مواضيع

نكث آل فرعون بوعدهم وهلاكهم جميعاً

<فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُون 135 فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِين>

كان العذاب الإلهي «الآيات» ينزل على فرعون وقومه متفرقاً، وليس متصلاً، يأتيهم العذاب لمدة قصيرة «أسبوعاً» ثم يتوقف لمدة طويلة «ستة أشهر أو سنة كاملة»، ثم يأتيهم عذاب «آية» آخر، وتكررت التجربة لخمس مرات، وفي كل مرة ينزل فيها العذاب ويشتد عليهم، كانوا يفزعون إلى موسى الكليم (عليه السلام)، ويتوسلون إليه، ويطلبون منه أن يسأل الله رب العالمين أن يرفع عنهم العذاب، ويقدموا إليه العهود والمواثيق والأيمان الغليظة، بأنهم إن رفع عنهم العذاب، فإنهم سيؤمنون بالتوحيد، ويصدقون بنبوة موسى الكليم (عليه السلام)، ويتبعونه، ويقتدون به، ويتركون ما هم عليه من الكفر، ويرفعون العبودية والاسترقاق عن بني إسرائيل، والتمييز ضدهم، والاستخدام السيئ لهم، وتسخيرهم في الأعمال الشاقة والوضيعة، ويخلون سبيلهم، ويسمحون لهم بالسفر والهجرة مع موسى الكليم (عليه السلام) إلى الأرض المقدسة «فلسطين».

وكان موسى الكليم (عليه السلام) يستجيب إليهم ويخبرهم بالوقت الذي سيرفع عنهم فيه العذاب ولأجل معلوم، وذلك لغايتين:

1. كي يتهيأوا ويمهد لهم سبيل التوبة والعودة إلى الله ذي الجلال والإكرام.

2. ليتم عليهم الحجة بأن يعلموا بأن نزول العذاب عليهم ورفعه عنهم لم يكن اتفاقاً وصدفةً أو عملاً محضاً للطبيعة، وإنما هما مقصودين بإرادة ربانية حكيمة وقادرة على كل شيء، وأنهما بسبب أعمالهم القبيحة الظاهرة والباطنة، ولدعائه وطلبه من الله (عز وجل) ذلك.

ومع كل ذلك، ما إن يرفع عنهم العذاب وينكشف، حتى يبادروا إلى نقض جميع ما أعطوه على أنفسهم لموسى الكليم (عليه السلام) من العهود والمواثيق، وبشكل عجيب وغير متوقع بحسب المنطق، ويصروا على التمرد والمعصية، والبقاء على ما كانوا عليه من الكفر والظلم والطغيان، واسترقاق بني إسرائيل واستعبادهم واستضعافهم وإذلالهم والتمييز ضدهم، وكان ذلك يتكرر منهم بشكل عجيب إلى التجربة الخامسة، قول الله تعالى: <فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ>[1]. مما يدل على أنها سياسة ثابتة وسلوك دائم لهم، وأنهم لم يستفيدوا بتاتاً من الآيات والبينات التي جاء بها موسى الكليم (عليه السلام) من عند رب العالمين، ولم ينفعهم ما تقدم من الإمهال، وكشف العذاب.

وقيل: أن عبارة <إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ>[2]، تدل على المفاجأة، وسرعة المبادرة إلى النقض، وعدم تأخيره، وتكراره، مما يكشف عن تبييت النية، وإضمار النكث، وذلك كله أمر مخالف للعقل والمنطق والفطرة، والطبع الإنساني السليم، وللمبادئ السامية، والقيم العالية التي تدعوا إلى الوفاء واحترام الوعود والعهود والمواثيق والأيمان، والالتزام الوثيق بها، كتعبير عن الصلاح، وكأساس لبناء الثقة، والمحافظة على متانة العلاقات، وسلامة البناء الاجتماعي، التي هي بدورها أساس للأمن والاستقرار والتنمية والازدهار، وفي الحديث النبوي الشريف: «لا دين لمن لا عهد له»[3].

