تبليغ الرسالة وموقف فرعون منها
<ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ>
بعث الله تبارك وتعالى نبيه الكريم والإمام العظيم والولي الناصح الأمين موسى بن عمران الكليم (عليه السلام)، وهو ثالث الأنبياء الكرام أولي العزم العظام، – وهم بحسب الترتيب التاريخي نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين -. إلى قوم عتاة مردة متجبرين، وهم: فرعون الطاغية ملك مصر وعظيمها المتجبر، – الذي كان يدّعي الألوهية والربوبية من دون الله (جل جلاله) بغير حق ولا دليل، ويضطهد بني إسرائيل المستضعفين -، وإلى ملئه الفاسدين، وهم: النبلاء والأعيان والأشراف والمستشارين وكبار الموظفين والمعاونين والقادة السياسيين والعسكريين والكهنة الذين بيدهم الحل والعقد في إدارة شؤون البلاد والعباد وتدبيرهم، وليس لغيرهم إلا الانقياد والتسليم طائعين أو كارهين. وقيل: سموا بالملأ لأنهم يملؤون ببريقهم وظواهرهم الباذخة وملابسهم الفاخرة العيون والنفوس، ولأن لهم حضور لافت وفعال في جميع المجالات وميادين المجتمع، كما بعث الرسل قبله، مثل نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب وغيرهم، الواحد تلو الآخر إلى من سبقهم من الأمم، وسيبعث الرسل بعده الواحد تلو الآخر إلى من سيأتي بعدهم من الأمم، لكي يأخذوا بأيديهم ويهدوهم إلى سبيل الرشاد والدين الإلهي الحق، الذي فيه خيرهم وصلاحهم وكمالهم وسعادتهم في الدارين الدنيا والآخرة، ويعلموهم ما يوافق استعداداتهم الذهنية من المعارف الإلهية الحقة والمواعظ والإرشادات والعبر، ويأتوهم بالتشريعات التي تلبي احتياجاتهم المستجدة وينقلوهم تدريجياً من النقص إلى الكمال الحضاري، إلى أن ينتهي حال البشرية في مسيرتهم التاريخية والحضارية والتكاملية، إلى موقف علمي هو أعلى المواقف، فيختم عنده الرسالة السماوية والنبوة، ويستقر الكتاب والشريعة استقراراً لا مطمع بعده في كتاب جديد أو شريعة جديدة، ويبقى بعده للبشرية التدرج في الكمال المعرفي والتربوي وانتشار الدين الإلهي الحق وانبساطه على المجتمع البشري عالمياً وتمكنه والعمل بمقتضاه على كافة الأصعدة وفي جميع الشؤون الخاصة والعامة، حتى تتهيأ البشرية إلى إقامة دولة العدل الإلهي العالمية، ثم تتكامل بالتدريج حتى تبلغ ذروة كمالها، فتتحقق غاية خلق الإنسان في عالم الدنيا، أي: تستنفذ الدنيا غاية وجودها، ويتهيأ عالم الطبيعة (الكون) للانتقال من عالم الدنيا إلى عالم البرزخ، ثم يتكامل في عالم البرزخ حتى يصل إلى كماله البرزخي، فينتقل من عالم البرزخ إلى عالم القيامة والآخرة. وهذا ما كتبه الله (عز وجل) وفرضه على نفسه، بمقتضى رحمته الواسعة وحكمته البالغة، بأن يتكفل بإيصال كل موجود إلى كماله اللائق به والمقدر له ويحقق غاية وجوده، و لئلا يكون للناس على الله (عز وجل) حجة وتكون له الحجة البالغة عليهم.
وعبارة <ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ>[1] تدل على الاهتمام الرباني الكبير البالغ بأمر موسى الكليم (عليه السلام) ورسالته والكتاب الذي أنزل عليه والشريعة التي جاء بها من عند رب العالمين، إلى هداية البشرية وتكامل مسيرتها، وأنه يمثل مرحلة جديدة ثالثة في مسيرة الرسالات السماوية، بعد المرحلة الأولى التي قادها نوح (عليه السلام) والمرحلة الثانية التي قادها إبراهيم الخليل (عليه السلام).
