذى الكثير منهم، ونحو ذلك لزمان قد يطول أو يقصر بحسب مقتضى الحكمة الإلهية في التدبير وحصول الغاية.

وعليه: ينبغي على المؤمنين التمسك بالدين الإلهي الحق واتباع أئمة الهدى، والاستقامة على الصراط المستقيم والنهج القويم والتحلي بالتقوى وأداء الواجبات، ومنها: الدعوة إلى الله ذي الجلال والإكرام وإلى الدين الإلهي الحنيف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله (عز وجل) بإخلاص تام ومجرد من الأغراض الدنيوية الباطلة، والمقاومة وعدم الخضوع لإرادة الطواغيت والفراعنة والحكام المستبدين والمترفين والانتهازيين والنفعيين، والتحلي بالصبر والثبات والتحمل والصمود أمام المشكلات والعقبات والصعوبات والتحديات وبذل النفس والنفيس في ذلك؛ لتعلو منزلتهم ومكانتهم عند الله ذي الجلال والإكرام ويفوزوا بالرضوان الإلهي والنعيم الأبدي الخالد في جنات الفردوس، وأن يكونوا في غاية الحذر من التقصير والمعصية والإخلال بالصدق والإخلاص في النية، ومن أن يصيبهم الضعف والوهن في جنب الله ذي الجلال والإكرام ويخضعوا لإرادة الطواغيت والفراعنة والحكام المستبدين والمترفين والانتهازيين فيذلوا بذلك أنفسهم، ويبتليهم الله  (جل جلاله) بحكم الطواغيت والفراعنة والحكام المستبدين ويسلطهم عليهم ويمكنهم من رقابهم فيستضعفوهم ويذلوهم ويؤذوهم كثيراً في الدنيا، ويخسروا في الآخرة الرضوان الإلهي العظيم والمنازل والدرجات الرفيعة والمراتب العالية في الجنة، قول الله تعالى: <وَكَأَينْ مِنْ نَبِي قَاتَلَ مَعَهُ رِبيونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِب الصابِرِينَ. وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ. فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللهُ يُحِب الْمُحْسِنِينَ>[10]، أي: لقد مضى أنبياء كرام عظام كثيرون جاهدوا في سبيل الله (عز وجل)، وقد قاتل معهم كثير من الربانيين الأصفياء المطهرين (عليهم السلام) والأولياء الصالحين العارفين بالله ذي الجلال والإكرام والمختصين به ولم يشتغلوا بغيره، والعلماء الأتقياء المتألهين، والعباد المخلصين لله سبحانه وتعالى في الطاعة والعبادة، والمؤمنين الصالحين الذين تربوا على أيدي الأنبياء الكرام (عليهم السلام) واقتدوا بهم واتبعوهم في اليسر والعسر، فما وهنت أبدانهم وما فتروا في قتال أعدائهم وما ضعفت نفوسهم وما جبنوا ولم يفروا من ساحة القتال والمواجهة والمقاومة، ولم يستسلموا بسبب قتل نبيهم في ساحة القتال؛ لأن هناك من يخلفه ويقدم مقامه بالحق دائماً، ولا بسبب قتل من قتل منهم من الشهداء السعداء، أو بسبب ما أصابهم من الجروح والإصابات والخسائر المادية الكثيرة في المال والسلاح، أو نزل بهم من الكرب والبلاء الشديد ونحو ذلك، ولم يشعروا بالذل أو يصابوا بالاستكانة وينكسروا ويخضعوا لإرادة الأعداء من الطواغيت والفراعنة والحكام المستبدين والمستكبرين والمترفين ونحوهم، ولم يتخلوا عن استقلالهم وعن قضيتهم العادلة ومطالبهم المشروعة، بل ثبتوا وتحملوا وصمدوا وكانوا من الصابرين المحتسبين، والله تبارك وتعالى يحب الصابرين المحتسبين ويرضى عنهم ويثبتهم على الحق وعلى القول الثابت ويقوي إرادتهم وعزائمهم ويؤنسهم فلا يستوحشون ويؤيدهم ويسدد خطاهم وينصرهم على أعدائهم ولا يتركهم يقطعون الطريق منفردين عنه.

وكان قولهم المتكرر دائماً وأبداً في تلك المواطن الصعبة: ربنا اغفر لنا ذنوبنا الكبيرة والصغيرة، وإسرافنا في أمرنا وتقصيرنا وأخطائنا في القيام بواجباتنا التي فرضتها علينا، وانصرنا على القوم الكافرين ولا تكلنا إلى أنفسنا، كأنهم أرادوا بجهادهم في سبيل الله (عز وجل) وصبرهم وتحملهم أن يغفر الله تبارك وتعالى لهم ذنوبهم ويصفح عن تقصيرهم وأخطائهم؛ ليقدموا عليه في يوم القيامة وهم طاهرون مطهرون يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم.