وعليه: فإن تكرار نكثهم للوعود والعهود والمواثيق يدل على سوء طبعهم، وفساد أخلاقهم، وخبث أنفسهم، وضعف عقولهم ومنطقهم، وسفاهة أحلامهم، واستيلاء الشيطان عليهم بالكامل، واستغراقهم في عالم الدنيا والمادة والمصالح، وانغماسهم الشديد في اللحظة، فهم لا يبصرون الحقائق والعواقب، ويعيشون في ظلمات متراكمة بعضها فوق بعض، وهذا هو دأب الطواغيت الضالين، والفراعنة المتجبرين، والحكام المستبدين، والمترفين المستغلين، والانتهازيين الأنانيين، والنفعيين الفاسقين المارقين جميعاً عن الحق والعدل والفضيلة دائماً، حيث يعيشون اللحظة، ويعتمدون على القوة والخدعة والمراوغة، وينسون الله  (جل جلاله) والآخرة، ويعدون نكث العهود والمواثيق لفرط جهلهم وحماقتهم ذكاء وفطنة وشطارة ودهاء وحسن سياسة!!

وكان الله (عز وجل) عالماً بطبعهم، وبما يسرون ويضمرون في أنفسهم من الغدر، ونقض العهود والوعود والمواثيق، إلا أنه  (جل جلاله) كان يستجيب لطلبهم؛ لإعطائهم الفرصة الكافية للمراجعة والتصحيح، وإقامة الحجة التامة عليهم، لئلا يكون لهم عند الله سبحانه وتعالى حجة ولا عذر؛ لأن الغاية هي هدايتهم وإيصالهم إلى ما فيه صلاحهم وخيرهم ومصلحتهم وسعادتهم الحقيقة، وليس هلاكهم وشقاؤهم.

ولا يكون الهلاك إلا بعد إقامة الحجة التامة، ورسوخ العناد والاستكبار إلى درجة لا تفيد معها آية أو حجة أو بيان أو موعظة أو نصيحة من أي شخص كان، وتشكيل خطر جدي على المسيرة البشرية، ويعيق تقدم الرسالة الإلهية، ويمنع إيصالها كما هي إلى الناس، فيكون الإبقاء عليهم خلاف الحكمة الإلهية والعدل الإلهي والرحمة الإلهية بالمؤمنين وغاية خلق الإنسان، ولا يكون إلا عن ضعف وعجز القدرة تعالى الله سبحانه عن ذلك علواً كبيراً.

ولهذا قيل: أن عبارة <إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ>[4]، تدل على أن رفع العذاب عنهم مهما تكرر، فهو إلى أجل محدود من الزمن قدر الله (عز وجل) بقاءه لإقامة الحجة عليهم، وهو معلوم عند الله سبحانه وتعالى، ثم يأتيهم بعده العذاب بالهلاك والاستئصال؛ لتخليص البشرية من شرورهم، وفتح الطريق أمامها للهداية والتكامل المعرفي والتربوي والحضاري بدون حدود ولا عوائق مصطنعة، أي: أن رفع العذاب مؤقتاً وليس مؤبداً.

وبعد أن أقام الله (عز وجل) الحجة التامة البالغة عليهم بتكرار الآيات والبينات، وتكرر منهم العناد والمكابرة والإصرار على نكث العهود والوعود، والتأويل للآيات على خلاف الوجه الصحيح، وأصبح استمرار وجودهم مع ما هم عليه من الكفر والظلم والطغيان والقوة والتجبر يشكل خطراً جدياً على المسيرة البشرية الكريمة، ويعيق تقدم الرسالة الإلهية، وإيصالها إلى الناس مما يعد مخالفاً للحكمة الإلهية البالغة والعدل والرحمة، أخذهم الله (عز وجل) أخذ عزيز مقتدر، وانتقم منهم جميعاً في الوقت المعلوم عنده المؤجل لهلاكهم بعد المهلة والأناة وإقامة الحجة التامة البالغة عليهم، بأن أغرقهم أجمعين في اليم بسبب ذنوبهم؛ لأنهم كذبوا بآيات الله (عز وجل)، وأعرضوا عنها بغير حجة، ولم يفكروا فيها وتجاهلوها، وكأنها لم تكن عناداً منهم وعتواً ومكابرةً واستكباراً على الحق وأهله، ولم ينتبهوا لما تحمله من دلائل على الحق، ولما يترتب على تجاهلها ومخالفتها من عواقب وخيمة، قول الله تعالى: <فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِين>[5].

