مواضيع

الحجة على صدق نبوة موسى (ع) ورسالته

<قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ 106 فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ 107 وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ>

وأمام هذا الادعاء الخطير جداً، والثقة التامة التي أظهرها موسى الكليم (عليه السلام) تماسك فرعون الطاغية والمتجبر وطالب موسى الكليم (عليه السلام) بالدليل على صدق دعواه النبوة والرسالة، فقال: <قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِين>[1]، أي: قال فرعون الطاغية المتجبر، وهو ممتلئ بالغرور والاستعلاء لموسى الكليم (عليه السلام): إن كنت صادقاً فيما تدعيه، وجئت بآية (معجزة) من عند الله الذي تزعم أنه رب العالمين، تثبت صدق نبوتك ورسالتك منه إلينا، وتشهد لك بما تقول، فأتي بها وأظهرها لنا إن صح أنك قادر على أن تأتي بها حتى نشاهدها وننظر فيها ونرى حقيقتها ودلالتها على مدعاك ونصدر حكمنا فيها، فيثبت صدقك وصحة دعواك، أو كذبك وبطلان دعواك؛ لأن اتخاذ الإنسان الخيارات المصيرية الكبرى في الحياة، مثل الخيار الذي تدعوننا إليه، وانخراطنا فيه بدون حجة واضحة تامة وبرهان قاطع، قبيح عقلاً ومخالف للفطرة والطبع الإنساني السليم، إلا أني ما أظنك تصدق في قولك، أي: أن فرعون لا يعتقد بصدق موسى الكليم (عليه السلام) في إخباره بوجود آية معه، وقيل: أن عبارة <فَأْتِ بِهَا> تدل على الإلزام، بمعنى إن كنت صادقاً فيما تدعيه، وجئت بآية من عند الله رب العالمين الذي تزعم أنه بعثك نبياً وأرسلك إلينا، فإني أُلزمك بأن تأتي بها وتظهرها لنا حتى نشاهدها وننظر فيها، وفي قوله ذلك إظهار للسيادة والملك والسيطرة على الموقف، أي: أن فرعون الطاغية لم يتخلَ عن تجبره وغطرسته حتى في هذا الموقف، مما يكشف عن النفسية المريضة لهؤلاء الحكام المتجبرين، وحقيقة ما يدور في خواطرهم من التكبر والاستعلاء!

وفي قول فرعون الطاغية: <قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِين>[2]، وجهان:

1. الوجه الظاهر: ويدل على رباطة جأش فرعون وثقته بنفسه وموقفه وقوة عرشه وسلطانه، فلم يبطش بموسى الكليم (عليه السلام) ولم يعاجله بالعقوبة، بل لم يظهر غضبه وحنقه عليه، وإنما طالبه بالدليل والبرهان والحجة على صحة مدعاه، كما هي سيرة العقلاء، وحال طالب الحق والباحث عن الحقيقة بموضوعية ونزاهة وحياد تام، وذلك رغم خطورة المدعى وضخامة الآثار وما يترتب عليه من نتائج مصيرية كبيرة في الحياة الخاصة له شخصياً، ولجميع أهل مملكته، وفي الشأن والحياة العامة لجميع الناس، والتأثير البالغ على النظام السياسي الملكي، حيث يترتب عليه قلب النظام السياسي الملكي الفرعوني رأساً على عقب؛ لأنه ينسف كلياً الأساس الفكري والديني الذي يقوم عليه. وهذه هي الحالة الغريبة العجيبة التي يكون عليها الفراعنة والحكام المستبدون الظلمة أمام خصومهم السياسيين والمعارضين لهم، حيث يتظاهرون بالموضوعية والعدالة والإنصاف حينما يرون بأنهم في مركز قوة، وأن الحجة لهم والقانون في مصلحتهم، حتى إذا غُلِبوا بالحجة وظهر الحق لغير مصلحتهم انقلبوا على المنطق والقانون ومؤسسات الدولة، وظهروا على حقيقتهم الطاغوتية واستعلائهم واستكبارهم وطغيانهم، وأظهروا حنقهم على الحقيقة والمنطق والقانون ومؤسسات الدولة وحاربوها ولووا أعناقها، وصبوا جام غضبهم على خصومهم ومعارضيهم في الظاهر باسم القانون ومصالح الشعب والمحافظة على الدولة، وفي الحقيقة يفرض حكم الواقع بالعنف والقوة والإرهاب.