وأن إرسال موسى الكليم (عليه السلام) إلى فرعون وملئه <ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ>[2] يدل على أن معالجة المفاسد الاجتماعية والانحرافات الكبرى في المجتمعات البشرية، لا تتم من خلال الاكتفاء بالتبليغ والتربية ومعالجة المشكلات والانحرافات والمفاسد الفردية، كما يفعل بعض الدعاة والفقهاء العاجزين، وإنما يجب السعي لإصلاح النظام والحكومة وقادة المجتمع والدولة، وهذا هو الدرس الذي يعطيه لنا القرآن الكريم في هذه العبارة، مما يتطلب من الأنبياء الكرام والأوصياء الهادين والأولياء الصالحين (عليه السلام) والفقهاء العاملين المجاهدين والدعاة، أن يتصدوا للشأن العام، ولقيادة الحركات الإصلاحية والثورية وإرشادها، لا أن يكتفوا بالتبليغ والتربية وإصلاح الحالات الفردية، وأن يتحلوا بالوعي السياسي، والبصيرة في الدين والعقيدة والشريعة والسيرة والأخلاق والمفاهيم العامة وفي الواقع وشؤون الحياة، أي: يجب أن تصاحب البصيرة في الدين البصيرة في الواقع وشؤون الحياة، ولا يمكن أن تنفصل البصيرة في الدين عن البصيرة في الواقع وشؤون الحياة؛ لأن الدين جاء لقيادة الحياة، فيجب على القادة الربانيين أن يتحلوا بالبصيرة في الواقع لكي يمكّنوا الدين من قيادة الحياة فعلاً، وتمكّن الدين من قيادة الحياة فعلاً يتوقف على تحلي القادة الربانيين بالبصيرة في الواقع وشؤون الحياة وتوفرهم على ذلك.
وقد حمل موسى الكليم (عليه السلام) رسالة رب العالمين، وذهب معه أخوه ووزيره وشريكه في النبوة والرسالة هارون (عليه السلام) فدخلا على فرعون الطاغية قصره الملكي، بنفس مطمئنة، وقلب كزبر الحديد، تزول الجبال ولا يزولا عن عقيدتهما ومواقفهما الرسالية، وبحضور ملئه، ولم يخشيا قوته وسطوته وجبروته وطغيانه، وبلغاه مع ملئه رسالة رب العالمين إليهم.
وفرعون لقب لملوك مصر في التاريخ القديم، كقيصر لملوك الروم، وكسرى لملوك الفرس، والنجاشي لملوك الحبشة، ونحو ذلك، واسم فرعون الذي أُرسل إليه موسى الكليم (عليه السلام) في الروايات: الوليد بن مصعب بن الريان، وقيل: قابوس، واسمه في كتب التاريخ: منفتاح بن رعميس الثاني، ويلقب بسليل الإله. وقد أضفى على نفسه كغيره من الفراعنة صفة الألوهية، فقال: <يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي>[3] وهي النزعة النفسية المرضية الاستعلائية التي يميل إليها الملوك الدنيويون الأنانيون دائماً، فإذا وجدوا من يصدقهم وصفت لهم الأمور والأجواء، أعلنوها جميعاً صراحةً أو تلميحًا، قولاً أو فعلاً، ولم يتعففوا عنها أبداً. وزعم كذلك أنه الرب الأعلى لأهل مملكته جميعاً، فقال: <أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ>[4] فهو يملك الأرض ومن عليها، وبيده أرزاقهم وتدبير شؤونهم الخاصة والعامة، ويتمتع بسلطات مطلقة، ويمثل المرجع الأعلى والسيد الأوحد إلى الناس، وليس عليه رقيب ولا حسيب، وعليه يتوقف كل شيء في الحياة، مما يجعل الناس أقرب إلى العبيد منهم إلى الرعايا الأحرار والمواطنين الذين يتمتعون بكافة الحقوق الطبيعية، وفي مقدمتها حق الحياة وحرية العقيدة والضمير والتعبير عن الرأي، وحق اختيار نظام دولتهم وحكومتهم، ونحو ذلك، وهذا هو الحال الشنيع في الأنظمة الدكتاتورية والملكيات المطلقة دائماً.