وقيل: صيغ الإخبار عن إعراضهم بصيغة الجملة الاسمية، قوله: <وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِين>[6]، للدلالة على أن هذا الإعراض ثابت لهم، وراسخ فيهم، وأنه علة التكذيب لديهم المصوغ خبره بصيغة الجملة الفعلية، قوله: <بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا>[7]؛ لإفادة تجدد التكذيب عند تجدد الآيات.

وقيل: المراد باليم، هو البحر الأحمر، المسمى في التوراة بحر سوف، الحاجز بين وادي النيل ووادي سينا، الذي اعترض طريق موسى الكليم (عليه السلام) وبني إسرائيل حين خرجوا من مصر إلى الأرض المقدسة.

وقيل: المراد باليم، هو نهر النيل العظيم؛ لأن اليم في اللغة يطلق على البحر وعلى النهر العظيم، وقد أطلق القرآن لفظ اليم على نهر النيل العظيم، في قوله تعالى: <فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ>[8] وذلك بإجماع المفسرين، فاليم واحد. والتعريف في اللفظ هو تعريف العهد الذهني عند علماء المعاني المعروف بتعريف الجنس عند النحاة؛ ولأن النيل هو الأقرب إلى مكان سكن بني إسرائيل والفراعنة؛ ولأنه يجب على بني إسرائيل عبوره حال توجههم نحو الأرض المقدسة؛ لأنهم يسكنون في جهة غرب النيل، ويجب أن يتوجهوا نحو الشرق للوصول إلى الأرض المقدسة «فلسطين»، ولا حاجة لهم بعبور البحر الأحمر، لكي يصلوا إليها، وذلك لوجود منطقة يابسة في مكانهم يمكن العبور منها. أي: قبل حفر قناة السويس في العصر الحديث في العام 1859م، وافتتحت بتاريخ 17/ نوفمبر /1869م.

وقد أغرق الله (عز وجل) فرعون وجنوده أجمعين في اليم حين لحقوا ببني إسرائيل يريدون منعهم من الخروج من أرض مصر إلى أرض فلسطين؛ لإبقائهم خاضعين لإرادتهم، وتحت سلطتهم، وفي خدمتهم، ولكي لا يقوموا بإعادة بناء قوتهم، ويتقووا على فرعون وقومه، ويقوموا بمهاجمتهم. فلم يكن لفرعون وجنوده واقٍ يقيهم ولا حام يحميهم من الغرق بيد القدرة الإلهية، ويمنعهم من سوء العاقبة والمصير، وكان غرقهم في اليم وما لحقهم من الخزي والعار هو نصيبهم من العذاب في الدنيا، وما هو مدخر لهم من الخزي والعار والعذاب في عالم الآخرة أشد وأعظم.