2. الوجه الباطن الخفي: ويدل على ثقة فرعون ويقينه بكذب موسى الكليم (عليه السلام) فيما ادعاه وفيما أخبر عنه من وجود آية بينة تثبت صدق ادعائه، فهو يعتقد بأن موسى الكليم (عليه السلام) لا يملك الدليل المقنع على صدق دعوى النبوة والرسالة، فلا يقدر على أن يأتي بآية ولا يمكنه ذلك، فقوله: <إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ>[3] تعني: ما أظنك جئت بآية؛ لأن دعواك غير واقعية وغير ممكنة ولا أساس لها بحسب عقيدة فرعون وثقافته الخاصة؛ لأن فرعون الطاغية غرق تماماً في عالم الدنيا والمادة والملك والمصالح الخاصة والامتيازات والصلاحيات الملكية، فلا يرى غيرها، ولبعده عن عالم المعرفة الحقة والمنطق السليم والعفة والفضيلة والقيم الإنسانية وعالمها، ولما استولى عليه من الاغترار بالملك والسلطة والقوة والثروة، وما يتمتع به من القداسة الدينية في ظل دعوى الألوهية والربوبية الباطلة، وبوصفه الكاهن الأعظم الذي حجبته عن رؤية الحقائق الثابتة النيرة، والسنن الإلهية الحاكمة في الكون والتاريخ، وفصلته عن الواقع وأدخلته إلى عالم الوهم والخيال كما هو حال جميع الفراعنة المتجبرين والحكام المستبدين الظلمة والمترفين المستغلين والانتهازين الأنانيين الفاسدين في طول التاريخ وعرض الجغرافيا في العالم. وتدل هذه الثقة العمياء على لغة التشكيك والريب والاستعلاء، قوله: <إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِين>[4] أي: لا أظنك صادقاً، أو أعلم بأنك غير صادق، وعليه فإن حقيقة الأمر لدى فرعون الطاغية في إلزام موسى الكليم (عليه السلام) أو مطالبته بإظهار الحجة والدليل، ليس طلب الحق والبحث بموضوعية عن الحقيقة وتحريها، وإنما السعي لإثبات كذب موسى الكليم (عليه السلام) وفضحه أمام الملأ، أي: التكذيب والاستعلاء، وقد اتخذ هيئة الطالب للحق، وتظاهر بالموضوعية والنزاهة والحياد في البحث عن الحقيقة وتحريها، كأسلوب دبلوماسي يغلب عليه الدهاء ومناورة خبيثة من أجل إثبات كذب موسى الكليم (عليه السلام) وفضحه والإيقاع به، كمقدمة لمحاكمته ومعاقبته بعد إقامة الحجة عليه، فلا يؤاخذ بمعاقبته، ولا يتعاطف معه الناس تحت عنوان القسوة والمظلومية، بل ينضموا إلى صفوف المطالبين بمعاقبته بجرمه وجريرته. وإن لم يجد الحجة عليه بطش به عند الحاجة بحكم الأمر الواقع؛ لأن بيده القوة والسلطة، قوله: <وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ>[5] كما يفعل الفراعنة والحكام المستبدون الظلمة دائماً في كل عصر ومصر مع خصومهم ومعارضيهم.