وفي ذلك دليل على حسن العقيدة وصدق اليقين وكمال الإيمان وإخلاص النية، وأن همهم وعزيمتهم في رفعة الدين ونشره، وعزة المؤمنين وصلاح أحوالهم وشؤونهم، وليس في مغانم الدنيا وزخارف الحياة والوصول إلى السلطة وكسب الثروة ونحو ذلك من الأغراض الدنيوية الباطلة.

وفي قولهم دليل على إدراكهم إلى كون الذنوب والمعاصي من أعظم أسباب الخذلان الإلهي، وحسن العقيدة والطاعة والأعمال الصالحة من أعظم أسباب التأييد الإلهي والظفر والنصر، فسألوا ربهم سبحانه وتعالى المغفرة من الذنوب والمعاصي والخطأ والتقصير، وأن يثبت أقدامهم وينصرهم، فلم يعتمدوا على أنفسهم ويستقلوا عن ربهم سبحانه وتعالى، بل توكلوا عليه واستعانوا به، فآتاهم الله تبارك وتعالى لسبب ذلك كله ثواب الدنيا من النصر والظفر والغنيمة والعزة والكرامة وحسن الذكر والحياة الطيبة والعيش الكريم ونحو ذلك، وحسن ثواب الآخرة من الرضوان الإلهي العظيم والنعيم المقيم في الدرجات العالية والمنازل الرفيعة في الجنة؛ لأن الله تبارك وتعالى محسن كامل الإحسان يحب المحسنين في عقيدتهم وسلوكهم وأعمالهم الصالحة فيحسن جزاءهم على إحسانهم بالحسنى في الدارين الدنيا والآخرة، قول الله تعالى: <هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلا الْإِحْسَانُ>[11]، وقد خص الله تبارك وتعالى ثواب الآخرة بالحسن؛ إشعاراً بارتفاع منزلتها وقدرها على الدنيا، وبفضل ثوابها وتقدمه على ثواب الدنيا عند الله سبحانه وتعالى وفي ميزان العقل والمنطق السليم.

الجدير بالذكر: إن الابتلاء الإلهي من السنن الإلهية الحكيمة المحكمة في تدبير المسيرة التاريخية التكاملية للإنسان، وتقوم على أساس العقل والاختيار، وهي سبيل لتنبيه الناس واِيقاظهم من غفلتهم، وسبباً يلجأهم إلى التوبة والعودة المحمودة إلى الله ذي الجلال والإكرام، فمن وعى وتاب وعاد إلى الله ذي الجلال والإكرام فقد ربح وفاز وكان من السعداء، ومن بغى وطغى وعاند واستكبر وأصر على الاستمرار على ما كان عليه من الضلال والمعصية فهو على خطر شديد، وقد يتطور به الحال وفق السنن الإلهية الحكيمة المحكمة في التدبير، فينتقل من الخذلان إلى الإملاء والاستدراج، فيخسر بذلك الخسران المبين، فيكون مصيره إلى الهلاك والشقاء الأبدي الكامل في الدرك الأسفل في نار جهنم وبئس المصير مصيره وبئس المورد مورده، قول الله تعالى: <وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ 94 ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوا وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ 95 وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ >[12] أي: ما أرسلنا في بلد من البلدان من نبي ليهدي أهلها سبيل الهدى والرشاد فكذبوا ولم يؤمنوا، إلا أخذناهم بألوان من المصائب والمحن، مثل: الفقر والمرض والنكبات من أجل أن يتذكروا وينتبهوا ويعودوا إلى رشدهم، ويكفوا عن عنادهم واستكبارهم ويتوبوا عن غيهم وضلالهم ويؤمنوا بالدين الإلهي الحق ويتضرعوا إلى ربهم سبحانه وتعالى بغية كشف البلاء عنهم، فإن الإنسان مادام على النعمة فإنها قد تشغله عن التوجه إلى النعم ويستغني بها عنه، فإذا سلبت منه أحس بالحاجة والفقر والعجز فيلجأ إلى من بيده رفع حاجته وفقره وعجزه ويتضرع إليه من أجل ذلك.

فإذا لم ينفع ذلك معهم ولم يتعظوا، تركهم الله  (جل جلاله) إلى أنفسهم وما يشتهون وما يريدون ويقصدون، وهو الخذلان، فيكونوا على خطر شديد.

فإذا تورطوا أكثر في الذنوب والخطايا والمعاصي والتعلق بعالم الدنيا والمادة والاستغراق في الشهوات والملذات الحسية واتباع الأهواء الشيطانية، فإن الله  (جل جلاله) يبدل السيئة حسنة والنقمة نعمة، فتكثر أموالهم وأولادهم وثرواتهم ويتمكنوا من الدنيا يصيروا في خير وسعة وأمن، حتى ينسوا الله تماماً وما كانوا عليه من الشدائد والمحن والمصائب والنكبات، وتنمحي آثار الامتحان الإلهي فتقسوا قلوبهم وينصرفوا تماماً عن الهدى والحق والإيمان، وينسبوا الشدة والرخاء والضيق والسعة إلى عوامل الطبيعة وتدبير الإنسان، واَبعدوا الله سبحانه وتعالى تماماً عن حياتهم وهو الاستدراج.