ورسالة موسى الكليم (عليه السلام) موجهة في الحقيقة والواقع إلى فرعون وقومه الأقباط جميعاً، بالإضافة إلى بني إسرائيل وسائر الناس في زمانه، إلا أن القرآن خص فرعون وملئه بالذكر؛ لأنهم الساسة والقادة الذين بيدهم الحل والعقد، وغيرهم أتباع ليس لهم إلا الانقياد والتسليم طائعين أو كارهين، فإن هم آمنوا بالدين الحق وصدقوا بالرسالة، انفتح الطريق أمام غيرهم للإيمان والتصديق، وإن هم عاندوا أو كذبوا وأصروا على الكفر، تبعهم غيرهم في العناد والتكذيب والإصرار على الكفر، كما هي العادة في ظل الأنظمة الدكتاتورية والحكومات المستبدة في المجتمعات المتخلفة. بالإضافة إلى النكتة سابقة الذكر التي تتعلق بالإصلاح في المجتمعات.
وقد أيد الله (عز وجل) نبيه الكريم موسى الكليم (عليه السلام) بما يثبت صدق نبوته ورسالته بما لا يدع مجالاً للشك والتردد، فأيده بالمعجزات النيرات الباهرات العظيمة، وبالبينات الواضحات، وبالأدلة والبراهين العقلية الساطعة اللامعة القاطعة، وكانت المعجزات التي جاء بها موسى الكليم (عليه السلام) من عند رب العالمين، تسع معجزات، وهي: العصا التي تتحول إلى ثعبان فعلي حقيقي عظيم، واليد السمراء التي إذا أدخلها في جيبه ثم أخرجها تخرج بيضاء جميلة تشع نوراً عظيماً يملأ المكان، وآيات العذاب السبع، الطوفان والجراد والقُمّل والضفادع والدم والقحط ونقص الثمرات، وهي آيات لم يشاهد لها نظير، فلم ينقل القرآن الكريم لنبي من الأنبياء الكرام (عليه السلام) من المعجزات مثلما نقله عن موسى الكليم (عليه السلام).
إلا أن فرعون الطاغية وملئه الفاسدين المستكبرين على الحق، لم ينقادوا لحق هذه المعجزات الباهرات العظيمة، بل استكبروا عليها وعاندوا، وكان موقفهم الكفر بدل الإيمان، والإنكار والتكذيب بدل القبول والتصديق، والاستكبار على الحق وأهله بدل الخضوع والتسليم، وفي ذلك ظلم عظيم للحقيقة لجحودهم بها ووضعها في غير موضعها، وللمنطق والإنسانية والكرامة، ومخالفة للفطرة والطبع السليم، وخروج عن طور العبودية لله سبحانه وتعالى، وعن رتبة الإنسانية، وهبوط إلى درك الشيطانية والحيوانية؛ لأنه تكذيب للحق المبين الظاهر، ولأصدق الصدق وأبينه، رغم قيام الدليل الساطع القاطع عليه. وفيه أيضاً ظلم عظيم للنفس؛ لأنه يوردها موارد المهالك والشقاء في الدارين الدنيا والآخرة، وظلم عظيم للناس للمؤمنين بما يوقعوه عليهم من الأذى المادي والمعنوي، أو لغير المؤمنين بصدهم عن الهداية وإبعادهم عن الإيمان والقبول بالدين الحق، الذي فيه خيرهم وصلاحهم وكمالهم وسعادتهم الحقيقة الفعلية في الدارين الدنيا والآخرة، ومخالفته والخروج عليه يؤدي إلى الهلاك والشقاء الحقيقي الفعلي في الدارين الدنيا والآخرة، أي: أن تكذيب أهل الحل والعقد بالرسل، يقطع على العامة من الناس، طريق الصلاح والنجاة والسعادة ويؤدي بها إلى الضلال وفساد الأحوال والهلاك والشقاء في الدارين الدنيا والآخرة، ومسؤولية ذلك كله تقع على عواتقهم، دون أن تنقص أو تخلى العامة من مسؤولية ضلالهم وسوء اختيارهم.