وما إن طلب فرعون الطاغية من موسى الكليم (عليه السلام) أن يأتي بما لديه من الآيات والمعجزات التي تثبت صدق دعواه النبوة والرسالة من رب العالمين، وتظاهر بالنزاهة والموضوعية والحياد في طلب الحقيقة وتحريها والبحث عنها، بادر موسى الكليم (عليه السلام) من دون تأخير إلى إظهار ما عنده أو جاء به من عند رب العالمين، <فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ 107 وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ>[6] أي: بمجرد أن ألقى موسى الكليم (عليه السلام) عصاه من يده على الأرض، فإذا هي تفاجئ الحضور وتتحول في الحال إلى ثعبان حقيقي ضخم الجثة وطويل، وأخذ يسعى ويتحرك حركة سريعة جداً ويهتز كأنه جان، ويتمتع بجميع خواص الثعابين ظاهراً وواقعاً، لا إيهاماً وتمويهاً، على خلاف ما يظهر في أعمال السحرة الذين يقوم سحرهم على الخداع والتمويه والإيهام، ولا حقيقة له في الواقع، أي: كان الثعبان الذي تحولت إليه العصا ظاهراً بشكل مرئي واضح لا لبس فيه بحيث لا يشك الرائي أبداً في حقيقة كونه ثعباناً حقيقياً، وكان فرعون وملؤه يشاهدون ذلك ولا يشكون في حقيقة أن ما يرونه ثعباناً حقيقياً واقعياً يتمتع بجميع خواص الثعابين الحقيقية ظاهراً وواقعاً، حتى أن فرعون الطاغية فزع كثيراً، ووثب من سريره وهرب واستغاث بموسى الكليم (عليه السلام)، ليمنع عنه شره بعدما كان يزعم جهلاً وبغير حق أنه الرب الأعلى لأهل مملكته، فأمسك موسى الكليم (عليه السلام) الثعبان بيده المباركة، فعادت العصا إلى طبيعتها الأولى التي كانت عليها قبل إلقائها[7]، ثم أدخل موسى الكليم (عليه السلام) يده في جيب قميصه أو تحت إبطه، ثم أخرجها، وكانت يده شديدة السمرة؛ لأن بشرته كانت شديدة السمرة، فإذا لونها يتحول إلى أبيض بياضاً نورانياً حسناً جميلا بصورة خارقة للعادة من غير سوءٍ أو علةٍ أو مرضٍ أو داء، وكانت تتلألأ ناصعةً، وتشع نوراً ظاهراً كالشمس الطالعة لكل ناظر، وقد ملأ نورها المكان، وقيل: كان شعاعها يغلب على شعاع الشمس.

والمستفاد أن يد موسى الكليم (عليه السلام) المباركة تتحول إلى هذه الحالة النورانية الاستثنائية في حالة الإعجاز، ثم تعود بعد ذلك إلى سيرتها وحالتها الطبيعية الأولى، وهي في الحالتين، تحولها إلى بيضاء مضيئة، وعودتها إلى حالتها الأولى الطبيعية، معجزة في الحقيقة. وعليه لا يشك الرائي العاقل المنصف الطالب للحقيقة والباحث عنها، أنهما – العصا واليد – آيتان عظيمتان تقف وراءها قوة مطلقة فوق الطبيعة، وفوق قدرة البشر، وأنهما ليسا من جنس السحر أو غيره من الأعمال الخارقة التي يأتي بها البشر من عند أنفسهم؛ بسبب التعلم والتدريب والخبرة المكتسبة الممكنة لكل الناس أصحاب المهارة والاستعداد لاكتسابها، أي: أنهما من رب العالمين، الذي بيده الموت والحياة، الذي خلق جميع الكائنات والموجودات، وقد خلق أبونا آدم (عليه السلام) من طين ثم نفخ فيه من روحه فكان بشراً سوياً، قول الله تعالى: <وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ 28 فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ>[8] وكذلك خلق أمنا حواء (عليه السلام)، وأخرج ناقة صالح (عليه السلام) وفصيلها بعد طلب قومه من الجبل؛ لتكون حجة وآية له على صدق نبوته ورسالته من عند رب العالمين، قول الله تعالى: <قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ 153 مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ 154 قَالَ هَٰذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ>[9]، وتحول العصا إلى ثعبان ليس بأعظم ولا أصعب من خلق آدم وحواء (عليه السلام) من طين، أو إخراج ناقة صالح وفصيلها من صخرة في الجبل، فالله (عز وجل) القادر على كل شيء ممكن عقلاً، وجميع قوانين المادة وعالم الطبيعة بيده ومحكومة بإرادته وخاضعة لمشيئته سبحانه وتعالى، فإذا أراد شيئاً من الممكنات العقلية أن يقول له كن فيكون بدون امتناع ومنازعة أو تأخير.

