مواضيع

شروط الانتصار والتسديد الإلهي

و ما سبق يتطلب من المؤمنين أن يتوفروا على شروط عديدة، أهمها:

الشرط الأول: أن تكون قياداتهم قيادات مؤهلة تأهيلاً مناسباً كافياً، فكرياً وروحياً وعملياً، فلا يتولى أحد فيهم منصباً قيادياً أو مسؤولية عامة بدون أن يكون مؤهلاً لذلك.

الشرط الثاني: المحافظة على الاستقامة على الصراط المستقيم والنهج القويم والتحلي بالتقوى والصدق والإخلاص في العمل، فلا قيمة للنضال والتضحيات والسعي للتمهيد للظهور المبارك لصاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه الشريف) ولإقامة دولة العدل الإلهي والوصول إلى الحتمية التاريخية الموعودة، ما لم يكن ذلك في ذات الله سبحانه وتعالى ومن أجله، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق بدون الاستقامة على الصراط المستقيم والتحلي بالتقوى والصدق والإخلاص.

الشرط الثالث: التفكير بشكل منهجي ومنطقي صحيح والعمل بشكل واقعي وفق خطط استراتيجية وبرامج عمل فاعلة، وهذا يتطلب الفهم الواقعي الموضوعي للأمور والوقائع والحوادث، وتحليلها بشكل علمي مسبب واضح، ووضع الخطط وبرامج العمل الفعّالة المناسبة للظروف والإمكانيات المادية والبشرية، بعيداً عن الانفعال والوهم والتخبط وردود الفعل غير المدروسة، والعمل الدؤوب المثمر، والتحلي بالجرأة والشجاعة التي تلامس ظاهر الإمكانيات وتظهر مكنونها، وامتلاك روح المبادرة واغتنام الفرص، وقد سبقت الإشارة في أبحاث سابقة إلى تقسيم السياسات إلى ثلاث أقسام:

أ.   السياسة الانفعالية التي تقوم على ردود الفعل غير المدروسة.

ب. السياسة الغرائزية في الهجوم والدفاع حيث يتمتع القائد بغريزة فطرية تشبه غريزة الحيوان التي يتبعها في الدفاع عن نفسه والانقضاض على فريسته.

ج. السياسة العلمية التي تقوم على التفكير والخيال الإنساني الخصب الواسع في تصور الممكن، وهي السياسة التي يستطيع فيها القائد أن يربط ربطاً محكماً بين الواقع والإمكانيات وبين الخطط والبرامج وبين المبادئ والأهداف، وبين متطلبات المستقبل، وتتسم بالمرونة والمراوغة التي هي من متطلبات التكتيك وسمات التفكير الإنساني، وقد يكون الظاهر فيها خلاف القصد والهدف، ولكنه بحسب الواقع السبيل الأضمن والأكيد لتحقيق الهدف، وهي السياسة الوحيدة التي تستطيع مراكمة المكتسبات وتجميعها والعمل على المدى التاريخي البعيد.

الشرط الرابع: المحافظة على الوحدة وتنظيم الصفوف بشكل محكم وفعّال، ويجب إيجاد التوازن بين الوحدة وبين الاستقامة على الصراط المستقيم والإلتزام بالمنهج السليم والرؤية الواضحة في العمل بدون إفراط ولا تفريط، فقد تختلف الأمة وتنقسم إلى مذاهب ونحل، وهنا ينبغي على الإنسان أن يبحث عن الصراط المستقيم ويتمسك به، ويعمل بمقتضاه، فلا يكون الإفراط في الوحدة مدعاة إلى التفريط في الصراط المستقيم، ولا الإفراط في الصراط المستقيم مدعاة إلى التفريط في الوحدة، وإنما يجب التحلي بفضيلة الاعتدال وإيجاد التوازن بين التكليفين، الوحدة والصراط المستقيم. وقد تختلف المناهج ورؤى العمل بين أتباع المذهب الواحد، وهنا ينبغي على الإنسان أن يبحث عن المنهج السليم والرؤية الصحيحة الصائبة في تقديره للعمل ويسير عليها ويعمل بمقتضاها، فلا يكون الإفراط في الوحدة مدعاة إلى التفريط في المنهج السليم والرؤية الصحيحة المطلوبة في العمل، ولا الإفراط في المنهج والرؤية مدعاة إلى التفريط في الوحدة، وإنما يجب التحلي بفضيلة الاعتدال وإيجاد التوازن بين التكليفين، الوحدة والمنهج والرؤية، ولا شكّ فإن إيجاد التوازن يحتاج إلى رؤية واضحة لإيجاده وآليات لتطبيقه، كما يحتاج إلى صدق الإيمان والتقوى وإخلاص النيّة لتجاوز الذات والتغلب على الأنانية والتعصب وغير ذلك من الآفات التي تؤدي إلى الإفراط أو التفريط على حساب الحقيقة والمصلحة الحقيقية للدين والعباد.

الشرط الخامس: العمل وفق استراتيجية واضحة يمكن توقع نتائجها بشكل علمي، وخطط وبرامج واقعية وفعّالة كفيلة بتحقيق الأهداف المرسومة ويمكن قياس نتائجها بشكل علمي موضوعي محايد.

الشرط السادس: إعداد القوة اللازمة المادية والبشرية والمعنوية، والتحلي بالصبر والجرأة والشجاعة التي تلامس ظاهر الإمكانيات وتظهر مكنوها ولاتقصر عنها، والتصميم على الوصول إلى المراد وتحقيق الأهداف والغايات المرسومة وتقديم التضحيات اللازمة لذلك.

الشرط السابع: التوكل على الله (عز وجل) والثقة به والحذر الشديد من الغرور والإعجاب بالنفس والغفلة عن الله ذي الجلال والاكرام، فإنّ ذلك مدخل إلى الفساد والخذلان الإلهي وربما الاستدراج، مما يؤدي إلى الفشل والهلاك والشقاء في الدارين الدنيا والآخرة.المصادر والمراجع

المصدر
كتاب اللامنطق في الفكر والسلوك - الجزء الأول | أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