ويعتبر الموقف الاستعلائي الذي وقفه فرعون الطاغية وملؤه الفاسدون المستكبرون، هو عين الموقف الجاهلي الأحمق الذي يقفه الطواغيت الضالون والفراعنة المتجبرون والحكام المستبدون الظلمة والمترفون المستغلون الأنانيون وأتباعهم وأنصارهم الانتهازيون في العالم على طول التاريخ وعرض الجغرافيا، مؤثرين مصالحهم الأنانية الدنيوية العاجلة على المصالح الحيوية الجوهرية العامة للناس العاجلة وفي دورة الحياة الكاملة، ومؤثرين الباطل على الحق، والرذيلة على الفضيلة، والشر على الخير، والقيم المادية على القيم المعنوية، والدنيا على الآخرة، ومتجاهلين ومتجاوزين حقيقة أن خيرهم وصلاحهم وكمالهم وسعادتهم الحقيقية الفعلية في الدارين الدنيا والآخرة، لا تتحقق إلا بمعرفة الحق والعمل بمقتضاه لما بينهما من التلازم الوجودي الذي لا ينفك، وهو بدون شك موقف أخرق أحمق مخالف للمنطق والحكمة والصواب ولكرامة الإنسان؛ لأنه يضع الأشياء في غير محالها، فالمنطق والحكمة والصواب تقتضي كلها بأن تقابل آيات الله (عز وجل) ومعجزاته وبيناته والأدلة والبراهين العقلية الصحيحة بالقبول والتسليم والعمل بمقتضاها من أجل صلاح النفس والمجتمع والدولة، والنجاة من الشقاء والهلاك، والوصول إلى الكمال الإنساني المقرر واللائق، وتحصيل السعادة الحقيقية الفعلية في الدارين الدنيا والآخرة، لا أن تقابل بالعناد والرفض والإنكار والتكذيب والمخالفة بدون حجة أو برهان؛ لأن النفي يحتاج إلى دليل كالإثبات، كما فعل فرعون وملؤه، ويفعل السفهاء من الطواغيت والفراعنة والحكام المستبدون والمترفون في كل عصر ومصر.
وبسبب إفراط فرعون وملئه الأشرار والمجرمين في تعصبهم وعنادهم وإصرارهم على الكفر والتكذيب بدون حجة ولا دليل أو برهان، وإصرارهم على المعاصي والذنوب الكبيرة والصغيرة، الظاهرة والباطنة، وعلى شرورهم وجرائمهم وجناياتهم الشنيعة، فقد أخذهم الله (عز وجل) أخذ عزيز مقتدر، فأهلكهم جميعاً بالغرق في نهر النيل العظيم، الذي هو هبة مصر ومصدر حياة أهلها وثروتهم ومجدهم وعزهم ونهضتهم وحضارتهم وافتخارهم، فإذا به يتحول إلى مقبرة جماعية لهم، ثم أتبعهم باللعن والذم والخزي والعار في عالم الدنيا ويلحقهم بأشد العذاب في الآخرة. وهذه عاقبة سيئة مذمومة ونهاية مأساوية مؤلمة، جدير بكل إنسان عاقل أن ينظر ويتدبر فيها بعمق، ويتأمل في دلالاتها.