الجدير بالذكر: أن منشأ جميع النباتات والحيوانات في عالم الطبيعة وفق الرؤية العلمية وفي نظرية دارون من الطين، غاية ما في الأمر، أن تبدل الطين إلى كائن حي نبات أو حيوان، يحتاج عادة إلى ملايين السنين، ولكن في حالة الإعجاز تحدث تحولات في لحظة واحدة أو لحظات قليلة بقوة الله المطلقة ووفق إرادته ومشيئته الحاكمة على قوانين علم الطبيعة كلها.

وعليه: الآيتان العظيمتان اللتان جاء بهما موسى الكليم (عليه السلام) من عند رب العالمين، وهما العصا واليد، تدلان دلالة واضحة صريحة، وبشكل قاطع لا لبس فيه ولا إشكال ولا غموض ولا شك ولا ريب ولا تردد، لكل ذي عقل وفهم منصف وطالب للحقيقة وباحث عنها، على أنها من عند رب العالمين، حيث لا يقدر عليهما غيره، وتدلان كذلك على صدق نبوة موسى الكليم (عليه السلام) ورسالته من رب العالمين  (جل جلاله)، حيث لا يمكن تفسيرها بالتفسير العلمي الطبيعي المألوف، أو بالتحليلات المادية المتعارفة، فهما غير ممكنتين عقلياً إلا بتدخل قوة مطلقة فوق الطبيعة، ولا يمكن تفسيرهما بغير ذلك أبداً. ولا يمكن اعتبارهما من السحر الذي يقوم على الإيهام والتمويه والخداع والتضليل ولا حقيقة له في الواقع، وهذا ما أقره واعترف به السحرة أنفسهم بكل صراحة ووضوح، وأعلنوا إيمانهم بالتوحيد والنبوة والمعاد وصدّقوا بنبوة موسى الكليم (عليه السلام) ورسالته بالاستناد إلى ذلك، وهم أصحاب الفن والخبرة وأعلم الناس بفنون السحر ودقائقه وأسراره وخباياه والحجة على الناس فيه، إلا أن المعاندين المكابرين لا يؤمنون ولا بأي آية ولا دليل، فلا ينفع معهم شيء حتى يروا العذاب الأليم.

وقد رأى آية الله الشيخ ناصر الشيرازي بحق، «أن تحول العصا إلى ثعبان يقوم مقام الإنذار والترهيب بالقدرة الإلهية والتحذير من العاقبة السيئة المذمومة في الدارين الدنيا والآخرة، وأن تحول اليد السمراء إلى بيضاء حسناء جميلة من غير علة أو مرض أو داء، تشع نوراً عظيماً كالشمس الطالعة، يقوم مقام البشارة والترغيب والتشويق، وأن الله (عز وجل) أراد بإظهار هاتين الآيتين العظيمتين على يد وليه الأعظم موسى بن عمران الكليم (عليه السلام)، أن يوضح للناس بأن برنامج موسى الكليم (عليه السلام) ورسالته لهما جانبان: جانب الترهيب والتحذير للمخالفين المعاندين، وجانب الترغيب والتشويق للمؤمنين المطيعين العاملين؛ من أجل هداية الناس إلى صلاح أنفسهم وأحوالهم الخاصة والعامة على كافة الأصعدة والمستويات وفي كافة المجالات، وإيصال الإنسان إلى كماله الإنساني اللائق به والمقرر له، وتحقيق السعادة الحقيقية الكاملة له في الدارين الدنيا والآخرة».[10]