والتعليل القرآني واضح لهذه العاقبة السيئة المذمومة والمصير الأسود لفرعون وقومه الظالمين، قول الله تعالى: <بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ>[9]، أي: كذبوا بآيات الله (عز وجل) رغم وضوح كونها معجزة عظيمة من عند رب العالمين، لا يقدر غيره على مثلها، ولوضوح دلالتها على الحق، والتوحيد والنبوة والمعاد، وعدالة القضية التي يحملها موسى الكليم (عليه السلام)، وشرعية المطالب الإصلاحية الدينية والسياسية والحقوقية التي طالب بها، وشرعية الحركة الثورية لبني إسرائيل؛ وذلك بحسب العقل والمنطق السليم، وتعاملوا معها بتجاهل تام، ولم يفكروا فيها ولم يعتنوا بها وكأنها لم تكن، وأصروا على ما كانوا عليه، مع أنهم لم يكونوا في الحقيقة غافلين عنها، بل كانوا ملتفتين إليها واقعاً بسبب تكرارها، ولأن موسى الكليم (عليه السلام) كان يذكرهم بها مراراً وتكراراً، وينبههم إليها، وبمختلف الأساليب، والوسائل العديدة، وقد تجاهلوا متعمدين، وتصرفوا معها عملياً كما يتصرف الغافل غير المتلفت.

وكانوا غافلين في الحقيقة عما يترتب على تجاهلها ومخالفتها من العاقبة السيئة المذمومة، والمصير الأسود، والخزي والعار في الدارين الدنيا والآخرة، وذلك لحماقتهم، وضعف عقولهم، وسفاهة أحلامهم، ولجهلهم المطبق بالحقائق الإلهية، وبالسنن الكونية والتاريخية، واستغراقهم في عالم الدنيا والمادة والمصالح الدنيوية الفانية، وبعدهم عن هدى العقل والمنطق والفطرة والشريعة الإلهية والوحي، مما يدل على أنهم قوم مجرمون بحق وحقيقة، ومصرون على المضي قدماً في طريق الإجرام، ولا يملكون القابلية والاستعداد للهداية والإصلاح، ولا تنفع معهم معجزة، ولا حجة ولا دليل ولا برهان ولا موعظة ولا نصيحة لهدايتهم وإعادتهم إلى رشدهم وضمائرهم، مما يعني أن استمرار وجودهم وبقائهم في الحياة شر، ويشكل خطراً جدياً على المسيرة البشرية الكريمة، ومخالف بالمطلق للحكمة والعدل والرحمة الإلهية، مما يفرض حتمية هلاكهم، واستئصالهم، وإزالتهم من الوجود بمقتضى الحكمة الإلهية البالغة وبحسب السنن الكونية والتاريخية الحاكمة.

وهذه العاقبة السيئة المذمومة والمصير الأسود، تنتظر كل طاغية مجرم يصر على الإجرام، ويعتمد على القوة العسكرية والأمنية والاقتصادية والبشرية والأجهزة الإعلامية ونحوها؛ للتنكيل بالمستضعفين والمصلحين والمطالبين بالحقوق، وتشويه صورتهم وسمعتهم لدى الرأي العام الداخلي والخارجي، لفرض حكم الأمر الواقع، وشراء ضمائر أصحاب النفوس الضعيفة والمريضة من الانتهازيين الأنانيين والمنتفعين الفاسدين المارقين من النخبة الفاسدة؛ لتبرير فساده وجرائمه وجناياته، ومنطقه الوحيد هو الخداع والتضليل والكذب ونقض العهود والمواثيق، ولا يقيم وزناً للدين والحقائق والمنطق والقيم والمبادئ، ولعدالة القضية وشرعية المطالب وواقعيتها، ولا شيء من نحو ذلك.

فالعبرة من الآية الشريفة المباركة واضحة كل الوضوح، وبليغة غاية البلاغة، فقد فرعت الانتقام على التكذيب والعناد والمكابرة ونكث العهود، تفريع النتيجة على المقدمات، مما يدل على العموم، وحتمية هلاك واستئصال الظالمين والمستكبرين والمعاندين، وتخليص المؤمنين والمستضعفين من قبضتهم وشرورهم، وبخصوص فرعون الطاغية وقومه الفاسقين، فإن العاقبة السيئة المذمومة والمصير الأسود الذي انتهوا إليه، كان لسببين: كفرهم، وظلمهم لبني إسرائيل.