قول الله تعالى: <فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ>[5] توجيه رباني حكيم، إلى كل إنسان عاقل، حريص على سلامة نفسه وصيانتها من الهلاك والعذاب، بأن ينظر ويتأمل ويتفكر ويتدبر في العاقبة السيئة المذمومة والنهاية المأساوية المؤلمة التي آل إليها أمر المعاندين المتمردين على الله (جل جلاله) المستكبرين على الدين الحق وأهله المجرمين الأشرار المفسدين في الأرض، وهم فرعون الطاغية وملئه الفاسدين، الذين تحكموا بالبلاد والعباد بدون وجه حق، واستضعفوا المؤمنين الصالحين والمواطنين، وأذاقوهم صنوف العذاب بغير ذنب، وأنكروا الحق الحقيق، وكذبوا الرسول الصادق الأمين (عليه السلام) وما جاء به من عند رب العالمين من الآيات والمعجزات والبينات والأدلة والحجج والبراهين، تعجرفاً وبدون حجة، طمعاً في الدنيا وزخارفها، وكفراً بالحق والمنطق، فكانت عاقبتهم أن أغرقهم الله (عز وجل) جميعاً في نهر النيل العظيم، وأفنى جمعهم وقطع دابرهم عن آخرهم، فلم ينجو منهم أحد، وأتبعهم لعنة في الدار الدنيا، وأدخلهم إلى نار البرزخ، ثم يدخلهم إلى نار جهنم في الآخرة خالدين فيها أبداً.
وهذا المصير الأسود والعاقبة السيئة المذمومة، هما نفس المصير والعاقبة التي تنتظر كل من يفعل مثل فعلهم من الطواغيت الضالين والفراعنة المتجبرين والحكام المستبدين الظلمة والمترفين المستعلين والانتهازيين الأنانيين وكل من لف لفهم.
وهذه العاقبة السيئة: تدل بكل وضوح، على أن الانحراف عن الدين الحق الحنيف، وتكذيب الرسل الكرام والأوصياء الهادين (عليه السلام) والتنكيل بقيادات ورموز الإصلاح والمطالبين بحقوق الإنسان، وموالاة الطواغيت والفراعنة والحكام المستبدين الظلمة ومناصرتهم وتمكينهم، والإصرار على الأعمال السيئة والأخلاق القبيحة والجرائم والجنايات والشرور، يترتب عليها ويلزم عنها بالضرورة الفساد في الأرض، وتنتهي إلى الهلاك والشقاء الحقيقي الفعلي في الدارين الدنيا والآخرة، وهذه نتيجة وجودية حتمية، محكومة بالسنة الإلهية الكونية والتاريخية، ويؤيدها العقل والمنطق، وتتجلى فيها الحكمة الإلهية البالغة، وعدالة رب العالمين ورحمته الواسعة بعباده والجزاء العادل الموافق للعمل إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وتطهير الأرض من رجس المجرمين المفسدين، وفتح الطريق أمام الصالحين لمواصلة مسيرة التكامل الفردي والمجتمعي، والوصول إلى أعلى مراتب الكمال الإنساني المعرفي والتربوي الحضاري المقدّر في الحكمة الإلهية البالغة، وأنبل وأشرف وأسمى وأقرب المنازل إلى الله العلي الأعلى ذي الجلال والإكرام، وفيها دلالة على وجوب مقاومة الباطل والظلم والطغيان والاستكبار والاستبداد، من أجل صلاح النفس والمجتمع، ولكن ما أكثر العبر وأقل الاعتبار، فالحال هي نفس الحال، بلاغ وإنذار من الرسل الكرام (عليه السلام)، وعناد وإنكار من المرسل إليهم، ثم هلاك وتدمير لكل ما أفنى الإنسان عمره في بنائه وتشييده، وعواقب سيئة مذمومة في الدارين الدنيا والآخرة.
تعليق واحد