فإذا وصلوا إلى هذا الحال السيء جداً أهلكهم الله (عز وجل) فجأة وبدون مقدمات تدل على هلاكهم، فيكون ذلك أشد في عقوبتهم؛ ليكونوا عبرة لكل معتبر يأتي بعدهم، ولو أن أهل القرى التي أهلكهم الله (عز وجل) آمنوا بالله سبحانه وتعالى ورسله، وحسنت عقيدتهم وأحيوا شريعة الحق والعدل، واتقوا الله سبحانه وتعالى وعملوا الصالحات؛ ليسّر الله تبارك وتعالى لهم الخيرات وأغدق عليهم البركات الكثيرة المادية والمعنوية من كل جانب، من السماء والأرض، مثل: الأمن والرخاء والصحة والمال والأولاد وغير ذلك، وعاشوا جميعاً حياة طيبة كريمة.

لكنهم كذبوا بالآيات والرسل، وأهملوا شريعة العدل والمساواة، ولجأوا إلى الدكتاتورية والاستبداد والظلم والطغيان، وعملوا الأعمال السيئة المذمومة، وأفسدوا في الأرض بغير الحق، فأخذهم الله (عز وجل) أخذ عزيز مقتدر بما كانوا يعملون من الذنوب والمعاصي والجرائم والأعمال السيئة، فعاقبهم الله (عز وجل) بالعقوبات الشديدة ونزع عنهم البركات وأهلكهم حتى يكونوا عبرة لكل معتبر يأتي بعدهم.

والآيات الشريفة المباركة تقسم الناس إلى ثلاث فئات أو طوائف، وهم: المؤمنون الصالحون، والتائبون العائدون إلى الله ذي الجلال والاكرام، والضالون المعاندون، وكل طائفة من هذه الطوائف الثلاث، تعبر في الحقيقة عن جوهرها وكنهها وحقيقة معدنها وطبعها وما هي عليه من القابلية والاستعداد العقلي والروحي، وماهي عليه بالاختيار إلى نفسها من الخيرية والشرية، والحسن والسوء، والسعادة والشقاء، قول الله تعالى: <وَنُنَزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظالِمِينَ إِلا خَسَارًا. وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإنسان أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسهُ الشر كَانَ يَئُوسًا. قُلْ كُل يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا>[13]، وقول الله تعالى: <وَالْبَلَدُ الطيبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبهِ وَالذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا كَذَٰلِكَ نُصَرفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ>[14].

وعليه: ينبغي لكل إنسان عاقل الالتفات والحذر الشديد والمحاسبة، فلا يتجاهل الآيات والعبر، ولا يفرط في نعمة الهداية والمواعظ والنصائح الصادقة، ويخالف العقل والمنطق وأئمة الحق والهدى، ويتبع هواه وشهواته ومن لا يرتضي الله  (جل جلاله) طاعته، أو يستخدم النعم المادية والمعنوية والمكانة الاجتماعية والمنزلة والجاه والسلطة والعلم والمعرفة ونحو ذلك في الضلال والإضلال والإفساد في الأرض كما يفعل حملة الشهادات العليا والكتاب والصحفيون والفنانون والأدباء والمفكرون بدعمهم للأنظمة الدكتاتورية والحكام والمستبدين تحت تأثير الخوف من إرهابهم أو الطمع في عطاياهم، ويساندونهم في ظلمهم وطغيانهم وتكريس التخلف والتحلل والانحطاط على حساب الإرادة الشعبية والمصلحة الوطنية والقومية والعزة والكرامة والحقوق الإنسانية، أو يخضع لإرادة الطواغيت الضالين والفراعنة المتجبرين والحكام المستبدين الظلمة والمترفين المستغلين وأراجيف الانتهازيين الأنانيين والنفعين الفاسدين المبطلين والمستكبرين المتغطرسين ومن على شاكلتهم ويدور في فلكهم ويعمل مثل عملهم من السيئين المجرمين، فيكون بذلك عرضة للبلاء الشديد من الله (عز وجل)؛ لتحصل منه التوبة والرجوع إلى الله ذي الجلال والاكرام.


المصادر والمراجع

  • [1]. فاطر: 32
  • [2]. الزلزلة: 7-8
  • [3]. الأحزاب: 62
  • [4]. ق: 22
  • [5]. الجاثية: 17
  • [6]. تفسير الأمثل، ناصر مكارم الشيرازي، جزء 6، صفحة 266
  • [7]. كنز العمال، جزء 1، صفحة 929
  • [8]. الكافي، جزء 2، صفحة 224
  • [9]. البقرة: 251
  • [10]. آل عمران: 146-148
  • [11]. الرحمن: 60
  • [12]. الأعراف: 94-96
  • [13]. الإسراء: 82-84
  • [14]. الأعراف: 58
المصدر
كتاب اللامنطق في الفكر والسلوك - الجزء الأول | أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