وعليه: فما يخسره الطواغيت الضالون والفراعنة المتجبرون والحكام المستبدون والنفعيون الفاسدون المارقون ونحوهم، أكثر مما يكسبونه من الملك والثروة والجاه والسلطة في عالم الدنيا الفانية، وأكثر بكثير مما يخسره المستضعفون في هذا العالم الزائل. وفي الحديث الشريف بما معناه: «إن فرعون قد خلّى عن بني إسرائيل بعد ما كان من عذاب الدم، لما أصابه من الجزع والخوف الشديد، فاجتمع بنو إسرائيل إلى موسى الكليم (عليه السلام)، وخرج بهم من مصر متوجهاً إلى الأرض المقدسة «فلسطين»، وبلغ ذلك فرعون، فقال له هامان: قد نهيتك عن أن تخلي عن بني إسرائيل، وقد خالفتني وخليت عنهم، وها هم قد اجتمعوا إلى موسى، وخرج بهم إلى فلسطين، وسوف يجمعون قوتهم، ويتقوون عليك، ويغلبونك، ويزيلون ملكك، فجزع فرعون من كلامه، فحشد الجموع من الجند، وخرج في طلبهم، فكان ما كان من غرقهم جميعاً في اليم، ونجاة موسى الكليم (عليه السلام) وبني إسرائيل جميعاً»[10].

وهذا يدل على أمرين:

1. المنهج السلمي الذي اتبعه موسى الكليم (عليه السلام) في المقاومة والمطالبة بالحقوق، وأن هدفه في الأساس هو الإصلاح وليس إسقاط النظام الفرعوني، ولو كان هدفه إسقاط النظام لما خرج من مصر إلى فلسطين، ولما ضمن إلى فرعون بقاء ملكه إن هو آمن وأطاع، إلا أن فرعون الطاغية قابله بالعنف والإرهاب والقمع، فقتل السحرة المؤمنين، وذبح أطفال بني إسرائيل الذكور، واسترق نسائهم، وسجن رجالهم، وبالغ في استضعافهم وإذلالهم، فعاقبه رب العالمين على كفره وظلمه بعقوبة الهلاك والاستئصال عن طريق الغرق.

2. الدور السلبي القذر الذي تلعبه البطانة الفاسدة في تأزيم الأوضاع، وإعاقة عملية الإصلاح، والتحريض على المصلحين الشرفاء، والمطالبين المخلصين بالحقوق المشروعة الواقعية، وقد تبالغ هذه البطانة الفاسدة في التملق إلى درجة التظاهر بالملكية أكثر من الملك نفسه، ليس حقاً وإخلاصاً ووفاء له، فهم لا يقيمون وزناً لهذه القيم، الحب والإخلاص والوفاء ونحوها، وإنما من أجل مصالحهم، والإبقاء على امتيازاتهم غير المشروعة التي حصلوا عليها بدون استحقاقٍ ثمناً لولائهم الأسود للنظام وللجرائم التي يرتكبونها ضد المصلحين الصالحين الشرفاء والمطالبين المخلصين بالحقوق المشروعة الواقعية ورغبتهم الجامحة في المزيد منها، والحاكم العادل الرشيد الفطن هو الذي يجمع حوله البطانة الصالحة، التي تعينه على الخير والصلاح، ويميز بين الصالح والفاسد من بطانته ويبعد عنه الفاسدين، ولا يغتر ولا ينخدع بوساوسهم ودسائسهم الشيطانية.


المصادر والمراجع

  • [1]. الأعراف: 135
  • [2]. نفس المصدر
  • [3]. النوادر للراوندي، صفحة 91
  • [4]. الأعراف: 135
  • [5]. الأعراف: 136
  • [6]. نفس المصدر
  • [7]. نفس المصدر
  • [8]. القصص: 7
  • [9]. الأعراف: 136
  • [10]. تفسير القمي، جزء 1، صفحة 238
المصدر
كتاب اللامنطق في الفكر والسلوك - الجزء الأول | أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