ويستفاد مما سبق: أن الدعاة إلى الله تبارك وتعالى، والمصلحين الثوار المخلصين الشرفاء المضحين، يجب أن يتمتعوا بروح معنوية عالية، وأن يتأهلوا من جميع النواحي علمياً ومهنياً وعملياً، ويستعدوا للمواجهة والطوارئ، وأن يوفروا شروط وظروف النجاح في مهامهم والنصر والغلبة على الأعداء، وأن يركزوا اهتماماتهم على الأهداف والغايات والمطالب التي يجب أن تكون واقعية في نفسها أو تكتيكية لغيرها، وأن تسمو نفوسهم فوق المهاترات وصغائر الأمور، وأن يتحلوا بالفضائل والأخلاق الحميدة والاستقامة في السلوك والمواقف والعلاقات، ومراعاة مشاعر الناس ومقاماتهم وإظهار الحرص الشديد الواقعي والفعلي، وليس رياءً وسمعة عليهم وعلى مصالحهم ومصائرهم، وأن تكون رؤيتهم واضحة، وحجتهم قوية مفحمة قاطعة، وأن يتحلوا بالجد والحزم والعزم في العمل، والمثابرة فيه، وحسم الأمور في مفترقات الطريق وعدم تركها عائمة أو للصدفة، والصراحة والوضوح في طرح المسائل الجوهرية ومعالجة القضايا الحيوية وعدم تركها عائمة أو للصدفة، وأن يجتنبوا الادعاءات الكاذبة، والبرامج الصورية الفارغة من المضمون، والفرقعات الإعلامية الاستهلاكية التي تأتي على حساب الأمانة والمصداقية، ولا تقدم شيئاً يذكر فعلياً للقضية، والتي هي دليل الضعف والعجز ومدعاة إلى الفشل والخيبة، وأن لا يأخذوا أو ينسبوا لأنفسهم ما ليس لهم، أو يحبوا أن يمدحوا بما لا يفعلوا، وأن يتحلوا بالجرأة والشجاعة الكافية التي تلامس إمكانياتهم الفعلية الظاهرية والكامنة، المادية والمعنوية والبشرية، وأن يمتلكوا الشجاعة الأدبية في الاعتراف بأخطائهم وتقصيرهم، ويقبلوا بالنقد البنّاء لأنفسهم وبرامجهم ومؤسساتهم، وأن لا يتخلوا عن آرائهم المحقة وأهدافهم ومطالبهم العادلة تحت تأثير المجاملات أو المراءاة أو الترغيب أو الترهيب أو نحو ذلك؛ لكي يحصلوا على الدعم والتأييد والتوفيق والمساندة الإلهية، ويحصلوا على النصر والغلبة من الله (عز وجل)، ويتمكنوا من تحصيل المطالب العادلة وتحقيق الأهداف والغايات المشروعة بشكل حقيقي فعلي، وليس بشكل صوري وهمي، مكاسب وهمية يخدعون بها أنفسهم وأنصارهم، ويعطون لأنفسهم بها المشروعية ومبررات البقاء الوهمية الباطلة، بدون أن يقدموا شيئاً نافعاً للدين والوطن والقضية والشعب.


المصادر والمراجع

  • [1]. الأعراف: 106
  • [2]. الأعراف: 106
  • [3]. نفس المصدر
  • [4]. نفس المصدر
  • [5]. الأعراف: 127
  • [6]. الأعراف: 107-108
  • [7]. تاريخ الطبري، جزء 1، صفحة 286
  • [8]. الحجر: 28-29
  • [9]. الشعراء: 153-155
  • [10]. تفسير الأمثل، ناصر مكارم الشيرازي، جزء 5، صفحة 91
المصدر
كتاب اللامنطق في الفكر والسلوك - الجزء الأول | أستاذ البصيرة عبدالوهاب حسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
سلام عليكم ورحمة الله
كيف يمكننا مساعدتك؟